مقدار ما يُعطى المساكين من الزكاة

مقدار ما يُعطى المساكين من الزكاة
مقدار ما يُعطى المساكين من الزكاة

مقدار ما يُعطى المساكين من الزكاة، الزكاة من أركان الإسلام العظيمة التي فرضها الله على المسلمين، وأموال الزكاة توزع على أصناف عديدة من الناس منهم الفقراء والمساكين، وقد يسأل أو يتساءل الكثير من الناس عن مقدار ما يُعطى المساكين من الزكاة، لذلك سنتعرف في هذا المقال على معنى الزكاة وفضائلها ونبيّن مقدار ما يعطى للمساكين من أموال الزكاة ثمّ سنبين لكم من هم المستحقون الذين توزّع عليهم أموال الزكاة، وكيفية توزيعها على مستحقيها، ثم سنبين لكم فوائد الزكاة على الفرد والمجتمع والاحكام المترتبة على مانعي الزكاة.

تعريف الزكاة

الزَّكاة في اللغة: الطَّهارةُ، والنَّماءُ، والزَّكاة اصطلاحًا: هي إخراج جُزءٍ واجبٍ شرعًا، في مالٍ معيَّنٍ، لطائفةٍ أو جهةٍ مخصوصةٍ بغية التعبّد إلى الله تعالى،[1] والزكاة ركن من أركان الإسلام الخمسة وهي الركن الثالث منه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ” بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ”.[2]
وللزكاة مكانة عظيمة في الإسلام، فقد وردت في كتاب الله تعالى في العديد من المواضع واقترن ذكرها مع الصلاة، فحيثما ورَدَ الأمرُ بالصَّلاةِ اقترن به الأمرُ بالزَّكاة، قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ}[3]وقال تعالى: {  وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ۚ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[]

فضل الزكاة

الزكاة من أحب الأعمال إلى الله تعالى فقد فرضها على المقتدرين عليها من أمة الإسلام عوناً لفقرائهم ولكيلا يبقى فقير في ديار المسلمين ولا شك أن لهذه العبادة العظيمة العديد من الفضائل ومنها:[5]

  • علامة على صلاح العبد وتقاه وسبب من أسباب دخوله الجنة: قال تعالى { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ* كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ *وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ }[6]
  • من أسباب دخول العبد الجنّة، وعن أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ” خمسٌ مَن جاءَ بهنَّ مع إيمانٍ؛ دخل الجنَّةَ: من حافظَ على الصَّلواتِ الخمْسِ: على وضوئِهنَّ وركوعهنَّ وسجودِهنَّ ومواقيتِهنَّ، وصامَ رمضان، وحجَّ البيتَ إنِ استطاعَ إليه سبيلًا، وأعطى الزَّكاةَ طيِّبةً بها نفسُه”.[7]
  • الزكاة من الأعمال التي إن حافظ عليها العبد يرتقي إلى منازل الصديقين والشهداء: فعن عمرِو بن مُرَّة الجُهنيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ” جاء رجلٌ من قُضاعةَ إِلى رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: إِنِّي شهدْتُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّك رسولُ الله، وصليتُ الصلواتِ الخَمْسَ، وصُمتُ رمضانَ وقمتُه، وآتيتُ الزَّكاةَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: مَن مات على هذا كان من الصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ”.[8]
  • الزكاة من الأعمال التي يستشعر بها العبد طعم الإيمان: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: “ثلاثٌ مَن فَعَلَهنَّ فقد طَعِمَ طعْمَ الإيمانِ: مَن عبَدَ الله وحْده، وعلِمَ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأعطى زكاةَ ماله طيِّبةً بها نفسُه، رافدةً عليه كلَّ عامٍ، ولم يُعطِ الهَرِمةَ ولا الدَّرِنةَ ولا المريضةَ ولا الشَّرَطَ اللَّئيمةَ، ولكنْ مِن وسَطِ أموالِكم؛ فإنَّ اللهَ لم يسألْكم خَيرَه ولم يأمُرْكم بشَرِّه”.[9]

