حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت هيئة كبار العلماء

حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت هيئة كبار العلماء
حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت هيئة كبار العلماء

حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت هيئة كبار العلماء هو من أهم الأحكام الشرعية التي اجتهد فيها أهل العلم من الفقهاء وعلماء المسلمين وذلك لأنّ عملية التبرع بالأعضاء ونقل الأعضاء من جسم إنسان سليم إلى جسم إنسان مريض أو من الحيوان إلى الإنسان هي من العمليات العلمية الطبية الحديثة، والتي تتطلب الاجتهاد من أهل العلم لإصدار الحكم الشرعي الصحيح، وفي هذا المقال سوف نتحدث عن حكم التبرع بالأعضاء وعلى مجموعة من الأحكام التي تتعلق بهذا الحكم مثل: حكم هبة الأعضاء وحكم التبرع بالأعضاء لغير المسلم.

حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت هيئة كبار العلماء

ذكرت هيئة كبار العلماء أنّ حكم التبرع بالأعضاء بعد الموت جائز في الشريعة الإسلامية وهو من الإحسان الذي ذكره الله تعالى في القرآن الكريم، في قوله في سورة البقرة: {وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [1]فالإحسان في التبرع بالأعضاء يكمن في كون الإنسان المتبرع سببًا في بقاء إنسان آخر على قيد الحياة أو سببًا في شفائه وتخفيف عذابه وألمه بإذن الله رب العالمين، وذهب جمهور العلماء من المسلمين إلى أنّ الأرجح هو أنّ التبرع بالأعضاء جائز في الإسلام، وذلك لأنّ التبرع بالأعضاء هو من التصرفات والأفعال التي لا تخالف مقاصد الشرع الإسلامي، بل توافقه حق الموافقة.

وجدير بالقول إنّ الشرع الإسلامي كرّم النفس الإنسانية ودعا إلى حفظها وحرّم إراقة الدماء وقتل النفس، والتبرع بالأعضاء قد يكون سببًا في نجاة إنسان من الموت، ومن أحيا نفسًا فكأنما أحيا الناس جميعًا، قال تعالى في سورة المائدة: {مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} [2]والله تعالى أعلم. [3]

حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت هيئة كبار العلماء
حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت هيئة كبار العلماء

شاهد أيضًا: ما حكم مراقبة الله تعالى في السر والعلن

حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت ابن عثيمين

بعد أن فصلنا في الحديث عن حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت هيئة كبار العلماء، ذهب الشيخ الجليل ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- إلى تحريم التبرع بالأعضاء للميت بعد موته وتحريم التبرع بالأعضاء من قبل الحي أيضًا، وقال إنّ التبرع بالأعضاء لا يجوز في الشرع الإسلامي، وذلك لأنّ جسد الإنسان أمانة لديه من الله سبحانه وتعالى، وأعضاء الميت ليست ورثة أو تركة يتصرف بها الورثة، بل هي أمانة من الله رب العالمين ولا يجوز التفريط بها، وقد ورد عن فقهاء المسلمين أنّهم قالوا: “لا يجوز أن يؤخذ شيء من أعضائه ولو أوصى به، حتى لو أوصى المريض بأن يؤخذ شيء من أعضائه فإنه لا يجوز تنفيذه؛ لأن جسم الإنسان أمانة”.

وفي السنة النبوية الشريفة حديث روته السيدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنّه قال: “كسرُ عَظمِ المَيِّتِ كَكَسرِهِ حيًّا” [4]ومعنى هذا الحديث أنّ ما يحدث لجثة الميت بعد موته من ضرر أو أذيّة كأنه يحدث له وهو في حياته، وهذا دليل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- في مسألة تحريم التبرع بالأعضاء للميت، والله تعالى أعلم. [5]

حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت ابن باز

بعد ذكر حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت هيئة كبار العلماء، سنتحدث عن حكمها كما ورد عن الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- حيث قال إنّ مسألة التبرع بالأعضاء بعد الموت هي مسألة اختلف فيها أهل العلم، فمنهم من أباحها ومنهم من حرّمها، حيث يقولون إنّه لا يجوز للمسلم أن يتبرع بجسده الذي لا يملكه في الأصل، فجسد المسلم ملك لله رب العالمين، وفيما يأتي ننقل نص فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- في هذه المسألة الفقهية المهمة: [6]

أما كونه يتبرع بجثته لتشرح ما يجوز، ليس له أن يسمح بذلك، المسلم لا يشرح، إنما الخلاف في هل يجوز أن يسمح بكليته أن تؤخذ لغيره، أو قلبه يؤخذ لغيره عند وفاته؟
هذا محل النظر، وكثير من أهل العلم يمنعون من ذلك، ويقولون: ليس له التصرف في جسمه، فهو ملك لله، وليس ملك لنفسه، فليس له أن يتصرف بنفسه، وكليته، أو قلبه، أو كذا، أو كذا، وآخرون قالوا: إذا سمح بذلك في حياته؛ فلا بأس، وعندي في هذا توقف.. والكلام في هذا معروف عند أهل العلم.

