لماذا سميت سورة الرحمن بهذا الاسم

لماذا سميت سورة الرحمن بهذا الاسم من الأسئلة التي تثير تساؤل العديد من المسلمين، وسورة الرحمن من السور التي أظهرت نعم الله -تعالى- التي أنعم بها الله على عباده، وأول النعم التي بدأت بها سورة الرحمن نعمة الدين والوحي، وإنزال القرآن وتعليمه للعباد، وهذا لعظم هذه النعمة وأهميتها للبشرية،  وفي هذا المقال سنذكر نبذة تعريفية عن سورة الرحمن، كما سنذكر سبب تسمية سورة الرحمن بهذا الاسم.

التعريف بسورة الرحمن

سورة الرحمن هي السورة الخامسة والخمسون في ترتيب المصحف العثمانيّ، كما أنّها من أوائل السُّور التي نزلت على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، ويبلغ عدد آياتها ثمان وسبعون آية، وهي السورة الوحيدة من سور القرآن التي بدأت باسم من أسماء الله الحُسنى دون أن يكون قبله كلام، وقد اختلف أهل العلم في مكية أو مدنية سورة الرحمن، وبينت هذه السورة أدلة القدرة الإلهية، وتميزت سورة الرحمن بقصر آياتها، وشدة تأثيرها، كما تميزت باستخدام أسلوب الترغيب والترهيب.^[1]

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة الرحمن بعروس القرآن

لماذا سميت سورة الرحمن بهذا الاسم

سميت سورة الرحمن، بهذا الاسم لافتتاحها بأحد أسماء الله -تعالى- وهو الرحمن، قال الله -تعالى- في مطلع سورة الرحمن: {الرَّحْمنُ* عَلَّمَ الْقُرْآنَ *خَلَقَ الْإِنْسانَ}^[2]، والرحمن اسم مبالغة من الرحمة، ولفظ الرحمن أشد مبالغة من لفظ الرحيم، لأن الرحمن عام لجميع الخلق، أما الرحيم خاص بالمؤمنين فقط، فقد قال الإمام الطبري: “الرحمن: لجميع الخلق، والرحيم: بالمؤمنين”، وتميزت سورة الرحمن بذكر العديد من جوانب نعم الله على عباده رحمةً بهم، فناسب ذلك تسمية هذه السورة الكريمة بالرحمن، وقد سميت سورة الرحمن أيضاً بعروس القرآن.^[1]

سبب تسمية سورة الرحمن بعروس القران

يطلق على سورة الرحمن اسم عروس القران، وذلك لما روي عن علي -رضي الله عنه- عن الرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لكل شيء عروس، وعروس القرآن: سورة الرحمن”،^[3] ومن الجدير بالذكر أن هذا الحديث قد ضعفه أهل العلم، وقد فسر أهل العلم هذه التسمية بعدة أقوال، فقيل: أن سورة الرحمن شبهت بالعروس؛ لأن القرآن يتزين بها، كما تتزين العروس بالحليّ والملابس الفاخرة، وقيل: أنها ذكرت من باب مدح الرسول -صلى الله عليه وسلم- والثناء عليها.

مناسبة سورة الرحمن لما قبلها

تظهر صلة هذه السورة بما قبلها من عدة وجوه، وهي:^[1]

•  أن سورة الرحمن مفسرة لما أُجمل في آخر سورة القمر، فقد ذكر في آخر سورة القمر إجمالي أوصاف الساعة والجنة وأهوال النار، وبينت إجمالي عقوبة المجرمين، وثواب المؤمنين، وقد فسرت سورة الرحمن هذه الأمور المجملة التي وردت في سورة القمر.
• مقابلة النعم بالنقم، فقد ذكر في سورة القمر العديد من صور النقم، التي حلت بالأقوام السابقة قوم نوح وهود وصالح ولوط‍ وآل فرعون، وأما سورة الرحمن فذكرت العديد من أنواع النعم الدينية والدنيوية التي أنعم الله بها على العباد.
• مقابلة العزة والجبروت بالرحمة، فقد افتتح الله -عز وجل- سورة القمر بالعزة والجبروت بحادثة انشقاق القمر، أما سورة الرحمن افتتحت بما يدل على الرحمة وهو إنزال القرآن الكريم.
• ختمت سورة القمر بصفتين لله وهما “المليك والمقتدر” وهما صفتان تدلان على قدرة الله وعظمته، وأما سورة الرحمن فقد افتتحت بصفة الرحمن التي تدل على رحمته وفضلة سبحانه، فهو مقتدر شديد على أهل الكفر والفجور، ورحمن منعم على أهل الإيمان.

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة الواقعة بهذا الاسم

مكية ومدنية سورة الرحمن

اختلف أهل العلم في مدنية ومكية سورة الرحمن على قولان، وهما:^[5]

•  أنها مدنية: وهذا رأي ابن مسعود ومقاتل -رضي الله عنهما-.
• أنها مكية: وهذا ما ذهب ذهب إليه جمهور أهل العلم، وهو قول الحسن وعروة بن الزبير وعكرمة وعطاء وجابر، والقرطبي وابن كثير، واستدلوا على ذلك بما ورد عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- من أنّها قالت: “سمعتُ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- يقرأُ وَهوَ يصلِّي نحوَ الرُّكنِ قبلَ أن يَصدَعَ بما يُؤمَرُ والمشرِكونَ يسمعونَ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ”،^[6] وما روي عن جابر بن عبد الله فقد قال “خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه، فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها فسكتوا فقال: لقد قرأتها على الجن ليلة الجن فكانوا أحسن مردودا منكم، كنت كلما أتيت على قوله فبأي آلاء ربكما تكذبان قالوا: لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد”.^[7]

سبب نزول سورة الرحمن

ذُكِرت عدة أقوال في سبب نزول سورة الرحمن وهي:^[8]

• القول الأول: بسبب قول المشركين: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا}^[9]، فزلت السورة رداً عليهم بإثبات وصفِ الرحمن لله -تعالى-.
• القول الثاني: أن السورة نزلت رداً على المشركين بسببِ قولهم في النبي صلى الله عليه وسلم: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ}.^[10]
• القول الثالث: نزلت في أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- بسبب خوفه، عندما ذكر يوم القيامة والموازين والجنة والنار، فقال: “وددتُ أني كنتُ خضراءَ من هذه الخضر تأتي على بهيمة تأكلني، وأني لم أُخلَق”، فنزل قوله تعالى: {لِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}.^[11]

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة الطلاق بهذا الاسم

فضل سورة الرحمن

أغلب الأحاديث التي جاءت في فضائل السور هي أحاديث ضعيفة، وقد ورد فيها حديث حسن، وهو قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: “خرجَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- على أَصحابِهِ، فقرأَ عليهم سورةَ الرَّحمنِ من أوَّلِها إلى آخرِها فسَكَتوا فقالَ: لقد قرأتُها على الجنِّ ليلةَ الجنِّ فَكانوا أحسَنَ مردودًا منكم، كنتُ كلَّما أتيتُ على قولِهِ فَبِأيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ قالوا: لا بشَيءٍ من نِعَمِكَ ربَّنا نُكَذِّبُ فلَكَ الحمدُ”.^[12]

كم مرة ذكرت فبأي آلاء ربكما تكذبان في سورة الرحمن

تميزت سورة الرحمن بالأسلوب البديع وبأسلوب التكرار لبعض الآيات، فذكر الله -سبحانه وتعالى- “فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ”^[13]، في سورة الرحمن إحدى وثلاثين مرة، ومعنى الاء أي نعم الله -تعالى- ومعنى هذه الآية أي بأيّ نِعَم ربكم تكذبون أيها الجنّ والإنس، وكانت هذه الآية فاصلة بين كل نعمتين، وذلك للتأكيد بأن الله -تعالى- هو وحده المنعم والمتفضل على الجن والانس، فيجب على المسلم أن يقدر نعم الله -تعالى- عليه ويحمده عليها، ونعم الله تعالى لا تعد ولا تحصى، وقد ذكرت سور الرحمن العديد من صور النعم التي أنعم الله بها على الإنسان كإنزال القرآن الكريم، وخلق الإنسان، وتفضيله بنعمة العقل على سائر الخلق، ونعمة خلق الشمس والقمر وتسخيرهما، وخلق السماء بلا عمد، ونعمة تسخير المخلوقات لخدمة الانسان، ونعمة الطعام والشراب.^[8]

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة الحشر بهذا الاسم

موضوعات سورة الرحمن

اشتملت سورة الرحمن على العديد من الموضوعات الهامة، وفيما يأتي أهم الموضوعات:^[14]

•  البدء بالثناء على الله تعالى، والمنة على الإنسان بنعمة الدين وإنزال القرآن وتعليمه لعباده.
• بيان العديد من مظاهر قدرة الله تعالى، والنعم التي أنعم بها على البشرية، كخلق الشمس والقمر، والنباتات، والشجر، وخلق السماء بلا عمد، وخلق الفواكه والثمار، والزروع، وبيان قدرته الباهرة على فصل البحر المالح عن البحر العذب.
•  بيان عظمة الله في خلق الإنسان، وتميزه عن سائر المخلوقات بنعمة العقل.
•  أشارت السورة إلى حقيقة وجود عالم غير مرئي ولا ملموس وهو الجنّ.
•  إثبات اليوم الآخر، وفناء البشرية والمخلوقات أجمع، وبقاء الله وحده.
• تحدي الجن والإنس أن ينفذوا من أقطار السموات والأرض.
• وصفت السورة أهوال القيامة، وبينت مصير وسوء عاقبة المكذبين، وحسن عاقبة المؤمنين؛ وبيان ما أعده الله لهم من النعيم.
• خُتمت السورة بتعظيم الله عزّ وجلّ، والثناء عليه، على ما تفضل به وأنعم على عباده.

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة الإسراء بهذا الاسم

مقاصد سورة الرحمن

من أهم مقاصد السورة ما يأتي:^[14]

• التذكير بعظمة الله -تعالى-، ونعمه على الإنسان في الدنيا والآخرة، وتنبيه المؤمنين إلى وجوب شكر الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى.
• استشعار الانسان أن أهم نعمة رزق بها هي نعمة الدين.
• التأمل بنعم الخالق -عز وجل-، وحمده عليها.
• إثبات يوم البعث والحساب.
• تقرير عقوبة الكافرين المكذبين بنعم الله تعالى، وتقرير نعيم المؤمنين المصدقين الشاكرين لنعم الله تعالى.

أجبنا في هذا المقال عن سؤال لماذا سميت سورة الرحمن بهذا الاسم ، فقد سميت سورة الرحمن بهذا الاسم لافتتاحها بأحد أسماء الله -تعالى- وهو الرحمن، كما بينا سبب تسمية سورة الرحمن بعروس القران، وكم مرة ذكرت فبأي آلاء ربكما تكذبان في سورة الرحمن، ومناسبة سورة الرحمن لما قبلها، وذكرنا موضوعات ومقاصد هذه السورة المباركة، وبينا فضل السورة ومكيتها، وأسباب نزولها.