من هو الصحابي الذي اهتز لموته عرش الرحمن

من هو الصحابي الذي اهتز لموته عرش الرحمن وهو ما سيتم بيانه في سطور وفقرات هذا المقال، فالصّحابة -رضوان الله عليهم- هم من أفضل البشر بعد الرٌّسل والأنبياء، حيثُ يمتلك الصَّحابة منزلة رفيعة عند الله -سبحانه وتعالى- فقد خصّهم ببعض من الأمور، وللاستفادة بمزيد من المعلومات  سنتعرف في هذا المقال على إجابة السؤال من هو الصحابي الذي اهتز لموته عرش الرحمن ، كما سيتم بيان سبب اهتزاز العرش لموته وصحة حديث اهتزاز عرش الرَّحمن.

الصحابة الكرام

قبل الإجابة على السؤال من هو الصحابي الذي اهتز لموته عرش الرحمن، فإنّ الصحابة الكرام هم أفضل النّاس بعد الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين، فقد قال الله -تعالى- في محكم تنزيله: “كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ”^[1]، حيثُ يعدّ الصحابيّ بأنه كلّ من صدّق رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- ودعوته المباركة وآمن به واتّبعه، واجتمع به ورآه، ثمّ توفّي وهو على دين الإسلام لم يرتدّ عنه^[2]، فقد أوضح النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-  في الحديث الشّريف أنّ الصّحابة هم خير النّاس من بعده، حيث روى عبد الله بن مولة -رضي الله عنه- قال: “كنتُ أَمْشي مع بُرَيدَةَ الأسْلميِّ وهو يقولُ: اللَّهُمَّ أَلحِقْني بقَرْني الذين أنا منهم ثلاثًا، فقُلتُ: وأنا؟ فدَعا له، ثم قال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: خيرُ هذه الأُمَّةِ القَرنُ الذي بُعِثتُ فيه، ثم الذين يَلونَهم، ثم الذين يَلونَهم، ثم يَحلِفُ قَومٌ تَسبِقُ شهادتُهم أيمانَهم، وأيمانُهم شهادتَهم”^[3].

من هو الصحابي الذي اهتز لموته عرش الرحمن

في الإجابة على السؤال من هو الصحابي الذي اهتز لموته عرش الرحمن، فإنّ الصحابيّ الذي اهتز لموته عرش الرَّحمن هو سَعد بنْ مُعاذ رَضِيَ الله عنه ^[4]، بدليل ما ورد عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: سمعت النَّبي -صلّى الله عليه وسلّم- يقول:”اهتز العرش لموت سعد بن معاذ”^[5]، حيثُ يعدّ سعد بن معاذ أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد دخل في الإسلام وهو ابن ثلاثين سنة، وتوفّي وهو ابن سبعةٍ وثلاثين سنة، فقد كان داعيًا إلى الله منذ دخوله الإسلام، حيثُ بدأ إسلامه بدعوة قومه بنو عبد الأشهل إلى أنّ أسلموا أجمعين، كما أنَّه أبلى في الإسلام بلاءً حسناً حتى مات شهيداً، حيثُ اهتز عرش الرحمن استبشارًا وفرحا بقُدوم رُوح سَعدٍ وإشعارًا بِفضلِه، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “لَمَّا مَاتَ اهْتَزَّ لَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ فَرَحًا بِقُدُومِ رُوحِهِ”.

شاهد أيضًا: من هو الصحابي الذي ولد في بطن الكعبة

لماذا اهتز عرش الرحمن لموته

قد أجبنا سابقًا عن السّؤال من هو الصحابي الذي اهتز لموته عرش الرحمن، أمّا هُنا فسنتحدّّث عن لماذا اهتز عرش الرحمن لموته، فقد ورد عن النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- نصٍّ واضحٍ وصريح باهتزاز عرش الرحمن لموته، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “اهتَزَّ عرشُ الرَّحمنِ لِموتِ سعدِ بنِ مُعاذٍ”^[5] فهو إشعار من الله -عز وجل- للملائكة الكرام حتى ينبّههم بأنّ هذه الرّوح لأحد أوليائه الصالحين، فهو يعتبر كرامةً لسعد بن معاذ -رضي الله عنه- ومنزلته الرفيعة عند الله تعالى، فقد قال الحافظ بن حجر في اهتزاز عرش الرّحمن، أنّ المراد باهتزاز العرش استبشاره وسروره بقدوم روح سعد، وقيل أن المقصود باهتزازه هو اهتزاز حملة العرش، فقد روي أنّ السّماء وأهلها استبشروا بصعود روح سعد بن معاذ رضي الله عنه، فقد قال ابن القيم  كما نقله عن المناوي في فيض القدير:^[6]

كان سعد في الأنصار بمنزلة الصدّيق في المهاجرين, لا تأخذه في اللّه لومة لائم, وختم له بالشهادة, وآثر رضا اللّه ورسوله على رضا قومه وحلفائه, ووافق حكمه حكم اللّه من فوق سبع سماوات, ونعاه جبريل عليه السلام يوم موته, فحق له أن يهتز العرش له. انتهى .

صحة حديث اهتزاز عرش الرحمن

أجبنا في بداية المقال من هو الصحابي الذي اهتز لموته عرش الرحمن، ويُعتبَر حديث اهتزاز عرش الرَّحمن بأنَّه حديثًا صحيحًا ^[7]، فقد ورد فى صحيح مسلم عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: سمعت النَّبي -صلّى الله عليه وسلّم- يقول:”اهتز العرش لموت سعد بن معاذ”^[5]، حيث قال الذهبي رحمه الله:” هذا متواتر ؛ أشهد بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله”، فقد جاء الحديث من أجل بيان شرف سعد بن معاذ -رَضيَ اللهُ عنه- وفَضْلُه، وتبشير بأنَّه -رضيَ اللهُ عنه- من أهل الجنَّةِ، كما جاء في صحيح البخاري عن جابر رضي الله عنه- قال: “اهْتَزَّ العَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ»، فَقالَ رَجُلٌ: لِجَابِرٍ، فإنَّ البَرَاءَ يقولُ: اهْتَزَّ السَّرِيرُ، فَقالَ: إنَّه كانَ بيْنَ هَذَيْنِ الحَيَّيْنِ ضَغَائِنُ، سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ، يقولُ: «اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ”^[8].

شاهد أيضًا: من هو النبي الذي مات ولم يدفن

نبذة عن الصحابي سعد بن معاذ

تعرفنا في مستهلّ مقالنا من هو الصحابي الذي اهتز لموته عرش الرحمن، ويُعتبَر الصَّحابيّ سعد بن معاذ -رضي الله عنه- بأنه أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو الصحابيّ الجليل سعد بن معاذ بن النّعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل، ويُكنّى بأبي عمرو، أما أمّه فهى كبشة بنت رافع بن معاوية بن عبيد بن الأبجر، وأباه معاذ بن النعمان بن امرؤ القيس، فقد أسلم على يد الصحابي مصعب بن عُمير -رضي الله عنه، وعند إسلامه فوراً توجّه لقومه يدعوهم للإسلام  فما تركهم حتى أسلموا جميعاً على يده، حيثُ كان أوّل من أسلم من الأنصار، فقد شهد -رضي الله عنه- مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدر وأحد والخندق ^[9]، ومن الجدير بالذّكر أنّ سعد بن معاذ كان طويل القامة وعريض المنكبين، وأبيض البشرة، وحسن اللحية، فقد قالت فيه عائشة -رضي الله عنها-: “ثلاثةٌ من الأنصارِ لم يكن أحدٌ يعْتدِ عليهم فضلًا كلُّهم من بني عبدِ الأشهلِ : أُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ وسعدُ بنُ مُعاذٍ وعبادُ بنُ بِشرٍ”^[10].

مواقف من حياة الصحابي سعد بن معاذ

بعد أن تعرفنا الإجابة عن من هو الصحابي الذي اهتز لموته عرش الرحمن، هناك العديد من المواقف التي حصلت في حياة الصحابي الجليل سعد بن معاذ -رضي الله عنه- في حياته، فقد نال -رضي الله عنه- محبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وثقته في عدة مواقف، وفيما يأتي سيتم بيان بعض من هذه المواقف لنيل العبر والدروس ومعرفة شخصية الصحابي سعد بن معاذ ومكانته العظيمة في الإسلام:^[11]

• مكانته العظيمة فى الإسلام: فقد عرف رضي الله عنه- قوة إيمانه ومنزلته الرفعية عن الله، حيثُ ثبت عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ”^[5].
• الحكمة ورجاحة الرأي: فقد ثبت عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- فقال: “أنَّ أُنَاسًا نَزَلُوا علَى حُكْمِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ، فأرْسَلَ إلَيْهِ فَجَاءَ علَى حِمَارٍ، فَلَمَّا بَلَغَ قَرِيبًا مِنَ المَسْجِدِ، قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قُومُوا إلى خَيْرِكُمْ، أوْ سَيِّدِكُمْ. فَقالَ: يا سَعْدُ إنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا علَى حُكْمِكَ. قالَ: فإنِّي أحْكُمُ فيهم أنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، قالَ: حَكَمْتَ بحُكْمِ اللَّهِ، أوْ: بحُكْمِ المَلِكِ”^[12].
• نال ثقة النّبيّ ومحبته: فقد كلّفه النبي -صلى الله عليه وسلم- بمهمّةٍ سرّيّة، حيثُ تتمثل باختيار فرقةٍ لتكليفها باغتيال اليهوديّ الذي آذى النّبيّ والمسلمين وهو كعب بن الأشرف، فقد نجح سعد بهذه المهمّة ونال ثقة النبي وحبه.
• جواب سعد في بدر وفهمه لمقصد الرسول: فقد شارك سعد بن معاذ -رضي الله عنه- في بدر وعندما سمع النّبيّ بخروج قريش، بدأ يشاور المسلمين، فقد تذكّر أنّهم حينما بايعوه عاهدوه على حمايته في المدينة فخشي من عدم رغبتهم في الخروج لملاقاة قريش، ففهم معاذ ما يقصده النّبيّ فقال له: “واللهِ لكأنَّكَ تريدنا يا رسولَ اللهِ قال أجل قال فقد آمنَّا بك وصدَّقناكَ وشهدنا أنَّ ما جئتَ بهِ هوَ الحقُّ وأعطيناكَ على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمعِ والطاعةِ لكَ فامضِ يا رسولَ اللهِ لما أردتَ فنحنُ معك فو الذي بعثكَ بالحقِّ لو استعرضتَ بنا البحرَ فخضْتَه لخُضْنَاهُ معكَ ما تخلَّفَ منا رجلٌ واحدٌ وما نكرَهُ أن تَلْقى بنا عدوَّنا غدًا إنَّا لصبرٌ في الحربِ صدقٌ عندَ اللقاءِ لعل اللهَ يُرِيَكَ منا ما تقَرُّ بهِ عينُك فسِرْ على بركةِ الله”^[13].

شاهد أيضًا: من هو الصحابي الذي اقترح حفر الخندق

وفاة الصحابي سعد بن معاذ

وفي ختام الحديث عن من هو الصحابي الذي اهتز لموته عرش الرحمن سنتعرَّف على قصَّة وفاة الصَّحابيّ سعد بن معاذ، توفّي الصحابي الجليل سعد بن معاذ -رضي الله عنه- في غزوة الخندق، وهو يبلغ من العمر سبعةٍ وثلاثين سنة، فقد ضربه أحد المشركين بسهم فأصابه، فدعا سعدٌ ربّه أن لا يميته حتى يبرد قلبه من اليهود الذين مكروا بالمسلمين وطعنوا في العهود والمواثيق التي بينهم، فلمّا عاد الأحزاب توجّه النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى اليهود فحاصرهم حتّى استسلموا،  فقد أوكل أمرهم لسعد فقبلوا ظناً منهم أنّه سيرأف بهم لأنه كان حليفهم في الجاهليّة،  لكن لم يلن الصحابي الجليل سعد بن معاذ -رضي الله عنه- وحكم بحكم الله في أمرهم، وبعد ذلك عاد سعد إلى خيمته، حتى أتاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضمَّه إلى صدره ودعا له، فكانت هذه الكلمات برداً وسلاماً عليه، فقال: “السلام عليك يا رسول الله، أما إني لأشهد أنك رسول الله”، فقد مات رضي الله عنه شهيداً، واهتزّ عرش الرّحمن لموته وتفتّحت أبواب السّماء.^[14]

إلى هنا أعزّاءنا القرّاء نصل وإياكم إلى نهاية هذا المقال الذي قدمناه لكم بعنوان من هو الصحابي الذي اهتز لموته عرش الرحمن، فقد عرفنا في هذا المقال بعض من المعلومات حول الصَّحابة الكرام، وقد أدرجنا لكم الإجابة الصحيحة حول السؤال المطروح، فهو الصحابي سعد بن معاذ رضي الله عنه، ثمّ تعرفنا على سبب اهتزاز عرش الرحمن لموته، كما ختمنا مقالنا ببعض المعلومات عن متى يهتز عرش الرحمن، نرجو أن  تكونوا قد استمتعتم بمطالعة هذا المقال ونلتم الفائدة التي تبحثون عنها.