عناصر المقال
من اول من سعى بين الصفا والمروة ؟ هو أحد الأسئلة المهمّة التي يسأل عنها المسلمون، فالسعي بين الصفا والمروة يعدّ من أركان الحجّ الأساسيّة، وقال بذلك أصحاب المذهب الشافعيّ والمالكيّ والحنبليّ، والحجّ هو الركن الخامس من أركان الإسلام الخمسة وهو الركن الذي قرنه الله تعالى باستطاعة المسلم، فهو فريضة على المسلمين مرّة واحدة في العمر للمستطيع منهم، وسنتعرّف في مقالنا هذا على اول من سعى بين الصفا والمروة في التاريخ.
تعريف الصفا والمروة
قبل الإجابة على سؤال من اول من سعى بين الصفا والمروة لا بدّ من تعريفهما، فالصفا والمروة هما جبلان صغيران متلاقيان في مكة المكرمة، ويُعرّف الصفا لغةً بأنّه جبلٌ صغيرٌ يقع في الناحية الجنوبية من المسعى وهو رأس نهاية جبل أبي قبيس، وسمي بالصفا لأنّ حجارته من الصفا وهو حجرٌ عريضٌ أملس لا ينبت فيه زرع، واصطلاحًا فهو المكان الذي يبدأ منه السَّعي.
أمّا المروة فيُعرف لغةً بأنّه جبلٌ صغيرٌ يقع في الناحية الشمالية من المسعى وهو رأس منتهى جبل قُعَيقِعَانَ، وسميّ بالمروة لأنّ حجارته من المرو وهي حجارةٌ صغيرةٌ بيضاء لينة، بينما يُعرف اصطلاحًا بأنّه المكان الذي ينتهي إليه السَّعي.[1]
شاهد أيضًا: قصة سيدنا لوط مختصرة.. 5 دروس مستفادة
من اول من سعى بين الصفا والمروة
إنّ الإجابة على سؤال من اول من سعى بين الصفا والمروة بحسب أهل العلم هي السيدة هاجر زوجة نبيّ الله إبراهيم -عليه السلام- وأمُّ إسماعيل عليه السلام، وكان ذلك بعد أن تركها زوجها هي وابنها في صحراء مكة مع القليل من الماء والتمر، فقد أمر الله -جلّ وعلا- نبيّه إبراهيم بالمجيء بزوجته هاجر وابنها إلى هذا المكان وتركهم والرحيل عنهم.
فَقالَتْ له هاجر حينها “آللَّهُ الَّذي أَمَرَكَ بهذا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَتْ: إذَنْ لا يُضَيِّعُنَا، ثُمَّ رَجَعَتْ”[2]، ثمّ انطلق إبراهِيم -عليه السلام- ودعا ربه بأن يحفظهما، وقال -تعالى- على لسان نبيّه إبراهيم -عليه السلام-: “رَبَّنا إِنّي أَسكَنتُ مِن ذُرِّيَّتي بِوادٍ غَيرِ ذي زَرعٍ عِندَ بَيتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقيمُوا الصَّلاةَ فَاجعَل أَفئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهوي إِلَيهِم وَارزُقهُم مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُم يَشكُرونَ”.[3]
فجلست هاجر وابنها في هذا المكان وكانت تأكل التمر وتشرب من الماء وتُرضع ابنها إسماعيل -عليه السلام- حتى نفدَ الطعام وجفّ حليبها، ولمّا جاعت وعطشت هي وابنها بدأت بالبحث عن الماء في أقرب جبل إليها وكان جبل الصفا فلم تجد به شيئًا، فذهبت إلى الجبل المقابل وكان جبل المروة ولم تجد به شيئًا أيضًا.
فأخذت تروح وتجيء مهرولة في موضع السعي بين الصفا والمروة بحثًا عن الماء لابنها، واستمرّت بالمَشْي بحثاً بين الصفا والمروة سبعَ مرّات وذلك إلى أن سمعت صوتاً، فإذا هو ماء زمزم يخرج من الأرض بقدرة الله -تعالى- الذي بعث بمَلك عند موضعِ زمزم، فضرب الأرض بجناحه حتى ظهر الماء، وأخذت تغرف من الماء وشربت وأرضعت ولدها، وقال لها المَلك لا تخافوا الضيعة، فإن ها هنا بيت الله وإن الله لا يضيِع أهله، وبهذا كانت السيدة هاجر اول من سعى بين الصفا والمروة.[4]
شاهد أيضًا: من هو النبى الذى صام عن الكلام ثلاث ايام.. القصة الكاملة
طريقة السعي بين الصفا والمروة
يتبين بعد الإجابة على سؤال من اول من سعى بين الصفا والمروة أنّ السيدة هاجر كانت تروح وتجيء بينهما تمشي وتهرول بحثًا عن الماء، وبما أنّ السعي بين الصفا والمروة ركنٌ من أركان الحج والعمرة فلا بدّ من التعرّف على الطريقة الصحيحة للسعي بين الصفا والمروة.
وهي بأن يبدأ الساعي من جهة الصفا وعندما يقترب منها يتلو قوله تعالى: “إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ “[5] ثمَّ يصعد إلى الصفا حتى يرى الكعبة ويستقبل القبلة، وعندها يوحّد الله -تعالى- ويكبّره ويحمده، ويردد ما شاء من الدعاء.
وقد ورد في نصّ الحديث الشريف أنّ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- دعا وهو على الصفا فقال: “لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ ثُمَّ دَعَا بيْنَ ذلكَ، قالَ: مِثْلَ هذا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إلى المَرْوَةِ”.[6]
وبعد ذلك ينزل الساعي إلى المروة فيمشي حتى يصل إلى العمود الأخضر الأول، وعندها يسعى الرجل بشكل سريع يميل إلى الركض أو الهرولة إن أمكن ذلك دون التسبب بالأذى لأحد من الحجيج، وعند وصوله إلى العمود الأخضر الثاني يتوقّف عن الهرولة ويبدأ بالمشي مشيًا عاديًا حتى يصل إلى المروة.
فيصعد عليها حتى يرى الكعبة ويستقبل القبلة ويدعو ويفعل كما فعل على الصفا، ثمّ يعود إلى الصفا ويكرر ما فعله فيمشي في موضع المشي ويهرول ما بين العلمين الأخضرين، ويكون السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط، بحيث يكون السعي من الصفا إلى المروة شوط ومن المروة إلى الصفا شوط، وبهذا يبدأ الساعي من الصفا وينتهي بالمروة.[7]
شاهد أيضًا: قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة مكتوبة.. 8 دروس وعبر
تاريخ السعي بين الصفا والمروة
اتضح من الإجابة عن سؤال من اول من سعى بين الصفا والمروة أنّها كانت السيدة هاجر، وقد جعل الله تعالى السعي بين الصفا والمروة أحد أركان الحج، وذلك تعظيمًا لإبراهيم وزوجته وابنه -عليهم السلام- وتخليدًا لذكراهم، إلّا أنّ السعي بين الصفا والمروة كان معروفًا قبل الإسلام ولكن لأسباب أخرى.
إذ كان الجاهليون يسعون بينهما تعظيمًا للصنمين نائلة وإساف، حيث كان صنم نائلة على جبل الصفا وصنم إساف على جبل المروة وكان المشركون يسعون بينهما، وبعد أن جاء الإسلام تحرّج الصحابة الكرام من أن يسعوا بين الصفا والمروة حتى لا يعملوا بعمل أهل الجاهلية.
إلى أن نزل قول الله تعالى: “إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ” [5]، وبهذا أصبح السعي بين الصفا والمروة أحد شعائر الله التي يجب على كلّ مسلمٍ تعظيمها.[8]
شاهد أيضًا: من هو اول من وضع التاريخ الهجري
شروط السعي بين الصفا والمروة
تعرفنا في مستهلِّ مقالنا على من اول من سعى بين الصفا والمروة، وللسعي بين الصفا والمروة شروطٌ لا يصح السعي بينهما إلّا بها وهي كما يأتي:[9]
- يُشترط لصحة السعي بين الصفا والمروة أن يكون قبله طواف، فإذا لم يسبقْه طواف فلا يحتسب ولا يعدّ من مناسك الحجّ أو العمرة، حيثُ أنّ السعيَ ليسَ عبادة مستقلّةً بل هو عبادة تابعة للطواف.
- يُشترط لصحة السعي البدء بالصفا والانتهاء بالمروة.
- يشترط لصحة السعي أن يكون السعي في المسعى المحدد أي في كلّ المسافة بين الصفا والمروة، وعدم ترك أي جزءٍ منه.
- يُشترط لصحة السعي الموالاة في السعي أي عدم وجود مدّة زمنيّة كبيرة تفصل بين الأشواط، فيجوزُ للحاجّ أو المعتمر أن يجلسَ قليلاً للراحة بين الأشواط، ولكن لا يجوز الإطالة في الجلوس والفصل بين الأشواط.
شاهد أيضًا: من هو الصحابي الجليل الذي حج سرا
سنن السعي بين الصفا والمروة
بعد أن أدرجنا إجابة السؤال من اول من سعى بين الصفا والمروة، وانّها السيدة هاجر عليها السلام، فسنتحدث عن سنن هذا السعي، والسنن هي الأمور التي يُستحبّ فعلها ولكنها ليست واجبة أي أن تركها لا يُنقص من الأجر، ولكنّ فعلها يزيد الأجر ويحصل الحاج أو المعتمر على مرتبة الكمال والإحسان في عبادته، ومن سنن السعي بين الصفا والمروة ما يأتي:[10]
- أن يكون الساعي بين الصفا والمروة طاهر البدن والثوب قدر الإمكان.
- استلام الحجر الأسود قبل الخروج للسعي.
- عند الاقتراب من الصفا في المرة الأولى يُسنّ قراءة قوله تعالى: “إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ”. [5]
- يُسنّ قول “أبدأ بما بدأ الله به” عند صعود الصفا.
- استقبال القبلة عند الوقوف على الصفا والمروة للذكر والدعاء.
- يُسن أن يمشي الساعي بين الصفا والمروة على الرجلين، ولا يجوز له الركوب إلّا إذا دعت الحاجة.
- يُسنّ على الرجال دون النساء الهرولة بين العلمين الأخضرين.
- الذكر والدعاء بين الصفا والمروة بما يتيسر مما ورد في كتاب الله وسنّة نبيّه الكريم.
شاهد أيضًا: من هو النبي الذي كان يبرئ الاعمى
دعاء السعي بين الصفا والمروة
لم يرد عن النبيّ الكريم -صلى الله عليه وسلم- دعاءٌ مخصصٌ للسعي بين الصفا والمروة، لكنّ يُستحبّ الدعاء بما ورد عن الصحابة الكِرام، وأن يدعو المرء بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة ويذكر الله تعالى بما يشاء من الذكر، وفيما يأتي سندرج بعض ما ورد من الدعاء بين الصفا والمروة بعد أن أجبنا على السؤال في بداية مقالنا وهو من اول من سعى بين الصفا والمروة:[11]
- عند صعود الصفا يدعو المسلم الله تعالى بما شاء أن يدعوه وله أن يقول: “لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا اللَّه وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده”، ويكرر ذلك ثلاث مرات ويدع بينهن بما يشاء ويكرر ذلك عند المروة أيضًا.
- أثناء السعي بين الصفا والمروة يُستحبّ الدعاء بما دعا به عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- فقد كان يقول: “رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك تعلم ما لا أعلم إنك أنت الله الأعز الأكرم”.
- يُستحبّ على المسلم الدعاء بين الصفا والمروة بالأدعية الجامعة كأن يقول: “اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لي دِينِي الذي هو عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لي دُنْيَايَ الَّتي فِيهَا معاشِي، وَأَصْلِحْ لي آخِرَتي الَّتي فِيهَا معادِي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لي في كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لي مِن كُلِّ شَرٍّ”.
- عند الانتهاء من السعي بين الصفا والمروة يُستحب الدعاء بقول: “اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، حملتني على دابتك، وسيرتني في بلادك، حتى أدخلتني حرمك وأمنك، وهذا بيتك، وقد رجوتك رب فيه بحسن ظني بك، أن تكون قد غفرت لي، فإن كنت رب غفرت لي، فازد عني رضاً، وقربني إليك زلفاً، وإن كنت رب لم تغفر لي، فمن الآن رب اغفر لي، قبل أن ينأى عني بيتك”.
وبهذا نكون قد اجبنا على سؤال المقال من اول من سعى بين الصفا والمروة، وتحدثنا عن تاريخ هذا السعي الذي يعود إلى زمن أبو الأنبياء إبراهيم عليه السّلام، كما تعرفنا على شروط السعي بين الصفا والمروة، وأدرجنا السنن الذي يمكن للحاجّ أن يقوم بها في السعي، وأخيرًا ذكرنا الأدعية والأذكار المأثورة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعن الصحابة الكرام أثناء السعي.
المراجع
- ^ islamweb.net، الصفا والمروة، 06/09/2021
- ^ صحيح البخاري، عبدالله بن عباس،البخاري،3364،صحيح، 06/09/2021
- ^ سورة إبراهيم، الآية 37، 06/09/2021
- ^ alukah.net، قصة هاجر، 06/09/2021
- ^ سورة البقرة، الآية 158، 06/09/2021
- ^ صحيح مسلم، جابر بن عبدالله،مسلم،1218،صحيح، 06/09/2021
- ^ wikiwand.com، الصفا والمروة، 06/09/2021
- ^ alukah.net، السعي بين الصفا والمروة، 06/09/2021
- ^ marefa.org، الصفا والمروة، 06/09/2021
- ^ al-eman.com، موسوعة الفقه الإسلامي، 06/09/2021
- ^ binbaz.org.sa، الأدعية والأذكار المشروعة في الطواف والسعي، 06/09/2021
التعليقات