هل تكون ليلة القدر في الليالي الزوجية أم في الوترية فقط؟

هل تكون ليلة القدر في الليالي الزوجية سؤالٌ سوف تتمّ الإجابة عنه في هذا المقال، فقد حثّ الإسلام الحنيف على تحري ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، فهذه الليلة خصّها الله تعالى بالفضل العظيم والخير الكثير الذي لا يناله إلا من قام هذه الليلة وأحياها بالطاعة والعبادة والعمل الصالح، ومن ترك القيام فيها فقد حُرم من الخير والأجر العظيم.

هل تكون ليلة القدر في الليالي الزوجية

لا يمكن أن تأتي ليلة القدر في الليالي الزوجية مطلقًا لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد حثّ على تحريها في الليالي الوترية فقط، حيث أشارت العديد من الأحاديث النبويّة الصحيحة إلى أنّ ليلة القدر تتنقل بين الليالي الفردية في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، والليالي الوترية هي خمس ليالي وتكون في ليلة اليوم الواحد والعشرين وليلة اليوم الثالث والعشرين والخامس والعشرين والسابع والعشرين والتاسع والعشرين، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوِتْرِ مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ”.^[1] كذلك ورد عنه صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: “أَرَى رُؤْيَاكُمْ في العَشْرِ الأوَاخِرِ، فَاطْلُبُوهَا في الوِتْرِ منها”.^[2] ومن الأحاديث هذه يمكن الجزم عند أهل العلم بأنّ ليلة القدر لا يمكن أن تكون إلا في الليالي الوترية من العشر الأواخر في شهر رمضان المبارك، والله أعلم.^[3]

شاهد أيضًا: دعاء ليلة القدر للزواج من شخص معين

هل ليلة القدر في الليالي الوترية فقط

وردت في السنة النبوية المباركة العديد من الأحاديث النبويّة الصحيحة التي تشير إلى أنّ ليلة القدر تأتي في الليالي الفردية فقط، حيث حثّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم صحابته الكرام على تحرّيها في الليالي الوترية، وقد قال بعض أهل العلم أنّه من الممكن أن تأتي ليلة القدر في إحدى الليالي الشفعية أو الزوجية، لذا فالمسلم يتحراها في العشر الأواخر كاملةً عسى أن ينال ففضلها وخيرها، ولقد حفظ الله تعالى وقت ليلة القدر وحبسه عن عباده لحكمةٍ عظيمة، وهي أن يتقرّبوا لله تعالى ويتعبّدوا ويقوموا الليل بالعمل الصالح والطاعات في العشر الأواخر كاملةً، لا أن يحصروا عبادتهم وطاعتهم في ليلة واحدةٍ فقط، والله أعلم.^[4]

في أي وقت تبدأ ليلة القدر؟

قد حفظ الله تبارك وتعالى وقت ليلة القدر في علم الغيب عنده فلم يُطلع عليه أحدًا من الخلق، وذلك لكي لا يقوم الناس بالعمل الصالح وأداء العبادات والطاعات في ليلةٍ معينة، بل يزيدوا اجتهادهم وطاعاتهم في العشر الأواخر من الشهر الفضيل، ولا أحد من العباد يعلم متى تكون ليلة القدر في أي ليلة، أو متى تبدأ وتنتهي، لذا فإنّ المسلم يحرص على الاجتهاد بالعبادة في العشر الأواخر، وتحري ليلة القدر في الليالي الوترية من هذه الأيام تبعًا للأحاديث النبويّة المباركة، لكنّ إن كانت ليلة القدر كباقي الليالي فإنّها تبدأ بغروب الشمس وتنتهي بطلوع الفجر الصادق من اليوم التالي، والله أعلم.

شاهد أيضًا: هل ليلة 27 رمضان هي ليلة القدر 1444 / 2023

ما هي علامات ليلة القدر؟

قد بيّنت بعض الأحاديث المباركة العلامات التي تدلّ على ليلة القدر، ومن هذه العلامات أنّ ليلة القدر ليلةٌ سمحةٌ رياحها ساكنةً، ويكون الجوّ فيها معتدلًا لا حارًا ولا باردًا، كذلك فيها يشعر المسلم بلذة الطاعة الفريدة، ويحسّ بالأنس والطمأنينة والراحة النفسية التي لا مثيل لها، ومن علاماتها أيضًا أنّ الشمس في صبيحتها تكون حمراء خفيفةً لا شعاع لها، وإنّ قيام ليلة القدر خيرٌ من قيام ألف ليلةٍ من الدهر، والمسلم الذي يقومها ويشهدها فإنّه يُغفر له ما تقدّم من ذنبه بإذن الله تعالى، والله أعلم.

