هل يجوز تأخير الغسل من الجنابة بسبب البرد

هل يجوز تأخير الغسل من الجنابة بسبب البرد، ففي كثير من البلدان يكون فصل الشتاء قاسيًا، وقد لا تتوفر المياه الساخنة لكثير من الناس نظرًا لشدة برودة المياه وصعوبة تسخينها، فيكون في الاغتسال بالماء البارد خطر على المغتسل نظرًا لما يحمله من مشقة في الاغتسال وصعوبة في التحمل، فهل يمكن تأخير الاغتسال حتى يتوفر الماء الساخن، في هذا المقال سوف يكون هنالك إجابة مفصلة عن هذه المسالة وعن غيرها مما يتعلق بالتطهّر من الحدث الأكبر.

هل يجوز تأخير الغسل من الجنابة بسبب البرد

قال أهل العلم إنّه إذا كان الإنسان جنبًا ولم يتوفّر لديه الماء الساخن ليرفع الجنابة وقد حضرته صلاة يخشى فواتها فينبغي له أن يتيمم وينوي رفع الحدث الأكبر والأصغر، ثمّ يصلي ما كان من وقت الصلاة، فلا يجوز له ترك الصلاة لأي حال، وحالما يستطيع الاغتسال فإنّه يغتسل ويرفع الجنابة، ثمّ يقضي ما صلّاه وهو جنب، والله أعلم.^[1]

ما حكم تكرار الجماع على جنابة وتأخير الاغتسال لبرد الشتاء

قال أهل العلم إنّه يجوز للمرء أن يكرر الجماع بغسل واحد، وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه فعل هذا الأمر، ففي الحديث الذي يرويه أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: “أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَطُوفُ علَى نِسَائِهِ بغُسْلٍ واحِدٍ”،^[2] وكذلك ورد أنّ النبي -عليه وآله الصلاة والسلام- قد طاف على نسائه واغتسل عند كلّ واحدة منهن غسلًا؛ فقد جاء في حديث أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ طافَ على نسائِهِ جمعَ فاغتسلَ عندَ كلِّ امرأةٍ منهنَّ غُسلًا فقلتُ يا رسولَ اللَّهِ ألا جعلتَهُ غسلًا واحدًا قالَ هذا أزكى وأطهرُ وأطيَبُ”.^[3]

ولكن يسن إذا لم يغتسل الجنب بعد أن يجامع أهله فإنّه يتوضأ وضوءه للصلاة قبل أن يأتي أهله مرة أخرى، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: “إذا أتَى أحَدُكُمْ أهْلَهُ، ثُمَّ أرادَ أنْ يَعُودَ، فَلْيَتَوَضَّأْ. زادَ أبو بَكْرٍ في حَديثِهِ: بيْنَهُما وُضُوءًا، وقالَ: ثُمَّ أرادَ أنْ يُعاوِدَ”.^[4]والله أعلم.^[5]

وأما فيما يتعلق بتأخير الاغتسال لبرد الشتاء، فإن حضره فرض ولم يجد ماءً ساخنًا ليرفع به الجنابة تيمّم وصلّى، وعندما يرفع الجنابة يقضي ما صلّاه في الجنابة، فلا ينبغي أن تفوته الصلاة على وقتها في أي حال، والله أعلم.^[1]

ما حكم من نهض وقت الفجر في البرد الشديد وهو عليه جنابة

لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها، ومن يفعل ذلك يكون قد ارتكب كبيرة وعليه إثم عظيم، فإن نهض المرء وقت الفجر جنبًا، وكان هناك برد شديد، ولا يوجد ما يسخن به الماء، توجّب عليه التيمم وإقامة الصلاة، أما إن كان هناك ما يسخن به الماء ويرفع جنابته فلا يجوز له أن يترك الاغتسال؛ إذ لا عذر شرعي يقتضي ذلك، وكذلك إن خشي فوات الوقت بينما يغتسل فإنّه يتيمم ويصلي كما ورد عن الشيخ ابن تيمية، وقال ابن تيمية إنّ إعادة الصلاة على الجنب المتيمم فيها خلاف بين العلماء، والله أعلم.^[6]

هل يجوز الاستحمام من الجنابة بعد اذان الفجر

إنّ الواجب على المسلم هو الإسراع في التطهر من الجنابة فور ملاحظته إيّاها، ولكن لو استيقظ ولم يجد ماء ساخنًا وكان الجو باردًا فإنّ العلماء أباحوا للجنب التيمم وأداء صلاة الفجر ثم الاغتسال من الجنابة بعد الفجر ولا حرج في ذلك، وعلى أكثر أقوال أهل العلم فإنّ المرء يعيد الصلاة التي صلاها وهو جنب حين يغتسل، ولكن لو كان هنالك ماء ساخن ولم يخشَ المسلم فوات الصلاة إن اغتسل فإنّ الواجب عليه أن يغتسل، والله أعلم.^[6]

هل يجوز ارتداء نفس الملابس بعد الاغتسال من الجنابة

إذا كان المرء يرتدي ملابسًا معيّنة أثناء الجماع، ولم يصبها شيء من المني أو المذي، يجوز أن يعاود ارتداءها بعد الاغتسال من الجنابة،^[7] أما إن أصاب الملابس شيء من المني أو المذي، فيشرع أن يغسل إن كان رطبا، فهذا ما أثر عن النبي عليه وآله الصلاة والسلام، وإن كان يابسًا يفرك باليد، والله أعلم.^[8]

هل يجوز الغسل من الجنابة بمسح الماء فقط

لا يجزئ الغسل من الجنابة إذا لم يسكب الماء فيبلغ كلّ الجسد، فمجرد المسح لا يجوز ولا يجزئ في الاغتسال من الجنابة، سواء كان ذلك للاغتسال من الجنابة أم للوضوء، ولكن الواجب هو تعميم سائر البدن بالماء من خلال الصب، فإذا كان الاغتسال من صنبور الماء فذلك كافٍ لأنّ صبّ الماء يحدث بذلك، وأمّا إذا كان الاغتسال من إناء أو نحوه فلا يحدث الاغتسال من دون صبّ الماء على الجسم، ولا بأس بأن يكون الماء المسكوب قليلًا، ولكن على ألّا يكون كالمسح، والله أعلم.^[9]

هل يجوز الغسل الجنابة بسكب الماء فقط

إن الدلك وقت الاغتسال من الجنابة هو أمر مستحب، ولكن يكفي في غسل الجنابة أن يجري الماء على الأعضاء كلها ولا يشترط الدلك، وهذا ما عليه جمهور العلماء، وأمّا دلك الأعضاء فهو ما اشترطه الإمام مالك في مذهبه كما ينقل الإمام النووي، ودليل ما ذهب إليه العلماء أنّ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لمّا سألته أم المؤمنين أمّ سلمة -رضي الله عنها- عن الاغتسال فإنّه لم يذكر الدلك، ففي الحديث تروي أم المؤمنين رضي الله عنها: “قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي امْرَأَةٌ أشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي فأنْقُضُهُ لِغُسْلِ الجَنَابَةِ؟ قالَ: لَا. إنَّما يَكْفِيكِ أنْ تَحْثِي علَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ المَاءَ فَتَطْهُرِينَ”،^[10] فقال تفيضين ولم يذكر الدلك، والله أعلم.^[11]

ما حكم من اغتسل من الجنابة ولم يتوضأ

إنّ الوضوء قبل غسل الجنابة هو أمر مستحب، فهو من هدي النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن إن اغتسل المرء ناويًا رفع الجنابة، ولم يتوضّأ فلا حرج في ذلك، ومجرد الاغتسال يكفي، حتى بإمكانه أن يباشر الصلاة فور خروجه من الحمام ما لم يمَسّ فرجه أو دبره بباطن كفّه؛ إذ إنّ لمس الفرج من نواقض الوضوء عند كثير من الفقهاء، والله أعلم.^[12]

هل يجوز التيمم من الجنابة بدلًا من الغسل بسبب البرد

إذا كان الإنسان جنبًا، وكان هناك برد شديد، ولم يستطع تدفئة الماء لرفع الحدث، وخاف على نفسه فإنّه يجوز له أن يتيمم ويباشر الصلاة، وأمّا إن وجد الماء الساخن فإنّه يغتسل ما لم يخشَ فوات وقت الصلاة إذا اغتسل، وإذا صلّى وهو جنب فعند أكثر العلماء يعيد صلاته التي صلاها وهو جنب حين يغتسل، وهذه من المسائل الخلافية بين العلماء، والله أعلم.^[6]

مقالات قد تهمك

وإلى هنا يكون قد تم مقال هل يجوز تأخير الغسل من الجنابة بسبب البرد بعد الوقوف على حكم تأخير الاغتسال من الجنابة بسبب البرد، وبعد الوقوف على بعض الأحكام الشرعية الأخرى المتعلقة بمسألة الاغتسال وتأخيره ونحو ذلك