شاهد أيضًا: من شروط وجوب الزكاة في عروض التجارة

مقدار ما يُعطى المساكين من الزكاة

“يُعطَى الفقيرُ أو المسكينُ، كفايةَ سَنةٍ” وهذا قول الشافعية ومذهَبُ المالكيَّة، والحَنابِلَة، واختاره أبو عُبَيدٍ القاسِمُ بنُ سلَّامٍ، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين[10]، ولكن إذا كان الفقير أو المسكين صاحب حرفة فإنه يعطى ما يكفيه ليشتري أدوات حرفته والآلات والمعدات اللازمة لهذه الحرفة، قلت هذه القيمة أو كثرت، بحيث يحصل هذا الفقير أو المسكين على الأرباح من حرفته بما يحقق له كفايته، ويختلف ذلك باختلاف الحرف والأزمان والأشخاص والبلاد، عن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ” كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ ممَّا أَفَاءَ اللَّهُ علَى رَسولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ممَّا لَمْ يُوجِفِ المُسْلِمُونَ عليه بخَيْلٍ، ولَا رِكَابٍ، فَكَانَتْ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَاصَّةً، وكانَ يُنْفِقُ علَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِ، ثُمَّ يَجْعَلُ ما بَقِيَ في السِّلَاحِ والكُرَاعِ عُدَّةً في سَبيلِ اللَّهِ”.[11]

والدلالة من هذا الحديث أن في هدْيِ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أسوةً حسَنةً للمسلمين في كيفية ادِّخارِه لأهلِه قُوتَ سَنَةٍ، وأن الزكاة تتم في كل عام، لذلك يعطى الفقير والمسكين ما يكفيهما مدّة عام إلى أن يأتي موعد الزكاة من جديد، والحول أو العام هو متوسط ما يطلبه الفرد لكي يضمن به العيش لنفسه وأهله، إذاً فالفقير والمسكين يعطى من مال الزكاة ما يكفيه لمدة سنة، قال المرداوي في الإنصاف: الصحيح من المذهب أن كل واحد من الفقير والمسكين يأخذ تمام كفايته سنة.. انتهى، وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع: في باب إعطاء الزكاة الغني مَن عنده قوته وقوت عائلته لمدة سنة.. انتهى. ومقدار الكفاية هو أن يكتفي الفقير من المطعم والمشرب والمسكن والمأوى وغيرها من احتياجات الحياة الضرورية لمدة سنة كاملة دون إسراف ولا تقتير جاء في الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي “وَالْمُرَادُ بِالْكِفَايَةِ كِفَايَةُ نَفْسِهِ وَمُمَوِّنِهِ حَالَ إعْطَائِهِ الزَّكَاةَ الْكِفَايَةَ اللَّائِقَةَ بِهِ وَبِهِمْ عُرْفًا مَأْكَلًا وَمَشْرَبًا وَمَلْبَسًا وَمَسْكَنًا وَغَيْرَهَا مِنْ سَائِرِ وُجُوهِ الْكِفَايَاتِ”.[12]

وإن كان الفقير أو المسكين لديه من المال ما يكفيه لمدة نصف سنة فإنه يعطى ما يكفيه لنصف سنة فقط أي لكي يصبح عنده ما يكفيه لسنة واحدة إلى إن يحول الحول ويأتي موعد الزكاة في العام الذي بعده، قال ابن باز: ” الواجب أن يعطى الفقير ما يسد حاجته سنته كلها، عامه كله، وإذا كان الفقير عنده ما يكفيه نصف السنة؛ أعطي ما يكفيه لبقية السنة، وإذا كان صاحب الزكاة لا يعرف حاله، ولكن يعلم أنه فقير؛ فيعطيه، ويكفي، يعطيه ما تيسر من الزكاة، ويكفي، أما إذا كان يعرف حاله، وعنده زكاة كبيرة يستطيع أن يعطيه ما يسده في العام؛ فإنه يعطيه ما يسده في العام”.[13]

مصارف الزكاة

مصارف الزكاة هم الفئات من الناس الذين توزع عليهم الزكاة، وقد بين الله تعالى هذه الفئات في أية في سورة التوبة في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.[14]وفيما يأتي ندرج لكم مصارف الزكاة المذكورة في الآية الكريمة مع العلم أن في كتب الفقه الكثير من الأحكام التي تفصل كل واحد من هذه الأصناف:[15]

  • الفقراء: وهم الفقراء من أهل الحاجة الذين لا يجدون ما يكفيهم أو لا يجدون شيئاً أبداً، أو هو المحتاج الذي لا يجد كفايته لمدة نصف سنة.
  • المساكين: وهم أصحاب المال القليل الذي لا يكفي احتياجاتهم ولكن أحوالهم أحسن من أحوال الفقراء.
  • العاملون على الزكاة: هم المكلفون بجمع أموال الزكاة من الجُباة والحفظة والكتبة وغيرهم ممن ولاهم الإمام أو نائبه، وأوكل هذه المهمة إليهم، ولا يشترط فيهم وصف الفقر، بل يعطون منها ولو كانوا أغنياء.
  • المؤلفة قلوبهم: وهم الأناس المراد تأليف قلوبهم ممن دخل حديثاً في الإسلام أو ممن يراد تثبيت دينه إن ضعف، أو من يراد جلب المنفعة منه أو درء الشر منه.
  • الرقاب: هم الأرقاء والعبيد وهم ثلاث أضراب، المكاتبون المسلمون، الرقيق المسلم، الأسرى من المسلمين.
  • الغارمون: الذين يدينون بديون ويعجزون أن أداء هذه الديون.
  • في سبيل الله: الإنفاق في سبيل الجهاد في سبيل الله، والإنفاق على المجاهدين الذين خرجوا لنصرة دين الله.
  • ابن السبيل: يقصد به المسافر الذي غاب عن بلده ولم يعد معه ما يكفيه من نفقة، فيُعطى من مال الزكاة ما يستعين به على تحقيق مقصده، أو عودته إلى بلده.

شاهد أيضًا: هل يجوز اخراج زكاة الفطر بعد صلاة العيد

كيفية توزيع الزكاة على مستحقيها

بينا لكم في الفقرة السابقة الأصناف الثمانية التي ذكرها الله تعالى في كتابه العزيز من مستحقي الزكاة، ولكن في حال وجود جميع هؤلاء الأصناف أو عدم وجودهم جميعاً فكيف يتمّ توزيع أموال الزكاة، وكانت أقوال الفقهاء كما يأتي:

  • مَذهَبُ الجُمهورِ من الحنفيَّة والمالكيَّة والحَنابِلَة: “يجوزُ الاقتصارُ في دفْعِ الزَّكاةِ إلى صِنفٍ واحدٍ مِنَ الأصنافِ الثَّمانية”،[16] ومن الأحاديث النبوية التي استدل بها الفقهاء على هذا الكلام عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ قال: “بعَث عليٌّ رَضِيَ اللهُ عنه، وهو باليمن بذَهَبةٍ في تُربَتِها إلى رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم فقَسَمها رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بين أربعةِ نفرٍ: الأقرعِ بنِ حابسٍ الحنظليِّ، وعُيَينةَ بنِ بدْرٍ الفَزاريِّ، وعَلْقَمةَ بنِ عُلَاثةَ العامِريِّ، ثم أحَدِ بني كِلابٍ، وزيدِ الخَيرِ الطائيِّ، ثم أحدِ بني نبْهانِ، قال: فغَضِبَتْ قريشٌ، فقالوا: أتُعطي صناديدَ نجدٍ وتدَعُنا؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: إنِّي إنَّما فعلتُ ذلك لأتألَّفَهم”.[17]
  • المذهب الشافعي: لا يجوز أن يحرم أي صنف من الأصناف الثمانية وإنما توزع على الأصناف الموجودة بالتساوي، فإذا فقد أحد هذه الأصناف فإنّ نصيبه يوزّع على الباقي، وإذا زاد نصيب أحد الأصناف عن حاجة أفراده فإن الزيادة تردّ وتوزع على الآخرين، وجميع الأصناف الموجودين تقسم الزكاة عليهم بالتساوي، ماعدا العاملين عليها، فإنهم يحصلون على أجرهم على ما مر، قبل قسمة الزكاة، وليس من الشرط التسوية بين أفراد الصنف الواحد، وإنما تجوز المفاضلة بينهم، وإذا كان عددهم غير محصور فيعطي ثلاثة من كل صنف على الأقل لأن كل صنف ذكر بصيغة الجمع في الآية، وأقل الجمع ثلاثة، ولكن إن كان عددهم محصوراً فيجب أن يستوفي الجميع إذا وفت الزكاة بحاجتهم، فإن ترك واحداً منهم في الحالين ـ مع علمه به ـ ضمن له أقل متمول من مال.[18]

فوائد وأحكام الزكاة

الزكاة نظام اقتصادي متكامل للمجتمع المسلم يحافظ على مال الأغنياء منهم ويكفي فقرائهم وأصحاب الحاجة منهم، ولعل السبب الرئيسي الذي أودى بالأمة الإسلامية إلى الفقر والمجاعات هو امتناع أغنيائهم عن أداء هذه الفريضة، مما أدى إلى انتشار الفقر بين المسلمين وظهرت الحروب والجرائم والسرقات بسبب ذلك، ومن الفوائد التي تعود على كل من الغني الفقير والفرد والمجتمع من إخراج الزكاة ما يأتي:[19]

  • الزكاة تطير للنفس وتزكية للقلب: فهي تعوّد المسلم على الكرم والبذل وتقتلع من نفسه جذور الشح وعوامل البخل، وهي بركة له في رزقه، فما نقص مال من صدقة، وإنما يكون المال الذي يدفعه المسلم للزكاة تجارة رابحةً مع الله تعالى، فالله عز وجل له حكم كثيرةٌ في رد الإحسان إلى عباده، فقد يعوض عليه ماله أضعافاً مضاعفة، وقد يدفع عنه مضرة من مضارّ الدنيا أو غير ذلك، فضلاً عن الثواب العظيم الذي يناله العبد في الآخرة من هذه العبادة العظيمة.
  • الزكاة دعامةً من دعائم المجتمع القوي المتماسك: فهي تقوي أواصر المحبة والأخوة بين المزكّي وباقي أفراد المجتمع، فعندما يقدّم المزكّي زكاة أمواله ويدفعها إلى الفقراء فهو بذلك يستشعر نعمة الله تعالى عليه، ويكفّ أنظار الناس إلى أمواله، ويدخل الفرح والسرور والمحبة إلى قلوب الفقراء من أبناء مجتمعه فتعم الألفة والمودّة والمحبة في المجتمع.
  • الزكاة حماية للمجتمع من أمراض الفقر والحاجة: فهي تحافظ على مستوى الكفاية لأفراد المجتمع وتحمي من أخطار الفوارق الاجتماعية الكبيرة بين أفراد الأمة وبدفع الأغنياء زكاة أموالهم الواجبة وتقديمها إلى الفقراء منهم يصل المجتمع المسلم إلى الصورة التي أرداها الله أن يكون عليها، فلا يبقى منهم ذو حاجة ويتفرغون جميعهم للأمور التي تنفعهم في دينهم ودنياهم من العبادة والعمل وطلب العلم وغيرها من الأمور التي قد يعجز الفقير على القيام بها لانشغاله بتأمين لقمة العيش له ولعياله.
  • القضاء على عوامل البطالة وأسبابها: فأغلب أسباب فقر الناس عدم قدرتهم على البدء بأعمالهم الخاصة وكسب المال الحلال من عملهم، ولكن تطبيق الزكاة الصحيحة في المجتمع يقضي بأن يعطى صاحب الحرفة أو المهنة الذي لا يستطيع أن يبدأ عمله بنفسه من أموال الزكاة ما يكفيه لكي يشتري الأدوات والمعدات اللازمة لكي يعمل في مهنته ويجني منها رزقه.
  • الزكاة تخلص المجتمع من أدران الحقد والحسد والضغائن: فانتشار الفوارق الاجتماعية الكبيرة والواضحة في المجتمعات وغياب مظاهر التراحم والتعاون والتعاطف فيها تفتح الباب لانتشار مظاهر الحسد والحقد والضغينة في قلوب الناس وخاصة الفقراء منهم الذين لا يجدون قوت يومهم بينما يتنعم غيرهم بالأموال الطائلة والنعم الكثيرة، فتعمي هذه الأموال أصحابها وتملأ قلوبهم بالكبر والجشع والطمع وتملأ قلب الفقير بالحسد والحقد، قال تعالى: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }[20]
  • الزكاة تحفظ المجتمع من الجرائم: فشدة الفقر والحاجة قد تدفع الفقير إلى السرقة لكي يأكل أو يطعم أولاده أو عياله، فلو أخرجت الزكاة في المجتمعات الإسلامية وأعطي الفقير من أموال الزكاة ما يكفيه كما أمر الله ورسوله فلن يضطر عندها الفقير إلى الطمع والجشع والتفكير بالأساليب الملتوية للحصول على المال مثل السرقة أو ارتكاب الجرائم أو غير ذلك.

