عناصر المقال
شرح قصيدة العربية في ماضيها وحاضرها والصور الفنية فيها هذه القصيدة الرائعة التي تُعدّ من بين أشهر القصائد التي كُتبت في مديح اللغة العربية ووصفها في القرن العشرين؛ ويُعدّ الحديث عن اللغة العربية ومدحها من الأغراض الشعرية التي انتشرت بشكل كبير بين الشعراء العرب في العصر الحديث، وفي هذا المقال سوف نتحدث عن كاتب قصيدة العربية في ماضيها وحاضرها وسوف نضع شرح هذه القصيدة والصور الفنية فيها والمفردات الصعبة الواردة فيها، كما سوف نلقي الضوء في الختام على رابط تحميل ملف بي دي إف يضم شرح هذه القصيدة.
كاتب قصيدة العربية في ماضيها وحاضرها
إنّ الشاعر الذي كتب قصيدة العربية في ماضيها وحاضرها هو الشاعر علي الجارم وهو علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم، شاعر وأديب وكاتب ولد في مدينة رشيد في مصر في سنة 1881 ميلادية، أي زمن العثمانيين، تعلم القراءة والكتابة في مدرسة من مدارس رشيد ثم تابع التعليم الثانوي في القاهرة، ثم سافر إلى إنكلترا من أجل الدراسة ثم عاد إلى مصر التي كانت محبوبته ووطنه، وهذا ما يظهر في الكثير من قصائده الشعرية، شغل علي الجارم الكثير من المناصب التربوية والتعليمية، فكان كبير مفتشي اللغة العربية ثم وكيل دار العالم واستمر في دار العلوم حتّى سنة 1924 ميلادية، ثم عضوًا في مجمع اللغة العربية، وقد كتب علي الجارم أربعة دواوين شعرية، كما أنّه كتب مجموعة من الكتب؛ أهمها: فارس بني حمدان وملك وغارة الرشيد، وقد توفي فجأة في القاهرة وهو يستمع إلى ولد من أولاده وهو يلقي قصيدة له في حفلة تأبين محمود فهمي النقراشي في العشرين من شهر مارس آذار من سنة 1949 ميلادية وكان يبلغ من العمر ثمانية وستين عامًا. [1]
شرح قصيدة العربية في ماضيها وحاضرها
نضع فيما يأتي أبياتًا من قصيدة العربية في ماضيها وحاضرها للشاعر علي الجارم وهي قصيدة مكتوبة على البحر البسيط وتتألف من تسعة وتسعين بيتًا، نذكر منها بعض الأبيات ونشرحها:
-
مَاذَا طَحَا بِكَ يَا صَنَّاجَةَ الأدَبِ / / / هَلاَّ شَدَوْتَ بِأَمْدَاحِ ابْنَةِ العَرَبِ
أطَارَ نَوْمَكَ أَحْدَاثٌ وَجَمْتَ لَهَا / / / فَبِتَّ تَنْفُخُ بَيْنَ الهَمِّ والْوَصَبِ
يبدأ الشاعر علي الجارم هذه القصيدة سائلًا نفسه عن تقصير بحق اللغة العربية، وهذا من إلقاء اللوم والعتب على النفس بسبب انصرافها عن هذه اللغة العظيمة، حيث يقوم بِحَثّ نفسه على التغني بهذه اللغة وبجمالها وعلى مدحها ويسميها بابنة العرب، وهو في هذا البيت وفي قوله صناجة الأدب يشبه نفسه بأعشى قيس ميمون بن قيس الذي كان يُعرف بصناجة العرب، ثم يقول الشاعر إن حال اللغة العربية في هذا الوقت مقلق فعلًا، والأحداث التي تتعرض لها يطير النوم وهو دليل على القلق والأرق، فيقول: إنه أصيب بالحزن والأسى بسبب ذلك.
-
وَالْيَعْرُبِيَّةُ أَنْدى مَا بَعَثْتَ بِهِ / / / شَجْواً مِنَ الْحُزنِ أَوْ شَدْواً منَ الطَّرَبِ
رُوحٌ مِنَ اللّهِ أَحْيَتْ كُلَّ نَازِعَةٍ / / / مِنَ البَيَانِ وَآتَتْ كُلَّ مُطَّلَبِ
يمدح الشاعر في هذا المقطع اللغة العربية، فيقول: إنّ اللغة العربية هي أندى اللغات وأقدرها على التأثير والتعبير، فهي قادرة على التعبير عن الحزن والفرح بقوة منقطعة النظير، فاللغة العربية هي لغة الفصاحة وهي لغة البيان وهي لغة القرآن الكريم الذي ارتضاها الله تعالى لكتابه العظيم، وهي اللغة التي يمكن أن تؤدي كل ما يطلبه الكاتب الذي يكتب بها.
-
أَزْهَى مِنَ الأَمَلِ البَسَّامِ مَوْقِعُهَا / / / وَجَرْسُ أَلْفَاظِهَا أَحْلَى مِنَ الضَّرَبِ
وَسْنَى بِأخْبِيَةِ الصَّحْرَاءِ يُوقِظهَا / / / وَحْيٌ مِنَ الشَّمْسِ أَوْ همْسٌ مِنَ الشهبِ
يقول الشاعر: إنّ كلمات اللغة العربية لها تأثير جميل على من يسمعها، فألفاظها لها تأثير موسيقي ووقع رنان لا مثيل لها أبدًا، ثم يقول إنّ جاءت ونشأت في صحراء العرب وهي اليوم تحتاج من يوقظها في قلب تلك الصحراء، سواء كان وحيًا من الشمس ينزل عليها فيوقظها من نومها أو همسٌ يُطلق قرائح الناطقين بها فتجود هذه اللغة بالخير.
-
تكلَّمَتْ سُوَرُ القرآنِ مُفْصِحةً / / / فأسْكَتَتْ صَخَبَ الأرْماحِ والقُضُبِ
وقامَ خيرُ قُرَيْشٍ وابنُ سادَتِها / / / يَدْعو إلى اللهِ في عَزْمٍ وفي دَأبِ
بِمَنْطقٍ هاشِميِّ الوَشْي لَوْ نُسِجَتْ / / / مِنْهُ الأصائِلُ لمْ تَنْصُلْ وَلَمْ تَغِبِ
يقول الشاعر إنّ سور القرآن الكريم الذي نزل باللغة العربية وبفصاحة وبيان هذه اللغة تكلمت فتمكنت من القيام بالأفعال التي عجزت الرماح عن القيام بها، وهي نشر تعاليم الشريعة الإسلامية والقضاء على العصبية الجاهلية وعلى الخلافات التي كانت بين العرب، ثم يقول: إنّ اللغة العربية هي معجزة القرآن الكريم الأولى ووسيلة من الوسائل التي دافع بها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن هذا الدين بحجة قوية دامغة وبلسان فصيح لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فكانت خير حجة وخير دليل على صدق الرسالة العظيمة التي بُعث بها النبي المصطفى صلوات الله عليه.
-
فازَتْ برُكْنٍ شَديدٍ غَيْرِ مُنصَدِعٍ / / / مِنَ البَيانِ وَحَبْلٍ غَيْرِ مُضْطَرِبِ
وَلَمْ تَزَلْ مِن حِمى الإسلامِ في كَنَفٍ / / / سَهْلٍ ومِنْ عِزِّةٍ في مَنْزِلٍ خَصِبِ
لقد تفوقت اللغة العربية على غيرها من اللغات في الفصاحة والبيان والبلاغة والقدرة على التعبير، فهي لغة القرآن الكريم ولغة الصور البيانية الرائعة والأساليب اللغوية والألفاظ القادرة على التعبير عن أي شيء يجول في خاطر الإنسان، فكانت جدارًا قويًا لا يتصدع وحبلًا متينًا لا يتقطع، وهي اليوم لم تزل محمية بالقرآن الكريم وبالدين الإسلامي الحنيف، فهي مرتبطة بالشرع الإسلامي ومحفوظة بحفظه.
-
يا شِيخَةَ الضَّادِ وَالذّكْرى مُخَلِّدَةٌ / / / هُنا يُؤَسَّسُ مَا تَبْنونَ لِلْعَقِبِ
هنا تُخُطّونَ مجْدًا ما جَرى قلَمٌ / / / بمثلِهِ في مَدى الأدْهارِ والحِقَبِ
يخاطب الشاعر في هذا المقطع شيوخ اللغة العربية وكل العلماء في مجمع اللغة العربية، ويقول لهم: أنتم الأمل في تجديد مكانة هذه اللغة العظيمة في قلب الأجيال القادمة، فأنت من يقع عليكم الهم الأكبر والعاتق الأكبر في سبيل حفظ أمجاد هذه اللغة العظيمة وصونها من الاندثار، فهنا أنتم قادرون على أن تخطوا مجدًا عظيمًا لم يعرفه التاريخ من قبل ولن يتمكن أحد من القيام به من بعد، فاغتنموا هذا المجد واخطوا الخطوات الحقيقية في سبيل إنقاذ هذه اللغة العظيمة.
الصور الفنية في قصيدة العربية في ماضيها وحاضرها
تتضمن قصيدة العربية في ماضِيها وحاضِرها العديد من الصور الفنية المميزة، نذكر من هذه الصور ما سيأتي:
- في قول الشاعر (وسنى بأخبية الصحراء يوقظها وحيٌ من الشمس أو همسٌ من الشهبِ) شبه الشاعر الوحي بالإنسان الذي يوقظ وشبه الهمس أيضًا بالإنسان الذي يوقظ، فحذف المشبه به وهو الإنسان وكنّى عنه بشيء من صفاته على سبيل الاستعارة المكنية.
- في قول الشاعر (تكلَّمَتْ سُوَرُ القرآنِ مُفْصِحةً) شبه الشاعر سور القرآن الكريم بالإنسان الذي يتكلم، فحذف المشبه به وكنّى عنه بشيء من صفاته على سبيل الاستعارة المكنية.
معاني المفردات في قصيدة العربية في ماضيها وحاضرها
وردت في هذه القصيدة الكثير من المفردات الصعبة التي تتطلب شرحًا وذلك بسبب أنّ اللغة التي كان يكتب بها الشاعر علي بن الجارم كانت لغة قوية وكلاسيكية؛ فقد عاش في فترة زمنية ذاع فيها وانتشر هذا اللون من الشعر، ومن المفردات الواردة في هذه القصيدة ما سيأتي:
- شَدَوْتَ: أي غنيت، فيُقال: طائر شادٍ.
- مُطَّلَبِ: بتشديد الطاء أي أمر مطلوب أو أمر منشود.
- لِلْعَقِبِ: أي للأجيال القادمة.
- تخطون: أي تكتبون وترسمون.
- الأدهار: هي جمع كلمة دهر.
- الحقب: أي العصور أو الأزمنة.
شرح قصيدة العربية في ماضيها وحاضرها pdf
يهتم الكثير من الأشخاص بالحصول على شرح قصيدة العربية في ماضيها وحاضرها للشاعر المصري علي الجارم بصيغة بي دي إف؛ وذلك من أجل سهولة الاطلاع على هذه القصيدة ومن أجل سهولة طبعها لمن يرغب بطباعتها مع شرحها، فإلى كل من يريد الحصول على هذا الملف يمكن تحميله بشكل مباشر “من هنا“.
مقالات قد تهمك
إلى هنا نصل إلى ختام هذا المقال ونهايته بعد أن مررنا فيه بالتفصيل على الشاعر علي الجارم كاتب قصيدة العربية في ماضيها وحاضرها، ثم مررنا على شرح قصيدة العربية في ماضيها وحاضرها والصور الفنية فيها وألقينا الضوء على المفردات الصعبة الواردة في هذه القصيدة، وقدمنا رابط تحميل ملف بي دي إف يتضمن شرح هذه القصيدة.
المراجع
- ^ wikiwand.com، علي الجارم، 05/09/2023
التعليقات