عناصر المقال
هل يجوز للمطلقة أن تعيش مع طليقها في الطلاق البائن والرجعي هو حكم شرعي من الأحكام الشرعية المهمة بالنسبة للمطلقات من المسلمين، فالشريعة الإسلامية ضبطت ونظمت كل ما يتعلق بالطلاق لأنّه من أهم الأمور التي يجب تنظيمها، فالإسلام لم ينظم العبادات فقط، بل ضبط العلاقات الاجتماعية بين البشر أيضًا، وفي هذا المقال سوف نلقي الضوء على تعريف الطلاق وعلى حكم أن تعيش المطلقة مع زوجها الذي طلقها بالإضافة إلى الحديث عن هل يجوز معاشرة الزوجة في فترة العدة وسنتحدث عن بعض الأحكام الشرعية التي تتعلق بالطلاق في الإسلام.
ما هو الطلاق
يعرّف الطلاق في الإسلام بأنّه انفصال الزوجين عن بعضهما وهو حل عقد الزواج أو النكاح، ويكون الطلاق من خلال تلفظ الزوج بأحد الألفاظ التي توقع الطلاق بين الزوجين، كأن يقول لزوجته أنت طالق أو اذهبي من بيتي إلى بيت أهلك وهو ينوي تطليقها، كل هذه الألفاظ تُعدّ سببًا من أسباب فسخ عقد النكاح في الشريعة الإسلامية، ولا بدّ من القول إنّ الطلاق في الإسلام يكون ثلاث طلقات، الطلقة الأولى والثانية يُعدّ طلاقًا رجعيًا طالمًا لم تنتهي فترة العدة، فإذا انتهت فترة العدة صار طلاقًا بائنًا بينونة صغرى، أمّا الطلقة الثالثة فهو طلاق بائن بينونة كبرى ولا يمكن فيه إرجاع الزوجة إلّا إذا نكحت زوجًا غير زوجها. [1]
شاهد أيضًا: هل يجوز الطلاق في رمضان وهل يقع وما شروط وقوع الطلاق
هل يجوز للمطلقة أن تعيش مع طليقها
ينقسم حكم سكن الزوجة مع طليقها إلى قسمين اثنين، وهما سكن المطلقة طلاقًا رجعيًا مع زوجها وسكن المطلقة طلاقًا بائنًا مع زوجها، وفيما يأتي سوف نفصل في هذين الحكمين:
هل يجوز للمطلقة طلاقا رجعيا أن تعيش مع طليقها
إنّ الطلاق الرجعي هو الطلاق الذي يمكن فيه للزوج إرجاعُ زوجته إلى عصمته، ويكون هذا الطلاق في الطلقة الأولى والثانية قبل انقضاء فترة العدة، فإذا انقضت العدة في الطلقة الأولى والثانية صار طلاقًا بائنًا بينونة صغرى، وفي الطلاق الرجعي من حق المرأة أن تعيش في بيت زوجها مدة العدة، ولا يجوز للزوج أن يخرجها من البيت، والدليل هو قول الله تعالى في سورة الطلاق: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا} [2]وبقاء الزوجة في بيت زوجها في الطلاق الرجعي لحكمة بالغة وهي أن يراجع الزوج نفسه لعله يهتدي لإرجاع زوجته وحفظ أسرته، فالطلاق هو أبغض الحلال عند الله رب العالمين، والله تعالى أعلم وأحكم. [3]
هل يجوز للمطلقة طلاقا بائنا أن تعيش مع طليقها
إن الطلاق البائن ينقسم إلى قسمين، الأول: هو طلاق بائن بينونة صغرى وهو أن يطلق الرجل زوجته طلقة واحدة أو اثنتين ولا يرجعها إلى عصمته فتنقضي عدتها فتبين في هذه الحالة بينونة صغرى، أمّا الثاني: فهو الطلاق البائن بينونة كبرى وهو الطلاق الذي يكون بنطق لفظ الطلاق ثلاث مرات، وهذا لا يجوز فيه رجوع الزوجة لزوجها إلّا أن تنكح زوجًا غيره، قال تعالى في سورة البقرة: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ۗ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۗ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}. [4]
فإذا طلق الرجل زوجته طلاقًا بائنًا صارت محرمة عليه، ولا يجوز لها أن تسكن في بيته لأنّه صار غريبًا عنها ولا تحل له، عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال في الحديث: “أَلا لا يَبِيتَنَّ رَجُلٌ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثَيِّبٍ، إلَّا أنْ يَكونَ ناكِحًا، أوْ ذا مَحْرَمٍ” [5]جاء في الموسوعة الفقهية قول العلماء: “وأما البائن فلا سكنى لها، وتعتد حيث شاءت، فلو كانت دار المطلق متسعة لهما، وأمكنها السكنى في غرفة منفردة، وبينهما باب مغلق –أي بمرافقها– وسكن الزوج في الباقي جاز، فإن لم يكن بينهما باب مغلق ووجد معها محرم تتحفظ به جاز، وإلا لم يجز” والله تعالى أعلم. [6]
شاهد أيضًا: حكم قول علي الطلاق للزوج الذي يقولها كثيرا
حكم بقاء المرأة المطلقة مع أولادها في بيت أبيهم
أفتى علماء المسلمين في حكم بقاء المرأة المطلقة مع أولادها في بيت أبيهم بأنّه لا حرج في ذلك إذا ضمنت المرأة ألّا يكون هنالك خلوة بينها وبين زوجها وهذا في الطلاق البائن بينونة صغرى أو كبرى، أمّا في الطلاق الرجعي فلا بأس في ذلك، ويرى الفقهاء أنّه من واجب المرأة المطلقة طلاقًا رجعيًا أن تقضي عدتها في بيت زوجها مع أبنائها، والدليل قول الله تعالى في مستهل سورة الطلاق: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا} [2]وفيما يأتي نذكر قول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى في هذه المسألة الفقهية المهمة: [7]
لا بأس أن تقيم مع أولادها إذا كان على وجه ليس فيه خلوة ولا فتنة، أما إذا كان الطلاق رجعيًا فلا بأس، السنة بل الواجب، فإذا كان الطلاق رجعيًا طلقة واحدة أو طلقتين تجلس لعله يراجعها، فإن كانت الطلقة الأخيرة بائنة أو مخالعة فإن جلست للحاجة على وجه ليس فيه خلوة مع أولادها فلا حرج في ذلك، وإن خرجت في محل آخر ابتعادًا عن الفتنة فلا بأس، لكن بعض النساء قد يحتجن إلى هذا، قد تكون ما لها أحد فتبقى عند أولادها وتجلس مع أولادها، ولكن لا يخلو بها، ولا بأس أن يتحدث معها أو تتحدث معه، لكن مع الحجاب ومع عدم الخلوة.
شاهد أيضًا: حكم طلب الطلاق من المريض النفسي وهل طلاق المريض النفسي يقع
هل يجوز معاشرة الزوجة في فترة العدة
إنّ مسألة الوطء في فترة العدة وتأثيرها على رجوع المرأة إلى زوجها في الطلاق الرجعي هي مسألة اختلف فيها أهل العلم، وذهبوا فيها إلى أربعة أقوال، وهي: [8]
- قول أتباع المذهب الحنفي: يرى الحنفية أنّه إذا حصل الوطء بشهوة في فترة العدة فقد رجعت الزوجة إلى زوجها، فكأن الرجل قد رضي أن ترجع الزوجة إلى عصمته عندما عاشرها.
- قول أتباع المذهب المالكي: يرى المالكية أنّ الرجعة صحيحة بالوطء، أي إذا عاشر الرجل زوجته فقد رجعت إلى عصمته ولكن بشرط أن ينوي إرجاعها بالفعل، ويرى المالكية أنّه إذا جامع الرجل زوجته المطلقة وهي في العدة دون أن ينوي إرجاعها فقد ارتكب إثمًا عظيمًا.
- قول أتباع المذهب الشافعي: يرى أتباع المذهب الشافعي أنّ الرجعة لا تصح بالوطء، ولا تصح الرجعة إلّا بالقول، كأن يقول الزوج لزوجته: أرجعتك إلى عصمتي أو ما شابه ذلك من ألفاظ الرجعة.
- قول أتباع المذهب الحنبلي: يرى الحنابلة أنّ الرجعة تجوز وتصح بالوطء، سواء كان ينوي الزوج إرجاع زوجته أم لم يكن ينوي إرجاعها.
وبعد هذا الخلاف بين أهل العلم نذكر قول الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- الذي وضع أقرب الأقوال إلى الصواب في هذه المسألة في قوله: “فالصواب أن الرجعة لا تحصل بمجرد الوطء إلا إن كان من نيته أنه ردها، وأنه استباحها على أنها زوجة، فإذا كان كذلك فهذه مراجعة، لكن على هذا القول لو أنه جامعها بغير نية الرجوع، وأتت بولد من هذا الجماع، فهل يكون ولدا له؟ الجواب: نعم ، يكون ولدا له، لأن هذا الوطء وطء شبهة، لأنها زوجته ولم تخرج من عدتها، ولا يحد عليه حد الزنا، وإنما يعزر عليه تعزيراً”، والله تعالى أعلم. [8]
إلى هنا نصل إلى نهاية وختام هذا المقال الذي عرفنا في أوله الطلاق في الشريعة الإسلامية ثم مررنا فيه على هل يجوز للمطلقة أن تعيش مع طليقها في الطلاق البائن والرجعي ثم ألقينا فيه الضوء على حكم بقاء المرأة المطلقة مع أولادها في بيت أبيهم ومررنا على هل يجوز معاشرة الزوجة في فترة العدة وأقوال علماء المذاهب الإسلامية الأربعة في هذه المسألة.
المراجع
- ^ wikiwand.com، الطلاق في الإسلام، 08/04/2023
- ^ سورة الطلاق، الآية 1.
- ^ islamweb.net، سكن المرأة مع زوجها في عدة الطلاق الرجعي، 21/04/2023
- ^ سورة البقرة، الآية 230.
- ^ صحيح مسلم، جابر بن عبدالله، مسلم، 2171، صحيح.
- ^ islamweb.net، الحالات التي يجوز فيها السكن مع الزوج بعد الطلاق، 21/04/2023
- ^ binbaz.org.sa، حكم بقاء المرأة المطلقة مع أولادها عند أبيهم، 21/04/2023
- ^ islamqa.info، وطئ مطلقته في العدة من غير نية إرجاعها وحملت منه، 21/04/2023
التعليقات