شاهد أيضًا: هل يجوز كشف الشعر في النظرة الشرعية

ما حكم هبة الأعضاء في الإسلام

إضافة لما ورد من حديث عن حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت هيئة كبار العلماء جدير بالقول إنّ مسألة هبة الأعضاء في الشريعة الإسلامية تختلف بين التبرع بالأعضاء التي تتوقف عليها حياة، والتبرع بأعضاء لا تتوقف عليها حياة إنسان، فإذا كان التبرع بعضو من أعضاء الجسد تتوقف فيه حياة الإنسان المتبرع فالتبرع به حرام بإجماع علماء المسلمين، لأنّ في ذلك قتل النفس، قال تعالى في سورة النساء: { وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [7]أمّا التبرع بالأعضاء التي لا تتوقف عليها حياة الإنسان المتبرع ففي هذا قولان عند أهل العلم، وهما: [8]

  • القول الأول: يجوز التبرع بالأعضاء التي لا تتوقف عليها حياة الإنسان المتبرع.
  • القول الثاني: لا يجوز التبرع بالأعضاء التي لا تتوقف عليها حياة الإنسان المتبرع.
حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت هيئة كبار العلماء
حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت هيئة كبار العلماء

شاهد أيضًا: حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة الألباني

حكم التبرع بالأعضاء لغير المسلم

بعد الحديث عن حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت هيئة كبار العلماء يجوز للمسلم أن يتبرع بأعضاء جسده لغير المسلم بشروط وضوابط معينة تحدث عنها أهل الفقه والعلم في المجامع الإسلامية المختلفة وذلك من أجل توضيح هذه المسألة الفقهية المهمة، والتي تزداد أهميتها يومًا بعد يوم مع تطور الاكتشافات العلمية وازدياد القدرات الطبية في العالم، وقد ذكر أهل العلم إلى أنّه يجوز للمسلم أن يتبرع بالأعضاء لغير المسلم إذا كان مسالمًا ولم يكن محاربًا، لأنّ الكافر المحارب مهدور الدم في الشرع الإسلامي.

ويكون التبرع للكافر المسالم صدقة من المسلم وإحسانًا منه، واستدل أهل العلم قياسًا بحديث أسماء بنت أبي -رضي الله عنهما- والذي قالت فيه: “قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وهي مُشْرِكَةٌ في عَهْدِ قُرَيْشٍ، إذْ عَاهَدُوا رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومُدَّتِهِمْ مع أَبِيهَا، فَاسْتَفْتَتْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ وهي رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُهَا؟ قالَ: نَعَمْ صِلِيهَا” [9]

وهذا الحديث يدل على جواز الإحسان والتصدق على الكافر المسالم من قبل المسلم، قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: “وكل من حُرِم صدقة الفرض من الأغنياء وقرابة المتصدق والكافر وغيرهم يجوز دفع صدقة التطوع إليهم، ولهم أخذها،  قال الله تعالى : {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [10] ولم يكن الأسير يومئذ إلا كافرًا”، والله تعالى أعلم وأحكم. [11]

شاهد أيضًا: حكم ختان البنات في السعودية

شروط التبرع بالأعضاء بعد الموت

في ختام ما ورد من حديث عن حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت هيئة كبار العلماء وضع علماء المسلمين مجموعة من الشروط التي يجب أن تتوفر في عملية التبرع بالأعضاء سواء كان التبرع بعد الموت أو في الحياة، وهذه الشروط هي:

  • ألَّا تكون الأعضاء المتبرع بها من الأعضاء التي تؤثر على الأنساب والموروثات، مثل أن يتبرع الإنسان بالخصية أو المبيض أو غير ذلك.
  • أن يكون الشخص المتبرع بالغًا عاقلًا راشدًا، في حال كان المتبرع على قيد الحياة.
  • أن يكون المتبرع له معصوم الدم، سواء كان مسلمًا أو كافرًا، فلا يجوز التبرع للمسلم المهدور دمه ولا يجوز التبرع للكافر المحارب مهدور الدم.
  • أن يأخذ إذن المتبرع قبل التبرع، وألّا يكون التبرع مهنة يمتهنها الشخص أو أن يكون عملًا يكسب من خلاله مقابلًا ماديًا، لأنّ أعضاء الإنسان ليست ملكه ليتاجر بها.
حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت هيئة كبار العلماء
حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت هيئة كبار العلماء

شاهد أيضًا: حكم جرح الزوج لزوجته بالكلام

بهذه الشروط نختم هذا المقال الذي مررنا فيه على حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت هيئة كبار العلماء ومررنا فيه على حكم التبرع بالأعضاء بعد الموت عند الشيخ ابن عثيمين وعند الشيخ عبد العزيز بن باز رحمهما الله تعالى، وألقينا فيه الضوء على حكم التبرع بالأعضاء لغير المسلم وعلى شروط التبرع بالأعضاء بعد الموت في الإسلام.

المراجع

  1. ^ سورة البقرة، الآية 195.
  2. ^ سورة المائدة، الآية 32.
  3. ^ islamqa.info، حكم التبرع بالأعضاء بعد الموت للمسلم وغير المسلم، 10/08/2022
  4. ^ صحيح ابن ماجه، عائشة أم المؤمنين، الألباني، 1320، صحيح.
  5. ^ binothaimeen.net، حكم بيع الأعضاء .. وعمليات التجميل، 10/08/2022
  6. ^ binbaz.org.sa، حكم التبرع بعضو من الأعضاء حال الحياة أو الموت، 10/08/2022
  7. ^ سورة النساء، الآية 29.
  8. ^ islamqa.info، ما حكم هبة الأعضاء ؟، 10/08/2022
  9. ^ صحيح البخاري، أسماء بنت أبي بكر، البخاري، 3183، صحيح.
  10. ^ سورة الإنسان، الآية 8.
  11. ^ islamqa.info، حكم التبرع بالأعضاء بعد الموت للمسلم وغير المسلم، 10/08/2022

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *