عناصر المقال
من هو النبي الذي امره الله بذبح ابنه؟ يروي لنا القرآن الكريم العديد من أخبار وقصص الأنبياء عليهم السلام وما جرى لهم من أحداث وامتحانات من الله -سبحانه وتعالى- والتي تحمل في طياتها الكثير من المواعظ والحكم والعِبر، والتي على المرء أن يعمل بها ليحصل على رضوان الله عز وجل وبالتالي سعادته في الدنيا والآخرة.
من هو النبي الذي امره الله بذبح ابنه
إنّ قصة النبي الذي امره الله بذبح ابنه قد وردت في القرآن الكريم ضمن سورة الصافات، في قوله تعالى:”فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ“[1]، أمرّ الله -سبحانه وتعالى- نبيّه الكريم بأن يذبح ابنه ووحيده، فذهب نبي الله عليه السلام لابنه وأخبره بأمر الله -عز وجل-، فما كان من هذا الولد الصالح إلاّ أن يوكّل أمره لله تعالى ويستجيب لأباه ولما لأمر الله -سبحانه وتعالى- به وذلك بكل رضا وطواعية، وقد ورد ذلك ضمن القرآن الكريم في قوله تعالى: “يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ”[1]،وعليه فإن الإجابة على سؤال من هو النبي الذي امره الله بذبح ابنه هو:
- سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
اقرأ أيضًا: من اول من لبس السروال من الانبياء
ملخص قصة ذبح إسماعيل عليه السلام
في إحدى الليالي فاجأت سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام رؤيا تخبره بأن يذبح ابنه اسماعيل عليه السلام، ورؤيا الأنبياء حق فما كان من سيدنا ابراهيم إلّا أن يتجه لابنه اسماعيل ويقصّ عليه رؤياه وينتظر منه ما يقول؟ فتقبل سيدنا اسماعيل الأمر بكل صبر واحتباس وأخبر والده بأنّ ينفذ أمر الله، وطلب من أبيه أثناء ذبحه بأنّ يشدَّ وثاقه جيدًا ويشحذه سكينه ويسرع في تمريرها على رقبته وبأنّ يطرحه على صدره حتى لا يرى السكين، وحتى لا يرى أباه وجهه فتأخذه الشفقة فيتردد ويخالف أمر الله -عز وجل-، وعندما قام سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام بشدّ ابنه على النحو الذي أراده جاءت رحمة الله وأمر السكين بألّا تذبح فامتنعت السكين عن القطع، وعندها احتار سيدنا ابراهيم في الأمر وأحسّ أن الله تعالى قد رحم ابنه، وانكشفت حيرة سيدنا ابراهيم عندما رأى الكبش العظيم الذي أنزله الله سبحانه تعالى من السماء فداءً لسيدنا اسماعيل عليه السلام، فقام سيدنا ابرهيم بذبحه بسرعة، وبهذا كان فرج الله على الوالد وولده معًا، وقد وصف القرآن الكريم هذه القصة في قوله تعالى: “فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ“.[2]
شاهد أيضًا: من هو النبي الذي لم يؤمن به أحد
فوائد من قصة الذبيح إسماعيل
تحمل قصة ذبح سيدنا اسماعيل العديد من الدروس والإرشادات التربوية التي على المسلم الاقتداء بها خلال تربية أبناءه للوصول بهم إلى درجة عالية من الرقي والتميّز الذي يسعى إليه الإسلام، ومن هذه الإرشادات والتوجيهات نذكر ما يلي:[4]
- تربية الأبناء منذ صغرهم تربية إيمانية واضحة وكاملة، فسيدنا اسماعيل عليه السلام تربى ونشأ على أن رؤية الأنبياء وحي وحق وعليه فلم يناقش أباه في رؤياه وعلى العكس طلب منه فورًا أن يمتثل لأمر الله -عز وجل- وينفذه، وذلك في قوله تعالى: “يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ”[1]
- الامتثال لأوامرالله -سبحانه وتعالى- والاستسلام لها بكل رضا وصبر واحتساب.
