عناصر المقال
تفسير سورة المدثر للاطفال من التفاسير التي تهم المسلمين الذين يبحثون عن التفاسير الميسرة لأطفالهم، فيبحثون عن المفردات السهلة والتراكيب الميسرة التي يستطيع الأطفال فهمها بأسلوب مبسط، وفي هذا المقال ستكون هنالك وقفة مع بيان تفسير ميسر لسورة المدثر يناسب الأطفال، إضافة للوقوف على بعض الأمور المهمة في سورة المدثر مثل سبب نزولها ومقاصدها وفضلها إن كان لها فضل مخصوص ورد في السنة.
سورة المدثر
سورة المدثّر هي من السور المكية الأولى التي نزلت في السنة الأولى للبعثة النبوية المطهّرة، تسمّى بسورة المدثر ولم يظهر لها اسم آخر، قيل إنّها السورة الانية في ترتيب النزول بعد سورة العلق، وقيل هي السورة الرابعة وقيل الثالثة، ترتيبها في المصحف الرابعة والسبعون بعد سورة المزمل وقبل سورة القيامة، وعدد آياتها عند أهل المدينة فيما اعتمدوه خمسٌ وخمسون آية وكذلك عند أهل الشام، وعند أهل الكوفة والبصرة آياتها ستٌ وخمسون آية.[1]
شاهد أيضًا: تفسير سورة الفلق للاطفال
تفسير سورة المدثر للاطفال
تفسير سورة المدثر للأطفال مما ينبغي للمسلم البحث عنه وإيصاله للأطفال بأبسط فكرة ممكنة، فالطفل كثير السؤال عن المسائل التي تختص بالعقيدة والتاريخ الإسلامي والقرآن الكريم، وهنا ينبغي لولي أمر الطفل أن يجهز لطفله إجابات سهلة ومقنعة، ومن ذلك تفسير سورة المدثر كما يأتي:
تفسير الآيات من 1 إلى 10
يقول تعالى في الآيات العشر الأوائل من سورة المدثّر: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ * فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَٰلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ}.[2]
في هذه الآيات يخاطب الله -تعالى- نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فيخاطبه بقوله المدثّر، ويعني المتغطي بغطاء كاللحاف ونحوه، وذلك لأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى الملَك جبريل يجلس على كرسي بين السماء والأرض فخاف منه وذهب إلى بيته وقال لزوجته خديجة رضي الله عنها: دثّروني، يعني غطوني، فقال له الله تعالى: أيّها المتغطي بغطائه قم إلى الناس فأنذرهم من عذاب الله تعالى.[3]
وعظّم ربّك وكبّره وطهّر ثيابك من النجاسات كي يكون ذلك من تمام طهارتك، واهجر الأصنام وأعمال الشرك وخصّ الله وحده بالعبادة، وإذا أعطيتَ العطية للناس فلا تعطِها من أجل أن تُعطى أكثر منها، ولكن أعطِ الناس في سبيل الله، واصبر على طاعة الله -سبحاه- وحده بما أمرَ وما نهى عنه، ثمّ يقول تعالى إنّ يوم القيامة إذا جاء ونفخ الملَك بالصور فإنّ هذا اليوم سيكون صعبًا على الكافرين إن لم يؤمنوا بربهم.[3]
شاهد أيضًا: تفسير سورة الفاتحة للاطفال
تفسير الآيات من 11 إلى 26
يقول -تعالى- في هذه الآيات: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا ۖ إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَٰذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ}.[4]
ينتقل الله -تعالى- في هذه الآيات للحديث على أحد المشركين وهو الوليد بن المغيرة والد الصحابي خالد بن الوليد، وقد مات الوليد مشركًا، فالله تعالى يقول للنبي -عليه الصلاة والسلام- دعني وذلك المشرك الذي خلقته في بطن أمه وحيدًا لا مال معه ولا بشر، ثمّ أعطيتُهُ مالًا كثيرًا وأبناءً كُثُر كذلك لا يتركونه في مكة، إنّ ذلك المشرك بعد أن يسّرتُ له سُبُل الحياة والعيش يطمع أن يزداد مالًا وأولادًا بعد أن كفرَ بي؟[5]
