هل يجوز حساب الحسنات

هل يجوز حساب الحسنات
هل يجوز حساب الحسنات

هل يجوز حساب الحسنات هو ما سيتناوله موضوع هذا المقال، إنّ المسلم يجتهد في الإكثار من الطاعات وعمل الخير لنيل الأجر من الله سبحانه وتعالى، ولكنه قد يلجأ إلى عدّ الحسنات مقابل هذه الأعمال دون معرفة الحكم الصحيح له، ولذلك يعرض هذا المقال الإجابة الصحيحة عن سؤال هل يجوز حساب الحسنات، إضافة للوقوف على حكم عدّ حروف القرآن الكريم، وبيان الأجر المترتب على قراءة كل حرف من حروفه.

ما هي الحسنات

إن الله -سبحانه وتعالى- قسم أفعال المسلم وأقواله إلى بابين وهما، الحسنات وهي ما يحصل عليه المسلم مقابل أعماله الصالحة والتي تتمثل في بر الوالدين وطاعة أوامر الله -عزّ وجل- واجتناب كل ما نهى عنه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعديد من العبادات الخيرّة التي تعود على المسلم  بالخير والنّفع، أمّا السيئات فهي تعتبر نتيجة للأعمال التي تحتوي على الشر والأذى والضرر، ومن الجدير بالذّكر إنّ الحسنات ماحية للسيئات فإذا رجع العبد إلى باب التوبة وتاب توبة صادقةّ كانت هذه الحسنات سببًا في محو كافة الذّنوب والسيّئات، ولذلك يجب على العبد أن يكثر من الطاعات ويبتعد عن اجتناب الكبائر لنيل الأجر والثواب والفوز بأعلى الجنان.[1]

هل يجوز حساب الحسنات

أوضح بعض أهل العلم بأنّ حساب الحسنات مكروه، فقد يتّجه المسلم إلى إحصاء الحسنات مقابل الأعمال الصالحة التي قام بها، ولكن يعتبر من الأمور المكروهة عند أهل العلم لانه قد يصيب المسلم بالغرور والتكبر بكثرة أعماله، فقد كَانَ عَبْدُ اللَّهِ ابن مسعود  يَكْرَهُ الْعَدَدَ ، وَيَقُولُ : ” أَيَمُنُّ عَلَى اللَّهِ حَسَنَاتِهِ “، بالإضافة إلى أن إحصاء الحسنات غير دقيق بحيث أن الأجر مرهون بقبول العمل، والقبول هو أحد الغيبيات التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، ولذلك ينبغي على المسلم أن يقوم بالأعمال الصالحة دون اللجوء إلى إحصاء عدد الحسنات، فالله -عزّ وجل- لا يضيع أجر المحسنين والصالحين.[2]

عدد الحسنات في الصلاة

تُعتبَر الصّلاة  بأنّها عمود الدين، فهي الرُّكن الثَّاني من أركان الإسلام، حيثُ أنّها من العبادات العظيمة والتي لها شأن كبير عند الله سبحانه وتعالى، فكلُّها حسنات ودرجَات تمحي الذنوب والخطايا، حيث قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ” أَرَأَيتُم لَو أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُم يَغتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَومٍ خَمسَ مَرَّاتٍ هَل يَبقَى مِن دَرَنِهِ شَيءٌ؟! ” قَالُوا: لا يَبقَى مِن دَرَنِهِ شَيءٌ، قَالَ: ” فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمسِ، يَمحُو اللهُ بِهِنَّ الخَطَايَا “[3]، ومن الجدير بالذّكر أنّ صلاة الجماعة تضاعف من حسنات المسلم 25 ضعفا عن صلاته في بيته، فقد قال أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “صَلَاةُ اَلرَّجُل في الجَمَاعَةِ تُضْعِف علَى صَلَاتِهِ في بَيْتِهِ، وفي سُوقِهِ، خَمْسًا وعِشْرِينَ ضِعْفًا، وذلكَ أَنَّهُ: إذَا تَوَضَّأَ، فأحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إلى المَسْجِدِ، لا يُخْرِجُهُ إِلَّا اَلصَّلَاة، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً، إِلَّا رُفِعَتْ له بهَا دَرَجَةٌ، وَحَطَّ عنْه بهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى، لَمْ تَزَلْ المَلَائِكَةُ تُصَلِّي عليه، ما دَامَ في مُصَلَّاهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عليه، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، ولَا يَزَالُ أحَدُكُمْ في صَلَاةٍ ما انْتَظَرَ الصَّلَاةَ “[4].

عدد الحسنات في التسبيح

يعتبر التسبيح والذكر من الأعمال التي أمر الله -سبحانه وتعالى- بها عباده، فقد جعل باب الذكر من الأبواب التي تجعل العبد يرتقي إلى أعلى الدرجات ويحصل على الثواب الجزيل، حيثُ يعدّ التّسبيح أحد أسباب مغفرة الذنوب، أما عدد الحسنات التي يستطيع المسلم تحصيلها من التسبيح فهو عدد كبير جدًا،  ودليل ذلك ورد عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: “أيعجزُ أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟ فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: يسبح مائة تسبيحة، فيكتب له ألف حسنة، أو يُحط عنه ألف خطيئة”[5]، حيثُ إنّ كل 100 تسبيحة تكتب للمسلم ألف حسنة، وكلما زاد المسلم تسبيحه زاد ميزان حسناته، كما قال أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : “مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ. فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ”[6].

