عناصر المقال
هل ممارسة العادة السرية في ليل رمضان يفطر وهو من الأحكام الشرعية التي يبحث عنها بعض المسلمين، خلق الله -عزّ وجل- عباده وجعل فيهم الشّهوة، وشرّع لهم الزّواج بعقدٍ شرعي يبيح للرجل والمرأة أن يستمتعا ببعضهما البعض، ولكنّ يزيّن الشيطان للناس هذه الشهوات فينحرف البعض عن الطريق الصحيح، ويتّبعون الشّهوات ويسلكون طريق ما حرمه الله، بحيث يقضون شهواتهم بالعادة السّرية في لحظة ضياع، لذا سوف يكون موضوع مقالنا التالي عن حكم العادة السرية في رمضان، وهل ممارستها في ليل رمضان يفطر.
حكم العادة السرية في رمضان
إنّ العادة السرية حرام بشكل مطلق سواء في رمضان أو في غيره من الأشهر، وهذا عند جمهور أهل العلم، وذلك لما فيه من مخالفة لقول الله -تعالى- في الكتاب: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}[1]، فقد حصر الله -تعالى- الاستمتاع بالزوجة أو الأمَة، فكل ما سوى هذين الإستمتاعين فهو حرام، والعادة السرية تتمثل بإخراج المني من الجسد بغير جماعٍ أو مباشرةٍ من الزّوج لزوجته ومن غير اتّصالٍ جنسيٍّ بينهما، وتكون العادة بالاستمناء بتعمّد بقصد إنزال المني بشهوة باليد أو بغيره من الجمادات، ويجدر بالذّكر أنّ الاستمناء يُبطل الصيام للرجل والمرأة على حَدٍّ سواءٍ، ويُوجِب القضاء، فمن الواجب على المسلم الابتعاد عنها؛ لأنها من المحرمات ومن الأمور التي تغضب الله تعالى، كما أنّ فيها ضررًا بالغًا على الأعصاب والقوى والعقل[2].
هل ممارسة العادة السرية في ليل رمضان يفطر
لا يفطر ممارسة العادة السرية في ليل رمضان، فهي من الأمور القبيحٌة والمحرمة شرعاً، وفعل العادة سرية في رمضان أشدّ قبحًا من غيره من الأوقات وذلك نظراً لحرمة هذا الشّهر، فإذا قام بها العبد في ليل رمضان أيّ بعد الإفطار فإنّها مع حرمتها لا تؤثر على صحة الصيام، ولكن لا بدّ من توبة الفرد توبة نصوحة إلى الله -تعالى- بعدها، وعلى المسلم أن يغتسل منها حتّى يكون صيامه صحيحًا في اليوم التالي، ولكنّ في حال تعمّدها الإنسان في رمضان فهي في الغالب تفسد الصيام، لأنّ طلب خروج المني باليد أو أي وسيلة كانت حتى ينزل فقد فسد صومه باتفاق المذاهب الفقهية، وقد قال الشيخ ابن عثيمين ـرحمه الله- في الشرح الممتع: إذا طلب خروج المني بأي وسيلة، سواء بيده، أو بالتدلك على الأرض، أو ما أشبه ذلك، حتى أنزل، فإنّ صومه يفسد بذلك”.[3]
ما حكم من استمنى في نهار رمضان متعمدا
إنّ من استمنى في نهار رمضان متعمدًا يكون قد أبطل صومه وعليه أن يقضي هذا اليوم، فهو في هذه الحالة قد ارتكب إثما عظيما، وقام بفعل يتعارض مع الشريعة الإسلامية والفطرة السليمة التي نشأ بها الإنسان، بدليل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}[1]، كما أنّ من فعل هذا الأمر عمدًا يكون في حكم المفطرين وإن لم يأكل ويشرب، وليس عليه كفارة، ومن الأفضل أن يسارع إلى التوبة النصوح إلى الله تعالى، وقضاء هذا اليوم، بالإضافة إلى قضاء جميع الصلوات التي قد أدائها المسلم قبل أن يغتسل لرفع الجنابة، فإنها دين في ذمته لله عز وجل لا تبرأ إلا بقضائه[4]، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: “فدين الله أحق أن يقضى”[5].
ما حكم من استمنى في نهار رمضان جاهلًا
بيّن أهل العلم أنّ من استمنى في رمضان وكان جاهلاً بالحكم لا يفسد صومه وقد اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، فمن كان جاهلًا بالحكم ولم يصله البلاغ لا يفطر، واستدلوا بقول الله -عز وجل- في الكتاب: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا}[6]، وفي هذه الحالة لا شيء عليه، فلا يفطر الصائم إلا بثلاثة شروط وهي العلم، والذكر، والإرادة، وقد قال النووي -رحمه الله- في المجموع: ” إذَا أَكَلَ الصَّائِمُ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ جَاهِلا بِتَحْرِيمِهِ – فَإِنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِإِسْلامٍ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ بِحَيْثُ يَخْفَى عَلَيْهِ كَوْنُ هَذَا مُفْطِرًا – لَمْ يُفْطِرْ ; لأَنَّهُ لا يَأْثَمُ فَأَشْبَهَ النَّاسِيَ الَّذِي ثَبَتَ فِيهِ النَّصُّ , وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لِلْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ لا يَخْفَى عَلَيْهِ تَحْرِيمُهُ أَفْطَرَ ; لأَنَّهُ مُقَصِّر”.[7]
هل يغفر الله لممارس العادة السرية
بيّن أهل العلم أنّ الله -سبحانه وتعالى- يغفر لممارس العادة السريَّة إذا تاب منها، فالله -سبحانه وتعالى- يحبّ التوابون، فلو جنح المسلم عن الطريق وارتكب هذا الإثم فعليه أن يبادر للتوبة وأن يستغفر الله -تعالى- على ما ارتكب، والله سيغفر له ذنبه، وقد استدلّ أهل العلم في قولهم على الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: “إنَّ عَبْدًا أصابَ ذَنْبًا – ورُبَّما قالَ أذْنَبَ ذَنْبًا – فقالَ: رَبِّ أذْنَبْتُ – ورُبَّما قالَ: أصَبْتُ – فاغْفِرْ لِي، فقالَ رَبُّهُ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ ما شاءَ اللَّهُ ثُمَّ أصابَ ذَنْبًا، أوْ أذْنَبَ ذَنْبًا، فقالَ: رَبِّ أذْنَبْتُ – أوْ أصَبْتُ – آخَرَ، فاغْفِرْهُ؟ فقالَ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أذْنَبَ ذَنْبًا، ورُبَّما قالَ: أصابَ ذَنْبًا، قالَ: قالَ: رَبِّ أصَبْتُ – أوْ قالَ أذْنَبْتُ – آخَرَ، فاغْفِرْهُ لِي، فقالَ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلاثًا، فَلْيَعْمَلْ ما شاءَ”[8]، ويجدر بالذّكر أنّه لو تكرر هذا الإثم ثم استغفر العبد في كل مرة وتاب إلى الله لغفر له.[9]
أضرار ناتجة عن ممارسة العادة السرية
إنّ للعادة السرية الكثير من الأضرار والمخاطر، لذا ينبغي على المسلم الابتعاد عنها، إذا إنّ الاستمرار فيها يؤدي إلى العديد من المشكلات النفسية والجسمية وغيرها، ومنها ما يأتي:[2]
- ارتكاب الذنوب والفواحش.
- العزلة عن الناس، والارتياب في الآخرين.
- الإصابة بالضعف والبرود الجنسي.
- فقر الدم واصفرار الوجه وانسداد الشهية.
- ضعف في الأعصاب والهزال والدوران.
- التهابات واحتقان وتضخم في البروستات.
- سرعة القذف وحساسية مجرى البول.
- تُبعد الإنسان عن طاعة الله -تعالى- واتّباع أوامره.
- زيادة الخمول وضعف البصر والسمع، وانحلال القوة الجسمانية.
- سرعة الانفعال وزيادة التوتر الدائم والإصابة بالوسواس والاضطّراب النفسي.
كيفية التخلص من العادة السرية
هناك عدد من العوامل التي تساعد في إقلاع الفرد عن العادة السرية والتخلص منها يمكن التعرف عليها فيما يأتي:[10]
- الابتعاد عن التجمعات المختلطة التي تظهر فيها المفاتن والمعاصي والأعمال الحرام.
- المبادرة للزواج، فقد حث الدين الإسلامي على الزواج؛ لما فيه من إحصان الفرج وغض البصر.
- الإكثار من النوافل والطاعات مما يعين الفرد على الاستقامة والصلاح، وعدم التفكير في أمور محرّمة.
- البُعد عن كل المثيرات الجنسية ومنها الأفلام الإباحيّة، أو المقاطع الجنسية، أو الاستماع إلى الأغاني الخليعة.
- اختيار الأصدقاء بعناية، فالصديق الملتزم سيأخذك نحو الحلال والالتزام، أما الصديق السيئ سيوصلك الفرد لأمور حرام هو بغنى عنها.
- الاعتدال في الأكل والشرب، حيثُ إن بعض الأكل يساهم في إثارة الشهوة الجنسية، لذلك ينبغي الاعتدال في الطعام والشراب لما في ذلك من خطر على الجسد والصحة.
- الالتزام بوصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- والتي تتمثل بالصيام، فهو حل لكثير من المشاكل التي تواجه النساء والرجال، فالصيام أغضّ للبصر، وأحصن للفرج.
مقالات قد تهمك
هل يجوز الصيام على جنابة العادة السرية |
ما هي كفارة العادة سرية في رمضان |
هل العادة سرية تبطل الصيام قبل الفجر وما هو حكم العادة السرية في الإسلام |
ما حكم العادة سرية في رمضان وما كفارتها |
بهذا نصل إلى ختام مقالنا الذي حمل التساؤل عن هل ممارسة العادة السرية في ليل رمضان يفطر، والذي تعرفنا من خلاله على حكم العادة السرية في رمضان، وقمنا بالإجابة الصحيحة على السؤال المطروح، وأيضًا تطرقنا إلى بيان حكم الاستمناء في نهار رمضان متعمدًا، وأيضًا حكم من فعل العادة السرية في نهار رمضان جاهلًا بالحكم ، كما أدرجنا الإجابة حول سؤال هل يغفر الله لممارس العادة السرية، ونختم بتوضيح أضرار العادة السرية وكيفية التخلص منها.
المراجع
- ^ سورة المؤمنون، الآية 5-6
- ^ alukah.net، العادة السرية ( أضرارها - حكمها - أسبابها - علاجها )، 22/03/2023
- ^ islamweb.net، حكم الاستمناء في رمضان وهل تلزم منه الكفارة، 22/03/2023
- ^ islamweb.net، استمنى عمدا في نهار رمضان واكتفى بالوضوء دون الغسل، 22/03/2023
- ^ الدراري المضية، الشوكاني، 108 ، صحيح.
- ^ سورة الإسراء، الآية 15
- ^ islamqa.info، استمنى جاهلاً أنه مفطر، 22/03/2023
- ^ صحيح البخاري ، أبو هريرة، البخاري، 7507، صحيح
- ^ islamweb.net، أقسمت مرارًا أن أترك العادة السرية، ولكني أعود، فهل سيقبل الله التوبة؟، 22/03/2023
- ^ islamqa.info، تعاني من العادة السرية ، وتعود إليها كلما تابت !!، 22/03/2023
التعليقات