شرح قصيدة وإني وإن كنت الأخير زمانه لأبي العلاء المعري

شرح قصيدة وإني وإن كنت الأخير زمانه لأبي العلاء المعري يبحث كثير من الأشخاص عنها في العالم العربي، وخصوصًا من عشاق الشعر العربي القديم سواء في العصر الجاهلي أو العصور الإسلامية اللاحقة، وسوف نقدم للزوار الكرام في هذا المقال معلومات عن الشاعر الفيلسوف أبي العلاء المعري، وسوف نتعرف على شَرح قصيدته الشهيرة، وسوف نتعرف على معاني كلمات وألفاظ القصيدة الصعبة والصور الفنية والبلاغية فيها وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل الأخرى.

من هو كاتب قصيدة وإني وإن كنت الأخير زمانه

إنَّ كاتب هذه القصيدة هو الشاعر الكبير أبو العلاء المعري، وهو أحمد بن عبد الله بن سليمان بن محمد القضاعي التنوخي المعري، الذي يشتهر باسم أبي العلاء المعري، ولد المعري في مدينة معرة النعمان في شمال سوريا في عام 973م، وهو أديب وشاعر وفيلسوف ومفكر وعالم في النحو كما أَّنه أحد أشهر وأهم العلماء في تاريخ العرب والمسلمين وأحد أعظم الشعراء في العصر العباسي على الإطلاق، كان المعري شاعرًا غزير الأدب والشعر، واسع العلم والمعرفة والفهم، وقد عاش معظم سنوات حياته في العصر العباسي الثاني الذي عُرف بعصر سيطرة الأتراك على الخلافة.

وقد شهدت الدولة فيه كثير من الاضطرابات السياسية بسبب ضعف الخلافة العباسية، وقد ظهر ذلك جليًا في كتاباته وقصائده،على الرغم من أنَ  أبي العلاء المعري كان أعمى البصر إلا أنه كان مبصرًا في بصيرته وقد أطلق عليه لقب شاعر الفلاسفة أو فيلسوف الشعراء أو شيخ المعرة، كما أطلق عليه لقب رهين المحبسين، لأنه أعمى وقد اعتزل في بيته، وقد ترك أبو العلاء المعري الكثير من الدواوين الشعرية والأعمال الأدبية الكبرى مثل كتاب سقط الزند ولزوم ما لا يلزم والذي يُعرف باسم اللزوميات ورسالة الغفران وغير ذلك من الأعمال التي تُرجمت إلى الكثير من اللغات حول العالم، توفي المعري عام  1057م عم عمر يناهز 83 عامًا.^[1]

شرح قصيدة وإني وإن كنت الأخير زمانه

تعدُّ القَصيدَة واحدة من أشهر قصائد الشاعر الشهير أبي العلاء المعري، فقد كتبها الشاعر فخرًا بنفسه، وقد قال في مطلعها: ألا في سبيلِ المَجْدِ ما أنا فاعل عَفافٌ وإقْدامٌ وحَزْمٌ ونائِل، وقد نظمها الشاعر على البحر الطويل وقافية اللام المضمومة، ويبلغ عدد أبيات القصيدة كاملة 41 بيتًا فقط، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شَرح القََصيدة:

• ألا في سبيلِ المَجْدِ ما أنا فاعل
  عَفافٌ وإقْدامٌ وحَزْمٌ ونائِل
  أعندي وقد مارسْتُ كلَّ خَفِيّةٍ
  يُصَدّقُ واشٍ أو يُخَيّبُ سائِل

يتساءل الشاعر في بداية القصيدة عن الأمور التي يمكن أن يقوم بها من أجل المضي في طريق المجد والوصول إليه، ويقول إنَّ ابتعادي عن الرذائل والنواقص والأشياء التي لا تحسًن ولا تحلُّ، وشجاعتي وقدرتي على رؤية عواقب الأمور ومعرفتها ومعالجة نتائجها وكرمي وسخائي هو ما أملكه، وهل يمكن عندي أن يكون النمام صادقًا والسائل مرفوضًا وأنا من خبرت كل شيء خفي في هذه الحياة.

• أقَلُّ صُدودي أنّني لكَ مُبْغِضٌ
  وأيْسَرُ هَجْري أنني عنكَ راحل
  إذا هَبّتِ النكْباءُ بيْني وبينَكُمْ
  فأهْوَنُ شيْءٍ ما تَقولُ العَواذِل

إنَّ أقل أشكال الصدود التي يمكن أن تتلقاها مني إذا ما وقع بيننا شيء هي إنني سوف أكرهك وأبغضك، وأما أهون الهجر والقطيعة لك أنني سأرحل عنك إلى الأبد دليل على الشدة والحزم، وأما إذا ما وقعت الخلافات والنزاعات فيما بيننا فإنَّ الكلام الذي يقوله الناس من اللائمين أهون شيء ولا قيمة له عندي.

