هل يجوز الصيام بعد ممارسة العلاقة الزوجية وهل يجوز الصيام على جنابة حدثت بعد الفجر

هل يجوز الصيام بعد ممارسة العلاقة الزوجية وهو ما سنتحدث عنه في هذا المقال، حيثُ يعتبر من لأحكام الشرعية المهمة التي يسعى إلى معرفة إجابتها كافة المسلمين رجالًا ونساء على حد سواء، حتى لا يقعوا في الإثم أو عدم قبول صيامهم، فقد يقوم المسلم بمجامعة زوجته في الليل ولا يجد وقتًا للاغتسال ويخشى من تأثير ذلك على صيامه، ومن هذه المعطيات ومن خلال هذا المقال سوف يتم بيان مفهوم الصيام في الإسلام، وهل يجوز الصايم بعد ممارسة العلاقة الزوجية وغيرها من الأحكام ذات العلاقة بالموضوع.

الصيام في الإسلام

يعتبر الصيام من أعظم العبادات في الإسلام، فهو أحد أركان الإسلام الخمسة التي أشار إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح، فقد ورد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “بنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ”^[1]، وقد قال الله -تعالى- في كتابه العزيز: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}^[2]، حيثُ يمتنع المسلم في شهر رمضان عن كافة المفطرات من طلوع الفجر وحتى غروب الشمس، أيّ منذ صلاة الفجر إلى صلاة المغرب، وتتمثل المفطرات بالطعام والشراب وما كان بمعناهما، والحيض والنفاس للمرأة، بالإضافة إلى الجماع والاستمناء والحجامة.^[3]

^[]هل يجوز الصيام بعد ممارسة العلاقة الزوجية

ذكر أهل العلم أنه يجوز الصيام بعد ممارسة العلاقة الزوجية، فمن جامع زوجته في آخر الليل يجوز له الصيام، لأن الطهارة ليست شرطًا من شروط صحة الصيام، ولكن يجب على الزوجين الاغتسال والتّطهر من الجنابة قبل أن تفوتهما الصّلوات المكتوبة، لذا فمن كان جُنب في الليل، وأصبح وهو على جنابة، وبدأ بالصيام فإن صيامه صحيح، وليس عليه أي شيء^[4]، وقد دلّ على هذا الحكم الشرعي العديد من الأحاديث النبوية الشريفة الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ومنها حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: “أنَّ رَجُلًا جَاءَ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَسْتَفْتِيهِ، وَهي تَسْمَعُ مِن وَرَاءِ البَابِ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ، أَفَأَصُومُ؟ فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فأصُومُ، فَقالَ: لَسْتَ مِثْلَنَا يا رَسولَ اللهِ؛ قدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ، فَقالَ: وَاللَّهِ، إنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمَكُمْ بما أَتَّقِي”^[5].

شاهد أيضًا: هل يجوز حضن الزوجة اثناء الصيام

هل يجوز الصيام على جنابة حدثت بعد الفجر

ذهب أهل العلم إلى أنه من احتلم بعد الفجر؛ أي أثناء فترة الصيام، فلا حرج عليه، وصيامه صحيح، وعليه فقط أن يغتسل من الجنابة، لأنَّ الاحتلام خارج قدرة الإنسان، ولا يمكن التحكم به، وقد قال الله -تعالى- في محكم تنزيله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ”^[6]، والمراد بالاحتلام هو ما يراه النائم من تصوّر الجماع، فمن احتلم وهو صائم ليس عليه إثم ولا كفارة، ولا يؤثر على صيامه، فإذا رأى الرجل أو المرأة المني بعد الاحتلام عليه الغسل، فقد أشارت اللجنة الدائمة عن ذلك وقالت: “من احتلم وهو صائم أو محرم بالحج والعمرة فليس عليه إثم ولا كفارة ، ولا يؤثر على صيامه ، وعليه غسل الجنابة إذا كان قد أنزل منيّاً”، وهذا ما ذهب إليه جميع الفقهاء ولا حرج فيه والله تعالى أعلم.^[7]

هل يجوز الصيام على جنابة حتى الظهر

يجوز للمسلم الصيام على جنابة حتى الظهر ولا حرج في ذلك، فإذا جامع المسلم زوجته في الليل ولم يغتسل حتى الظهر فصومه صحيح ولا يتأثر الصيام بالجنابة مطلقًا، ولكن يكون المسلم مقصرًا بشأن الصلاة، والصلاة لها شأن عظيم في الإسلام، وهي أول ما يُحاسب عليه المسلم يوم القيامة، وبتأخير الاغتسال للظهر يكون قد فوت إحدى الصلوات التي فرضها الله -تعالى- عليه، أي أفرط بصلاة الفجر، وهكذا يأثم المسلم على ذلك، فقد بيّن الله -سبحانه وتعالى- أنّ الصلاة فرض على المسلمين، وينبغي الاعتناء بوقت الصلاة بداية ونهاية، فلا يجوز تأخير الصلاة لأي سبب كان، فقد قال الله في كتابه الكريم: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}^[8]، فمن فعل ذلك عليه أن يتوب إلى الله ويستغفره، لأنّ فوات الصلاة منكر عظيم، لذلك من المستحب للمسلم التعجيل بالاغتسال من الجنابة، وأن لا يؤجل الغسل منها لا للفجر ولا للظهر، والله تعالى أعلم.^[9]

شاهد أيضًا: هل يجوز تقبيل الزوجة اثناء الصيام

وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال هل يجوز الصيام بعد ممارسة العلاقة الزوجية، فقد قمنا ببيان من خلال هذا المقال مفهوم الصيام في الإسلام، وقد تطرقنا لبيان الإجابة الصحيحة حول السؤال المطروح، كما تمّ بيان هل يجوز الصيام على جنابة حدثت بعد الفجر، هل يجوز الصيام على جنابة حتى الظهر أو المغرب، بالإضافة إلى هل يجوز الصيام على جنابة في غير رمضان، ونختم المقال ببيان كيفية غسل الجنابة في رمضان، نرجو أن نكون قد وفقنا في كتابة هذا المقال وأن نكن حملنا لكم الفائدة.