ما الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر وعلامتها؟ ابن باز

ورد عن الشيخ ابن باز -رحمه الله- أن كل الليالي العشر الأخيرة من رمضان هي محل ظن أن تكون ليلة القدر، وذلك لما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من أحاديث صحيحة تشير إلى التماسها في العشر الأواخر من شهر رمضان، وتكون الأوتار أرجى وآكد من الأشفاع، فتكون الليلة الحادية والعشرين والليلة الثالثة والعشرين والليلة الخامسة والعشرين والسابعة والعشرين والتاسعة والعشرين كلها تكون أوتارًا ويرجى فيها أن تكون ليلة القدر، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “أُريتُ  ليلَةَ  القدْرِ، ثُمَّ أيقظَنِي بعضُ أهلِي فنُسِّيتُها؛ فالْتَمِسوها في العَشرِ الغَوابِرِ”.^[5] وقد أكّد الشيخ ابن باز أن الصحابة الكرام كانوا يستدلون على ليلة القدر بعلامات معينة، وعدم رؤية تلك العلامات لا يمنع حصول فضلها، فالمسلم مطلوبٌ منه أن يجتهد في العشر الأواخر كلها، ومن علامات ليلة القدر أن شمس فجرها تطلع لا شعاع لها، ويكون القمر فيها كشق جفنة  أي كبيرًا وساطعًا، وتكون ليلة ساكنة ويشعر فيها المؤمنون بالسكينة والطمأنينة والنشاط للعمل الصالح.^[6]

شاهد أيضًا: موعد شمس ليلة 27 رمضان 2023 ، أدعية ليلة 27 رمضان

هل يمكن لشخص أن يدرك ليلة القدر مرتين في رمضان واحد؟

ذكر أهل العلم أن ليلة القدر تكون في العشر الأواخر من شهر رمضان، وتكون في الليالي الفردية منها، أقرب من الزوجية لكن يمكن أن تكون في الزوجية وذلك لأن الليالي الزوجية هي فردية باعتبار الشهر إن كان تامًا، فيكون حسابها باعتبار ما مضي أو ما بقي، وإذا اختلفت البلدان في دخول شهر رمضان فإن الليلة الفردية في بلد تكون زوجية في أخرى، لكن هذا الأمر لا يعني أن ليلة القدر تكون مرتين في العام، فهي ليلة واحدة فقط ولا يمكن لأي مسلم أن يدرك ليلة القدر مرتين في العام، فليلة القدر إن كانت في 27 فهي في بلدان تكون في يوم أربعاء على سبيل المثال، وفي بلدان أخرى في يوم الخميس، فلو كانت ليلة الأربعاء هي ليلة القدر منها، فلا يمكن أن تكون ليلة الخميس ليلة القدر، وهذا الأمر يدل على أن المسلم عليه أن لا يهمل الليالي الزوجية في العشر الأواخر من رمضان وذلك لأنه يحتمل أن تكون ليلة القدر فيها أيضًا ولو اقل الاحتمال والله ورسوله أعلم.^[7]

هل يمكن لأحد أن يجزم بليلة بعينها أنها ليلة القدر

ذكر أهل العلم أنه لا يمكن لأحد أن يجزم بليلة بعينها أنها ليلة القدر، فقد ورد الفضل الكثير والعظيم في العبادة في هذه الليلة، وهي التي يكون العمل فيها خيرٌ من العمل في ألف شهر مما سواها من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، وقد قال تعالى في محكم تنزيله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ*  وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ*  تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ*  سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}.^[8] وقد اختلف أهل العلم في تحديد موعدها على أقاويل كثيرة، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم-  يعرفها لكنه نسيها لحكمةٍ بالغةٍ من الله سبحانه، وقد ورد عن العلماء أن الحكمة من إخفائها يكون لتنشيط المسلمين في بذل جهدهم واجتهادهم في كل العشر الأواخر، وليُعرف مبتغيها من غيره، ولزيادة أجورهم وثوابهم من الله سبحانه وتعالى عندما يكثروا من العبادات والأعمال الصالحة طلبًا لإدراكها، فلا يمكن لأحد أبدًا أن يجزم بأنه أدرك ليلة القدر أو أن يعرف موعدها على وجه التحديد وتخصيص أي ليلة من ليالي رمضان على أنها ليلة القدر يحتاج إلى دليل شرعي والله ورسوله أعلم.^[9]

شاهد أيضًا: هل القرآن نزل في النصف من شعبان أم في ليلة القدر

فضل ليلة القدر

لم يختلف أهل العلم في فضل ليلة القدر أبدًا، ففضلها عظيم لمن أحياها وهي ليلة عامة لكل المسلمين، ويكون الفضل لمن يحييها بالصلاة والقرآن والذكر والاستغفار والدعاء، وذلك من غروب الشمس إلى طلوع الفجر في كل ليلة من ليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان المبارك، وقد جاء القرآن الكريم معظمًا لها، وقد أخبر أنها خيرٌ من ألف شهر في العمل والأجر والعبادة والثواب، فيساوي العمل فيها أكثر من ثلاثًا وثمانين سنة وأربعة أشهر وهي الليلة التي تتنزل فيها الملائكة إلى الأرض بالرحمة والبركة من عند الله سبحانه، فتكون ليلة سلامٍ حتى مطلع الفجر فيها، والله ورسوله أعلم.^[9]

في الختام، تم بيان هل تكون ليلة القدر في الليالي الزوجية في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، حيث تم بيان إن كانت الليالي الوترية فقط هي التي تكون فيها ليلة القدر، ومتى تبدأ ليلة القدر وكيف يعرفها المسلم بعلاماتها وما هي أرجى الليالي التي يمكن أن تكون فيها.