عناصر المقال
شرح قصيدة لامية العجم والأفكار العامة فيها، هو ما سيتم بيانه في موضوع هذا المقال، حيثُ تعد من القصائد الشعريَّة التي كتبها الحسين بن علي الطغرائي بعد رحلته إلى بغداد، فقد وصفها فيها نفسه وحكمته ورأيه السديد، كما شكى فيها حاله وحال الغربة، وتميزت هذه القصيدة بقوة الألفاظ وحسن في الصياغة، وفي هذا المقال سوف نقوم بتسليط الضوء على قصيدة لامية العجم، وبيان معلومات عن كاتب القصيدة الشاعر الحسين بن علي الطغرائي، ثمّ بيان نص القصيدة وشرحها بالتفصيل، كما سوف نمر على معاني المفردات والأفكار العامة في القصيدة.
كاتب قصيدة لامية العجم
يعتبر كاتب قصيدة “لامية العجم” هو الشاعر العربي الحسين بن علي الطغرائي، واسمه هو الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد، ويكنى بأبي إسماعيل، ويطلق عليه أيضًا الطغرائي؛ بسبب كتابة الطغراء؛ وهي الطّرة التي تكتب في أعلى الكتب السّلطانية بالقلم الجلي، وقد ولد الطغرائي في أصفهان في عام 1061 للميلاد، ودرس الابتدائي والثانوي، ثمّ انتقل لدراسة الأدب العربي والعلوم الشرعية والطبيعية، كما درس الكيمياء وبرع فيها، وله العديد من المؤلفات في الكيمياء ومنها تراكيب الأنوار في الإكسير، وأسرار الحكمة، وجامع الأسرار في الكيمياء، والجوهر النضير في صناعة الإكسير، وأيضًا الرد على ابن سينا في الكيمياء، وقد تولى في صباه كتابة الطغراء وديوان الإنشاء أثناء حكم الدولة السلجوقية في الموصل، ثمّ ارتحل إلى بغداد وفي تلك الفترة ضاقت به الحياة فكتب قصيدته المشهورة لامية العجم؛ التي يشكو فيها حاله وزمانه، وتميز شعر الطغرائي بتصوير المواقف المختلفة لامتلاكيه ناصية اللغة، وبساطة الكلمات والتراكيب، بالإضافة إلى بعده عن الألفاظ الغريبة والوحشية، وقد توفي في عام 1121 للميلاد، عن عمرٍ يناهز 60 عامًا.[1]
شرح قصيدة لامية العجم
لقد اشتهرت قصيدة لامية العجم التي كتبها الشاعر الحسين بن عل الطغرائي، وقد عبر فيها عن حاله وأخلاقه السامية، وقد اشتملت القصيدة شكواه عن الغربة ومصاعبها، وأطلق عليها لامية العجم لأنّها تشبه لامية العرب بأحكامها وأمثالها، وقد كتبها باستخدام ألفاظ وتراكيب قوية ومتينة، ونظمها على البحر البسيط وقافية اللام وجاءت في 58 بيتًا، وفيما يأتي شرح قصيدة لامية العجم لفخر الكتاب الطغرائي:
-
أصالةُ الرأي صانتْنِي عن الخَطَلِ وحِليةُ الفضلِ زانتني لدَى العَطَلِ
مجدي أخيراً ومجدِي أوّلاً شَرَعٌ والشمسُ رأْدَ الضُحَى كالشمسِ في الطَفَلِ
فيمَ الإقامُة بالزوراءِ لا سَكَني بها ولا ناقتي فيها ولا جَملي
يتحدث الشاعر عن رأيه الصحيح والحكيم الذي منعه من الوقوع في الأخطاء، والتحلي بالأخلاق الكريمة والحسنة، فقد أصبحت من صفاتي الملازمة لي، كما أنّ الفضلُ والوقارُ بين الناس صانته من رداءةِ الأخلاق، يتابع الشاعر الحديث عن مجده وشرفه ثابتًا في أول زمانه وأخره، فهو لا يتغير بتغير الظروف والأحوال، كما شرف الشمس وقدرها في أول النهار وأخره سواء، ثمّ يتساءل الشاعر عن وجود بالزوراء ووجوب مفارقته لها، حتى يكون له عذرًا إذا لامه أحد، فهو لا يملك لا مسكن ولا ناقة ولا أشخاص مقربين له ليبقى فيها.
-
نَاءٍ عن الأهلِ صِفْرُ الكفِّ منفردٌ كالسيفِ عُرِّيَ متناهُ من الخَللِ
فلا صديقَ إليه مشتكَى حزَنِي ولا أنيسَ إليه منتَهى جذلي
طالَ اغترابيَ حتى حنَّ راحلتي ورحُلها وقرَى العَسَّالةِ الذُّبلِ
يتحدث الشاعر عن غربته ويشكو منها، فيقول إنه بعيد كل البعد عن أهله ووطنه، ثمّ يتابع ليصف وحدته بالسيف المجرد من الغمد وهو المهيأ لدفع المصائب والحوادث، حيث يبين الشاعر أنه في ابتعاده عن أهله ليس لديه أحد ليشاركه فرحه وحزنه، ثمّ يتابع القول بأن غربته طالت فقد اشتاق لأهله وأصحابه وأحبابه، وقد أصبح الحنين مرافقًا للأشياء التي يحملها معه في السفر، كما وصل هذا الحنين إلى الرماح اللينة التي تهتز مع سير الناقة.
-
وضَجَّ من لَغَبٍ نضوي وعجَّ لما يلقَى رِكابي ولجَّ الركبُ في عَذَلي
أُريدُ بسطةَ كَفٍ أستعينُ بها على قضاءِ حُقوقٍ للعُلَى قِبَلي
والدهرُ يعكِسُ آمالِي ويُقْنعُني من الغنيمةِ بعد الكَدِّ بالقَفَلِ
يتحدث الشاعر عن شوقه وحنينه لدياره، ويصف الصوت المرتفع الذي أصبح يخرج من ناقته التي تنقلنه من مكان لآخر، فقد باتت تشكو من رحيله المستمر، ليتابع القول بأنه يريد بسطة أي سعة العيش، حيث إنّ الغربة تحاصره من كل مكان، وهو شخص فقير لا يملك متاع يومه، وهذا الأمر يتسبب له بالإحراج، حيث يطلب الشاعر سعة العيش من أجل الحفاظ على مكارم الأخلاق والتي تتمثل بمساعدة الآخرين وإكرام الضيف، فهذه الأمور كلها تصبح صعبة بسبب ضيق الحال، وبالتالي يصبح هو من يحتاج للناس لا معين لهم، ولكن الدهر يقلب آمالي ويمنعني من تحقيق مرادي ويقنعني بالعودة إلى المكان الذي أتيت منه.
-
وذِي شِطاطٍ كصدرِ الرُّمْحِ معتقلٍ لمثلهِ غيرَ هيَّابٍ ولا وَكِلِ
حلوُ الفُكاهِةِ مُرُّ الجِدِّ قد مُزِجتْ بقسوةِ البأسِ فيه رِقَّةُ الغَزَلِ
طردتُ سرحَ الكرى عن وِرْدِ مُقْلتِه والليلُ أغرَى سوامَ النومِ بالمُقَلِ
يتحدث الشاعر عن صديقه القوي والمقدام، الذي يدخل الحروب بشجاعة، فهو مستعد دائمًا للهجوم ولا يخاف الصعاب، كما أنه ليس من الأشخاص الاتكاليين الذين يرمون بأحمالهم على غيره، أما فكاهتهُ ففيها الخفة والحلاوة، أي أنك تجده رقيق المعشر لطيف الكلام مع أهله، ولكن قاسي الطباع مع أعدائه، كما عنده رقة في الغزل مع النساء وملاطفة لهن، ثم يكمل الشاعر حديثه عنه ليقول أن نباهة هذا الرجل أبعدت النوم عن عيونه، على الرغم من أن الليل يسلط النوم على عيونه الساهرة.
-
والركبُ مِيلٌ على الأكوارِ من طَرِبٍ صاحٍ وآخرَ من خمر الهوى ثَمِلِ
فقلتُ أدعوكَ للجُلَّى لتنصُرَنِي وأنت تخذِلُني في الحادثِ الجَلَلِ
تنام عيني وعينُ النجمِ ساهرةٌ وتستحيلُ وصِبغُ الليلِ لم يَحُلِ
يتحدث الشاعر عن الأشخاص الذين يرافقونه في السفر، فيقول بأنهم قسمان: منهم من يتمايل طربًا ومنهم من سكر من الحب والعشق، فيطلب الشاعر منهم العون والمساعدة على الرغم من أنك تخذلني في أصغر الأمور، ليتابع الشاعر لومه وعتابه، فيقول بأنه ينشغل عنه عند حاجته إليه، ولكن لن تتغير فأنت كالليل الحالك الذي يدوم على حاله.
معاني المفردات في قصيدة لامية العجم
تحتوي قصيدة لامية العجم على مجموعة من الكلمات التي تحتاج إلى توضيح، وقد يجد بعض من الزوار صعوبة في فهمها، ويعود السبب في ذلك إلى أنّ تلك الألفاظ والتراكيب المستخدمة تغيرت وتطورت مع تغير اللغة العربية، ولذلك تكون غامضة ومجهولة بالنسبة لكثير من القراء، وفيما يأتي سوف يتم إدراج معاني أهم المفردات الصعبة في هذه القصيدة لتسهيل فهمها على الزوار:
المفردة | شرح المفردة |
جذلي | فرحي. |
قرى | ظهر. |
الخطل | الخطأ. |
العطل | العري. |
رأد الضحى | أول النهار. |
ناء | بعيد. |
النبال | الأسهم. |
النضو | المهزول. |
بسطة | سعة. |
الشطاط | اعتدال القامة. |
غي | ضلال. |
الوكل | موكل الأمر لغيره (الكسول). |
النفل | الهبة. |
الحلل | رداء أو إزار. |
الجلّى | الأمر العظيم. |
البأس | العذاب. |
الكرى | النعاس. |
الأفكار العامة في قصيدة لامية العجم
اشتملت القصيدة على مجموعة من الأفكار الرئيسيَّة المهمَّة، فقد حرص الشّاعر على بيانها من خلال المعاني العميقة التي سيطرت على أجواء القصيدة، ولا بدَّ من التعرف على هذه الأفكار من أجل معرفة المعاني المقصودة من القصيدة بشكل عام، وحتى وتصل إلى جميع القراء بكل سهولة، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الأفكار الرئيسية في قصيدة لامية العجم:
- الفكرة الأولى: يتحدث الشاعر عن أخلاقه وحكمته ويفتخر بها.
- الفكرة الثانية: يعبر الشاعر عن الحزن والأسى بسبب الغربة ومصاعبها.
- الفكرة الثالثة: يتحاور الشاعر مع صديقه ويشكو له الهموم والأحزان.
- الفكرة الرابعة: يبين الشاعر أخلاقه النبيلة وحكمته ورأيه السديد في مختلف المواقف.
- الفكرة الخامسة: يعِّبر الشاعر عن صبره على جور الزمن الذي جعل الجُهّال في حظٍّ أوفر من حظّه.
- الفكرة السادسة: إيصال رسالة للناس ومفادها عدم الرضى بالذل ومغادرة المكان الذي يهان به الإنسان.
الصور الفنية في قصيدة لامية العجم
اهتم الشاعر الطغرائي عند كتابة هذه القصيدة بإضافة مجموعة من الصور الفنيَّة، لإضافة لمسات جمالية للنص وجعلته مختلفًا عن غيره من النصوص الشعرية، وأيضًا إضافة قيمة جمالية على معنى القصيدة بطريقة غير مباشرة، مما ساهم هذا الأمر بزيادة إقبال القراء على قراءة لامية العجم، وكثيرًا ما تستخدم هذه الصور الفنية من كنايات وتشبيهات واستعارات وتوكيد وطباق وجناس، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الصور الفنية والبلاغية في القصيدة:
- استعارة مكنية: وردت الاستعارة المكنية في قول الشاعر: أصالةُ الرأي صانتْنِي عن الخَطَلِ وحِليةُ الفضلِ زانتني لدَى العَطَلِ، حيث يشبّه الشاعر الأصالة التي برأيه بالإنسان الذي يصون، وقد شبه أيضًا الفضل بالإنسان الذي يرتدي الحلي، حيث إنه حذف المشبه به وأبقى شيئًا من لوازمه، كما جاءت في قوله: والدهرُ يعكِسُ آمالِي ويُقْنعُني من الغنيمةِ بعد الكَدِّ بالقَفَلِ، فقد صور الشاعر الدهر بالإنسان الحكيم الذي له نظرة خاصة للأشياء، والذي يقنع الآخرين بوجهة نظره.
- أسلوب التشبيه: وقد ورد التشبيه التمثيلي في قول الشاعر: نَاءٍ عن الأهلِ صِفْرُ الكفِّ منفردٌ كالسيفِ عُرِّيَ متناهُ من الخَللِ، فقد أراد الشاعر بيان التشبيه بين صاحبه النحيل السريع والرمح الخفيفة التي تنطلق ولا تبتعد عن هدفها، كما جاء التشبيه البليغ في قول الشاعر: لا أكرهُ الطعنةَ النجلاءَ قد شُفِعَتْ برشقةٍ من نِبالِ الأعيُنِ النُّجُلِ، فقد صور الشاعر النظرات التي تأتي من أعين الفتيات الحسناوات بالنبال التي ترمي وهي تستهدف قتل العدو.
شرح قصيدة لامية العجم PDF
تعتبر قصيدة لامية العجم من أشهر القصائد للطغرائي، وقد تحدث عن غربته والمصاعب التي واجهها، وشكى من حاله وصعوبة العيش بالفقر، وإحراجه من عدم تقديم المساعدة للغير، ويبحث العديد من الزوار عن شرحها بشكل مفصل، ومن أجل تقديم الفائدة العامَّة إلى كافة الزوار والقراء يمكن تحميل شرح مفصل لقصيدة لامية العجم بصيغة ملف pdf “من هنـــــــــا“، حيثُ تعتبر صيغة pdf صيغةً مميزة ومناسبة لحفظ المواضيع والشروحات والملخصات، حيثُ يتم حفظها دائمًا في هذه الصِّيغة لأن المحتوى الخاص بها يحتوي على العديد من التنسيقات التي لا ينبغي أن يطرأ عليها أي تغييرات خصوصًا عند تبادلها عبر الأجهزة المختلفة.
مقالات قد تهمك
وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال شرح قصيدة لامية العجم والأفكار العامة فيها، والذي سلّط الضّوء على كاتب القصيدة الشاعر الحسين بن علي الطغرائي، ثمّ بيّنا شرح وتحليل القصيدة بالتفصيل، كما تمّ بيان أهم المعاني والمفردات الجديد في القصيدة، وأدرجنا الأفكار الرئيسية في قصيدةِ لامية العجم، وختمنا المقال في بيان الصور البيانية والبلاغية في القصيدة، نرجو أن نكون قد وفقنا في كتابة هذا المقال وأن نكون حملنا لكم الفائدة والمتعة فيه.
التعليقات