هل يجوز إحصاء عدد حروف القرآن الكريم لمعرفة الأجر الحاصل بقرائتها

يجوز إحصاء عدد حروف القرآن الكريم من أجل معرفة الأجر الحاصل بقرائته، فقد قام بذلك العديد من السلف، حيثُ جاء في تفسير ابن كثير: “عن مجاهد : هذا ما أحصينا من القرآن ، وهو ثلاثمائة ألف حرف ، وواحد وعشرون ألف حرف ومائة وثمانون حرفا، وقال الفضل ، عن عطاء بن يسار : ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألفا وخمسة عشر حرفا ….”، وبناءً عليه لو قال شخص إن عدد حروف القرآن كذا وكذا جائز ولا حرج في ذلك، فمن قرأ القرآن كاملاً  فإنه يرجى له أن ينال من الثواب بقدر عدد تلك الحروف بإذن الله تعالى.[2]

حسنات قراءة القرآن

إنّ قراءة القرآن الكريم هو من أعظم الأعمال التي يقوم بها المسلم، حيث إنّ القرآن الكريم هو أصدق الكتب فهو معجزة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد أمر الله -سبحانه و تعالى- عباده المؤمنين بقراءه آياته آناء الليل وأطراف النهار، كما أنّه يُعتبر من الأعمال التي يضاعف بها الحسنات، أما إحصاء حسناته فهو من الامور الممكنة حيث يمكن احصاؤها من خلال عدّ أحرف القرآن،  ولكن هناك خلاف بين العلماء على إحصاء الحسنات من حيث الحرف، وتتمثل على النحو الآتي:[2]

  • حرف المبنى: وهو الراجح عند بعض أهل العلم، حيث يتمثل عدد الحسنات بالختمة الواحدة على أكثر من ثلاثة ملايين حسنة، ومثال على كيفية عدّ حروف المبنى، قوله تعالى في سورة الفيل: “ألم” فهي عبارة عن ثلاثة حروف مبنى.
  • حرف المعنى: وهو يتمثل باحتساب عد الحسنات بالختمة الواحدة على 700 ألف حسنة أي الربع تقريبًا، ومثال على كيفية عدّ حروف المعنى، قوله تعالى: “ألم” فهي حرفان اثنان همزة الاستفهام ، و” لم” النافية.

أجر قراءة حرف من القرآن

إنّ الله -تعالى- أعدّ كثير من الحسنات لمن قام بقراءة القرآن الكريم، حيثُ إنّ الحسنة بعشر أمثالها ودليل ذلك ما ورد عن عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ”[7]، فمن قرأ القرآن قراءة صحيحة لابتغاء وجه الله فهو موعود بهذا الأجر إن شاء الله  سواء قرأه للحفظ ، أو للمراجعة ، أو للاستشهاد والاستدلال به، كما تدخل البسملة في هذا الأجر لأنها آية من القرآن، حيثُ قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: “البسملة آية مستقلة في أول كل سورة ، سوى سورة التوبة، وليست من الفاتحة، ولا من غيرها من السور، في أصح قولي العلماء، ولكنها بعض آية من سورة النمل “.[8]

ما حكم حساب الحسنات عند ابن باز

ذهب الفقهاء إلى عدم جواز عد الحسنات وحسابها لأن العدد قد يكون معلومًا ولكنه مرتبط بقبول العمل وهذا لا يعلمه إلا الله تعالى، فلا يعلم المسلم إذا قبل الله تعالى عمله، ولذلك لا يجوز له احتساب الحسنات وهو لا يعلم يقينًا إذا ما قبل الله تعالى عمله أم لا، وهذه الأعمال كثيرة من التسبيح والتهليل إلى الصلاة والزكاة وبقية الفرائض، ولذلك لا يشرع عد الحسنات، وقد ورد في موقع الإسلام سؤال وجواب: “ويتبين ذلك أكثر ، إذا علمنا أن حصول هذا الأجر الخاص ، أو العدد من الحسنات : إنما هو من باب الوعد على الحسنات، غير أنه لا تثبت في حق المعين إلا بقبول عمله ، والقبول أمر مغيب ، لا يعلم العبد ما له فيه عند الله ؛ فليحذر العبد من الغفلة عن ذلك ، وليعظم الرجاء إلى ربه في القبول ، وفضل الله واسع ، وليكن شأنه بين الأمرين : أن يعظم الرغبة إلى ربه ويحسن الظن به ، ثم يخشى من أن يرد عمله عليه ، فلا يغتر”.[2]

مقالات قد تهمك

وبذلك نصل إلى ختام هذا المقال الذي كان يحمل التساؤل عن هل يجوز حساب الحسنات، فقد قمنا ببيان الإجابة الصحيحة على هذا السؤال المطروح، كما تمّ بيان مفهوم الحسنات وعلاقتها بالسيئات، بالإضافة إلى بيان عدد الحسنات في الصلاة وفي ذكر الله سبحانه وتعالى، لنختم أخيرًا في معرفة أجر قراءة القرآن القرآن، وكم حسنة لكل حرف من حروفه.

المراجع

  1. ^ saaid.net، الحسنات والسيئات، 24/11/2024
  2. ^ islamqa.info، حكم عدّ الحسنات ، والإخبار بأن من قرأ القرآن كاملاً ، فله كذا وكذا من الحسنات بقدر حروف القرآن، 24/11/2024
  3. ^ صحيح مسلم، مسلم، أبو هريرة، 667، صحيح.
  4. ^ صحيح البخاري، البخاري، أبو هريرة، 647، صحيح.
  5. ^ صحيح الجامع ، الألباني، سعد بني أبي وقاص، 2665،صحيح.
  6. ^ صحيح الترمذي ، الألباني، أبو هريرة، 3466، صحيح.
  7. ^ مجموع فتاوى ابن باز ، ابن باز ، عبدالله بن مسعود، 26/13، حسن.
  8. ^ islamqa.info، ثواب قراءة القرآن الكريم تشمل كل من قرأ القرآن، 24/11/2024

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *