عناصر المقال
من هو النبي الذي قبضت روحه في السماء، الأنبياء هم صفوة الخلق ومنارة الحق، هم الذين أرسلهم الله بالهدى ودين الحق ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور وليردوهم عن طريق الضلال إلى طريق الهدى والصلاح ومن بين هؤلاء الأنبياء نبيٌّ قبضت روحه في السماء، ويتساءل الكثير من الناس من هو هذا النبيّ، وفي هذه المقال سنبين لكم من هو، ونذكر لكم قصته ونسبه ولماذا قبضت روحه في السماء.
من هو النبي الذي قبضت روحه في السماء
إنّ النبي الذي قبضت روحه في السماء هو نبي الله إدريس عليه السلام ، فمن حكمة الله عزّ وجل أنه خلق الخلق وفضّل بعضهم على بعض، وفضل بعض الأنبياء على بعضٍ أيضاً، فكان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- هو خير الخلق وأفضل الرسل، وكان لكل نبيٌّ من أنبياء الله كرامةٌ وفضل على غيره من الأنبياء والرسل، ومن بين هؤلاء الأنبياء، نبي الله إدريس -عليه السلام- الذي ذكره الله في كتابه العزيز ووصفه بالصديقية والنبوة[1]، قال تعالى: ” وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبيا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا”.[2]
لماذا قبضت روح إدريس في السماء
وأما عن سبب قبض روحه في السماء فَقد روى ابْن جرير ” قَالَ: سَأَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَعْبًا وَأَنَا حَاضِرٌ فَقَالَ لَهُ: مَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى لِإِدْرِيسَ ” وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا “؟ فَقَالَ كَعْبٌ: أَمَّا إِدْرِيسُ فَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيْهِ: أَنِّي أَرْفَعُ لَكَ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلَ جَمِيعِ عَمَلِ بَنِي آدَمَ – لَعَلَّهُ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ – فَأَحَبَّ أَنْ يَزْدَادَ عَمَلًا، فَأَتَاهُ خَلِيلٌ لَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ: إِنِ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ كَذَا وَكَذَا فَكلم ملك [الْمَوْت (1) ] حَتَّى أَزْدَادَ عَمَلًا، فَحَمَلَهُ بَيْنَ جَنَاحَيْهِ ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمَّا كَانَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ تَلَقَّاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ مُنْحَدِرًا، فَكَلَّمَ مَلَكَ الْمَوْتِ فِي الَّذِي كَلَّمَهُ فِيهِ إِدْرِيسُ، فَقَالَ: وَأَيْنَ إِدْرِيسُ؟ قَالَ هُوَ ذَا عَلَى ظهرى، فَقَالَ ملك الْمَوْت: يَا للعجب ! بُعِثْتُ وَقِيلَ لِي اقْبِضْ رُوحَ إِدْرِيسَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: كَيْفَ أَقْبِضُ رُوحَهُ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ وَهُوَ فِي الْأَرْضِ؟ ! فَقَبَضَ روحه هُنَاكَ”، ومن هذه الرواية نستنتج أن ملك الموت قبض روحه في السماء الرابعة.[1]
وجاء في رواياتٍ أخرى أن روحه قبضت في السماء السادسة وفي روايات أخرى قالت بأن روحه لم تقبض في السماء وإنّما قبضت في الأرض،[3] مستشهدين بقول الله تعالى : “مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ”. [4]
شاهد أيضاً: من هو ابو الانبياء ولماذا سمي بهذا الاسم
من هو نبي الله إدريس عليه السلام
نبي الله إدريس عليه السلام هو أحد الأنبياء الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم، وهو من الرسل الكرام الذين فضلهم الله برسالاته وجعلهم أنبياء وفضلهم على سائر الخلق، وقد ورد ذكر نبي الله إدريس في القرآن الكريم في أكثر من موطن، وقد وصفه الله تعالى بالصديقية والنبوة، قال تعالى: “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبيا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا”[2]
نسب إدريس عليه السلام
اختلف المؤرخون وأهل التفسير في تحديد النسب الصحيح لنبي الله إدريس عليه السلام، وأشهر ما قيل في نسبه هو أنه إدريس بن يرد بن مهلاييل، وينتهي نسبه إلى ابن آدم شيث عليه السلام، وذكر المؤرخون أن سبب تسميته إدريس هو من الدراسة فقد كان يدرس الصحف التي نزلت على أبويه آدم وشيث عليهما السلام، وقيل بأن إدريس -عليه السلام- أول من خاط الثياب وقطعها وصنع الملابس بعد أن كان قومه يستترون بجلود الحيوانات والبهائم،[4] وجاء في رواية ابن حبان عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- في حديث طويل قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ” يا أبا ذرٍّ أربعةٌ سُريانيُّونَ: آدمُ وشِيثُ وأخنوخُ وهو إدريسُ وهو أوَّلُ مَن خطَّ بالقلمِ ونوحٌ، وأربعةٌ مِن العربِ: هودٌ وشعيبٌ وصالحٌ ونبيُّك محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم”.[5]
شاهد أيضاً: من هو الصحابي الجليل الذي حج سرا
حياة إدريس عليه السلام
إدريس عليه السلام هو ثالث الأنبياء الذين ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية بعد آدم وشيث عليهما السلام، وقد اختلف في المكان الذي ولد فيه إدريس عليه السلام، فمنهم من قال بأنه ولد في مصر، ومنهم من قال بأنه ولد في العراق في أرض بابل وهو الأصح والله أعلم، أخذ إدريس العلم في أول عمره عن نبي الله شيث عليه السلام، وعندما كبر جعله الله نبياً وآتاه الرسالة وأنزل الله عليه ثلاثين صحيفة.
