شرح قصيدة أبو تمام السيف أَصدَقُ إنبـاءً مِـنَ الكتب والصور الفنية فيها

شرح قصيدة أبو تمام السيف أَصدَقُ إنبـاءً مِـنَ الكتب والصور الفنية فيها هذه القصيدة العظيمة التي كتبها الشاعر أبو تمام في فتح عمورية فأبدع فيها أيما إبداع وقدم فيها مجموعة من المواضيع العظيمة ومجموعة من الأبيات الخالدة في تاريخ الشعر العربي، وفي هذا المقال سوف نقوم بتسليط الضوء على الشاعر أبي تمام وسوف نمر على شرح قصيدته السيف أصدق إنباء من الكتب وسوف نتحدث عن الصور الفنية الموجودة في هذه القصيدة وعن شرح المفردات الصعبة في هذا النص، كما سوف نضع في الختام رابط تحميل ملف بي دي إف يتضمن شرح أبيات هذه القصيدة.

من هو الشاعر أبو تمام

هو أبو تمام حبيب بن أوس بن الحارث الطائي المولود في سنة 188 هجرية وهي السنة التي وافقت سنة 803 ميلادية، وهو من أمراء الشعر العربي عبر التاريخ، شاعر فحل من فحول الشعر العربي في العصر العباسي وفي كل عصور الأدب العربي، ولد أبو تمام في مدينة جاسم وهي قرية من قرى حُوران في جنوب سورية، وانتقل إلى مصر، كما انتقل إلى بغداد الذي استقدمه إليها الخليفة العباسي المعتصم، فقدمه على عدد كبير من شعراء العراق، وولاه بريد الموصل وبقي في ولايته سنتين حتّى وافته المنية، كان أبو تمام أسمر البشرة طويلًا فصيحًا حسن المنطق، حفظ من الشعر قرابة أربعة عشر ألف أرجوزة من دون المقاطع والقصائد، وقد ورد في أخباره ما سيأتي: “أنه كان أجش الصوت يصطحب راوية له حسن الصوت فينشد شعره بين يدي الخلفاء والأمراء”.

تميز شعر الشاعر أبو تمام بالقوة والجزالة وحسن الصياغة، وهذا ما جعل الكثير من النقاد يفاضلون بينه وبين البحتري وأبي الطيب المتنبي، وقد صُنّفت له الكثير من التصانيف مثل ديوان الحماسة ومختار أشعار القبائل ونقائض جرير والأخطل، وقد توفي أبو تمام في سنة 231 هجرية وهي السنة التي وافقت سنة 845 ميلادية في مدينة الموصل في العراق، أي أنّه عاش قرابة 42 سنة فقط، وما زال ضريحه موجودًا في الموصل حتّى الآن. ^[1]

شرح قصيدة أبو تمام السيف أَصدَقُ إنبـاءً مِـنَ الكتب

تُعدّ قصيدة الشاعر أبي تمام التي يقول فيها: السيف أصدق إنباءً من الكتب من بين أشهر القصائد في تاريخ الشعر العربي، وفيما يأتي نذكر أبياتًا من هذه القصيدة مع شرح هذه الأبيات:

• السَيفُ أَصدَقُ إنباءً مِنَ الكُتُبِ / / / في حَدِّهِ الحَدُّ بَينَ الجِدِّ وَاللَعِبِ
  بيضُ الصَفائِحِ لا سودُ الصَحائِفِ في / / / مُتونِهِنَّ جَلاءُ الشَكِّ وَالرِيَبِ

يستهل الشاعر أبو تمام هذه القصيدة العظيمة بحكمة صارت مثلًا على ألسنة العرب منذ ذلك العصر قبل أكثر من اثني عشر قرنًا، وهي أنّ السيف في كثير من الأقوات يصير أفضل وأحكم من الكلام؛ أي بمعنى أنّ الفعل أعظم من القول وأكثر من جدوى، فالسيف هو الحد الذي يفصل بين الخسارة والربح، وبين الحق والباطل، وبين الجد واللهو واللعب، وفي بياض هذه السيوف الناصعة والمشرقة تتجلى البطولات العظيمة وتتجلى الأفعال التي سوف تبقى خالدة أبد الدهر، فلا يظل هناك مجال للشكّ ولا للريب ولا التخمين، فالسيف هو أوضح الطرق وأقربها نحو الحقيقة.

• وَالعِلمُ في شُهُبِ الأَرماحِ لامِعَةً / / / بَينَ الخَميسَينِ لا في السَبعَةِ الشُهُبِ
  أَينَ الرِوايَةُ بَل أَينَ النُجومُ وَما / / / صاغوهُ مِن زُخرُفٍ فيها وَمِن كَذِبِ

يعود الشاعر في هذين البيتين للتأكيد إلى أنّ الحقيقية والوضوح والتجلي يظهر في رؤوس الرماح وفي حد السيوف عندما تلتقي الجيوش، حيث لا يظل هناك مكان سوى للفعل والقطع والضرب والطعان وليس للأقوال التي لا تشتري شبرًا من الأرض، وليس في أخبار المنجمين التي تُقال في لحظة رخاء وسلام لا في لحظة حرب وخصام، وها نحن الآن بعد أن ضربت سيوفنا رقاب الأعداء، ظهر لنا الفتح المبين ودُحضت تلك الأخبار والتأويلات الكاذبة، وتم فتح عمورية بإذن الله رب العالمين.

• فَتحُ الفُتوحِ تَعالى أَن يُحيطَ بِهِ / / / نَظمٌ مِنَ الشِعرِ أَو نَثرٌ مِنَ الخُطَبِ
  فَتحٌ تَفَتَّحُ أَبوابُ السَماءِ لَهُ / / / وَتَبرُزُ الأَرضُ في أَثوابِها القُشُبِ
  يا يَومَ وَقعَةِ عَمّورِيَّةَ اِنصَرَفَت / / / مِنكَ المُنى حُفَّلاً مَعسولَةَ الحَلَبِ
  أَبقَيتَ جَدَّ بَني الإِسلامِ في صَعَدٍ / / / وَالمُشرِكينَ وَدارَ الشِركِ في صَبَبِ

يقول أبو تمام: إنّ الفتح المبين العظيم التي تم في مدينة عمورية هو من أعظم الفتوحات التي تمت في ذلك الوقت، وهو فتح عظيم لا يمكن وصفه ولا يمكن التعبير عنه مهما كتب الشعراء من شعر ومهما كتب الخطباء من نثر، فهو فتح تُفتح له أبواب السماوات، وبه تبرز الأرض مبتهجة بثوب أخضر يشير إلى هذا النصر العظيم الذي لا مثيل له في تلك الفترة.

ثم ينادي الشاعر يوم فتح عمورية، يا أيها اليوم العظيم، الذي غادرتنا فيه الأمنيات لكي تحتفل بهذا النصر الذي يرجع على المسلمين جميعًا بالخير والبركة، فشبه هذا النصر والاحتفال به باحتفال الناقة بلبنها الحلو، ثم يقول: يا أيها اليوم العظيم، لقد صرت يوم مجد للمسلمين جميعًا، حيث يسير بك الإسلام نحو الأمام، وصرت يومًا كئيبًا على المشركين، ففيك ارتفع المسلمون وانحط قدر المشركين بإذن الله رب العالمين.

• لَقَد تَرَكتَ أَميرَ المُؤمِنينَ بِها / / / لِلنارِ يَوماً ذَليلَ الصَخرِ وَالخَشَبِ
  غادَرتَ فيها بَهيمَ اللَيلِ وَهوَ ضُحىً / / / يَشُلُّهُ وَسطَها صُبحٌ مِنَ اللَهَبِ
  لَو لَم يَقُد جَحفَلاً يَومَ الوَغى لَغَدا / / / مِن نَفسِهِ وَحدَها في جَحفَلٍ لَجِبِ
  رَمى بِكَ اللَهُ بُرجَيها فَهَدَّمَها / / / وَلَو رَمى بِكَ غَيرُ اللَهِ لَم يُصِبِ

يتحدث الشاعر أبو تمام في هذه الأبيات مع أمير المؤمنين الخليفة المعتصم بالله، فيقول: يا أمير المؤمنين: لقد تركت مدينة عمورية بعد تحقيق هذا الفتح العظيم وهذا النصر الخالد، وبعد أن أحرقت فيها كل ما يمكن إحراقه، حتّى صخور عمورية صارت تغلي من شدة النيران والغضب، وقد غادرتها في بهيم الليل أي في الليل المظلم الداجي الذي صار نهارًا لهول النيران المضرمة في مدينة عمورية، فالنيران أشعلت في عمورية صبحًا جديدًا.

ثم يتابع الشاعر مدح الخليفة المعتصم بالله العباسي؛ فيقول: لو أن أمير المؤمنين المعتصم لم يقدِ الجيش بنفسه لمواجهة المشركين في معركة عمورية، ولو سار وحده لكان جيشًا كاملًا في مواجهة الأعداء لوحده، ولكن الله رب العالمين اختارك يا أمير المؤمنين ورمى بك هذه المدينة لكي تُفتح على يديك، وهذه مشيئة الله التي لولاها لما حصل لنا كل هذا، فالنصر من عند الله رب العالمين.