- الفرج من الله يأتي بسرعة، عندما يمتثل المسلم لأمر الله -سبحانه وتعالى- مهما كان الأمر يحمل من المشقة والألم فإن الله سيعوضه بالخير من حيث لا يدري ولا يحتسب، وهو ما حصل في قصة الذبح حيث أن السكين لم تقطع، وتم فداء سيدنا اسماعيل بكبش عظيم.
- العمل الصالح لا يفنى لأن أثره وذكره يبقى إلى عمر طويل، وعليه فإن قصة ذبح نبي الله ابراهيم لابنه ستبقى تاريخًا يذكره الناس حتى قيام الساعة، ويستخلصوا منه العِبر.
- بناء علاقة قوية بين الآباء والأبناء على أساس الصداقة، وهو ما كانت عليه علاقة سيدنا ابراهيم مع ابنه اسماعيل عليهما الصلاة والسلام حيث يتضح من طريقة حوارهما أن العلاقة بينهما كانت قوية فيها تجاذب لا تنافر، فقد كان سيدنا اسماعيل مرافقًا لأبيه يسعى معه بعد أن كبر وأصبح في سن المراهقة، وهو ما ذكره القرآن الكريم في قوله تعالى: “فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ”[1].
- تعويد الأبناء على الحواروالنقاش الهادف مع آبائهم واستشارتهم في أهم وأدق الأمور الدينية والدنيوية، فهذا مما يعزّز ثقتهم بأنفسهم ويشعرهم بالاحترام والتقدير، فسيدنا ابراهيم عليه السلام تلقى أمرًا من الله تعالى بذبح ابنه ولكن استشارولده اسماعيل في الأمر وسمع رأيه، وذلك في قوله تعالى:”فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰۚ“[1].
- الصبر على طاعة الله تعالى واحتمال المشقة بغية الأجر والثواب من الله تعالى، فسيدنا اسماعيل عليه الصلاة والسلام صبي صغير في عمر المراهقة قد صبر على أمر الله تعالى بالذبح على الرغم من صعوبة المهمة لأنه تربى على الصبر وطلب العون من الله تعالى، وذلك كما ذكر في القرآن الكريم في قوله تعالى: “قَالَ يَٰٓأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ”[1].
- المحن والابتلاءات من الله تعالى قد تكون على مستوى العائلة بأكملها وعلى أفراد العائلة الصبر والتعاون على الابتلاءات حتى يأتي فرج الله للجميع، فسيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام رزق ببولده الوحيد اسماعيل بعد طول انتظار وعندما تجاوز عمره 86 عامًا، وبعد صبره وتعبه في تربيته وعندما أصبح سيدنا اسماعيل عليه السلام مساعدًا له ويسعى معه أتاه أمر الله بذبحه وبيديه، فهذا ابتلاء أسري عظيم ولكن سيدنا ابراهيم وابنه اسماعيل عليهما السلام نجحا بالاختبار فكأنت مكافأة الله تعالى لهما كبيرة وافتدى الله سيدنا اسماعيل بكبش عظيم وأصبح الذبح للولد سنة للمسلمين حتى قيام الساعة ليتعملوا السمع والطاعة لأوامر الله وانتظار الفرج.
- الفرج بعد الشدّة يكون عظيمًا، من يصبرعلى ابتلاء الله تعالى له ويرضى بما قدّر له فإن الله تعالى يعطيه أكثر مما يتوقع، فسيدنا ابراهيم حين صبر على اختبار الله له بذبح ابنه أكرمه الله وأسعده ورزقه بولد ثانٍ هو سيدنا اسحاق عليه الصلاة والسلام، وذلك كما ذكر في القرآن الكريم في قوله تعالى: “إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ . وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ”[5]
- طاعة الله والرضا بقضاءه توصل صاحبها للبركة في الحياة، فبعد أنّ نجح سيدنا ابراهيم في الاختبار منّ الله تعالى عليه بنجاة سيدنا اسماعيل ورزقه بولد آخر هو سيدنا اسحاق عليهم جميعًا الصلاة والسلام، بارك الله لسيدنا ابراهيم في ذريته فكان منها سيدنا يعقوب وسيدنا يوسف عليهما الصلاة والسلام وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وذلك كما ورد في الآية الكريمة في قوله تعالى: “وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ”[6].
- على المرء أن لا ينقاد لوساوس الشيطان فهو أكبر عدو له يحاول منعه عن طاعة الله تعالى، فالشيطان هو من كان يسعى لمنع سيدنا ابراهيم عليه السلام من اجتياز اختبار الذبح، ولكن سيدنا ابراهيم قام برجمه وعصيان محاولاته وعندها فاز ابراهيم عليه السلام بلقب خليل الرحمن.
سبب أمر الله سيدنا إبراهيم بذبح ابنه
كان نبي الله ابراهيم عليه الصلاة والسلام قد تجاوز 86 عامًا من عمره ولم يرزق بأولاد، فطلبَ سيدنا ابرهيم من الله تعالى أن يهب له غلامًا، فمنّ الله سبحانه وتعالى عليه وأكرمه بسيدنا اسماعيل عليه الصلاة والسلام وعندها تعلّق قلب سيدنا ابراهيم بابنه اسماعيل تعلقًا شديدًا وأحبه حبا كبيرًا، وهذا وقد كان سيدنا ابراهيم قد طلب من الله -عز وجل- ألّا يتعلق قلبه بأي أحد إلّا الله، ولهذا فقد جاء أمر الله -سبحانه وتعالى- في الرؤية لسيدنا ابراهيم بذبح ابنه الوحيد اسماعيل عليهما الصلاة والسلام فما كان من سيدنا ابراهيم إلّا أن يستجيب لأمر الله بكل صبر واحتساب ويسارع إلى تنفيذه، وقد كان أمر الذبح أيضًا اختبارًا لصبر سيدنا ابراهيم واسماعيل عليهما الصلاة والسلام.[7]
شاهد أيضًا: من هو النبي ابن النبي ابن النبي ابن النبي
كم كان عمر سيدنا إسماعيل عند الذبح
عندما رأى سيدنا ابراهيم الرؤية التي تأمره بذبح ابنه اسماعيل عليهما السلام كما ورد في الآية الكريمة في قوله تعالى: “فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ”[1]، كان سيدا اسماعيل قد بلغ سن السعي كما توضح الآية أي صار يسعى مع والده ويمشي معه ويساعده في أعماله وقضاء حوائج الدنيا، وبهذا يتضح أن سيدنا اسماعيل عليه السلام كان في سن المراهقة أي كان عمره بين الثالثة عشر والسادسة عشر سنة تقريبًا والله أعلم.
شاهد أيضًا: من هو النبى الذى صام عن الكلام ثلاث ايام.. القصة الكاملة
مكان ذبح إسماعيل عليه السلام
أمرَ الله -سبحانه وتعالى- سيدنا ابراهيم بذبح ابنه اسماعيل عليهما الصلاة والسلام وبعد أن امتثلا لأمر الله -عز وجل- افتداه الله بكبش عظيم، وبالنسبة للمكان الذي تمت فيه حادثة الذبح فقد اختلف أهل العلم في ذلك وهناك عدة أقوال وهي:
- المكان الأول: في بلادِ الشّام.
- المكان الثاني: عند جبر ثبير الذي يتواجد في منىً.
- المكان الثالث: في المَنحَرعند الجمار.
- المكان الرابع: عند المقام في مكّة المكرَّمة.
وفي نهاية هذا المقال نكون قد تبيّن لنا من هو النبي الذي امره الله بذبح ابنه، وما هي تفاصيل قصة الذبح وأسبابها ومكانها وكيف أن على المؤمن تقديم محبة الله عز وجل وطاعته على أهوائه وشهواته، وكما وضّح المقال أن الصبر على الامتحانات الله لنا هو الوسيلة لرفع البلاء والمحنة.
المراجع
- ^ سورة الصافات، آية 102
- ^ سورة الصافات، آية 103-107
- ^ alukah.net، قصة إسماعيل عليه السلام ، 15/10/2022
- ^ islamway.net، 12 درس تربوي من {وفديناه بذبح عظيم}، 15/10/2022
- ^ سورة الصافات، آية 112،111
- ^ سورة الصافات، آية 113
- ^ islamweb.net، الأمر بذبح إسماعيل رؤيا من الله تعالى، 15/10/2022
التعليقات