ما هو حكم تأخير صلاة الفجر عن وقتها

حكم تأخير صلاة الفجر هو ما سيتناوله موضوع هذا المقال، حيث تعدّ صلاة الفجر من أثقل الصلوات على المنافقين وأكثرها انتعاشًا وروحانيةً للمؤمنين الصالحين، فيها من النفحات الإيمانية والنسمات الروحانية ما فيها، وقد يغفل البعض عنها بسبب النوم أو البرد أو لغير عذر، ومن خلال هذا المقال سيتم التعرف على أحكام تأخير صلاة الفجر عن وقتها إذا توفرت الأسباب أم لم تتوفر.

حكم تأخير صلاة الفجر

إنّ حكم تعمد تأخير صلاة الفجر حتى مطلع الشمس هو كبيرة من أكبر الكبائر، وقد بيّن أهل العلم أنّ التعمد في تأخير الصلاة هو أكبر من الزنى والسرقة وشرب الخمر وغيرها من الكبائر بإجماع أهل العلم وذلك ما نقله الإمام ابن القيم رحمه الله في كتاب الصلاة، أمّا من أخّرها إلى ما قبل طلوع الشمس وخروج وقتها فقد خالف السنّة ولكنه لا يأثم والله أعلم، لأنّ سنّة الحبيب المصطفى -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه كان يقيمها في أول وقتها بعد تبيّن طلوع الفجر الصادق، وقد ورد في الحديث الصحيح عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: “قَدِمَ الحَجَّاجُ فَسَأَلْنَا جَابِرَ بنَ عبدِ اللَّهِ، فَقَالَ: كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بالهَاجِرَةِ، والعَصْرَ والشَّمْسُ نَقِيَّةٌ، والمَغْرِبَ إذَا وجَبَتْ، والعِشَاءَ أحْيَانًا وأَحْيَانًا، إذَا رَآهُمُ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ، وإذَا رَآهُمْ أبْطَؤُوا أخَّرَ، والصُّبْحَ كَانُوا، أوْ كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّيهَا بغَلَسٍ”،^[1]فلا خلاف على أداء صلاة الصبح من بعد أذانها إلى ما قبل طلوع الشمس والله ورسوله أعلم.^[2]

شاهد أيضًا: هل يجوز صلاة الوتر بعد اذان الفجر

حكم تأخير صلاة الفجر ساعة بعد الأذان

بيّن الشيخ ابن باز -رحمه الله- أنّ الواجب على المسلمين القيام بأداء الصلاة على وقتها، ولا يجوز لهم التأخير عن هذا الوقت، فصلاة الفجر تصلى قبل طلوع الشمس، فإذا كانت المدة بين أذان الفجر وطلوع الشمس أكثر من ساعة جاز لهم صلاتها وتأخيرها ساعة بعد الأذان، وإنّ كان في ذلك شبهة فالأولى للمسلم أن يقيم الصلاة في أول وقتها وهي سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، والله ورسوله أعلم.^[3]

حكم من يتعمد تأخير صلاة الفجر عن وقتها

لا يجوز للمسلم أن يؤخر الصلاة عن وقتها لا صلاة الفجر ولا غيرها من الصلوات المفروضة، والواجب على المسلم أن يقيم صلاته في وقتها، والأولى له أن يصليها في المسجد ما دام قادرًا على ذلك، وإنّ حكم التعمد في فعل ذلك هو منكر عظيم وعزمٌ على الترك، وهو عند بعضٍ من الفقهاء يدخل بالكفر والعياذ بالله، وقد قال التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي رضي الله عنه: “لم يكن أصحابُ النبي ﷺ يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة”، فإنهم يرون تركها كفرًا”.^[4]

شاهد أيضًا: هل يجوز صلاة ركعتين بعد الفجر

ما هو عقاب من يؤخر صلاة الفجر؟

إنّ من أخّر صلاة الفجر عن أوّل وقتها وصلاها في غير أولها من الأوقات المتاحة من أذان الفجر إلى ما قبل طلوع الشمس فهو لا ضير فيه ولا عقوبة لفاعل ذلك، أمّا من أخّرها إلى ما بعد طلوع الشمس عمدًا فقد اتصف بصفات المنافقين، وقد بيّن ذلك ابن مسعود رضي الله عنه: “لقد رأيتنا وما يتخلف عن صلاة الفجر إلا منافق معلوم النفاق”، وإنّ تارك صلاة الفجر له الويلات والغي،  فقد قال تعالى في سورة مريم: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}،^[5]كما أنّ الشيطان يبول في أذن النائم عن صلاة الفجر، فقد ورد في الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: “كِرَ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَجُلٌ نَامَ لَيْلَهُ حتَّى أصْبَحَ، قالَ: ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ في أُذُنَيْهِ، أوْ قالَ: في أُذُنِهِ”.^[6]