شاهد أيضًا: هل تجب زكاة الفطر على الفقير

حكم مانع الزكاة

على الرغم من التشديد الذي بينّه الله تعالى في المحافظة على الزكاة في آيات كتابه الحكيم، والأحاديث النبوية التي تحثّ على الزكاة وتحذر من الامتناع عنها إلا أننا نرى من حولنا عكس ذلك، فها هي أكثر البلدان العربية والإسلامية تعيش تحت خد الفقر العالمي بينما تنعم الدول الإسلامية الأخرى بأعلى صور الرفاهية والثراء وكذلك الناس في المجتمع الواحد منهم من يملك الثروات والأملاك ومنهم من لا يملك قوت يومه، ومن العواقب والأحكام التي بينها الإسلام في حكم مانع الزكاة ما يأتي:[21]

  • من منع الزكاة منكراً لها: “أجمع العلماء على أن من جحدها وأنكر فرضيتها فقد كفر وارتد عن الإسلام، وكان حلال الدم إن لم يتب”، فالزكاة ركن بيّن من أركان الإسلام، وحكمها ظاهر بيّن يعلمه الخاص والعام من المسلمين ولا يحتاج إلى أدلة وبراهين، قال النووي: رحمه الله تعالى: نقلاً عن الخطابي: “إن من أنكر فرض الزكاة في هذه الأزمان كان كافراً بإجماع المسلمين” … وقال “استفاض في المسلمين علم وجوب الزكاة، حتى عرفها الخاص والعام، واشترك فيه العالم والجاهل، فلا يعذر أحد بتأويل يتأوله في إنكارها، وكذلك الأمر في كل من أنكر شيئا مما أجمعت الأمة عليه من أمور الدين، إذا كان عمله منتشراً: كالصلوات الخمس، وصوم شهر رمضان، والاغتسال من الجنابة، وتحريم الزنا، ونكاح ذوات المحارم، ونحوها من الأحكام”.
  • من منع الزكاة بخلاً وشحّاً من نفسه: وأمّا من يعتقد بوجوب الزكاة ولكنه يمنعها من بخله وشحّ نفسه، فهو آثم يناله شديد العقاب في الآخرة، قال تعالى:{ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ}[22]وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ” مَن آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ له مَالُهُ يَومَ القِيَامَةِ شُجَاعًا أقْرَعَ له زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَومَ القِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بلِهْزِمَتَيْهِ – يَعْنِي بشِدْقَيْهِ – ثُمَّ يقولُ أنَا مَالُكَ أنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلَا: (لَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) الآيَةَ.”[23]كما أن الزكاة تؤخذ من هؤلاء الناس في الدنيا قهراً وإن ظل ممتنعاً عن إخراجها فإنه يجبر على ذلك من قبل الحاكم المسلم الذي يقيم شرع الله عز وجل، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ” لَمَّا تُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وكانَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، وكَفَرَ مَن كَفَرَ مِنَ العَرَبِ، فَقالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: كيفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ؟ وقدْ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فمَن قالَهَا فقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ ونَفْسَهُ إلَّا بحَقِّهِ، وحِسَابُهُ علَى اللَّهِ فَقالَ: واللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَن فَرَّقَ بيْنَ الصَّلَاةِ والزَّكَاةِ، فإنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، واللَّهِ لو مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ علَى مَنْعِهَا قالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: فَوَاللَّهِ ما هو إلَّا أنْ قدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، فَعَرَفْتُ أنَّه الحَقُّ”.[24]

إلى هنا أعزاءنا زوار موقع تصفح، نصل وإياكم إلى نهاية رحلتنا في مقال مقدار ما يُعطى المساكين من الزكاة والذي تعرفنا فيه على معنى الزكاة وفضائلها وبينّا مقدار ما يعطى للمساكين من أموال الزكاة ثمّ بينّا لكم من هم المستحقون الذين توزّع عليهم أموال الزكاة، وكيفية توزيعها على مستحقيها، وفوائد الزكاة على الفرد والمجتمع والاحكام المترتبة على مانعي الزكاة، فهذا ما تهيّأ إعداده وتيسّر إيراده، فنسأل الله أن نكون قد وفقنا في تقديمه، والحمد لله رب العالمين.