يقول الله تعالى إنّ الأمرَ ليس كما يظن ذلك الكافر الذي كان يعاند الحق ويقف بوجهه ويحارب الله ورسوله، بل إنّني سوف أرهقه بالعذاب والمشقة ولن أدعه يرتاح نهائيًّا، لأنّه قد افترى على القرآن بعد تفكير طويل، فإنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد كان يتلو آيات من سورة غافر، فسمعه الوليد فذهب إلى قومه وقال قولته المشهورة: “وَاللهِ لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ مُحَمَّدٍ آنِفًا كَلَامًا مَا هُوَ مِنْ كَلَامِ الْإِنْسِ وَلَا مِنْ كَلَامِ الْجِنِّ، وَإِنَّ لَهُ لَحَلَاوَةً وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً وَإِنَّ أَعْلَاهُ لَمُثْمِرٌ وَإِنَّ أَسْفَلَهُ لَمُغْدِقٌ، وَإِنَّهُ يَعْلُو وَمَا يُعْلَى”.[5]
فلما سمعه كفار قريش قالوا إنّه إن يسلم فسوف تسلم كل مكة، فذهب إليه أبو جهل وأقنعه أن يتراجع عن قوله ففكّر الوليد كيف يمكن أن يغيّر أقواله فقال لهم إنّه -أي النبي صلى الله عليه وسلم- ساحر، والدليل أنّه يفرّق بين الرجل وزوجته وبين السيد والعبد، فبذلك يكون افترى الكذب على النبي -صلى الله عليه وسلم- وتراجع عن أقواله، فجزاؤه سيكون العذاب بنار سقر.[5]
تفسير الآيات من 27 إلى 37
يقول تعالى بعد ذلك: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ * وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً ۙ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ۙ وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ ۙ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ * كَلَّا وَالْقَمَرِ * وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ * وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ * إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ * نَذِيرًا لِّلْبَشَرِ * لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}.[6]
يصف الله -تعالى- في هذه الآية العذاب في نار سقر، فيقول وما يدريكَ ما هي نار سقر، إنّها نار تأكل اللحم والعظام ولا تُبقي من الكافر الذي يُلقى فيها أيّ شيء، وإنّها تغيّر لون الجلد بعدما تحرقه إلى اللون الأسود، ويتولى تعذيب الكافرين في هذه النار تسعة عشرَ ملكًا من الملائكة، ثمّ يقول الله -تعالى- إنّ الذين يتولون عذاب الناس في النار ما هم إلّا ملائكة وعددهم هذا -التسعة عشر- هو اختبار للكافرين الذين اعتقدوا أنّ باستطاعتهم التكاثر عليهم كون عدد الكافرين أكثر من عدد الملائكة.[7]
وكذلك هذا العدد جاء لكي يكون اليهود والنصارى على يقين من أنّ هذا الدين هو الحق كون هذا الرقم -أي عدد الملائكة- مذكور عندهم في كتبهم، وبذلك يزداد إيمان الذين آمنوا بالله ورسوله، وأيضًا لكيلا يشك بصحة هذا العدد أهل الكتاب -وهم اليهود والنصارى- ولا المسلمين، وكذلك لكي يقول الكفار والمنافقين لماذا جعل الله عدد الملائكة بهذا القدر، ولكن كل ذلك قد فعله الله -تعالى- لحكمة بالغة وهي أنّه سيهدي بذلك من يشاء ويُضلّ من يشاء.[7]
ولا أحد يعلم من هم جنود الله تعالى -ومنهم الملائكة- إلّا هو وحده، وتلك النار التي ورد ذكرها هي موعظة لمن يتقي الله تعالى، ثمّ يقسم الله -تعالى- بالقمر، وبالليل إذا ذهبَ وولّى، وبالصباح إذا أسفرَ وظهَرَ إنّ النار هي إحدى الأمور العظيمة من خَلق الله تعالى، وفيها إنذار للناس وتخويفًا لهم مما قد يلاقونه إن كفروا بربهم، وهي موعظة لمن أراد أن يتقرب إلى ربه بالطاعات ولمن أراد أن يتأخّر بفعل المعاصي والمنكرات.[7]
شاهد أيضًا: تفسير سورة الفجر للاطفال
تفسير الآيات من 38 إلى 48
ثمّ يقول تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّىٰ أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}.[8]
يقول الله -تعالى- في هذا القسم من السورة إنّ كلّ نفس من نفوس البشر محبوسة ومرهونة بما كسبت من السوء وأفعال الشر، إلّا المسلمين المؤمنين فإنّهم في الجنات التي وعدهم الله تعالى، وهم في الجنة يسألون أصحاب النار لماذا أدخلكم الله النار، فيقولون إنّهم لم يكونوا يصلون في الحياة في الدنيا، ولم يكونوا من المتصدقين على الفقراء والمساكين.[9]
ثمّ يقولون كنا نجلس مع أهل الباطل ونتحدث معهم بالباطل وكنا نقول إنّه ليس هنالك يوم حساب، حتى جاءنا الموت ونحن على تلك الحال، فبذلك لن يستطيع أحد من الذين يمنحهم الله -تعالى- الشفاعة أن يشفع لهم.[9]
تفسير الآيات من 49 إلى 53
يقول تعالى: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ * فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ * بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَىٰ صُحُفًا مُّنَشَّرَةً * كَلَّا ۖ بَل لَّا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ}،[10] في هذه الآيات يقول تعالى لماذا يعرض هؤلاء المشركون عن القرآن وما فيه من المواعظ ولماذا يفرّون منه كأنّهم حُمُر وحشية قد هربت من أسد مفترس، والحقيقة أنّ هؤلاء الكفار يريد كل واحد منهم أن يُنزَّلَ عليه كتاب من السماء كما أُنزلَ على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الحقيقة أنّهم لا يخشون الله -تعالى- ولا الحساب يوم القيامة.[11]
شاهد أيضًا: تفسير سورة الشمس للأطفال
تفسير الآيات من 54 إلى 56
ويقول تعالى في ختام هذه السورة: {كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ * وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللهُ ۚ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَىٰ وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ}،[12] فيقول إنّ هذا القرآن حقًّا هو موعظة للناس وتذكرة بالآخرة والحساب فيها، فمن أراد أن يتّعظ ويتذكّر الآخرة فإنّه سيتعظ وينتفع بما فيه، ولكن لن يتعظ به إنسان ما لم يكن الله -تعالى- قد شاء له ذلك، فالله -سبحانه- هو أهلٌ لأن يُتّقى وأهلٌ لأن يَغفِرَ لمن آمنَ به وأطاعه واستغفَرَه.[13]
سبب نزول سورة المدثر
ورد في كتب أسباب النزول بعض الأسباب حول نزول سورة المدثر؛ فقد كان لكل بضعة آيات من هذه السورة سبب نزلت من أجله، وتلك الأسباب هي كما وردت في كتب أسباب النزول ما يأتي:
سبب نزول الآيات من 1 إلى 4
ورد في سبب نزول الآيات الأربعة الأولى من سورة المدثر حديث صحيح يقول فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عنه جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنّه قال: “جاوَرْتُ بحِراءٍ شَهْرًا، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوارِي نَزَلْتُ فاسْتَبْطَنْتُ بَطْنَ الوادِي، فَنُودِيتُ فَنَظَرْتُ أمامِي وخَلْفِي، وعَنْ يَمِينِي، وعَنْ شِمالِي، فَلَمْ أرَ أحَدًا، ثُمَّ نُودِيتُ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أرَ أحَدًا، ثُمَّ نُودِيتُ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فإذا هو علَى العَرْشِ في الهَواءِ، يَعْنِي جِبْرِيلَ عليه السَّلامُ، فأخَذَتْنِي رَجْفَةٌ شَدِيدَةٌ، فأتَيْتُ خَدِيجَةَ، فَقُلتُ: دَثِّرُونِي، فَدَثَّرُونِي، فَصَبُّوا عَلَيَّ ماءً، فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {يا أيُّها المُدَّثِّرُ (1) قُمْ فأنْذِرْ (2) ورَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وثِيابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 1 – 4]”.[14][15]
شاهد أيضًا: تفسير سورة الليل للاطفال
سبب نزول الآيات من 11 إلى 24
جاء في الحديث الذي يرويه ابن عباس -رضي الله عنهما- في سبب نزول الآيات من 10 إلى 24 من سورة المدثر، فقال: “أنَّ الوليدَ بنَ المغيرةِ جاء إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقرأ عليه القرآنَ فكأنَّه رقَّ له، فبلغ ذلك أبا جهلٍ فأتاه فقال: يا عمِّ إنَّ قومَك يريدون أن يجمعوا لك مالًا ليُعطوكه، فإن أتيتَ محمَّدًا لتعرِضَ لَما قبِله، قال : لقد علِمتْ قريشٌ أنِّي من أكثرِها مالًا، قال: فقُلْ فيه قولًا يبلغُ قومَك أنَّك منكِرٌ له وأنَّك كارهٌ له. فقال: وماذا أقولُ فواللهِ ما فيكم رجلٌ أعلمَ بالشِّعرِ منِّي، ولا برجزِه ولا بقصيدِه منِّي، ولا بأشعارِ الجنِّ، واللهِ ما يُشبهُ الَّذي يقولُ شيئًا من هذا، واللهِ إنَّ لقولِه لحلاوةً، وإنَّ عليه لطلاوةً، وإنَّه لمنيرٌ أعلاه مشرقٌ أسفلُه، وإنَّه ليعلو وما يُعلَى عليه، وإنَّه ليُحطِّمُ ما تحته قال: لا يرضَى عنك قومُك حتَّى تقولَ فيه، قال: فدَعْني حتَّى أفكِّرَ، فلمَّا فكَّر قال: هذا سحرٌ يُؤثرُ يَأثرُه عن غيرِه، فنزلت: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا”.[16][]
سبب نزول قوله تعالى: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ}
يروي جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّ يهودًا سألوا الصحابة عن عدد خزنة النار فلم يعرفوا، “فجاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا محمَّدُ، غُلِبَ أصحابُك اليومَ، قال: وبمَ غُلِبوا؟ قال: سألهم يهودُ هل يعلَمُ نبيُّكم كم عدَدُ خَزَنةِ جهنَّمَ. قال: فما قالوا؟ قال: قالوا: لا ندري حتى نسألَ نبيَّنا. قال: أيُغلَبُ قومٌ سُئِلوا عمَّا لا يَعلَمونَ، فقالوا: لا نعلَمُ حتى نسأَل نبيَّنا، لكِنَّهم قد سألوا نبيَّهم، فقالوا: أَرِنَا اللهَ جَهرةً. عليَّ بأعداءِ اللهِ، إنِّي سائِلُهم عن تربةِ الجنَّةِ، وهي الدَّرمَكُ، فلمَّا جاؤوا قالوا: يا أبا القاسِمِ: كم عددُ خزنةِ جهنَّمَ؟ قال: هكذا وهكذا. في مرَّةٍ عشرةٌ، وفي مرةٍ تِسعةٌ. قالوا: نعم. قال لهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما تُربةُ الجنَّةِ؟ قال: فسَكَتوا هُنَيهةً. ثمَّ قالوا: أخُبزةٌ يا أبا القاسِمِ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: الخُبزُ مِن الدَّرمَكِ”.[17][18]
سبب نزول قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً}
يروي الإمام السيوطي في كتابه “لباب النقول” عن سبب نزول قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً ۙ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ۙ وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ ۙ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ}[19] أنّ أبا جهل لمّا علم أنّ عدد الملائكة خزنة جهنم هو تسعة عشرَ ملَكًا قال: “يا معشر قريش، يزعم محمد أن جنود الله الذين يعذبونكم في النار تسعة عشر، وأنتم أكثر الناس عددا، أفيعجز مائة رجل منكم عن رجل منهم”، فأنزل الله تعالى الآية السابقة.[18]
شاهد أيضًا: تفسير سورة الكافرون للاطفال
مقاصد سورة المدثر
لقد احتوت سورة المدثر على كثير من المقاصد التي استنبطها العلماء من خلال آياتها، ومن أبرز تلك المقاصد الواردة في سورة المدثر:[20]
- تكريم النبي -صلى الله عليه وسلم- والأمر بتبليغ الدعوة.