هل يجوز تأخير صلاة الفجر بسبب البرد؟

بيّن أهل العلم أنّ البرد ليس عذرًا شرعيًا لتأخير صلاة الفجر عن وقتها المفروض، وأكّد الفقهاء على أنّ الواجب في أداء الصلاة المفروضة مهما كانت أن تكون على وقتها، فأمّا إن كان المسلم على جنابة ولا يستطيع الغسل بالماء البارد وخشي المرض والضرر فالواجب عليه أن يتمم ولا يتوضأ وهو أمرٌ كافٍ لرفع الحدثين والله ورسوله أعلم.^[7]

شاهد أيضًا: حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم

حكم تأخير صلاة الفجر بسبب النوم

إنّ النوم يأخذ جانبين اثنين في حكم تأخير الصلاة للفجر وغيره، فمنها ما يعذر في المرء ومنها ما لا يعذر فيه، فمن نام قبل دخول الوقت لا إثم عليه، أمّا من نام بعد دخول الوقت واستغرقه النوم أو ظنّ الاستغراق فلا يجوز ذلك، وقد ورد في بيان الحكم الشرعي العديد من أقوال الأئمة والفقهاء، لعل أبرزها:^[8]

• قال الإمام الدردير في شرح المالكي: “ولا إثم على النائم قبل الوقت ولو علم استغراق الوقت، وأما لو دخل الوقت: فلا يجوز بلا صلاة إن ظن الاستغراق”.
• قال الإمام الشوكاني: “ظاهر الحديث: أنه لا تفريط في النوم، سواء كان قبل دخول وقت الصلاة أو بعده، قيل: تضيقه، وقيل: إذا تعمد النوم قبل تضيِّق الوقت واتخذ ذلك ذريعة إلى ترك الصلاة، لغلبة ظنه أنه لا يستيقظ إلا وقد خرج الوقت، كان آثمًا. والظاهر: أنه لا إثم عليه بالنظر إلى النوم؛ لأنه فعله في وقت يباح فعله فيشمله الحديث، وأما إذا نظر إلى التسبب به للترك فلا إشكال في العصيان بذلك، ولا شك في إثم من نام بعد تضيق الوقت لتعلق الخطاب، والنوم مانع من الامتثال، والواجب إزالة المانع”.
• قال الإمام السيوطي: “ولو أراد أن ينام قبل الوقت وغلب على ظنه أن نومه يستغرق الوقت لم يمتنع عليه ذلك؛ لأن التكليف لم يتعلق به بعد، ويشهد له ما ورد في الحديث أن امرأة عابت على زوجها بأنه ينام حتى تطلع الشمس فلا يصلي الصبح إلا ذلك الوقت، فقال: إنا أهل بيت معروف لنا ذلك -أي: ينامون من الليل حتى تطلع الشمس-، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إذا استيقظت فصلِّ”.

حكم تأخير صلاة الفجر ابن عثيمين

ورد في موقع الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- فتواه التي تجيب وتبين حكم تأخير صلاة الفجر إلى وقت دوام العمل وغيره فقال:^[9]

يرى بعض أهل العلم أن من ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها بلا عذر كافر كفراً أكبر مخرجاً عن الملة، وبناءً على هذا يكون هذا الرجل كافراً كفراً مخرجاً عن الملة؛ لأن تأخير الصلاة إلى ما بعد الوقت عمداً بلا عذر شرعي لو صلاها لم يستفد منها ولا تقبل منه.

ويرى آخرون: أن ترك الصلاة الذي ورد أنه كفر هو أن يتركها بالكلية لا الفجر ولا غيره، وهذا أقرب إلى ظاهر النصوص؛ فهذا لا يكفر على هذا القول الذي نرجحه، لكن على خطر عظيم -والعياذ بالله- ما لم يعتقد أنه يجوز تأخير الفجر إلى ما بعد الوقت فحينئذٍ يكون أنكر فرضيتها فيكفر بالإنكار.

بذلك نصل لختام هذا المقال حكم تأخير صلاة الفجر والذي قدم جملة من الأحكام الشرعية عن تأخير صلاة الفجر بسبب البرد أو النوم أو الغفلة كما أوضحتها شريعة الدين الإسلامي الحنيف.