هل يجوز تذوق الطعام أو الشراب اثناء الصيام

هل يجوز تذوق الطعام اثناء الصيام، فالصيام صحة للإنسان وعافية له، وقد أثبتت الدراسات العلمية تحسن صحة من التزم بالصيام يومين كل أسبوع، والصيام هو الانقطاع عن الطعام والشراب من الفجر حتى المغرب، وعليه يحتاج الجسم لكليهما عند حلول وقت الإفطار، وهنا تكثر الاستفسارات حول ما إذا كان تذوق الطعام يفسد الصيام أم لا، هذا ما سنعرفه في هذا المقال.

هل يجوز تذوق الطعام اثناء الصيام

لا بأس في أن يتذوق الرجل أو المرأة الطعام أثناء الصيام، إذا كان التذوق لمعرفة ملح الطعام هل هو مناسب أم لا، ومعرفة لذة الطعام وما يحتاجه، ولكن بشرط أن يتم التذوق برأس اللسان، ثم يلفظ ما بفمه ولا يبتلعه، فإن ابتلع ذلك عمدًا فقد أفسد صيامه، وأما إذا دخل شيء جوفه بغير عمد، فلا حرج عليه وصيامه صحيح، ولكن عليه أن يكون شديد الحذر في مثل هكذا أمور، لأن الطعام والشراب من المفطرات إذا دخل شيء منهما جوف الصائم، والأولى أن يحفظ الشخص نسبة الملح المناسبة للطعام وغيره من أنواع البهار وما إلى ذلك، وإن صعب عليه ذلك، فليتذوق برأس لسانه مع الحذر من دخول شيء إلى جوفه، والحرص على لفظ ما تبقى في الفم، وهكذا يكمل الشخص صيامه مطمئنًا، والله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم أعلم. ^[1]

شاهد أيضًا: هل يجوز بلع الريق في الصيام وما حكم بلع البلغم في الحلق في رمضان

هل يجوز تذوق الشراب أثناء الصيام

لا بأس في تذوق الشراب إذا احتاج الصائم لذلك أثناء صيامه ولا حرج في ذلك، ولكن يجب أن يحرص من عدم ابتلاع شيء من الشراب ودخوله إلى جوفه، كي لا يضر صيامه ويفسده، فإن ذاقه من غير حاجة إلى ذلك فإنه مكروه، ولا يبطل صومه بذلك، وقد رأى الشيخ ابن عثيمين أنه لا يبطل الصوم ذوق الطعام إذا لم يبتلعه، ولكن لا يفعل ذلك إلا إذا دعت الحاجة إليه، وفي هذه الحال لو دخل منه شيء إلى بطن الصائم بغير قصد فصومه لا يبطل، وقال الإمام أحمد: “أحب إلي أن يجتنب ذوق الطعام، فإن فعل لا يضره، ولا بأس به”، وعلى ما سبق، فلا حرج في تذوق الإنسان للطعام في نهار الصيام عند الحاجة، وصيامه صحيح إذا لم يتعمد ابتلاع شيء منه، ومجرد بقاء الرائحة أو الطعم لا يؤثر على الصيام، إذا لم يتعمد ابتلاع شيء، والله تعالى ورسوله الكريم أعلم. ^[2]

هل يجوز تذوق الطعام دون ابتلاعه أثناء الصيام

لا حرج على من يقوم بطهي الطعام في أن يتذوقه وهو صائم، سواء كان ذكر أم أنثى، إذ يجوز ذلك ولا بأس به، ولكن دون أن يدخل شيء من الطعام إلى جوف الصائم، فذلك يؤدي إلى آفساد الصوم، فيجب أن يلفظ ما يبقى من الطعام بعد التذوق، وقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “يكره أن يذوق طعاما كالتمر والخبز والمرق، إلا إذا كان لحاجة فلا بأس”، ووجه هذا: أنه ربما نزل شيء من هذا الطعام إلى الجوف من غير أن يشعر به فيكون في ذوقه لهذا الطعام تعريض لفساد الصوم، وأيضا ربما يكون مشتهي الطعام كثيرًا ثم يتذوقه لأجل أن يتلذذ به، وربما يمتصه بقوة، ثم ينزل إلى جوفه، والحاجة مثل: أن يكون طباخًا يحتاج لينظر ملحه، أو حلاوته، أو ما أشبه ذلك، وعليه، فلا بأس من تذوق الطعام دون ابتلاعه، ويمكن يجب الاحتراز حتى لا يدخل شيء إلى الجوف، والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق. ^[3]

شاهد أيضًا: هل يجوز المضمضة أثناء الصيام لغير الوضوء وما حكم المضمضة للعطش للصائم

حكم من أكل ناسيا في صيام التطوع

يُعدُّ صيام المرء صحيح إذا أكل أو شرب ناسيًا ولا حرج عليه في ذلك، لأن الصيام صحيح ولم يفسد، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لما سئل عن ذلك: “من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه”، وقال الله عز وجل في سورة البقرة: “رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا”^[4]، وهذا يدل على أن الله سبحانه وتعالى عفا عن عباده إذا فعلوا شيئًا نسيانًا أو خطأً، وعلى ما سبق، فإذا أكل المرء أو شرب ناسيًا في الصوم في رمضان أو في غيره في التطوع أو في القضاء أو في النذور، فلا شيء عليه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه، والله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام أعلم. ^[5]

حكم من أكل أو شرب ناسيا في نهار رمضان

من أكل أو شرب في نهار رمضان أو في قضاءه أو في الكفار أو النذر ناسيًا، فلا حرج عليه وصيامه صحيح بإذنه تعالى، ولا بأس في ذلك، ويكمل صيامه بشكل طبيعي ولا شيء عليه، لما ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه”^[6]، هكذا جاء في الصحيحين، وهذا من أصح الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وفي اللفظ الآخر خارج الصحيحين عند الحاكم وغيره: من أفطر في رمضان ناسيًا، فلا قضاء عليه ولا كفارة، هذا هو المعتمد، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الصوامين القوامين العابدين القانتين، والحمدلله رب العالمين. ^[7]

شاهد أيضًا: هل يجوز مكالمة الحبيب أثناء الصيام وهل الكلام الجنسي مع الحبيب يبطل الصيام

حكم من أكل أو شرب عمدا في نهار رمضان

يفسد المرء صيامه ويصبح آثمًا في نهار رمضان أو قضاء رمضان أو في الكفارات أو النذر إذا تعمّد الأكل والشرب أثناء صيامه، وهذا قطعًا قد خالف أمر الله سبحانه وتعالى الذي بيٍنه لعباده المؤمنين، ومخالفة هذا الأمر يترتب عليها عدة من أيام أخر مقتضية؛ لأن كل من أفطر في نهار رمضان وجب عليه قضاؤه، ومحل هذا إن كان تعمده ليس شكًا في وجوب الصيام، وقد ورد ذلك في قوله جل وعلا: “حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر”^[8]، وعليه إذا أكل الصائم أو شرب متعمدًا، غير ناسٍ، مختارًا عالمًا بالتحريم، يأثم ويبطل صومه، وعليه أن يمسك بقية يومه باتفاق الأئمة الأربعة، ويجب عليه القضاء. أما الكفارة فلا تجب عليه، وهو مذهب الشافعية، والحنابلة، والله تعالى ورسوله أعلم. ^[9]

ومن خلال هذا المقال نكون قد بيّنا لكم هل يجوز تذوق الطعام اثناء الصيام، فلا بأس في ذلك إذا كان التذوق لمعرفة ملح الطعام هل هو مناسب أم لا، ومعرفة لذة الطعام وما يحتاجه، ولكن بشرط أن يتم التذوق برأس اللسان، ثم يلفظ ما بفمه ولا يبتلعه.