لماذا يقلب الرداء في صلاة الاستسقاء

لماذا يقلب الرداء في صلاة الاستسقاء، فقد أقبل فصل الشتاء على الأمة الإسلامية بمعظم أرجائها، آملين أن يحمل معه الغيث والخير الوفير من عند الله سبحانه وتعالى، ولكن في العديد من السنوات عبر التاريخ تأتي سنوات عجاف لا غيث فيها، فيجهز المسلمون لصلاة الاستسقاء، رافعين أيديهم، متضرعين لله عز وجل، سائلينه الغيث، وفي هذا المقال سنتعرف لماذا يقلب الرداء في صلاة الاستسقاء.

صلاة الاستسقاء

إنَّ صلاة الاستسقاء سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفعلها عندما أجدبت المدينة، فبعد ارتفاع الشمس خرج بالناس، وصلى بهم ركعتين، ثم خطب، مثل صلاة العيد، يصلي ركعتين، ثم يخطب الناس، وهذه هي السنة التي أُخذت عنه عليه الصلاة والسلام، ويجب على الخطيب أن يُذكر الناس، ويسأل الله الغيث، ويكثر في خطبته من الدعاء، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما صلى؛ خطب الناس، وذكرهم، ورفع يديه ودعا قائلًا: “اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا، هنيئًا مريئًا، غدقًا مجللًا، طبقًا عامًا، نافعًا غير ضار، عاجلًا غير آجل، تحيي به البلاد، وتسقي به العباد…”، إلى آخر دعواته الكثيرة، عليه الصلاة والسلام، وعليه، فصلاة الاستسقاء ركعتان مثل صلاة العيد، يجهر فيها بالقراءة، ويكبر في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمس تكبيرات، والسنة أن يقوم بها المسلمون عند الجدب في كل مكان بحسبه، فإذا أجدبت الأرض في الجنوب استسقوا في الجنوب. ^[1]

لماذا يقلب الرداء في صلاة الاستسقاء

يقلب الرداء في صلاة الاستسقاء اتباعًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم إذ استسقى فصلى ركعتين وقلب رداءه، وهذا القلب هو نوع من التفاؤل آملين بأن يقلب الله سبحانه وتعالى الجدب إلى الخصب، وقد ورد ذلك في الحديث النبوي الشريف عن عبد الله بن زيد قال: “إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اسْتَسْقَى، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وقَلَبَ رِدَاءَهُ”^[2]، ومعنى تحويل الرداء؛ أي أن يجعل ما على عاتقه الأيمن على عاتقه الأيسر، وبالعكس  وذهب الشّافعيّة إلى استحباب التّنكيس كذلك وهو أن يجعل أعلى الرّداء أسفله وبالعكس، خلافًا للمالكيّة والحنابلة؛ فإنّهم لا يقولون بالتّنكيس ومحلّ تحويل الرّداء عند التّوجّه إلى القبلة للدّعاء ، وهو عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة أثناء الخطبة وعند المالكيّة بعد الفراغ من الخطبتين، ودليل تحويل الرّداء من السنّة حديث عبد اللّه بن زيد رضي الله الذي ورد أعلاه، ويستحبّ تحويل الرّداء للإمام والمأمومين عند الشافعية والمالكيّة والحنابلة. ^[3]

شاهد أيضًا: لماذا سمي الوضوء بهذا الاسم

هل تقلب المرأة رداءها في صلاة الاستسقاء

بعد معرفة لماذا يقلب الرداء في صلاة الاستسقاء، لا بُدَّ من معرفة هل تقلب المرأه رداءها في صلاة الاستسقاء، إذا كانت المرأة في مكان مخصص للنساء ولا أحد يراها من الرجال عند قلبها الرداء في صلاة الاستسقاء، فقلب الرداء جائز لها، وهذا هو الأصل في الإسلام بأن تتساوى الأحكام بين المرأة والرجل، فالمرأة حكمها حكم الرجل، إلّا ما دلّ على اختلاف بينهما، وأمّا إذا كانت المرأة تتكشف عند تحويلها للرداء في صلاة الاستسقاء والرجال ينظرون إليها فإنها لا تفعل؛ لأن قلب الرداء سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتكشف أمام الرجال فتنة ومحرم، ويتبع المسلمون سنة الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام وهديه، ومن هذا الباب أخذ الناس يقلبون ردائهم في صلاة الاستسقاء، متفائلين بأن يقلب الله سبحانه وتعالى حال الجدب إلى الخصب، نسأل الله تعالى أن يسقنا الغيث ولا يجعلنا من القانتين. ^[4]

خطبة صلاة الاستسقاء

عرفنا لماذا يقلب الرداء في صلاة الاستسقاء، وهو سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والآن سنعرف كيف تكون خطبة صلاة الاستسقاء، حيث ذهب أغلب العلماء إلى أنَّ خطبة صلاة الاستسقاء تكون بعد الصلاة، واستندوا في ذلك على حديث عبد الله بن زيد أنه قال: “إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اسْتَسْقَى، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وقَلَبَ رِدَاءَهُ”، ومن هؤلاء العلماء أحمد في المشهور عنه، والشافعي، ومالك في رواية عنه، وذهب مالك في رواية ثانية إلى أن الخطبة قبل الصلاة؛ لحديث عبدالله بن زيد -أيضًا- أنه قال: “رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ خَرَجَ يَسْتَسْقِي، قالَ: فَحَوَّلَ إلى النَّاسِ ظَهْرَهُ، واسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ يَدْعُو، ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِما بالقِرَاءَةِ”^[5]، والأمر في هذا واسع، فيجوز أن يخطب قبل الصلاة أو بعدها، ويستحب أن تكون خطبته مناسبة للحديث، مشتملة إظهار الافتقار والندم والتوبة إلى الله تعالى.

شاهد أيضًا: لماذا سمي المسيح الدجال بهذا الاسم

سنن صلاة الاستسقاء

وضّحنا في بداية المقال لماذا يقلب الرداء في صلاة الاستسقاء، وسنوضح لكم في هذه الفقرة سُنن صلاة الاستسقاء، ومن هذه السنن أن يخرج الناس إلى المصلى مع الإمام متواضعين ومتبذِّلين ومتضرعين، وهذا ما جاء في حديث إسحاق بن عبدالله بن الحارث، حيث قال: “خرجَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ متبذِّلًا متواضعًا متضرِّعًا حتَّى أتى المصلَّى زادَ عثمانُ فرقى على المنبرِ ثمَّ اتَّفَقا ولم يخطُب خطبَكم هذِهِ ولَكِن لم يزل في الدُّعاءِ والتَّضرُّعِ والتَّكبيرِ ثمَّ صلَّى رَكعتينِ كما يصلِّي في العيد”، ومن السنن -أيضًا- أن يدعو الإمام، ويكثر المسألة قائمًا مستقبل القِبلة، رافعًا يديه مبالغًا في رفعهما، جاعلًا ظهور كفيه إلى السماء، ويرفع الناس أيديهم، ويقلب الإمام رداءه، وعن عبد الله بن زيد أنه قال: “رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ خَرَجَ يَسْتَسْقِي، قالَ: فَحَوَّلَ إلى النَّاسِ ظَهْرَهُ، واسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ يَدْعُو، ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِما بالقِرَاءَةِ”. ^[6]

شاهد أيضًا: لماذا سميت صلاة التراويح بهذا الاسم

وقت صلاة الاستسقاء

بعد معرفة لماذا يقلب الرداء في صلاة الاستسقاء، لا بُدَّ من معرفة وقت هذه الصلاة، حيث لا يوجد لها وقت محدد الوقت، ولكن الأولى أن تكون كصلاة العيدين في وقت الضحى، وهذه الصلاة الوقت فيها واسع، إلّا أنها لا تُصلى في وقت النهي وذلك بغير خلاف، وبعد الصلاة يبدأ الخطيب بخطبته التي تناسب الاستسقاء، مضمنًا إياها الوعظ والإرشاد والتضرع والدعاء، وسؤال الله سبحانه وتعالى بنزول المطر، وصلاة الاستسقاء سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفعلها عندما أجدبت المدينة، فبعد ارتفاع الشمس خرج بالناس، وصلى بهم ركعتين، ثم خطب، مثل صلاة العيد، يصلي ركعتين، ثم يخطب الناس، وهذه هي السنة التي أُخذت عنه عليه الصلاة والسلام، ويجب على الخطيب أن يُذكر الناس، ويسأل الله الغيث، ويكثر في خطبته من الدعاء، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما صلى؛ خطب الناس، وذكرهم، ورفع يديه ودعا، والله تعالى ورسوله أعلم. ^[7]

ومن خلال هذا المقال نكون قد بيّنا لكم لماذا يقلب الرداء في صلاة الاستسقاء، حيث يقلب اتباعًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم إذ استسقى فصلى ركعتين وقلب رداءه، وهذا القلب هو نوع من التفاؤل آملين بأن يقلب الله سبحانه وتعالى الجدب إلى الخصب.