هل يجوز الإحرام من مسجد عائشة لغير المقيم ابن باز

هل يجوز الإحرام من مسجد عائشة لغير المقيم ابن باز وهو ما سيتم الحديث عنه في هذا المقال، حيثُ يعتبر من الأسئلة الفقهية المهمة التي يبحث عن إجابتها العديد من المسلمين  وتتعلق بفريضة الحجّ والعمرة، حيث يجب على من أراد العمرة أو الحج أن يعرف المواقيت المكانية التي يحرم منها، ومن هذا المنطلق ومن خلال هذا المقال سنسلِّط لكم الضوء على الإجابة الصحيحة حول سؤال هل يجوز الإحرام من مسجد عائشة لغير المقيم ابن باز، وما هو الإحرام، وبعض من الأحكام الشرعية المتعلقة فيه.

مفهوم الإحرام 

يعتبر الإحرام بأنه ركن من أركان أداء مناسك الحج أو العمرة، وقد جاء تعريف الإحرام في الاصطلاح الفقهي بأنه النية في الدُّخول لأداء الحج أو العمرة، وقد سمي إحرامًا؛ لأنه يمنع من فعل الأمور التي كانت مباحة له قبل أداء المناسك، والتي تشمل على حلق الرأس أو النكاح أو تقليم الأظافر أو الطيب وغيرها، وقد شًرع الإحرام تحقيقاً للعبودية لله وحده والامتثال لأوامره، وترك الرفث، والمنع من أسباب الزينة، بالإضافة إلى إظهار التساوي بين عامة المسلمين، وتّذكيرهم بيوم الحشر، وقد اتفق أهل العلم بأنّ الإحرام ثابت في الكتاب والسنة، حيث قال القاضي: “أركان الحج أربعة وهي: الإحرام والطواف والسعي والوقوف بعرفة”، وقد ذكر الشافعية في ذلك: “أركان الحج خمسةٌ: الإحرام، والوقوف، والطواف، والسعي، والحلق إذا جعلناه نسكا ولا تجبر بدمٍ، وما سوى الوقوف أركانٌ في العمرة أيضًا”.^[1]

هل يجوز الإحرام من مسجد عائشة لغير المقيم ابن باز

يعتبر مسجد عائشة أو ما يعرف بمسجد التنعيم بأنه أحد مساجد مكة المكرمة، وقد ذكر الشيخ ابن باز -رحمه الله- في الفتاوى أنه لا يجوز لغير المقيم الإحرام من مسجد عائشة، لأن ذلك خاص بأهل مكة أو من نوى العمرة وهو في مكة، والصحيح لغير المقيم أن يحرم من الميقات الخاصّ بالنّاحية الّتي أتى منها، بحيث لا يجوز له أن يحرم من ميقاتٍ غيره، وإن فعل المسلم ذلك وتجاوز الميقات؛ فعليه دم عن ترك الميقات، أما إن كان المسلم زائراً لمكّة المكرّمة بغير نيّة الحجّ أو العمرة، أي كان يزور أقرباءه أو كان في تجارةٍ أو عمل، ثمّ أراد أن يعتمر أو يحجّ، فيجوز له أن يحرم من مسجد عائشة، وفيما يأتي سيتم نستعرض بعضًا مما ورد في هذه الفتوى للشيخ ابن باز التي كانت بعنوان “كيفية إحرام أهل مكة ومكان إحرامهم”، وجاءت كالآتي:^[2]

“أما الذي أتى من بلاده يريد العمرة أو يريد الحج، فإنه لابد أن يحرم من الميقات الذي يمر عليه، أن كان من طريق المدينة أحرم من ميقات المدينة إن كان من نجد أو الطائف أحرم من السيل ميقات أهل نجد، إن كان من طريق اليمن أحرم من ميقات اليمن، إن كان من طريق المغرب أو مصر أو الشام أحرم من رابغ إذا كان جاء من طريق الساحل أحرم من رابغ إذا وازنه، إن كان من العراق أحرم من ميقات العراق، وهو ذات عرق ويسمى الضريبة، سواء كان أتى لعمرة أو حج؛ لأن النبي ﷺ قد وقت المواقيت للناس…”.

شاهد أيضًا: هل يجوز الإحرام من الفندق بمكة ومن أين يحرم المسلمون

ذكر الفقهاء بأنّ الإحرام لغير المقيم بعد ثلاثة أيام يتعلق بنيّة المسلم، فإذا سافر المسلم من بلده الأصلي وهو ينوي العمرة لا يجوز له الإحرام من مكة ويتوجب عليه أن يحرم من الميقات المحدد له، أما إذا جاء المسلم إلى مكة بقصد العمل أو غيره ثم نوى العمرة بعد وصوله يجوز له الإحرام منها، استناداً لما ورد عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الذي رواه الصّحابي الجليل ابن عبّاس -رضي الله عنه- حين قال:” أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وَقَّتَ لأهلِ المدينةِ ذا الحُليْفةِ ، ولأهلِ الشامِ الجُحفةَ ، ولأهلِ نجدٍ قرنَ المنازلِ ، ولأهلِ اليمنِ يَلَمْلَمَ ، هنَّ لهم ولكلِّ آتٍ آتِى عليهنَّ من غيرِهنَّ ، ممَّن أراد الحجَّ والعمرةَ ، فمن كان من دونَ ذلك فمن حيثُ أَنشأَ ، حتى أهلُ مكةَ من مكةَ”^[3]، ويجدر بالذّكر إلى أنه إذا نوى المسلم العمرة قبل وصوله إلى مكة، فعليه بهذه الحال أن يُحرم من الميقات ثمّ يعتمر، وإن لم يفعل فإنّه يترك واجباً من واجبات الإحرام وبذلك عليه دم، وهو أن يذبح شاة ويوّزعها في مكّة المكرّمة ولا يأكل منها شيء، والله أعلم.^[4]

شاهد أيضًا: هل يجوز التدخين وانت محرم

الإحرام من التنعيم لغير أهل مكة

يعتبر التنعيم بأنه موضع في الحل في شمال مكة الغربي، وقد بيّن أهل العلم بأنَّ الإحرام من التنعيم هو ميقات مكاني مشروع لأهل مكة فقط، بحيث لا يجوز الإحرام من التنعيم لمن نوى الحج أو العمرة وهو في بلده، لأنه لا بدَّ من أن يحرم من الميقات الذي يمر عليه، ولا يحرم من ميقات غير ميقاته، أما إذا قدم المسلم إلى مكة سواء للتجارة، أو زيارة الأهل، أو لأي غرض آخر ولم يكن يقصد حجًا أو عمره ثم نوى بعدها الحج فله أن ُيحرم من من مكانه الذي هو فيه، إن كان في جدة أحرم منها، وإن كان في مكة أحرم من مكة^[5]، أما إذا نوى المسلم عمرة فإنه يخرج إلى الحل، أي خارج الحرم ويحرم منه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر عائشة أن تحرم بالعمرة من خارج الحرم لما أرادت أن تعتمر في حجة الوداع وهي في داخل الحرم، ويجدر بالإشارة إلى أنّه إذا تجاوز المحرم عن الميقات المحدد له حتى وصل مكة وأحرم من مسجد التنعيم وهو جاهل بالحكم الشرعي  يجب عليه دم، أي ذبح شاة، لأنّه يعتبر من أهل الآفاق فقد جاء إلى مكّة وتجاوز الميقات لحجّ أو عمرة فعليه ذبح شاة.^[6]

• الميقات الأول: وهو ميقات ذي الحليفة، حيثُ يعتبر ميقات أهل المدينة، ويبعد عن مكة المكرمة حوالي 428 كيلو مترًا، كما يطلق على هذا الميقات في الوقت الحالي ميقات أبيار علي.
• الميقات الثاني: وهو ميقات الجحفة، حيثُ يعتبر ميقات أهل الشام وكل من جاء من جهتهم، ولكن في الوقت الحالي يحرم أهل الشام من مكان تابع له اسمه “رابغ”، ويبعد عن مكة المكرمة 186 كيلو مترًا، ويحرم منها أهل الشام ومصر والسودان وأهل المغرب وأفريقيا وشمال الجزيرة.
• الميقات الثالث: وهو ميقات قرن المنازل، حيث يعتبر ميقات أهل نجد، ويبعد عن مكة المكرمة 78 كيلو مترًا، ويطلق على هذا الميقات في الوقت الحالي “السيل الكبير”، ويحرم منه أهل نجد ومن حج أو اعتمر من الشرق كله من أهل الخليج والعراق وإيران وغيرهم.
• الميقات الرابع: وهو ميقات يلملم، حيث يعدّ ميقات أهل اليمن وكل من جاء من جهتهم، ويُطلق عليه في الوقت الحالي السعدية، إذ يُحرم منه أهل اليمن الساحلي وسواحل السعودية وإندونيسيا وماليزيا والصين وغيرهم وحجيج جنوب آسيا.
• الميقات الخامس: وهو ميقات ذات عرق، وهو يُعتبر ميقات أهل العراق، ويبعد عن مكة المكرمة 100 كيلو مترًا، ويطلق عليه اسم “الضريبة”، ولكن حيثُ لا يحرم أحدًا من هذا الميقات لأنه مهجور؛ والطرق المسفلتة لا تمر منه وإنما تمر على طريق الطائف والسيل الكبير، والله أعلم.

إلى هنا أعزّاءنا القرّاء نصل وإيّاكم إلى نهاية هذا المقال الذي قدمناه لكم بعنوان هل يجوز الإحرام من مسجد عائشة لغير المقيم ابن باز، فقد عرفنا في هذا المقال بعضًا من المعلومات حول الإحرام، وقد أدرجنا لكم الإجابة الصحيحة حول السؤال المطروح، ثمّ تعرفنا على هل يجوز الإحرام من مكة لغير المقيم بعد ثلاثة أيام، كما بيّنا من أين يحرم من أراد عمرة ثانية، وحكم الإحرام من التنعيم لغير أهل مكة، ثمّ ختمنا مقالنا ببعض المعلومات عن مواقيت الإحرام في الإسلام.