• تِسعونَ أَلفاً كَآسادِ الشَرى نَضِجَت / / / جُلودُهُم قَبلَ نُضجِ التينِ وَالعِنَبِ
  يا رُبَّ حَوباءَ حينَ اِجتُثَّ دابِرُهُم / / / طابَت وَلَو ضُمِّخَت بِالمِسكِ لَم تَطِبِ
  خَليفَةَ اللَهِ جازى اللَهُ سَعيَكَ عَن / / / جُرثومَةِ الدِينِ وَالإِسلامِ وَالحَسَبِ
  أَبقَت بَني الأَصفَرِ المِمراضِ كَاِسمِهِمُ / / / صُفرَ الوُجوهِ وَجَلَّت أَوجُهَ العَرَبِ

يصف الشاعر في هذه الأبيات جيش المسلمين؛ فيقول: إنّ المسلمين كانوا قرابة تسعين ألف رجل من الرجال الصادقين الذين نضجت هممهم للقتال وضراب الأعداء وطعانهم قبل أن ينضج التين والعنب، وهنا يقصد الشاعر ما كان يعتقد الرومان، حيث كانوا يظنون أنّ المدينة سوف تُفتح على يد المسلمين في الصيف، وهنا خالفهم المعتصم وقرر فتح المدينة في الشتاء قبل أن ينضج التين والعنب في الصيف، ثم يتعجب الشاعر من الذي حصل في عمورية وكيف أنّ المسلمين اجتثوا دابر الروم وقتلوهم شر قتلة وكيف أثخنوا بهم، وعلى الرغم من كمية الدم التي سالت إلّا أنّها كانت طيبة في نفوس المسلمين، وهذا لو كان في غير موقف الفتح ذاك لما كان مستحسنًا حتّى لو رش عليه المسك.

ثم يخاطب الشاعر الخليفة؛ فيقول له: جزاك الله خيرًا على هذا السعي العظيم الذي قمت به من أجل أن تحمي الدين والمسلمين وتحمي العرب وتاريخ العرب، وبهذا السعي تركت الروم شاحبة وجوههم ومصفرة جلودهم من تلك الهزيمة القاسية التي هزمتهم إياها، وابيضت وجوه العرب بهذا الفتح العظيم الذي سُجّل في التاريخ بالخط العريض.

الصور الفنية في قصيدة السيف أصدق إنباء من الكتب

تضمن قصيدة السيف أصدق إنباء من الكتب للشاعر العباسي أبي تمام العديد من الصور الفنية العظيمة، ومن هذه الصور ما سيأتي ذكره فيما يأتي:

• في قول الشاعر: ( تِسعونَ أَلفاً كَآسادِ الشَرى) أسلوب تشبيه نوعه مجمل، حيث ذكر الشاعر المشبه وهو الجنون التسعون ألفًا وذكرالمشبه به وهو آساد الشرى وذكر أداة التشبيه وهي الكاف، وحذف وجه الشبه.
• في قول الشاعر: (أَبقَيتَ جَدَّ بَني الإِسلامِ في صَعَدٍ / / / وَالمُشرِكينَ وَدارَ الشِركِ في صَبَبِ) محسن بديعي وهو الطباق بين كلمتي صبب وصعد.

شرح مفردات قصيدة السيف أصدق إنباء من الكتب

ضمّت قصيدة أبي تمام السيف أصدق إنباء من الكتب العديد من المفردات الصعبة التي تتطلب الشرح لكي يتمكن القارئ من فهم واستيعاب هذه القصيدة:

• جلاء الشك والريب: أي بيان الحقيقية وانتهاء التخمين والظن.
• القشب: أي الجديد.
• صبب: أي النزول والهبوط.
• جحفل: وهو الجيش الجرار الكبير.
• جرثومة: كلمة يُقصد بها أصل الشيء.

شرح قصيدة أبو تمام السيف أَصدَقُ إنبـاءً مِـنَ الكتب pdf

يسعى الكثيرون إلى الحصول على قصيدة أبي تمام السيف أصدق إنباء من الكتب وشرحها على ملف بي دي إف، وذلك من أجل سهولة الاطلاع على الشرح وعلى النص بشكل عام ومن أجل سهولة طباعته في حال الرغبة بطباعته على ورق، فإلى كل من يرغب بالحصول على هذا الملف يمكن القيام بتحميله بشكل مباشر “من هنا“.

مقالات قد تهمك

إلى هنا نصل إلى ختام ونهاية هذا المقال الذي مررنا فيه على الشاعر أبي تمام ثم مررنا على شرح قصيدة أبو تمام السيف أَصدَقُ إنبـاءً مِـنَ الكتب والصور الفنية فيها وسوف نلقي فيه الضوء على المفردات الصعبة في هذا النص، كما سوف نقدم في الختام رابط تحميل ملف بي دي إف يتضمن شرح هذه القصيدة.