هل يجوز إعطاء الزكاة للأخ العاطل عن العمل

هل يجوز إعطاء الزكاة للأخ العاطل عن العمل وما حكم إعطاء زكاة المال للأقارب، إذ تعد أحكام الزكاة من الأحكام التي تشغل بال المسلمين في كل عام وفي كل سنة، سواءً كان ذلك في شهر رمضان في وقت زكاة الفطر أو عند حولان الحول على المال ووجوب زكاة المال فيه، فقد فرض الله سبحانه وتعالى الزكاة على المسلمين دون غيرهم من الأمم وجعل لها شروطًا وأحكامًا لتكون عبادةً صحيحة فالزكاة أحد أركان الإسلام وأهم العبادات، ومن خلال المقال الآتي سيتم بيان حكم منح الزكاة للأخ الذي لا يملك عملًا وتوضيح العديد من أحكام الزكاة الأخرى.

هل يجوز إعطاء الزكاة للأخ العاطل عن العمل

ذكر أهل العلم أنه يباح للمسلم أن يعطي أخوه العاطل عن العمل من زكاة ماله، ولكن ذلك يكون ضمن شروط معينة، كأن يكون الأخ العاطل لا يملك مالًا يكفيه لحاجياته الأساسية من مشرب وملبس ومأكل ومسكن وعلاج، ولا يستطيع العمل أو التكسب، ولم يكن قد استغنى بمال من تجب له نفقته عليه، فإن كان الأمر كذلك فإنه يباح للمسلم أن يدفع له زكاة المال، وذلك لأنّ هذا الأخ قد وصل حد الفقر الذي يمكن التصدق عليه فيه، فكل فقير هو الذي لا يملك حرفةً يستغني بها ولا تجارةً تعينه ولا مالًا جامدًا، وقد يمتلك الفقير بعض ما يغنيه فيكون له هيئة حسنة ولباسًا جميلًا تعففًا أمام الناس حتى لا يُظهر فقره لكن هذا الا يُذهب عنه صفة الفقر وقد عرّف أهل العلم  الفقير بأنه من لا مال له ولا كسب يكفيه حاجته وحاجة من تجب في حقه النفقة عليهم، وقد يكون الأخ من الغارمين، فيستدين ليسد فقره ولكنه يعجز عن سداد هذا الدين، وبذلك يباح له أن يأخذ من مال الزكاة، فالغارمين من مصارف الزكاة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، وخلاصة القول أنه يجوز للمسلم أن يدفع زكاة المال إلى الأخ الفقير بل هو أولى من غيره والله ورسوله أعلم.^[1]

شاهد أيضًا: هل يجوز اخراج الزكاة قبل وقتها وما هي شروط الزكاة في الإسلام

دفع الزكاة للأخ المدين العاطل عن العمل

أكّد أهل العلم أنه لو كان الأخ مدينًا وعاطلًا عن العمل ولا يقدر على وفاء دينه وليس عنده من العقار أو غيره من الممتلكات ما يفضل به عن حاجته لسد ذلك الدين فهو بكل تأكيد يكون مستحقًا للزكاة، وإعطاؤها له أولى من إعطائها للغريب، فالصدقة على الأخ صدقة وصلة، ولو كان الأخ يمتلك من العقار أو الأملاك ما يمكنّه من سد دينه ويزيد له فضلًا يقضي بها حوائجه فليس له أن يأخذ من الزكاة، وإن المال إن بلغ النصاب وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة، فلا حرج في إعطاء الأخ الفقير الذي ثبتت صفة فقره إن كان الأخ الغني لا تلزمه نفقته ولا تجب عليه، وتكون النفقة واجبة على الأخر إن كان الآخر يرثه في حال موته لعدم وجود الأب أو الجد أو الابن الذكر له، فلو لم يكن فإنه يرثه عند موته وعليه نفقته في حياته إن كان فقيرًا وفي هذه الحال لا يجوز الزكاة عليه، فالزكاة لا تجوز على من تجب على المسلم نفقتهم والله ورسوله أعلم.^[2]

حكم دفع الزكاة للأخ الذي يعيش مع والده

إن في تقديم الزكاة للأخ الذي يعيش تحت كنف الأب تفصيل، فلو كان الأخ مكتفيًا بنفقة الأب عليه من طعام وشراب ولباس ومسكن وغيرها من حاجياتها فهو لا يعدّ ضمن الفقراء الذين تجوز عليهم الزكاة، وفي هذه الحال لا يجوز أن يُعطى من الزكاة لا من أخيه الغني ولا من غيره، أما إن كانت نفقة الأب لا تكفيه أو أن يكون الأب أصلًا فقيرًا ولا يمكنه النفقة بشكلٍ كامل على الأخ الذي يعيش عنده، فإن كانت نفقة الأخ واجبة على أخيه بالشروط المحددة شرعًا لوجوبها فإنه لا يجوز أن يعطيه من زكاة المال بل الواجب على الأخ في هذه الحال النفقة على أخيه بما يغنيه، أما إن كانت نفقته ليست واجبة على المسلم فعندها يمكن تقديم الزكاة إليه إن حقق صفات الفقر أو المسكنة، وإعطاؤه الزكاة في هذه الحال أولى من أن تعطى لغيره والله ورسوله أعلم.^[3]

شاهد أيضًا: خمسة لا يجوز دفع الزكاة إليهم من هم وما حكم إعطاء الزكاة لمن له راتب

هل يدفع زكاة ماله لأخيه الذي يصرف عليه والده الإسلام سؤال وجواب

في الشريعة الإسلامية يكون دفع الزكاة إلى الأقارب الذين يستحقون الزكاة وتتحقق لديهم شروط استحقاقها أفضل وأثوب من دفعها للغرباء الفقراء، وذلك لأنّ الصدقات على الأقارب صدقة وصلة لهم، وذلك إن كان الأقرباء ممن لا تجب النفقة عليهم في حق المسلم، ونفقة الأخ تجب على الأب لكن لو كان الأب فقيرًا لا يمكنه النفقة على الأخ الذي يعيش عنده، ومن أقوال أهل العلم في هذه المسألة ما يأتي:^[4]

• قول الشيخ ابن عثيمين: “إن كان دفعك الزكاة إليه يتضمن إسقاط واجب له عليك ، مثل أن تكون نفقته واجبة عليك فتعطيه من الزكاة ، لتوفِّرَ مالك عن الإنفاق عليه : فهذا لا يجوز ؛ لأن الزكاة لا تكون وقاية للمال ، وإن كان لا يتضمن إسقاط واجب له ، مثل أن تكون نفقته غير واجبة عليك ، لكونك لا ترثه ، أو لكون مالك لا يتحمل الإنفاق عليه مع عائلتك ، أو تعطيه لقضاء دين عليه لا يستطيع وفاءه : فهذا جائز أن تدفع زكاتك إليه ، بل هو أفضل من غيره وأولى ؛ لأن إعطاءه صدقة وصلة”.
• قول علماء اللجنة الدائمة: “لا مانع من صرف الزكاة لإخوتك من الأب ذكورهم وإناثهم مستقبلاً ، إذا كانوا فقراء ليس لديهم من المال ما يغنيهم عن الزكاة ، وهكذا يجوز لك صرف الزكاة مستقبلاً لأخيك الأكبر إذا كان فقيراً ليس لديه من المال أو الكسب ما يغنيه عن الزكاة لعموم آية الصدقات”.

حكم دفع الزكاة للأخ والأخت والعم والعمة وسائر الأقارب ابن باز

سُئل الشيخ ابن باز -رحمه الله- عن إعطاء الزكاة للأخ المحتاج أو العم  الفقير أو الأخت أو العمة أو الخالة أو غيرهم، فأخبر الشيخ أنّه يباح للرجل أو المرأة المسلمين، أن يعطيا زكاة المال للأخوة الفقراء سواءً كانوا ذكورًا أو إناثًا وكذلك العم الفقير والعمة الفقيرة والخال الفقيرة والخالة الفقيرة فلا حرج في إعطائهم الزكاة ما لم يكونوا قد وجبت عليهم نفقتهم ضمن الشروط الشرعية، وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصحيح: “الصَّدَقةُ على المِسكينِ صَدَقةٌ، والصَّدَقةُ على ذي الرَّحِمِ اثنتانِ: صَدَقةٌ، وصِلةٌ”.^[5] أما كل قريب تجب له النفقة فلا يجوز الزكاة له، كالوالدين مهما علو، والأبناء مهما دنوا، فواجب على المسلم أن ينفق عليهم في حال كان موسرًا وهم فقراء والله ورسوله أعلم.^[6]

شاهد أيضًا: من شروط وجوب الزكاة في الذهب والفضة

هل يجوز إعطاء الزكاة لمن له راتب

في حال كان القريب فقيرًا ويعلم المسلم أنّه فقير ومحتاج فلا حرج في إعطائه من زكاة المال بما يغنيه به، ولو كان له راتب ولكن لا يكفيه، أو كان عنده أسباب تقوم بحاله إذا عرض له عارض ما وعجز عنه فيعطى كالغارم، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله أن الصدقات تجوز للفقراء والمساكين، والمساكين هم الذين لا يجدون ما يكفيهم في السنة كلها فيجدون كفايتهم في بعضها فيكون لهم راتب ومدخول ولكن لا يكفيهم طوال السنة، والفقراء هم الأشد عوزًا من المساكين الذين لا يجدون بعض حاجياتهم مطلقًا، فلو كان المسلم فقيرًا ولو كان له راتب ودخله لا يكفيه مؤونة أهله وعياله أو عليه دين لا يمكنه أن يقضيه فهذا يعطى من الزكاة.^[7]

مصارف الزكاة المحددة شرعا

إن زكاة المال من أهم أركان الإسلام الخمس التي لا يقوم إسلام المرء إلا بها، وقد تم تحديد المصارف التي تعطى لهم الزكاة في القرآن الكريم، فقد قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.^[8] حيث يمكن القول أنّ الزكاة تعطى لأصنافٍ ثمانية وهم:^[9]

• الفقراء والمساكين: وقد حدد أهل العلم الفقير والمسكين وبينوا من حالته تكون أشد عوزًا من الآخر فعند الشافعية والحنابلة يكون الفقير أشد فقرًا من المسكين، أما عند الأحناف والمالكية فيرون أن المسكين أشد حاجة من الفقير، والفقر يطلق على من لم يجد المال ولا القدرة على الكسب، ومن لا يجد أي شيء لتوفير حاجياته أقل من نصفها حتى، أما المسكين فهو من يستطيع تدبير نصف حاجياته أو أكثر ولكن لا يستطيع تلبيتها كلها.
• العاملون عليها: وهم الأشخاص الذين يقومون بجمع الزكاة والحفاظ عليها وتوزيعها بتكليف من الحاكم أو القاضي.
• المؤلفة قلوبهم: وهم المسلمين أو غير المسلمين العزيز في قومه وقبيلته، فغير المسلم يعطى إن كان يرجى إسلامه أو يدفع الضرر عن الإسلام والمسلمين، والمسلم يعطى بحيث يرجى حسن إسلامه وحسن تابعيه.
• الرقاب والعبيد: فالمكاتبون والأرقاء والعبيد يعطون من الزكاة لعتق رقابهم في سبيل الله.
• الغارمون: وهم الذي تتراكم عليهم الديون ولا يتمكنوا من تأديتها، أو للإصلاح بين عائلتين أو قبيلتين لدفع السوء وإصلاح ذات البين.
• المجاهدين في سبيل الله: فتخرج الزكاة لتجهيز جيوش المسلمين الغازين في سبيل الله.
• ابن السبيل: وهو المسافر الذي تنقطع به السبل في سفره ولا يمتلك أي مال لنفقته في سفره ولو كان غنيًا في بلده فيعطى بمقدار ما يمكّنه من العودة لبلاده.

في نهاية مقال هل يجوز إعطاء الزكاة للأخ العاطل عن العمل، تم التعرف على أحكام تقديم زكاة الفطر للإخوة الذكور والإناث بمختلف الأحوال والأوضاع، وحكم تقديم زكاة المال للأقرباء، وتم التعرف على مصارف الزكاة الثمانية المحددة شرعًا.