كيف أخرج النبي زكاة الفطر وما أقوال العلماء في إخراجها

كيف أخرج النبي زكاة الفطر وما أقوال العلماء في إخراجها، حيث أن زكاة الفطر هي من الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى الله عز وجل في شهر رمضان المبارك، وهي من الأمور التي يسعى العديد إلى القيام بها وإخراجها في الوقت المحدد لها، وتخرج زكاة الفطر من الطعام الذي يأكله أهل البلد كالأرز أو التمر أو القمح، ويرغب العديد من المسلمين بمعرفة كيف أخرج النبي زكاة الفطر حتى يقتدوا به ويفعلوا فعله.

كيف أخرج النبي زكاة الفطر

فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر على المسلمين صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، وأمرهم بأدائها قبل خروج المصلين إلى صلاة العيد، ويستدل على ذلك بما ورد عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: “كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن طَعَامٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن أقِطٍ، أوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ”،^[1] وقد فسر بعض أهل العلم الطعام في هذا الحديث بأنه البر وهو القمح، وفسر آخرون أن الطعام هو قوت أهل البلد مهما كان قمح أو أرز أو ذرة أو غيرها، وذلك لأن القصد من زكاة الفطر هو مواساة الأغنياء للفقراء، والأفضل أن يواسي المسلم غيره من قوت بلده.^[2]

أقوال العلماء في وقت إخراج زكاة الفطر

تجب زكاة الفطر عند دخول وقتها وللعلماء عدة أقوال في وقت إخراج زكاة الفطر وفيما يأتي بيان لأقوال العلماء بالتفصيل:^[3]

• الحنفية: ذهب جمهورالحنفية إلى أن وقت إخراج زَكَاةِ الْفِطْرِ فيه سعة، وذلك لأَِنَّ الأَْمْرَ بِأَدَائِهَا غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِوَقْتٍ، كَالزَّكَاةِ، فَهِيَ تَجِبُ فِي مُطْلَقِ الْوَقْتِ وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ بِتَعَيُّنِهِ، فَفِي أَيِّ وَقْتٍ أَدَّى كَانَ مُؤَدِّيًا لاَ قَاضِيًا، غَيْرَ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ إِخْرَاجُهَا قَبْل الذَّهَابِ إِلَى الْمُصَلَّى وذلك لما ورد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: ” أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَمَرَ بزَكَاةِ الفِطْرِ، أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ”.^[4]
• الشافعية: ذهب الشافعية أنّ الوقت لإخراج زكاة الفطر يكون بغروب شمس آخر يوم من أيام رمضان، وذلك استنادًا لقول الصحابي الجليل ابن عباس رضي الله عنه: “فَرَضَ رسولُ اللهِ صدقةَ الفطرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ والرَّفثِ، طُعْمَةً لِلْمَساكِينِ، فمَنْ أَدَّاها قبلَ الصَّلاةِ؛ فهيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، ومَنْ أَدَّاها بعدَ الصَّلاةِ؛ فهيَ صدقةٌ مِنَ الصدقةِ”.^[5]
• المالكية: أما المالكية فقد انقسموا إلى قولين القسم الأول على قول الشافعية والحنابلة والقسم الثاني على قول الحنفية.

شاهد أيضاً: أدلة جواز إخراج زكاة الفطر نقداً وما أقوال العلماء في ذلك

إخراج زكاة الفطر نقدا في المذاهب الأربعة

بعض العلماء ذهب إلى جواز إخراج زكاة الفطر نقداً وبعضهم لم يجيز ذلك، وفيما يأتي تفصيل لإخراج زكاة الفطر نقدا في المذاهب الأربعة:

• الحنفية: ذهب جمهور الحنفية إلى أنه يجوز إخراج زكاة الفطر نقداً، وهذا الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية في حالة ما إذا كان إخراجها قيمة من النقود أو غيرها تترتب عليه مصلحة راجحة للفقير، وقالوا بأن الأولويّة إخراجها نقدًا؛ لما في ذلك من تيسير على الفقير والمسكين لشراء ما يريده من احتياجات للعيد له ولمن هم تحت نفقته.^[6]
• المالكية والشافعية والحنابلة: ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن زكاة الفطر تخرج من الطعام الغالب عند أهل البلد، ولا يجزئ عندهم إخراج زكاة الفطر نقداً أو مال من المسلم الّذي وجبت في حقه إخراج زكاة الفطر، وذلك لعدم ورود ما ينص على ذلك.^[7]

زكاة الفطر ابن عثيمين

فيما يأتي نعرض بعض من آراء الشيخ ابن عثيمين حول زكاة الفطر:^[8]

