هل يجوز قول حسبي الله ونعم الوكيل على الأم

هل يجوز قول حسبي الله ونعم الوكيل على الأم هو سؤال من أشهر الأسئلة الشرعية التي تتعلق بمسألة الدعاء على الأم أو الدعاء على الأب، ويرتبط هذا الحكم بشكل رئيس بموضوع بر الوالدين في الإسلام، ومن خلال هذا المقال سوف نلقي الضوء على فضل الأم في الشريعة الإسلامية، ثمَّ سوف نتحدث عن حكم قول حسبي الله ونعم الوكيل للأم والأب ثمَّ سوف نتحدث عن حكم الدعاء على الأم الظالمة والأب الظالم وسنمرّ على بعض الأحكام الشرعية التي تتعلق بهذه المسألة.

ما هو فضل الأم في الإسلام

قبل الحديث عن هل يجوز قول حسبي الله ونعم الوكيل على الأم لا شكّ في أنّ للأم في الإسلام فضلًا عظيمًا وأهمية كبيرة؛ يتجلّى هذا الفضل في الأحاديث النبوية الشريفة والآيات القرآنية الحكيمة التي دعت المسلمين إلى برّ الوالدين وحذّرت من غضبهما على الإنسان، حيث أوصى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- المسلمين بحسن صحبة الأم، وأوصاهم بحسن صحبة الأب أيضًا، ففي حديث رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- قال فيه: “جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أَبُوكَ. وفي حَديثِ قُتَيْبَةَ: مَن أَحَقُّ بحُسْنِ صَحَابَتي وَلَمْ يَذْكُرِ النَّاسَ”. ^[1]

وفي الحديث السابق يظهر بشكل صريح أنّ برّ الأم في الإسلام مُقدّم على برّ الأب، والإحسان إلى الأم مقدّم على الإحسان إلى الأب؛ لذا فإنّ من الواجب على المسلم أن يسعى إلى رضى الوالدين، وأن يقدّم ما يستطيع من أجل إرضاء أمه وأبيه والإحسان إليهما، وأن يتمثّل قول الله تعالى في سورة الإسراء: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} ^[2]والله تعالى أعلم. ^[3]

هل يجوز قول حسبي الله ونعم الوكيل على الأم

إنَّ قول حسبي الله ونعم الوكيل على الأم جائز إذا لم يكن بقصد الدعاء على الأم، وذلك لأنّ عبارة حسبي الله ونعم الوكيل هي من الأذكار المشروعة في الإسلام، والتي يمكن للمسلم أن يقولها في أي وقت، سواء كان في موضع خوف أو أذى أو أمن غير ذلك، والله تعالى أعلم. ^[4]

هل يجوز قول حسبي الله ونعم الوكيل على الأب

بعد الحديث عن هل يجوز قول حسبي الله ونعم الوكيل على الأم، يذكر أهل العلم أنّ قول حسبي الله ونعم الوكيل على الأب جائز إذا كان بغير قصد الدعاء، وغير جائز إذا كان بقصد الدعاء، والسبب هو أنّ الدعاء على الأب غير جائز في الإسلام، فهو يناقض برّ الوالدين الذي حثّ عليه الشرع الإسلامي، ولا يجوز للمسلم أن يواجه أويقابل والده بأيّة قسوة أو إساءة أو إهانة، بل ينبغي على المسلم أن يحسن لوالده وأن يحرص على برّه في الحياة الدنيا، ورد عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “الوالِدُ أوسطُ أبوابِ الجنَّةِ، فإنَّ شئتَ فأضِع ذلك البابَ أو احفَظْه” ^[5]والله تعالى أعلم وأحكم. ^[6]

حكم الدعاء على الأم

بعد أن تحدثنا عن هل يجوز قول حسبي الله ونعم الوكيل على الأم وعلى الأب أجمع علماء المسلمين على تحريم الدعاء على الأم أو الأب، فالدعاء على الوالدين هو صورة من صور العقوق، وهذا من المحرمات التي لا يرضى عنها الله رب العالمين، ورد في صحيح الإمام مسلم في حديث رواه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ما سيأتي: “قُلْنَا لِعَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبِرْنَا بشيءٍ أَسَرَّهُ إلَيْكَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: ما أَسَرَّ إلَيَّ شيئًا كَتَمَهُ النَّاسَ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ يقولُ: لَعَنَ اللَّهُ مَن ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَن آوَى مُحْدِثًا، وَلَعَنَ اللَّهُ مَن لَعَنَ وَالِدَيْهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَن غَيَّرَ المَنَارَ” ^[7]

فلا يجوز للمسلم أن يدعو على أمه أو أبيه ولا يجوز له أن يسيء إليهما بأدنى درجات الإساء، قال تعالى في سورة الإسراء: {فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}^[2]وكلمة أف الواردة في الآية الكريمة دليل صريح على أنّ الإساءة مهما كانت صغيرة في حق الوالدين فهي محرمة بصريح النص القرآني، ورد عن علماء اللجنة الدائمة للإفتاء أنّهم قالوا: “ضرب الأم أو سبّها من العقوق المحرم، وهو كبيرة من كبائر الذنوب؛ لقوله تعالى : {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} والواجب على من فعل ذلك التوبة إلى الله، وطلب المسامحة منها، والإحسان إليها، وهكذا الأب “، والله تعالى أعلم. ^[8]

هل يجوز الدعاء على الأم الظالمة

في ختام ما ورد من حديث عن هل يجوز قول حسبي الله ونعم الوكيل على الأم جدير بالقول إنّه لا يجوز للمسلم أن يدعو على الأم مهما كانت هذه الأم ظالمة، فالدعاء على الأم هو شكل من أشكال عقوق الوالدين وقد حرّم الله رب العالمين العقوق وجعله من كبائر الذنوب، لذا يجب على المسلم أن يحرص على البر الوالدين وألّا يدعو على والديه مهما كانت الأسباب، حتَّى لا يصيبه غضب الله رب العالمين والعياذ بالله، والله أعلم. ^[8]

هل يجوز قول حسبي الله ونعم الوكيل على الزوج

يجوز للمرأة أن تقول حسبي الله ونعم الوكيل على زوجها لأن هذا القول من الأذكار ومن نوع اللجوء إلى الله تعالى والاعتصام به، وليس دعاء على أحد ولا على الزوج، بل مجرد اعتصام بحبل الله تعالى ليطلع على هذا الشخص المظلوم ويعينه فيما هو واقع فيه، والله تعالى أعلم بالمسلم من نفسه، وقد أشار الفقهاء في موقع إسلام ويب إلى ذلك بقول: “فقول المظلوم: “حسبنا الله ونعم الوكيل” ليس من قبيل الدعاء على الظالم، ولكنه اعتصام بالله، وركون إليه، ولا شك أن الله مطلع، ولا يخفى عليه حال الظالم ولا المظلوم. كما أنه سبحانه يجيب دعوة المظلوم كما في الحديث: يقول الرب عز وجل: “وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين. رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه عن أبي هريرة”، والله تعالى أعلم.^[8]

مقالات قد تهمك

إلى هنا وبهذه الأحكام الشرعية نصل إلى نهاية هذا المقال الذي سلّطنا فيه الضوء على هل يجوز قول حسبي الله ونعم الوكيل على الأم ومررنا فيه على حكم قول حسبي الله ونعم الوكيل على الأب أيضًا وعلى حكم الدعاء على الأم الظالمة وعلى بعض الأحكام الشرعية التي تتعلق بهذا الحكم بشكل مباشر.