هل يجوز تاخير صلاة التراويح

هل يجوز تاخير صلاة التراويح في الإسلام، هذا السؤال الذي يدور ويخطر في بال الكثير من المسلمين في شهر رمضان المبارك، وذلك من أجل معرفة الحكم الشرعي والرأي الإسلامي الواضح لمسألة تأخير صلاة التراويح في ليالي رمضان المبارك، ومن خلال فقرات هذا المقال سيتمّ تعريف صلاة التراويح والحديث عن حكمها وسبب تسميتها بهذا الاسم، بالإضافة إلى الحديث عن بعض الأحكام الفقهية الإسلامية التي تتعلّق بهذه الصلاة المباركة.

ما هي صلاة التراويح

إنّ صلاة التراويح في الإسلام هي الصلاة التي تُعرف باسم صلاة القيام في شهر رمضان المبارك، فقيام رمضان في هذا الشهر الفضيل يكون بأداء صلاة التراويح، وهي صلاة تُصلّى جماعة في المسجد ويمكن أن يصلّيها المسلم وحيدًا في منزله، وهي سنة مؤكدة عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم، حيث صلّاها النبي المصطفى -عليه الصّلاة والسّلام- ثمّ ترك صلاتها جماعة خوفًا من أن تُفرض على أمته، ثمّ صلّاها خليفة المسلمين الثاني الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ^[1]

سبب تسمية صلاة التراوايح بهذا الاسم

سُمِّيت صلاة التراويح بهذا الاسم نسبة إلى الترويحة، وهي الاستراحة التي يأخذها المصلون بين كل أربع ركعات من ركعات هذه الصلاة المباركة، حيث تُصلّى صلاة التراويح بشكل منفصل، كل ركعيتن بتسلمية، ويأخذ المصلون استراحة عند الانتهاء من كل أربع ركعات، تُسمّى هذه الاستراحة الترويحة وهي مفردُ كلمة التّراويح، والله أعلم. ^[1]

هل يجوز تاخير صلاة التراويح

ذكر أهل العلم أنّه لا حرج على المسلم لو أنّه أخّر صلاة التراويح إلى آخر الليل، شريطة أن يؤديها قبل طلوع الفجر، فوقت هذه الصلاة يبدأ من وقت الانتهاء من أداء صلاة العشاء وسنتها، وينتهي عند طلوع فجر اليوم التالي، ولكنّ الثابت أنّها تؤدّى بعد الانتهاء من أداء صلاة العشاء مباشرة، وهو الوقت الأنسب لها، وقد أفتى الشيخ الجليل عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- في مسألة تأخير صلاة التراويح إلى آخر الليل في ليالي شهر رمضان المبارك فقال: ^[2]

لا بأس، إذا تيسر هذا فهو أفضل آخر الليل، إذا تيسر هذا فآخر الليل أفضل، ولكن المسلمين يصلونها في أول الليل؛ لأنه أنشط لهم، وأقرب إلى القيام بها؛ لأن كثير من الناس لو نام ما قام في آخر الليل، فالمقصود إنه إذا تيسر أن تؤدى في آخر الليل فذلك أفضل.

حكم صلاة التراويح في الإسلام

صلاة التراويح في الإسلام سنة مؤكدة عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم، فقد ثبت في السنة النبوية الشريفة في غير موضع واحد، والنصوص الشرعية التي وردت في السنة النبوية والتي دلّت على أنّ صلاة التراويح سنة مؤكدة في الإسلام هي النصوص الآتية:^[3]

• عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِن غيرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فيه بعَزِيمَةٍ، فيَقولُ: مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَالأمْرُ علَى ذلكَ، ثُمَّ كانَ الأمْرُ علَى ذلكَ في خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَصَدْرًا مِن خِلَافَةِ عُمَرَ علَى ذلكَ” ^[4]
• عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنّها قالت: “أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى في المَسْجِدِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَصَلَّى بصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، أَوِ الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إليهِم رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ، قالَ: قدْ رَأَيْتُ الذي صَنَعْتُمْ، فَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ علَيْكُم. قالَ: وَذلكَ في رَمَضَانَ” ^[5]

متى تبدأ صلاة التراويح

تبدأ صلاة التراويح عند الانتهاء من أداء فريضة صلاة العشاء في كل ليلة من ليالي الشهر الفضيل، وهذا هو الوقت الذي يتفق عليه المسلمون اليوم لأداء هذه الصلاة، ويرى بعض أهل العلم أنّه من الأفضل بالنسبة للمسلم أن يؤخر الصلاة، ولكنّ المتفق عليه بين المسلمين أنهم يؤدونها جماعة في وقت مبكر من الليل وذلك لأنّ نشاط المسلم في أول الليل يكون أكبر من نشاطه في آخر الليل، وقد ذكر الإمام النووي -رحمه الله تعالى- في هذه المسألة ما سيأتي:^[3]

يَدْخُلُ وَقْتُ التَّرَاوِيحِ بِالْفَرَاغِ مِنْ صَلاةِ الْعِشَاءِ، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ، وَيَبْقَى إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ

متى تنتهي صلاة التراويح

ينتهي وقت صلاة التراويح بطلوع فجر اليوم التالي من أيام الشهر الفضيل، فإذا دخل وقت الفجر في اليوم التالي ولم يصلّ المسلم صلاة التراويح، فقد فات وقتها ولا تصح صلاتها في تلك الليلة، لذا فإنّ من الواجب على المسلم أن يحرص على أداء هذه الصلاة في وقتها، ووقتها يمتد من صلاة العشاء حتّى طلوع الفجر، والله تعالى أعلم.^[3]

صلاة التراويح كم ركعة

ذكر علماء المسلمين وفقهاؤهم أنّه لم يرد عدد معين لركعات صلاة التراويح في كتب الأئمة والعلماء، ولكنّ الراجح أنّها تُصلّى عشرين ركعة، يسلم المسلم في كل ركعتين، وذلك لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الشريف الذي رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنه: “صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا رَأَيْتَ أنَّ الصُّبْحَ يُدْرِكُكَ فأوْتِرْ بواحِدَةٍ. فقِيلَ لاِبْنِ عُمَرَ: ما مَثْنَى مَثْنَى؟ قالَ: أنْ تُسَلِّمَ في كُلِّ رَكْعَتَيْنِ”^[6]والله تعالى أعلم. ^[7]

أفضل دعاء بعد صلاة التراويح

لأنّ الدعاء هو العبادة، ولأنّ الدعاء هو من أعظم الأعمال التي يمكن القيام بها في هذا الشهر الفضيل، يجب على المسلم الذي يحافظ على أداء صلاة التراويح في كل ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك أن يختتم هذه الصلاة العظيمة بالدعاء، لعلّه يصادف في ساعة  إجابة من الله تعالى مجيب الدعاء، ولعلّ أعظم ما يمكن الدعاء به بعد صلاة التراويح:

• اللهم نسألك أن تتقبل منا هذه الصلاة، صلاة التراويح في هذا اليوم الكريم من أيام رمضان المبارك، ربي ونسألك أن تعنا في الأيام القادمة من رمضان على الصيام والقيام وغض البصر وحفظ اللسان.
• اللهم يا كريم، يا أرحم الراحمين، اللهم كن معنا عونًا في هذا الشهر الفضيل، وأعنا على قضاء حوائجنا فيه وفي كل أيامنا بالكتمان وبارك لنا في عمل نقوم به يا رب العالمين.
• ربي يا واسع الرحمات، أنزل علينا في هذا الوقت العظيم من شهر رمضان رحمتك ومغفرتك التي وسعت كل شيء، اللهم بارك لنا في أيام هذا الشهر وارزقنا فيه الخير والسلام.
• اللهم يا ودود، أفض على سائر المجتمعات الإسلامية السلام والأمن والسكينة والاستقرار، واجعل هذا الشهر الفضيل بداية خير لكافة المسلمين.
• ربي يا كريم يا عظيم يا حليم، أعنا على قيام ليالي رمضان واجعلنا ممن يدركون أجر وثواب قيام ليلة القدر، وأنت المجيب يا رب العالمين.

هل يجوز صلاة التراويح قبل العشاء

لا حرج في من صلى صلاة التراويح قبل صلاة العشاء وكله جائز ولا حرج فيه، ويقبل الله تعالى كل نافلة من المسلم، ولكن إذا صلى المسلم التراويح قبل العشاء تعتبر نافلة ولا تعتبر صلاة التراويح، أما التراويح في رمضان فهي مرتبطة بصلاة العشاء، وتؤدى بعد صلاة العشاء حسب ما ذهب إليه الفقهاء من أهل العلم، وقد أشار ابن باز إلى ذلك بقوله: “أن هذا لا حرج فيه إن شاء الله، صلاته صحيحة، وصلاته التراويح صحيحة وتعتبر نافلة، ليست هي التراويح وليست هي قيام رمضان المشهور، إنما قيام رمضان يكون بعد العشاء، وهذا صلاها قبل العشاء، فتكون من النوافل التي تستحب بين المغرب والعشاء”، ولذلك من أراد فضل التراويح أن يصليها بعد صلاة العشاء.^[8]

مقالات قد تهمك

إلى هنا وبهذه الأدعية المباركة نختتم مقالنا هذا بعد أن تحدثنا فيه عن هل يجوز تاخير صلاة التراويح وقدمنا فيه لكافة المسلمين جُملة من المعلومات الفقهية المهمة التي تتعلق بصلاة التراويح في هذا الشهر المبارك، ثمّ قدمنا في الختام مجموعة أدعية يمكن الدعاء بها بعد الانتهاء من أداء هذه الصلاة.