• أصناف زكاة الفطر: تخرج زكاة الفطر طعام ولا يجوز إخراجها من غير الطعام ولا نقود.
• مقدار زكاة الفطر: مقدارها صاع من طعام، والصاع النبوي هو كيلوان وأربعون جراماً، يعني حوالي كيلوين وربع من الرز أو غيره من طعام الناس ويشمل أي نوع كان من الأطعمة، الرز والبر والتمر والزبيب والأقط كله يجوز إخراج الزكاة منه لأنه طعام.
• على من تجب زكاة الفطر: تجب على كل واحد من المسلمين ذكراً كان أم أنثى، صغيراً كان أم كبيراً، حراً كان أم عبداً.
• وقت إخراج زكاة الفطر: لها وقتين؛ وقت فضيلة، ووقت جواز، أما وقت الفضيلة فهو أن تؤدى صباح يوم العيد قبل الصلاة، وأما وقت الجواز فهو أن تؤدى قبل العيد بيومين، أما إخراجها بعد الصلاة فإنه محرم ولا يجزئ.

شاهد أيضاً: شروط زكاة الفطر وهل يجوز دفع زكاة الفطر لشخص واحد

لمن تعطى زكاة الفطر

هناك قولان مختلفان للفقهاء لمن تعطى زكاة الفطر، وهما على النحو الآتي:^[9]

• القول الأوّل: وهو أنّ زكاةِ الفِطرِ تصرف في الأصنافِ الثَّمانيةِ وهذا قول الحنفيّة، والشافعية، والحنابلة، وقد استدلّوا على ذلك بقول الله -تبارك وتعالى-: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}،^[10]إذ إنّ الآية عامّةٌ في صرف الصدقات بعمومها لهذه الأصناف، وزكاة الفِطْر داخلةٌ تحت مسمَّى الصَّدقةِ في الآيةِ، وهي صَدَقةٌ واجبةٌ، فوجب ألَّا يختصَّ بها صِنفٌ مع وجودِ غَيرِه، كزكاة الأموالِ.
• القول الثاني: أنَّ زكاة الفطر تعطى للفُقَراءُ والمساكينُ فقط، وهذا مذهَبُ المالكيَّة، وهو قَولٌ للحَنابِلَة، واختاره ابنُ تيميَّة، وابنُ القيِّم، والشوكانيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين، وقد استدلوا على ذلك بما جاء عن عبد الله بنِ عَبَّاسٍ -رضِيَ اللهُ عنهما- قال: “فرض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زكاةَ الفِطرِ طُهرةً للصَّائمِ من اللَّغوِ والرَّفَثِ وطُعمةً للمساكينِ ، من أدَّاها قبل الصَّلاةِ فهي زكاةٌ مقبولةٌ ، ومن أدَّاها بعد الصَّلاةِ فهي صدقةٌ من الصَّدقاتِ”،^[5] وفي هذا النصٌّ تذكر صَدقةَ الفِطرِ على أنها طُعمةً للمَساكينِ، فوجب الاقتصارُ عليهم، وأيضاً لم يكُنْ مِن هَديِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ قِسمَةُ صَدَقةِ الفِطرِ على الأصنافِ الثَّمانيةِ، ولا أمَرَ بذلك، ولا فَعَلَه أحدٌ من أصحابِه، ولا مِن بَعدِهم.

مقدار زكاة الفطر

مقدار زكاة الفطر في شهر رمضان هو صاع من كل الأقوات أي صاع من البر، أو صاع من الشعير، أو صاع من التمر، أو صاع من قوت أهل البلد كالأرز والقمح، والصاع هو أربعة أمداد، والمد حفنة باليدين الممتلئتين، أي أنّ الصاع هو أربع حفنات باليدين المعتدلتين الممتلئتين، والصاع بالوزن يقدر بنحو ثلاثة كيلو جرامات، ويستدل على ذلك بما جاء عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- حيث قال: “كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن طَعَامٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن أقِطٍ، أوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ”،^[1] والله تعالى أعلم.^[11]

شاهد أيضاً: زكاة الفطر حبوب ام نقود وما هو الأصح بحسب أقوال الأئمة

مقدار زكاة الفطر نقدا

مقدار زكاة الفطر نقدا، يقدّرها مفتي كل دولة على حدى سنوياً وهو مقدار مساوي لصاع الأرز أو الشعير في ذلك الوقت، ويجب على المسلمين الالتزام بالقيمة التي يحددها مفتي بلدهم، وفيما يأتي نذكر مقدار زكاة الفطر نقدا في بعض الدول العربية لعام 1444-2023 وهي كالآتي:

