هل يجوز صلاة التراويح وانا جالسة وهل للجالس في الصلاة أجر القائم

هل يجوز صلاة التراويح وانا جالسة وهل للجالس في الصلاة أجر القائم هو الموضوع الّذي سنناقشه في هذا المقال، فهو يعد من الأحكام الشرعية المهمة التي لا بد للمسلمين معرفتها، حيث إنّ صلاة التراويح من السّنن النّبويّة المباركة الخاصّة بشهر رمضان المبارك، وهي من العبادات العظيمة والقربات المحببة لله سبحانه وتعالى، ويؤدّيها الكثير من المسلمين في شهر رمضان لما فيها من الأجر والفضل العظيم، ومن هذا المنطلق ومن خلال هذا المقال سوف يتم بيان بعض من المعلومات عن صلاة التراويح، بالإضافة إلى بيان هل يجوز صلاة التراويح وأنا جالسة.

صلاة التراويح

وهي صلاةٌ نافلة وسنّة مستحبّة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي النافلة التي تكون بعد صلاة العشاء في شهر رمضان المبارك، وله فضل عظيم من الله، فهي تمحو الذنوب وتزيد الحسنات وهي من أفضل العبادات التي تقرّب العبد من ربه وترفعه درجاتٍ عنده، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ينزلُ ربُّنا إلى السَّماءِ الدُّنيا كلَّ لَيلةٍ فيقولُ هَل مِن سائلٍ فأُعطيَهُ، هَل مِن مُستَغفرٍ فأغفرَ لَهُ”^[1]، أما عدد ركعات صلاة التراويح فلا يوجد عدد معيّن، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- العديد من الروايات التي تُشير إلى التوسعة في صلاة التراويح في شهر رمضان^[2]، فقد ورد في الحديث الشريف الذي رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “أنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن صَلَاةِ اللَّيْلِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ عليه السَّلَامُ: صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً واحِدَةً تُوتِرُ له ما قدْ صَلَّى”^[3].

هل يجوز صلاة التراويح وانا جالسة

ذكر أهل العلم أنه يجوز للمرأة المسلمة صلاة التراويح وهي جالسة، ولا حرج في ذلك على الإطلاق، واستدلوا بذلك بما ورد عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته يصلي النافلة جالسًا”^[4]، فإنه يجوز للمسلم أن يصلي وهو جالس في صلاة النافلة كصلاة الليل أو صلاة الضحى ، فإذا كان المصلي مريضًا أو عاجزًا عن القيام في الصلاة جاز له أن يصلي قاعداً، فقد قال -سبحانه وتعالى- في محكم تنزيله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}^[5]، وبناء على ذلك إذا كان المسلم يصلي نافلة أجاز له الشَّرع الجلوس سواء كان ذلك بوجود عذر شرعي لذلك أو عدم وجوده ولا بأس بذلك، لكن إن صلّ جالسًا دون عذر وكان يستطيع القيام له نصف أجر القائم، والله أعلم.^[6]

شاهد أيضًا: هل يجوز صلاة التراويح في مسجد والقيام في مسجد اخر

حكم من صلى النافلة جالساً مع قدرته على القيام

أوضح أهل العلم بأنه يجوز للمسلم أن يصلي النافلة جالسًا حتى مع قدرته على القيام، ولا حرج في ذلك، فقد ثبت في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة أنَّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- كان يصلي في قيام الليل وهو قاعد في بعض الأحيان، والقيام من النوافل وهذا ما يدل على جواز أداء النافلة قاعداً؛ لأن الله -تعالى- قال في كتابه العزيز:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}^[7]، ولكن إذا كان قادراً وصلى جالساً في النافلة فصلاته صحيحة ولكنه على النصف من صلاة القائم^[8]، فقد جاء عن  عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: “سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل قاعداً فقال إن صلى قائماً فهو أفضل، ومن صلى قاعداً فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائماً فله نصف أجر القاعد”، كما ذكر الشيخ ابن باز -رحمه الله- عندما سئل جواز صلاة النافلة جلوسًا؟، فأجاب:^[9]

لا حرج أن يصلي المسلم النافلة جالسًا، ولو أنه صحيح، لا بأس يصلي وهو قاعد في النافلة، أما في الفرض لا، إذا كان يستطيع يصلي قائمًًا، أما في صلاة الليل .. صلاة الضحى .. الرواتب لا بأس أن يصليها وهو جالس، ولو أنه صحيح، وإذا كان معه كسل أو ضعف وصلاها جالسًا لا بأس تقول عائشة -رضي الله عنها-: كان النبي ﷺ في آخر حياته يصلي النافلة جالسًا عليه الصلاة والسلام. نعم.