• تُعَدّ ذُنوبي عندَ قَوْمٍ كثيرَةً
  ولا ذَنْبَ لي إلاّ العُلى والفواضِل
  كأنّي إذا طُلْتُ الزمانَ وأهْلَهُ
  رَجَعْتُ وعِنْدي للأنامِ طَوائل

إنَّ كثير من الناس يقولون إنَّ أخطائي وآثامي كثيرة جدًا، ولكن في الحقيقة ليس لي ذنوب وآثام إلا السعي إلى المجد والوصول إلى العلياء، وكأنني عندما أصل إلى كل فضيلة وأبلغ أعلى مدارج العلياء وأتفوق على الجميع، أعود وأنا أحمل العداوات للناس.

• وإني وإن كنتُ الأخيرَ زمانُهُ
  لآتٍ بما لم تَسْتَطِعْهُ الأوائل
  وأغدو ولو أنّ الصّباحَ صوارِمٌ
  وأسْرِي ولو أنّ الظّلامَ جَحافل

وإنَّني أيها الناس حتى وإن كنت متأخرًا كثيرًا في هذا الزمان، ولكنني أستطيع أن آتي بأشياء عجيبة ومعجزة لم يستطع الأوائل أن يأتوا بها، وإنني أنطلق في وجهتي نهارًا حتى لو كان الصباح مثل السيوف فوق رأسي، كما أنني أسير ليلًا إلى غايتي حتى لو كان الليل جيوشًا جرارة.

• ولما رأيتُ الجهلَ في الناسِ فاشياً
  تجاهلْتُ حتى ظُنَّ أنّيَ جاهل
  فوا عَجَبا كم يدّعي الفضْل ناقصٌ
  ووا أسَفا كم يُظْهِرُ النّقصَ فاضل

وعندما شاهدت بعيني أنَّ الجهل وقلة العلم قد انتشر بين الناس بشكل كبير، تظاهرت بأنني جاهلٌ قليل العلم حتى صار الناس يظنون أنني جاهل، والعجيب في هذه الدنيا أنَّ كثير من الفضلاء والكرام يدعون النقص، وكثير من السفهاء يدعون الفضل.

• وطال اعتِرافي بالزمانِ وصَرفِه
  فلَستُ أُبالي مًنْ تَغُولُ الغَوائل
  فلو بانَ عَضْدي ما تأسّفَ مَنْكِبي
  ولو ماتَ زَنْدي ما بَكَتْه الأنامل

وقد خبرتُ نوائب الدهر وتقلباته حتى صرت واثقًا متقبلًا لها في كل حين، ولم يعد يشغلني من تهلك تلك النوائب والمصائب التي يأتي بها الدهر، ولو أنَّ عضدي فارقني لم يبكي ولم يحزن منكبي عليه، ولو مات زندي لم تبكه أصابعي، كناية عن عدم المبالاة والاهتمام لما يحدث.

• طاوَلَتِ الأرضُ السّماءَ سَفاهَةً
  وفاخَرَتِ الشُّهْبُ الحَصَى والجَنادل
  فيا موْتُ زُرْ إنّ الحياةَ ذَميمَةٌ
  ويا نَفْسُ جِدّي إنّ دهرَكِ هازِل

وقد صار السفهاء يتطاولون للوصول إلى الفضلاء والكرام، فالأرض تريد أن تصل إلى السماء، وقد فاخر الفضلاء السفهاء، كما تفاخر الشهب في السماء الحصى والصخور في الأرض، فأتمنى أن يأتي الموت سريعًا لأنَّ الحياة أصبحت مقرفة مذمومة، ويا نفس سارعي إلى تحقيق غاياتك ولا تلتفتي فالزمان أصبح أضحوكة.

• فإن كنْتَ تَبْغي العِزّ فابْغِ تَوَسّطاً
  فعندَ التّناهي يَقْصُرُ المُتطاوِل
  تَوَقّى البُدورٌ النقصَ وهْيَ أهِلَّةٌ
  ويُدْرِكُها النّقْصانُ وهْيَ كوامل

ويا من تبحث عن المجد والعلى فتوسط في ذلك ولا تبالغ، حتى لا تصل إلى مرحلة تقصِّر فيها عن مرادك، حيث أنَّ البدر يخشى النقص قبل أن يكتمل وهو ما يزال هلالًا، وعندما يكتمل يدركه النقص سريعًا.

الصور الفنية في قصيدة وإني وإن كنت الأخير زمانه

تشتمل قصيدة الشاعر أبي العلاء المعري على العديد من الصور البلاغية والفنية والتي يعتمد عليها الشعراء عادةً في كتابة القصائد من أجل إيصال المعاني إلى القراء بطريقة غير مباشرة وأكثر جمالية، حيث أنَّ تلك الصور تمنح القصيدة العديد من الألوان الموسيقية اللغوية إضافة إلى أساليب مختلفة من أجل تزييِن الأبيات الشعرية، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الصور الفنية والبلاغية في القصيدَة السابقة:

• أسلوب الكناية: ورد أسلوب الكناية كثيرًا في القصيدة في قول الشاعر: إذا هَبّتِ النكْباءُ بيْني وبينَكُمْ فأهْوَنُ شيْءٍ ما تَقولُ العَواذِل، كنَّى الشاعر بهبوب النكباء عن وقوع الخلاف والشقاق بينه وبين الناس.
• استعارة مكنية: وردت الاستعاة المكنية في قوله: فلو بانَ عَضْدي ما تأسّفَ مَنْكِبي ولو ماتَ زَنْدي ما بَكَتْه الأنامل، في هذا البيت شبَّه الشاعر كل من العضد والزند والأنامل والمنكب بالأشخاص، فكل منها كان مشبهًا، والمشبه به وهو الشخص محذوف من الجملة، ولكن دلَّت عليه إحدى صفاته بقوله: مات، تأسف بكته، بان.
• تشبيه بليغ: ورد هذا التشبيه في قول الشاعر: وأغدو ولو أنّ الصّباحَ صوارِمٌ وأسْرِي ولو أنّ الظّلامَ جَحافل، حيث ورد أسلوبين في هذا البيت، فقد شبَّه الصباح بالصوارم فالصباح هو المشبه والصوارم المشبه به، وشبه الليل بالجحافل فالليل هو المشبه والجحافل هي المشبه به، ولكنه حذف من التشبيهين أداة التشبيه ووجه الشبه.
• أسلوب الطباق: ورد أسلوب الطباق في القصيدة في قول الشاعر: تَوَقّى البُدورٌ النقصَ وهْيَ أهِلَّةٌ ويُدْرِكُها النّقْصانُ وهْيَ كوامل، وردت كلمة النقصان وكلمة كوامل، وهما متعاكستان في المعنى.

معاني المفردات الصعبة في قصيدة وإني وإن كنت الأخير زمانه

توجد كثيرمن الكلمات التي يمكن أن تكون صعبة بالنسبة للعديد من عشاق الشعر العربي لأنًّ اللغة المستخدمة فيه تكون لغة مستوحاة من معاجم اللغة العربية عادة وهي اللغة الأم الفصيحة، والتي تختلف كثيرًا عن اللهجات العربية المنتشرة في جميع الدول العربية، إذ أنَّ بعض تلك اللهجات يختلف اختلافًا كبيرًا عن اللغة الفصحى وكأنه لغة أخرى، لذلك لا بدَّ من الرجوع إلى معاجم اللغة العربية للوصول إلى معاني الكلمات الصعبة، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شرح المفردات الصعبة في القصيدة:

شرح قصيدة وإني وإن كنت الأخير زمانه pdf

يرغب كثير من الأشخاص بالحصول على شرح قَصيدة المعري بصيغة ملف pdf، حتى يستفيدوا منه في كثير من الأمور، إذ يفضِّل بعضهم الاحتفاظ به على الهاتف المحمول أو اللابتوب أو على أي جهاز آخر من أجل استخدامه في أوقات لاحقة عند الحاجة، كما يرغب البعض بالحصول على شَرح القصيدةِ من أجل طباعته واستخدامه ورقيًا لأغراض عدة، ويمكن للزوار أن يحصلوا على شرحِ أبيات القَصيدة على شكل ملف pdf من خلال الضغط على الرابط “من هنا“.

مقالات قد تهمك

وإلى هنا أحبتي نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال شرح قصيدة وإني وإن كنت الأخير زمانه لأبي العلاء المعري وقد تعرفنا على بعض المعلومات عن الشاعر أبي العلاء المعري، كما تعرفنا على شَرح أبيات قصيدته السابقة، وتمَّ إدراج الصور البلاغية والفنية التي فيها وأهم معاني المفردات والكلمات الصعبة وغير ذلك من التفاصيل المتعلقة بها.