وكان الناس في زمانه مسلمون ولم يكن قد دخل منهم أحد في الكفر بعد ولم تنتشر بين الناس عبادة الأوثان في ذلك الزمان، فأخذ نبي الله يدعو الناس إلى عبادة الله عز وجل وإفراده في العبودية وتعظيمه، وإخبارهم بقدرته وقوته وأنه الإله الواحد الأحد القادر على كلّ شيء، وأخذ يعلمهم تعاليم الدين وأحكامه واستمر على ذلك حتى وفاته عليه السلام.
عاش نبي الله إدريس -عليه السلام- تتمة ألف سنة، وأمضى حياته يدعو الناس إلى عبادة الله الواحد الأحد ويحثهم على طاعته، وينهاهم عن معاصيه، فمنهم من آمن به وصدقه وسار على نهجه، ومنهم من خالفه وعصاه، فأخذ من معه وذهب بهم إلى النيل وأقام هناك اثنين وثمانين عاماً إلى أن توفاه الله تعالى على تلك الأرض، أو رفعه إلى السماء وتوفاه فيها، والله أعلم أين قبضت روحه.[4]
دخول الناس في الكفر بعد موت إدريس
ذكرنا في الفقرة السابقة بأن الناس في عهد إدريس -عليه السلام- كانوا مؤمنين بالله ولم يكن الكفر وعبادة الأوثان قد انتشرت بينهم، وكانوا يعبدون الله ولا يشركون به شيئاً، وكان في شرع إدريس أنه يجوز لهم إنشاء التماثيل للأشخاص، فظهر لهم إبليس على صورة إنسان وأمرهم أن يصنعوا خمس تماثيل لخمسة من الصالحين الذين كانوا في ذلك الزمان، وبعد وفاة نبي الله إدريس -عليه السلام- عاد إبليس للظهور وأمرهم أن يعبدوا أولئك التماثيل الخمسة، وأخبرهم بأن من كان قبلهم كانوا يعبدون هذه التماثيل، فعبدوهم وأطاعوا إبليس وعصوا الله ربهم وكانت هذه هي بداية عبادة الأوثان، قال تعالى في سورة نوح: “وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا” [6]
شاهد أيضًا: لماذا نقرأ سورة الكهف يوم الجمعة
كم مرة ذكر إدريس في القرآن
هو من الأسئلة الأخرى التي تثير الفضول لدى الكثير من الناس، وقد ورد ذكر نبي الله إدريس في القرآن الكريم مرتين، مرّةً في سورة مريم، والأخرى في سورة الأنبياء، والأيات في السورتين كما يأتي:
-
سورة مريم: ” وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبيا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا”.[2]
-
سورة الأنبياء: ” وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ”.[7]
روايات عن نبي الله إدريس
ومما روي عن نبي الله إدريس -عليه السلام- أنه كان يخيط الثياب وكان في كلّ دخلة خيط يسبح الله تعالى ويحمده، فإذا نسي فتق ما كان قد نسي فيه أن يسبح الله تعالى وخاطه من جديد، وفي أحد الأيام جاءه إبليس بقشرة وهو يخيط الثياب وقال له بأن الله قادرٌ على أن يجعل الدنيا في هذه القشرة، فقال له نبي الله إدريس أن الله قادرٌ على أن يجعل الدنيا في سم الإبرة التي كانت بيده ثمّ نخس تلك الإبرة بعينه فعوره، وإسناد هذه الرواية غير ثابت.[4]
إلى هنا نصل إلى ختام هذا المقال الذي قدمناه لكم بعنوان من هو النبي الذي قبضت روحه في السماء والذي أجبنا فيه عن هذا السؤال وعرفنا أن بعض الروايات تقول بأن نبي الله إدريس عليه السلام قد قبضت روحه في السماء الرابعة، وبعض الروايات قالت أنها قبضت في السماء السادسة والبعض الآخر يقول أن روحه قبضت في الأرض والله تعالى أعلم، نرجو أن نكون قد وفقنا في الإجابة على هذا السؤال، وأن تجدوا في هذا المقال معلوماتٍ تفيدكم في دينكم ودنياكم وعاقبة أمركم.
التعليقات