حكم صلاة النافلة جالسا وهل له أجر القائم

يجوز للمسلم أن يصلي النافلة جالسًا دون عذر بإجماع أهل العلم، ولكن ينقص أجره بحيث يكون له النِّصف من أجر القائم؛ والدليل على ذلك ما روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنه- قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ : ” صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا نِصْفُ الصَّلَاةِ”^[10]، ولكن إذا صلى المسلم النفل قاعدًا لعذر كأن يكون مريضًا أو عاجزًا عن القيام فلا ينقص ثوابه شيئًا بل يكون كثوابه قائمًا، فقد قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم: “معناه : أن صلاة القاعد فيها نصف ثواب القائم ، فيتضمن صحتها ونقصان أجرها. وهذا الحديث محمول على صلاة النفل قاعدا مع القدرة على القيام ، فهذا له نصف ثواب القائم . وأما إذا صلى النفل قاعدا لعجزه عن القيام فلا ينقص ثوابه ، بل يكون كثوابه قائما. وأما الفرض : فإن صلاه قاعدا مع قدرته على القيام لم يصح ، فلا يكون فيه ثواب بل يأثم به”، لذا من الأفضل على المسلم أن يؤدي صلاة النافلة قائمًا حتى ينال الأجر والثواب كامل من الله عزّ وجل، لكن إذا لم يستطع بسبب المرض أو التعب الشديد لا ينقص من ثوابه شيء بإذن الله.^[11]

شاهد أيضًا: هل يجوز صلاة التراويح ركعتين فقط

هل يجوز تكبيرة الإحرام جالساً في النوافل

لا يجوز للمسلم أن يكبّر تكبيرة الإحرام وهو جالس في صلاة النافلة، فإذا شق على المسلم القيام له أن يكبر للإحرام قائما ثم يقعد ويقرأ القرآن ويؤدي بقية الأركان حسب الاستطاعة، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكبر قائمًا ثمّ يجلس ليقرأ القرآن، وإذا اقترب من الركوع قام ليركع، وذلك حتى ينال فضل القيام في آخر الركعة، فيكون نزوله للسجود والركوع من القيام، وهو من أبلغ التذلل والخضوع لله تعالى، ودليل ذلك ما جاء عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: ” ما رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ جَالِسًا ، حَتَّى إِذَا كَبِرَ قَرَأَ جَالِسًا ، فَإِذَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ السُّورَةِ ثَلَاثُونَ أَوْ أَرْبَعُونَ آيَةً قَامَ فَقَرَأَهُنَّ ، ثُمَّ رَكَعَ”^[12]، وعليه من الأفضل للمسلم أن يكبرالمسلم وهو قائمًا لينال أجر القيام ثمّ يقعد، ولكن إن كان نوى القيام ولكن لم يستطع بسبب التعب فله أن يجلس ثمّ يكبر للإحرام ويكمل الصلاة ولا بأس فيه، وقد قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم: ” فِيهِ جَوَاز الرَّكْعَة الْوَاحِدَة بَعْضهَا مِنْ قِيَام وَبَعْضهَا مِنْ قُعُود , وَهُوَ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب مَالِك وَأَبِي حَنِيفَة وَعَامَّة الْعُلَمَاء , وَسَوَاء قَامَ ثُمَّ قَعَدَ , أَوْ قَعَدَ ثُمَّ قَامَ , وَمَنَعَهُ بَعْض السَّلَف , وَهُوَ غَلَط . وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ أَبِي يُوسُف وَمُحَمَّد صَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَة فِي آخَرِينَ كَرَاهَة الْقُعُود بَعْد الْقِيَام . وَلَوْ نَوَى الْقِيَام ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَجْلِس جَازَ عِنْدنَا وَعِنْد الْجُمْهُور , وَجَوَّزَهُ مِنْ الْمَالِكِيَّة اِبْن الْقَاسِم وَمَنَعَهُ أَشْهَب “، والله أعلم.^[6]

شاهد أيضًا: هل يجوز صلاة التراويح مع التلفزيون

• يكبّرالمصلي تكبيرة الإحرام وهو قائم إلا لمن كان لا يستطيع الوقوف، فيكبر وهو جالس.
• يجلس المصلي، ثمّ يقرأ سورة الفاتحة وما تيسر له من آيات القرآن الكريم.
• ثم يكبر ويركع من خلال إيماء الرأس للأسفل قليلًا، وقول” سبحان ربي العظيم” ثلاث مرات.
• ثمّ الرفع من الركوع، مع قول: “سمع الله لمن حمده، ربّنا ولك الحمد”.
• ثمّ  يكبر ويسجد من خلال حني رأسه أكثر للأسفل عند كل سجدة، ويقول: ” سبحان ربي الأعلى” ثلاث مرات.
• النهوض من السجود من خلال رفع الرأس وأداء الركعة الثانية كالأولى.
• قراءة التشهّد والصلاة الإبراهيمية ثمّ السلام، بقول ” السلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.

وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال هل يجوز صلاة التراويح وانا جالسة وهل للجالس في الصلاة أجر القائم، فقد بيّنا من خلاله بعض من المعلومات عن صلاة التراويح، ثمّ أدرجنا الإجابة الصحيحة عن السؤال المطروح، كما قمنا ببيان مجموعة من الاحكام الشرعية ذات العلاقة بالموضوع، ومنها حكم صلاة النافلة جالسا وهل له أجر القائم، وحكم من صلى النافلة جالساً مع قدرته على القيام، كما تمّ بيان هل يجوز تكبيرة الإحرام جالساً في النوافل، ونختم المقال ببيان كيفية صلاة النافلة جالسًا، نرجو أن نكون قد وفقنا في كتابة هذا المقال وأن نكن حملنا لكم الفائدة.