• السعودية: تم تحديد قيمة زكاة الفطر داخل المملكة العربية السعودية لعام 1444 هجرية بنحو 25 ريالًا سعوديًا للفرد، وهذا هو متوسط ​​سعر الأرز في المملكة العربية السعودية للعام الحالي 2023.
• الإمارات العربية المتحدة: في الإمارات قدرت زكاة الفطر بمقدار صاع من الأرز- كوه غالب القوت في المجتمع الإماراتي-، ويساوي الصاع 2.5 كيلو جراماً، وهو ما يعني أن نصاب زكاة الأرز بالكيلو يساوي نقداً في الإمارات 25 درهماً عن كل شخص.
• المغرب العربي: في المغرب العربي مقدار زكاة الفطر نقدا للشخص الواحد بنحو 20 درهم.
• سورية: في الجمهورية العربية السورية قدرت زكاة الفطر للشخص الواحد بنحو عشرة آلاف ليرة سورية.
• تونس: مقدار زكاة الفطر للشخص الواحد نقداً في تونس للشخص الواحدهو 2000 مليم تونسي.
• ليبيا: مقدار زكاة الفطر نقداً في ليبيا للشخص الواحد هو سبعة دنانير ونصف.
• البحرين: مقدار زكاة الفطر نقداً في البحرين للشخص الواحد هو 5 دينار بحريني.
• الكويت: دار زكاة الفطر نقداً في الكويت للشخص الواحد هو دينار كويتي واحد.
• قطر: مقدار زكاة الفطر نقداً في قطر للشخص الواحد هو  15 ريال قطري.
• سلطنة عمان: مقدار زكاة الفطر نقداً في سلطنة عمان للشخص الواحد هو ما بين ريال إلى ريال ونصف عماني.
• اليمن: مقدار زكاة الفطر نقداً في اليمن للشخص الواحد هو 350 ريال يمني.
• مصر: مقدار زكاة الفطر نقداً في مصر للشخص الواحد هو 30 جنيها مصري.
• العراق: مقدار زكاة الفطر نقداً في العراق للشخص الواحد هو 4000 دينار عراقي.

مقدار زكاة الفطر من الأرز

مقدار زكاة الفطر من الأرز هو صاع أي 2.15 كيلو غرامًأ، والأحوط أن يكون ثلاثة كيلو أرز تقريباً، وذلك بإجماع الفقهاء، والأرز هو من قوت البلد في غالبية بلاد المسلمين، ويستدل على ذلك بما جاء عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- حيث قال: “كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن طَعَامٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن أقِطٍ، أوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ”،^[1] ويُقدَّر الصاع بأربعة أمداد، ويُقدَّر المدّ بما يملأ كفَّي الإنسان المُعتدل، ويُقدَّر الصاع وزناً بثلاثة كيلو جرامات تقريباً.^[12]

شاهد أيضاً: ما مقدار زكاة الفطر نقداً في البحرين للفرد 2023

لمن تعطى زكاة الفطر من الأقارب

يجوز دفع زكاة الفطر وزكاة المال إلى الأقارب الفقراء، بل دفعها إليهم أولى من دفعها إلى غيرهم، وذلك لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “الصدقةُ على المسكينِ صدقةٌ وعلى ذي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صدقةٌ وصِلَةٌ”،^[13]ولكن ذلك مشروط بكون هذا القريب ممن لا تجب نفقته على المزكِّي، أي ليس من الأصول ولا الفروع، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- عن حكم دفع زكاة الفطر للأقارب الفقراء فأجاب “بأنه يجوز أن تدفع زكاة الفطر إلى الأقارب الفقراء، بل إن دفعها إلى الأقارب أولى من دفعها إلى الأباعد؛ لأن دفعها إلى الأقارب صدقة وصلة ، لكن بشرط ألا يكون في دفعها حماية ماله ، وذلك فيما إذا كان هذا الفقير تجب عليه نفقته، أي على الغني ؛ فإنه في هذه الحال لا يجوز له أن يدفع حاجته بشيء من زكاته ؛ لأنه إذا فعل ذلك  فقد وفَّر ماله بما دفعه من الزكاة وهذا لا يجوز”، والله تعالى أعلم.^[14]

وبهذه السطور نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا الذي بيّن كيف أخرج النبي زكاة الفطر وما أقوال العلماء في إخراجها بالإضافة إلى عرض بعض أقوال العلماء في وقت إخراج زكاة الفطر، وماحكم إخراج زكاة الفطر نقدا في المذاهب الأربعة، وكما تطرّق المقال إلى عرض زكاة الفطر عند ابن عثيمين، ولمن تعطى زكاة الفطر من الأقارب وغيرهم، وما هو مقدار زكاة الفطر نقدا، أو من الأرز.