- إعلان وحدانية الله بالألوهيّة.
- الأمر بالتطهّر المادي والمعنوي.
- الأمر بنبذ الأصنام.
- الأمر بالإكثار من الصدقات.
- الأمر بالصبر.
- إنذار المشركين بهول البعث والحساب.
- تهديد المشركين الذين تصدوا للطعن في القرآن وزعموا أنّه من قول البشر.
- بيان كفر الطاعن بنعمة الله -تعالى- عليه حين طعنَ بآيات الله -تعالى- مع علمه بأنّها حق.
- وصف أهوال النار.
- الرد على المشركين الذين استخفوا بالنار وزعموا قلة عدد خزنتها.
- تحدي أهل الكتاب بأنهم جهلوا عدد حفظتها.
- تأييس أهل الكتاب من التخلص من العذاب يوم القيامة وبيان ضلالهم في الدنيا.
- مقابلة حال أهل الكتاب والمشركين بحال المؤمنين الذين آمنوا وصدّقوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة.
شاهد أيضًا: تفسير سورة الاخلاص للاطفال
فضل سورة المدثر
لم يرد في فضل سورة المدثر حديث مخصوص، ولكن كل ما ورد فيها هو من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ومنها حديث: “من قرأها أُعطيَ من الأجرِ عشر حسنات، بعددِ من صَدّقَ بمحمدٍ وكذَّب به بمكة”، وحديث: “يا عليّ، من قرأها أعطاه الله ثواب المتحابين فى الله، وله بكل آية قرأها مائة شفاعة”، فهذان الحديثان لا يصحّان ولا يثبتان والله أعلم.[21]
شاهد أيضًا: كيف يحسن المسلم ظنه بالله عز وجل
وإلى هنا يكون قد تم مقال تفسير سورة المدثر للاطفال بعد الوقوف على تفسير هذه السورة تفسيرًا ميسّرًا بسيطًا مناسبًا للأطفال، إضافة للوقوف مع بعض التفاصيل المتعلقة بسورة المدثر.
المراجع
- ^ shamela.ws، التحرير والتنوير ص291 - 293، 22/07/2022
- ^ سورة المدثر، الآية: 1 - 10
- ^ shamela.ws، تفسير البغوي ص260 - 266، 22/07/2022
- ^ سورة المدثر، الآية: 11 - 26
- ^ shamela.ws، تفسير البغوي ص266 - 269، 22/07/2022
- ^ سورة المدثر، الآية: 27 - 37
- ^ shamela.ws، تفسير البغوي ص270 - 272، 22/07/2022
- ^ سورة المدثر، الآية: 38 - 48
- ^ shamela.ws، تفسير البغوي ص272 - 273، 22/07/2022
- ^ سورة المدثر، الآية:49 - 53
- ^ shamela.ws، تفسير البغوي ص274 - 275، 22/07/2022
- ^ سورة المدثر، الآية: 54 - 56
- ^ shamela.ws، تفسير البغوي، 22/07/2022
- ^ صحيح مسلم، جابر بن عبد الله، مسلم، 161، حديث صحيح.
- ^ shamela.ws، أسباب النزول ص446 - 447، 22/07/2022
- ^ لباب النقول، عبد الله بن عباس، السيوطي، 319، حديث إسناده صحيح على شرط الشيخين.
- ^ عارضة الأحوذي، جابر بن عبد الله، ابن العربي، 6/384، حديث صحيح.
- ^ shamela.ws، لباب النقول، 22/07/2022
- ^ سورة المدثر، الآية: 31
- ^ shamela.ws، التحرير والتنوير، 22/07/2022
- ^ shamela.ws، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، 22/07/2022
التعليقات