عناصر المقال
هل يجوز لبس نفس الملابس بعد الاغتسال من الحيض وهو من الأحكام الشرعية المهمة والتي ينبغي معرفتها، حتى لا تقع المسلمة في أخطاء لا ترضي الله تعالى، حيثُ إنّ الطهارة لها شأن عظيم في الإسلام، وتتمثل برفع الحَدَث، وإزالة النّجاسة والخَبَث، إما الماء أو التُّراب الطّاهرين، لذا من الضروري أن يحافظ عليها كل المسلم من أجل أداء العبادات والقيام بمختلف الطاعات، وسوف نتعرف في هذا المقال على الاغتسال من الحيض وكيفيته، وعلى حكم لبس نفس الملابس بعد الاغتسال من الحيض، وعلى طريقة تطهير الملابس من دم الحيض وما إلى هنالك من أحكام وتفاصيل متعلقة.
الاغتسال من الحيض
يعتبر الاغتسال من الحيض من الغسل الواجب على المرأة القيام به بعد انتهاء العادة الشهرية، فقد قال الله عزّ وجل- في كتابه: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}[1]، فإذا طهرت المرأة سواء عند رؤية القَصَّة البيضاء أو انقطاع دم الحيض عليها بالاغتسال، وقد بيّن أهل العلم بأنّ هناك نوعين من الغسل أحدهما غسل واجب والآخر كامل، وفيما يأتي سيتم بيانهما بالتفصيل:[2]
- الغسل الواجب: وهو الغسل الذي تقوم به المرأة بالواجبات فقط حتى ترفع عنها الحدث الأكبر من حيض أو جنابة أو نفاس دون الإتيان بالسنن والمستحبات، بحيث تبدأ المرأة بنية رفع الحدث والطهارة منه، ثم تقوم بتعميم الماء على سائر البدن حتى تتأكد من وصوله إلى جميع جسدها وحتى المناطق والشقوق التي قد لا تصلها الماء، وعليها أيضًا أن تقوم بغسل أنفها وفمها عن طريق المضمضة والاستنشاق، فإذا اقتصرت المرأة على هذه الصفة من الغسل أجزأها ذلك عن الوضوء حتى لو لم تتوضأ.
- الغسل الكامل: فهو الغسل الذي تأتي به المرأة بالسنن والمستحبات إضافة للواجبات، ويعتبر هو الغسل الأكمل والأفضل، فهو الغسل الذي كان يقوم به النبي -صلى الله عليه وسلم- وزوجاته رضي الله عنهم، فتبدأ المرأة بنية الطهارة من الحدث الأكبر وهو الحيض، ثم تغسل يداها ثلاث مرات، ثُمّ تغسل فرجها بشكل جيد، ثم تتوضأ كوضوئها للصلاة، ومن ثم تقوم بغسل رأسها ثلاث مرات تروي بها أصول شعرها ومن ثم تقوم بتعميم الماء على سائر جسدها فتبدأ بالشق الأيمن ثلاثًا ثم الشق الأيسر ثلاثًا، مع الحرص على وصول الماء إلى سائر جسدها، والدليل على ذلك ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما روته السيدة عائشة -رضي الله عنها- حين قالت: “كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يُفْرِغُ بيَمِينِهِ علَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ المَاءَ فيُدْخِلُ أصَابِعَهُ في أُصُولِ الشَّعْرِ، حتَّى إذَا رَأَى أنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ، ثُمَّ أفَاضَ علَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ”[3].
هل يجوز لبس نفس الملابس بعد الاغتسال من الحيض
يجوز للمرأة أن تلبس نفس الملابس التي حاضت فيها، بشرط أن تكون هذه الملابس نظيفة وطاهرة لم يصبها شيء من الدَّم، فقد ورد عن الشيخ ابن باز -رحمه الله- قوله: “أن ملابس المرأة التي حاضت فيها، أو نفست فيها طاهرة، ولا يضرها كونها تعرق فيها، أو تنام فيها إلا إذا أصابها دم، فما أصابه الدم يغسل منها، من أي بقعة أصابها الدم تغسل، وإذا غسلت الثوب كله فلا بأس، لكن لا ينجس إلا الذي أصابه الدم فقط، فإذا غسلت بقع الدم كفى، وإن غسلت الثوب كله فلا بأس”[4]، أما إذا كانت هذه الملابس أصابها شيء من دم الحيض فيجب على المرأة غسل الموضع الذي أصابه الدم حتى يباح لها أن تصلي فيه، فقد جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَت:ْ “إِحْدَانَا يُصِيبُ ثَوْبَهَا مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ كَيْفَ تَصْنَعُ بِه؟ِ قَالَ: تَحُتُّهُ ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ ، ثُمَّ تَنْضَحُهُ ، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ”[5]، حيث دل الحديث الشريف على أهمية التطهير من النجاسة أي الدم من أجل أداء الصلاة، فقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- المرأة إذا رأت دم الحيض على ثيابها وأردات ارتدائها بعد الاغتسال من الحيض أن تفركه وتقشره حتى تزيل الدم إذا كان يبس على الثوب، ثمّ تضع عليه الماء وتدلكه حتى يزول، ثم يمكن لها ارتداؤه والصلاة فيه، والله أعلم.[6]
شاهد أيضًا: هل يجوز الاغتسال من الحيض دون غسل الشعر
هل يجوز لبس نفس الملابس بعد الاغتسال من الحيض إسلام ويب
ذكر موقع إسلام ويب للفتاوى الشرعيّة أنه يجوز للمرأة أن ترتدي ثيابها التي كانت ترتديها في فترة الحيض، ولا حرج في ذلك، ولكن إن أرادت الصلاة يتوجب عليها التأكد من نظافته، لأنّ دم الحيض نجس وهكذا يتوجب عليها تطهير الموضع الذي أصاب ثوبها من النجاسة، وفيما يأتي نستعرض تفصيل الفتوى رقم 155805 في الإجابة على هل يشرع للطاهر لبس ثياب الحيض؟، وهي:[7]
وعليه، فلا حرج عليك في أن تلبسي الثياب التي كنت تلبسينها في حال حيضك وإن كان قد أصابها شيء من دم الحيض، ولا يلزمك تطهيرها إلا إذا أردت الصلاة فيها، فإن أردت تطهير الفراش، أو الثوب من دم الحيض فالطريقة الأفضل في ذلك هي أن تحتيه ثم تقرصيه بالماء ثم تنضحيه وبذلك يطهر، وإن بقي أثر يسير منه لم يزل فلا يضر ذلك كما مر، قال ابن قدامة مبينا كيفية تطهير الثياب ونحوها من دم الحيض: إذا أصاب ثوب المرأة دم حيضها استحب أن تحته بظفرها لتذهب خشونته ثم تقرصه ليلين للغسل ثم تغسله بالماء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء في دم الحيض: حتيه ثم اقرصيه ثم غسليه بالماء متفق عليه.
شاهد أيضًا: هل يجوز مجامعة الزوجة قبل الاغتسال من الحيض
هل تصلي المرأة في ثيابها التي تحيض فيها
لا يجوز للمرأة أن تصلي في ثيابها التي تحيض فيها إذا أصابتها شيء من دم الحيض، لأنه يشترط لصحة الصلاة الطهارة، لقوله -تعالى- في محكم تنزيله: { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}[9]، وهكذا يجب غسل النجاسة عن الثوب قبل الصلاة فيه، ولكن إذا كانت هذه الثياب نظيفة وطاهرة يجوز للمرأة أن تصلي فيها ولا حرج في ذلك على الإطلاق، فهذا الثوب لا يصبح نجساً إلا إذا أصابه دم الحيض، وإذا أصابه الدم فإنها تغسل الدم كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الذي أفتى به مجاهد قال: “المرأة تصلي في ثيابها التي تحيض فيها إلا أن يصيب منها شيئاً فتغسل موضع الدم”، كما قال أيضًا: “سألته عن المرأة تحيض في الثوب. قال: لا بأس به إلا أن ترى شيئاً فتغسله”.[10]
أما إذا كانت المرأة لم ترى الدم على ثوبها وصلَّت فيه لا بأس بذلك، كما ليس عليها إعادة سواء نسيت غسل ثوبها أو جهلت أنها أصابته، فقد ورد عن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في ذلك: ” فلو صلى وببدنه أو ثيابه نجاسة ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة: لم تجب عليه الإعادة، في أصح قولي العلماء، وهو مذهب مالك وغيره وأحمد في أقوى الروايتين، وسواء كان علمها ثم نسيها أو جهلها ابتداء؛ لما تقدم من أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه ثم خلعهما في أثناء الصلاة لمّا أخبره جبريل أن بهما أذى، ومضى في صلاته، ولم يستأنفها مع كون ذلك موجودا في أول الصلاة، لكن لم يعلم به”، وبناءً على ذلك من الأحوط للمرأة المسلمة أن تتأكد من طهارة ثوبها ثم تصلي فيه، والله أعلم.[11]
شاهد أيضًا: هل يجوز الصيام قبل الاغتسال من الحيض بعد طلوع الشمس
كيفية تطهير الملابس من دم الحيض
بيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الأحاديث الشريفة كيفية تطهير الملابس من الحيض، بدليل ما جاء عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- قالت:” جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَت:ْ “إِحْدَانَا يُصِيبُ ثَوْبَهَا مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ كَيْفَ تَصْنَعُ بِه؟ِ قَالَ: تَحُتُّهُ ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ ، ثُمَّ تَنْضَحُهُ ، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ”[12]، فقد أوضح -عليه الصلاة والسّلام- أنّ دم الحيض يزول عن الملابس من خلال حته بالظفر حتى تذهب خشونته ثم تقرصه ليلين للغسل، وبعد ذلك تغسله بالماء، ولكن إن لم يزل لونه وكان إزالته تشق، أو يتلف الثوب عفي عنه، وإن استعملت في إزالته الملح فهو أفضل، لما روى أبو داود عن المرأة التي جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخبرته بأنه جاء على حقيبتها من دم الحيض، فقال لها أن تأخذ إناء وتضع به الماء والملح ثم تغسل ما أصاب الحقيبة من الدم[7]، ويجدر بالذّكر أنه لا يلزم في إزالة دم الحيض استعمال الصابون ونحوه من المنظفات، فالثوب يتطهر بمجرد الغسل بالماء ولو بقي لونه، قد ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه- قال: أن خولة بنت يسار أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: “يا رسول الله؛ إنه ليس لي إلا ثوب واحد، وأنا أحيض فيه، فكيف أصنع؟ قال: إذا طهرت فاغسليه ثم صلي فيه، فقالت: فإن لم يخرج الدم؟ قال: يكفيك غسل الدم ولا يضرك أثره”[13]، والله أعلم.[14]
وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال هل يجوز لبس نفس الملابس بعد الاغتسال من الحيض، فقد قمنا ببيان من خلال هذا المقال الاغتسال من الحيض وكيفيته، وقد تطرقنا لبيان الإجابة الصحيحة حول السؤال المطروح، كما تمّ بيان هل يجوز لبس نفس الملابس بعد الاغتسال من الحيض إسلام ويب، وهل يجب تغيير الفراش بعد الاغتسال من الحيض، بالإضافة إلى بيان هل تصلي المرأة في ثيابها التي تحيض فيها، ونختم المقال ببيان كيفية تطهير الملابس من دم الحيض، نرجو أن نكون قد وفقنا في كتابة هذا المقال وأن نكن حملنا لكم الفائدة.
المراجع
- ^ سورة البقرة ، الآية 222
- ^ islamqa.info، صفة الغسل المجزئ والكامل، 12/04/2023
- ^ صحيح مسلم، عائشة أم المؤمنين، مسلم،316،صحيح
- ^ binbaz.org.sa، هل تغيير المرأة ملابسها بعد الطهر من الحيض؟، 12/04/2023
- ^ صحيح الجامع، أسماء بنت أبي بكر ، الألباني، 350، صحيح.
- ^ islamqa.info، طهرت من الحيض، فهل لها أن تلبس الثياب التي كانت تلبسها وهي حائض؟، 12/04/2023
- ^ islamweb.net، هل يشرع للطاهر لبس ثياب الحيض وكيف يطهر ما أصاب الفراش من دم الحيض، 12/04/2023
- ^ binothaimeen.net، هل تنجس الملابس التي تلبسها المرأة حال حيضها ؟، 12/04/2023
- ^ سورة المدثر، الآية 4
- ^ islamweb.net، هل تصلي المرأة في ثيابها التي تحيض فيها، 12/04/2023
- ^ islamqa.info، وجدت أثرا لدم الحيض على بدنها بعد الطهر بأيام فهل تعيد الغسل والصلاة؟، 12/04/2023
- ^ صحيح مسلم ، أسماء بنت أبي بكر، مسلم ، 291، صحيح.
- ^ سنن أبي داود، أبو هريرة ، أبو داود، 365، سكت عنه.
- ^ islamweb.net، حكم غسل ثوب أصيب بدم الحيض مع ملابس وبقاء أثره في الثوب، 12/04/2023
التعليقات