أسئلة شائعة

أسئلة شائعة
من هو الفقير الذي يستحق الزكاة
الفقير الذي يستحق الزكاة هو الفقير الذي لا يملك ما يكفيه من أساسيات الحياة من مأكل ومشرب وملبس وغير ذلك، وهو عند الشافعية: " من لا مال له يقع موقعاً من كفاية مطعماً وملبساً ومسكناً، كمن يحتاج إلى عشرة فلا يقدر إلى على ثلاثة" انتهى، وقال الشربيني مبينا حد الفقر: "الفقير هنا ( من لا مال له ولا كسب ) يقع جميعهما أو مجموعهما ( موقعا من حاجته ) والمراد بحاجته ما يكفيه مطعما وملبسا ومسكنا وغيرها مما لا بد له منه على ما يليق بحاله وحال من في نفقته من غير إسراف ولا تقتير. انتهى، وقيل أيضاً أن الفقير هو المحتاج الذي لا يجد كفايته لمدة نصف سنة.
ما الفرق بين الفقير والمسكين
إن المصطلحين قريبين من بعضهما فكلاهما يدل على من لا يجد ما يكفيه من الطعام والشراب والمال والمسكن، ولكن الفقير أشد حاجة من المسكين، فالفقير كمن يحتاج عشرة ولا يجد إلا ثلاثة، والمسكين كمن يحتاج عشرة ولا يجد إلا سبعة.

المراجع

  1. ^ dorar.net/feqhia، تعريفُ الزَّكاة، 01/03/2023
  2. ^ صحيح البخاري ، عبدالله بن عمر، البخاري، 8، صحيح
  3. ^ سورة البقرة، الآية 110
  4. ^ سورة المزمل، الآية 20
  5. ^ dorar.net/feqhia، فضائلُ الزَّكاة، 01/03/2023
  6. ^ سورة الذاريات، الآية 15 - 19
  7. ^ صحيح أبي داود ، أبو الدرداء، الألباني، 429، حسن
  8. ^ صحيح الترغيب، عمرو بن مرة الجهني، الألباني، 1003، صحيح
  9. ^ صحيح أبي داود ، عبدالله بن معاوية الغاضري، الألباني، 1580، صحيح
  10. ^ dorar.net/feqhia، مُدَّة الكفاية التي تُعطَى للفقيرِ أو المسكينِ، 01/03/2023
  11. ^ صحيح البخاري، عمر بن الخطاب، البخاري، 2904، صحيح
  12. ^ islamweb.net، قدر ما يُعطَى الفقير من الزكاة، 01/03/2023
  13. ^ binbaz.org.sa، مقدار ما يعطاه الفقير من الزكاة، 01/03/2023
  14. ^ سورة التوبة ، الآية 60
  15. ^ islamweb.net، مصارف الزكاة والمراد بكل منها، 01/03/2023
  16. ^ dorar.net/feqhia، حُكمُ استيعابِ الأصنافِ الثَّمانية، 01/03/2023
  17. ^ صحيح البخاري، أبو سعيد الخدري، البخاري، 3344، معلق، وصله المؤلف في موضع آخر
  18. ^ كتاب الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، كيف توزع الزكاة على مستحقيها؟، 01/03/2023
  19. ^ كتاب الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، أحكام وفوائد الزكاة، 01/03/2023
  20. ^ سورة التوبة ، الآية 103
  21. ^ كتاب الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، حكم مانع الزكاة، 01/03/2023
  22. ^ سورة التوبة، الآية 34 -35
  23. ^ صحيح البخاري ، أبو هريرة، البخاري، 1403، صحيح
  24. ^ صحيح البخاري، أبو هريرة، البخاري، 1399، صحيح

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *