لماذا سميت اسماء بذات النطاقين

لماذا سميت اسماء بذات النطاقين، أسماء بنت سيدنا أبو بكر الصديق وهي من أبرز الصحابيات ومن أول من آمن وصدّق برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان لها العديد من المواقف في تاريخ الإسلام وتاريخ الدعوة إلى الله عز وجل، وفي مقالنا الآتي سنتحدث عن أسماء بنت أبي بكر ولماذا سميت بذات النطاقين وغيرها من المعلومات التفصيأتية عنها، وسيرتها وصفاتها.

لماذا سميت اسماء بذات النطاقين

سميت اسماء بذات النطاقين؛ لأنها شقَّت نطاقها وربطت به سفرة النبي محمد وأبي بكر حين خرجا مهاجرين إلى يثرب التي سُميت فيما بعد بالمدينة المنورة، وقد أطلق على أسماء بنت أبي بكر هذا اللقب بعد هجرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، حيث كانت تحمل الطعام إلى سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وأبيها أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- أثناء هجرتهما وقبل أن يخرجا من مكة المكرمة، ولم تجد ما تحمل به الطعام سوى نطاقها أي خمارها فشقّته نصفَين، فشدّت السّفرة بنصفه وتطوّقت بالنصف الآخر، ولذلك أطلق النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عليها ذات النِّطاقَين. ^[1]

من هي أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين

أسماء بنت أبي بكر هي صحابية من السابقين الأولين في الإسلام، وابنة خليفة المسلمين أبو بكر الصديق -رضي الله عنهما-، وأمها قتلة أو قتيلة بنت عبد العزى، والتي كانت من بني عامر بن لؤي، وهي أخت عائشة بنت أبي بكر زوجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكانت أسنَّ من عائشة ببضع عشرة سنة، وزوجة الزبير بن العوام، وأم عبد الله بن الزبير، وتنسب إلى قريش، ويُقال أنها أسلمت قديماً في مكة، وولدت قبل الهجرة ب27 سنة، تزوجت الزبير بن العوام، وهاجرت معه وهي حامل بولدها عبد الله إلى المدينة المنورة، ولدت أسماء خمسة أولاد هم عبد الله، وعروة، والمنذر، وعاصم، والمهاجر، وثلاث بنات هن خديجة الكبرى، أم الحسن، عائشة، وعاشت في المدينة المنورة إلى أن تولى ابنها عبد الله بن الزبير الخلافة، وبعد أن قُتل ابنها، عاشت فترة قليلة، ويُقال أنها عاشت بعده 20 يوماً فقط، وهي آخر المهاجرات وفاةً. ^[2]

شاهد أيضاً: لماذا سميت فاطمة الزهراء بالبتول

ملخص قصة أسماء ذات النطاقين

هي أسماء بنت أبي بكر الصديق صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورفيقه في الهجرة، وهي إحدى النساء اللواتي خلّد التاريخ أسماءهن، ورفع ذكرهن، وذلك لما لها من دور في نصرة الإسلام، فقد كانت من السَّبّاقات إلى الإسلام، أسلمت في مكة المكرمة قبل الهجرة إلى المدينة، وعندها لم تكن قد تجاوزت الرابعة عشرة من عمرها، وكانت تحمل الطعام بنطاقيها إلى سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وأبيها أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- أثناء هجرتهما، هاجرت إلى المدينة المنورة مع زوجها الزبير بن العوام، وكانت حامل بولدها عبد الله، فوضَعَتْه بقُباء، وكان أول مولود في الإسلام، وقد استبشر المسلمون بمولده ذلك لأنَّ اليهود كانوا قد أشاعوا أنهم سحروا المسلمين فلا يولد لهم مولود ويبقى حياً، ثم ولدت للزبير بعد ذلك عروة، والمنذر، وعاصمًا، والمهاجر، وخديجة الكبرى، وأم الحسن، وعائشة، شهدت أسماء معركة اليرموك مع زوجها الزبير بن العوام، ثم طلقها الزبير وعاشت أسماء إلى أن وَلي ابنها عبد الله الخلافة ثم إلى أن قتل، وصارت كفيفة، وماتت وقد بلغت من العمر مائة سنة، وهي آخر المهاجرات وفاةً، روت عدة أحاديث، ومسندها ثمانية وخمسون حديثًا، واتفق لها البخاري ومسلم على ثلاثة عشر حديثًا، وانفرد البخاري بخمسة أحاديث، ومسلم بأربعة. ^[3]

مولد أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين

أسماء هي بنت أبي بكر الصديق وأمها قتيلة بنت عبد العزى، وهي أكبر سناً من السيّدة عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنهما، وهي أختها لأبيها -غير الشقيقة، أمّا عبد الله بن أبي بكر فهو شقيق أسماء رضي الله عنهم جميعاً، وُلِدت السيّدة أسماء -رضي الله عنها- قبل الهجرة بسبعٍ وعشرين سنةً، وكان عمر أبيها حين مولدها عشرين سنةً ونيّفاً، وقد كانت أسماء بنت أبي بكر من أوائل من أعتنق الإسلام حيث كان ذلك بعد إسلام سبعة عشر شخصاً، ولمّا هاجرت إلى المدينة المنورة كانت حاملاً بعبد الله بن الزبير، فولدته قبل وصولها إلى المدينة، وكان مولده في قباء تحديداً. ^[4]

شاهد أيضاً: من هو الصحابي الملقب بذي النورين

وفاة أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين

توفيت السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، بعد أن قُتل ابنها عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- بأيام قليلة بحوالي عشرين يوماً، والذي توفي في يوم الثلاثاء السابع عشر مِنْ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ للهجرة، وعمرت أسماء دهرًا طويلًا، وبلغت من العمر مائة سنة، وحين جاءت الوفاة أسماءَ بنت أبي بكر -رضي الله عنها- طلبت من أهلها أن يُجْمِرُوا ثِيَابِها بعد موتها ثمّ يُحنّطوها، وطلبت منهم ألّا يذَرُوا عَلَى كَفَنِها حَنُوطًا وَلا يُتبعوها من ثِيَابِها شَيْئًا، وكان موتها بَعْدَ مقَتلِ ابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ بن الزبير بعدّة أيام، رحمها الله كانت علماً من أعلام المسلمين، وقدوة للرجال والنساء على مدى الزمان. ^[5]

صفات أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين

كانت أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- تتصف بعدة صفاتٍ جليلة، نذكر منها ما يأتي:

• الشجاعة: واتضح ذلك عندما كانت تحمل الطعام لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولأبيها أثناء هجرتهما.
• الكرم والجود: وقد كانت أسماء -رضي الله عنها- كثيرة البذل والعطاء، وكانت تقول لبناتها: أنفقن وتصدقن، ولا تنتظرن الفضل، فإنكن إن انتظرتن الفضل لم تفضلن شيئاً، ومعنى كلامها أنْ يتصدَّق الإنسان من ماله دون أن ينتظر مُقابلاً من أحد، فالأجر والثواب من الله -سبحانه وتعالى-، وأن يتصدق باستمرار حتى لو كان قليل المال فإن الله -عز وجل- سيبارك فيه.
• الصبر: وكان ذلك في صبرها على الأذى من أجل الإسلام سواء في موقفها وقت الهجرة أو في موقفها عند مقتل ابنها عبد الله بن الزبير.
• الصلاح: كانت أسماء مثال الزوجة الصالحة، تزوجها الزبير وما له شيء غير فرسه، فكانت تسوسه وتعلفه، وتدق النوى لبعيره الذي يستعمله في نقل الماء، وكانت تسقي له وتعجن، وكانت تنقل النوى على رأسها من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت يوما والنوى على رأسها فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر، فدعاها، صلى الله عليه وسلم، ليحملها خلفه فاستحيت وذكرت الزبير وغيرته، فمضى رسول الله ولم تركب معه، قالت: فلما أتيت أخبرت الزبير، فقال: والله لَحَمْلُكِ النوى كان أشدَّ علي من ركوبك معه، قالت: حتى أرسل إليَّ أبو بكر بعد بخادم فكفتني سياسة الفرس
• العلم ورواية الحديث: كانت أسماءُ بنت أبي بكر -رضي الله عنها- ممَّن يروي الأحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد روى عنْها عُلماء الحديث ثمانيةً وخمسين حديثاً شريفاً.
• توفّيَت أسماء بنت أبي بكر وعمرها مِئةُ عام، وكانت في كامل عقلها حتى إن أسنانها لم تسقط، وكان ذلك بعد مقتل ابنها عبد الله بن الزبير بفترة قصيرة في السنة الثالثة والسبعين للهجرة.

شاهد أيضاً: من هو الصحابي الذي جمع القران في مصحف واحد

إسلام أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين

كانت أسماء بنت أبي بكر من السابقين الأوليين إلى الإسلام، إذ لم يسبقها إلى الإسلام سوى سبعة عشر رجلاً وامرأة، أسلمت في مكة المكرمة قبل الهجرة إلى المدينة المنورة، وعندها لم تكن قد تجاوزت الرابعة عشرة من عمرها، وظلَّت في مكَّة تشارك المسلمين لنشر الدعوة، ومرارة الأذى في سبيل الله سبحانه وتعالى، حتى كانت الهجرة إلى المدينة وقد ساندت الدعوة الإسلامية بكل ما استطاعت، وهاجرت مع زوجها الزبير بن العوام من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة وهي حامل، فأنجبت ابنها عبد الله بن الزبير وكان أول مولود يولد بعد الهجرة، وقد نال شرف تحنيك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

مواقف من حياة أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين

في حياة أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- مواقف مشرفة تدل على شجاعتها وحبها لنصرة الدين الإسلامي ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونذكر من هذه المواقف ما يأتي:^[3]

• لما علمت أسماء بنت أبي بكر يهجرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبيها أبي بكر الصديق قامت بإعداد الطعام والماء لهما ليتزودا به في طريقهِما، ولم تجد ما تربطهما به، فقامت بشق نطاقها أي خمارها إلى نصْفين، فربطت الطَّعام بأحدهما، وربطتِ الْماء بالنّطاق الثاني، ولما علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك دعا الله -عز وجل- أن يبدلها بهما نطاقين في الجنة؛ فسميَت لذلك ذات النِّطاقيْن.
• من مواقف ثبات أسماء بيت أبي بكر في الْهجرة هو أن عدداً من كفّار قريش، ومنهم أبو جهل الذي يعرف بعداوته الشديدة للإسلام لرسل الله جاؤوا إلى بيت والدها أبي بكر الصديق، وكانت هي بالبيت فخرجت إليهم، فقالوا لها: أين أبوكِ يا بنت أبي بكر، قالت لهُم لا أعلم والله أين أبي، فلطَمها أبو جهلٍ على وجهها بقوةٍ أسقطت حِلَقها، فصبرت وتحمَّلت واحتسبت أجرها عند الله.
• ومن مواقفها أيضاً ما روته عند هجرت والدها حيث قَالَتْ : ” لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مَعَهُ ، احْتَمَلَ أَبُو بَكْرٍ مَعَهُ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ – أَوْ سِتَّةَ آلَافِ دِرْهَمٍ – فَانْطَلَقَ بِهَا مَعَهُ ” ، قَالَتْ : فَدَخَلَ عَلَيْنَا جَدِّي أَبُو قُحَافَةَ وَقَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ قَدْ فَجَعَكُمْ بِمَالِهِ مَعَ نَفْسِهِ ، قَالَتْ : قُلْتُ : كَلَّا يَا أَبَةُ ، قَدْ تَرَكَ لَنَا خَيْرًا كَثِيرًا ، قَالَتْ : وَأَخَذْتُ أَحْجَارًا فَوَضَعْتُهَا فِي كَوَّةٍ فِي الْبَيْتِ كَانَ أَبِي يَضَعُ فِيهَا مَالَهُ ، ثُمَّ وَضَعْتُ عَلَيْهَا ثَوْبًا ، ثُمَّ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَقُلْتُ : ضَعْ أَنْتَ يَدَكَ عَلَى هَذَا الْمَالِ ، قَالَتْ : فَوَضَعَ يَدَهُ ، وَقَالَ : لَا بَأْسَ إِذَا كَانَ تَرَكَ لَكُمْ هَذَا الْمَالَ ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ فَقَالَ : إِذَا كَانَ تَرَكَ لَكُمْ هَذَا فَقَدْ أَحْسَنَ ، وَفِي هَذَا لَكُمْ بَلَاغٌ قَالَتْ : فَلَا وَاللَّهِ مَا تَرَكَ لَنَا شَيْئًا وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ أُسَكِّنَ الشَّيْخَ بِذَلِكَ. ^[6]

شاهد أيضاً: من هي اخر من توفى من زوجات رسول

الدروس المستفادة من قصة ذات النطاقين

نعرض فيما يأتي بعضاً من الدروس والعبر المستفادة من قصة أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين:^[3]

• الإخلاص في حب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
• الشجاعة والثبات على الحق في المواقف الصعبة.
• الكرم والشخاء والعطاء.
• تربية الأبناء على حب الدين والدفاع عن الحق.
• تُعلّمنا أسماء رضي الله عنها تربية الأبناء على ثقافة الشجاعة والبطولة، بدفعهم إلى مواضع البذل والجهاد، وتعلمنا التربية على العلم، بإرسال الأبناء إلى حلقاته ومنابعه.
• ضرورة ترك بصمة إيجابية في الحياة، يتكلم عنها كل التاريخ.

قصة عبد الله ابن ذات النطاقين مع أهل الشام

كان أهل الشام يعيرون عبد الله بن الزبير ويضايقون وينادونه بابن ذات النطاقين وعندما علمت أسماء بنت أبي بكر بالأمر أخبرت ابنها بأن هذا الأمر لا يستدعي للاستبراء منه؛ وإنما الفخر والاعتزاز، وروت أسماء: “كانَ أهْلُ الشَّأْمِ يُعَيِّرُونَ ابْنَ الزُّبَيْرِ؛ يقولونَ: يا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ، فَقالَتْ له أسْمَاءُ: يا بُنَيَّ، إنَّهُمْ يُعَيِّرُونَكَ بالنِّطَاقَيْنِ، هلْ تَدْرِي ما كانَ النِّطَاقَانِ؟ إنَّما كانَ نِطَاقِي شَقَقْتُهُ نِصْفَيْنِ، فأوْكَيْتُ قِرْبَةَ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأَحَدِهِمَا، وجَعَلْتُ في سُفْرَتِهِ آخَرَ. قالَ: فَكانَ أهْلُ الشَّأْمِ إذَا عَيَّرُوهُ بالنِّطَاقَيْنِ، يقولُ: إيهًا والإِلَهِ، تِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا”،^[7]وعنما سمع عبد الله بن الزبير القصة كاملة من والدته السيدة أسماء رضي الله عنها، وكان يناديها أهل الشام بهذا الاسم، لم يشعر بأي غضب أو امتعاض،وكان يفخر بذلك ويرد عليه ببيت شعر وقال فيه:

                     وَعَيَّرَها الواشونَ أَنّي أُحِبُّها               وَتِلكَ شَكاةُ ظاهِرٌ عَنكَ عارُها

وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا الذي وضّح لماذا سميت اسماء بذات النطاقين، وذكر العديد من المعلومات التفصيأتية عن أسماء بنت أبي بكر وعن تاريخها وعن إسلامها ومواقفها الخالدة وما فعلته في سبيل هذا الدين، وكما تطرّق المقال إلى ذكر العبر والمواعظ التي نستخلصها من حياتها رضوان الله عليها.