عناصر المقال
هل يجوز صيام الست من شوال متفرقة ومتى يبدأ صيامها، يبحث عنها كثير من المسلمين من أجل صيام ستة أيام من شهر شوال بعد انتهاء شهر رمضان وأيام عيد الفطر المبارك، ولا بدَّ أن يتعرف المسلم على كل ما يحيط بأمور دينه خصوصًا في مسألة العبادات حتى يعبد الله تعالى على أكمل وجه، دون أن يقع في ما لا يرضيه جلَّ وعلا، وسوف نتعرف في هذا المقال على حكم صيام الست من شوال وعلى حكم صيام الست من شوال متفرقة، وهل يجوز صيام الست من شوال قبل القضاء وعلى فضل صيام الست من شوال وغير ذلك من المعلومات والأحكام المتعلقة.
حكم صيام الست من شوال
إنَّ صيام ستة أيام من شهر شوال سُنَّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند جمهور الفقهاء من أهل العلم، وقد حثَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين على صيام هذه الأيام بعد شهر رمضان، حيث ورد في الحديث الصحيح عن الصحابي ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: “صيامُ شهرِ رمضانَ بعشْرةِ أشْهُرٍ ، وصيامُ سِتَّةِ أيامٍ بشَهرينِ ، فذلِك صيامُ السنةِ”،[1] وفي حديث آخر عن أبي أيوب الانصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ”،[2] وهذا كله من باب الترغيب على صيام هذه الأيام واغتنام الأجر الكبير والثواب الجزيل من الله تعالى، وقد ذهب الإمام مالك رحمه الله إلى كراهة صيام ست أيام من شوال بعد رمضان، كونه لم يصل إليه أن أحدًا من الصحابة صامها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يذهب إلى هذا القول غيره، ولذلك فالأصل حسب جمهور الفقهاء أنَّها سنة وثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله تعالى أعلم.[3]
شاهد أيضًا: هل يجوز تقديم صيام الست من شوال على قضاء رمضان ابن باز
هل يجوز صيام الست من شوال متفرقة
إنَّ صيام الست من شوال متفرقة جائز في الإسلام ولا حرج على المسلم في ذلك، إذ أنَّه لا يشترط في صيام الست من شوال التتابع كما يظن البعض، فللمسلم أن يصومها متفرقة أو مجتمعة، ولكن كلما بادر إلى صيامها بعد انقضاء شهر رمضان أفضل، فقد ورد في كتاب الله تعالى قوله جلَّ من قائل: “وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ”،[4] ولأنَّ التأخير قد يُفضي إلى التكاسل والتهاون في صيامها، وحتى يغتنم المسلم الأجر الكبير ولا يفوته من شيء وهو لاهٍ في هذه الحياة الدنيا، وإلى هذا القول ذهب جمهور الفقهاء من أهل العلم في جوازر صيام الست من شوال متفرقة، وذهب البعض إلى استحباب صيامها متتابعة، ويقول الإمام النووي رحمه الله تعالى في ذلك:[5]
“قَالَ أَصْحَابُنَا : يُسْتَحَبُّ صَوْمُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ ، لِهَذَا الْحَدِيثِ قَالُوا : وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَصُومَهَا مُتَتَابِعَةً فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ فَإِنْ فَرَّقَهَا أَوْ أَخَّرَهَا عَنْ شَوَّالٍ جَازَ . وَكَانَ فَاعِلا لأَصْلِ هَذِهِ السُّنَّةِ ، لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَإِطْلاقِهِ . وَهَذَا لا خِلافَ فِيهِ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَدَاوُد”.
شاهد أيضًا: هل يجوز صيام الست من شوال بنية القضاء
متى يبدأ صيام الست من شوال
إنَّ صيام الست من شوال كما سبق سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يفرض على المسلم أن يصومها في وقت محدد خلال شهر شوال، ولكن يشرَع للمسلم أن يبدأ بصيام الست من شوال من ثاني أيام عيد الفطر المبارك، لأنَّ أول أيام عيد الفطر من الأيام التي يحرم على المسلم الصيام فيها، فهو يوم فرح وسرور وطعام وشراب، فيبدأ المسلم صيام هذه الأيام من ثاني أيام العيد، فيتابع صيامها مجتمعة أو يفرقها حسب قدرته واستطاعته ومشاغله ولا حرج عليه في ذلك، كما يمكنه أن يؤخر صيامها أيضًا وليس عليه شيء، وقد لا يصومها المسلم وليس عليه شيء أيضًا فهي نافلة وليست فرض ولكن اغتنامًا للأجر والثواب من الله تعالى يجب أن يحرص عليها والله تعالى أعلم.[6]
حكم صيام الست من شوال قبل القضاء
اختلف الفقهاء من أهل العلم في حكم صيام الست من شوال قبل صيام قضاء ما فات من رمضان المبارك، وفيما يأتي سوف يتم التفصيل في أقوال المذاهب الأربعة في حكم صيام الست من شوال قبل صيام قضاء ما فات من شهر رمضان:[7]
- الحنابلة: ذهب فقهاء المذهب الحنبلي إلى أنَّه لا يجوز صيام الست من شوال قبل صيام قضاء ما فات من شهر رمضان وهذا الصيام لا يصح، وقد استندوا في ذلك الحكم إلى حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مَن أَدْرَكَ رمضانَ ، وعليه من رمضانَ شيءٌ لم يَقْضِهِ ، لم يُتَقَبَّلْ منه ، ومَن صام تَطَوُّعًا وعليه من رمضانَ شيءٌ لم يَقْضِهِ ، فإنه لا يُتَقَبَّلُ منه حتى يصومَه”،[8] ولكن جميع الفقهاء أشاروا إلى أنَّ هذا الحديث ضعيف.
- الشافعية: ذهب فقهاء المذهب الشافعي إلى أنَّه يجوز صيام الست من شوال قبل صيام قضاء ما فات من شهر رمضان مع الكراهة.
- المالكية: ذهب فقهاء المذهب المالكي أيضًا إلى أنَّه يجوز صيام تطوع الست من شوال قبل صيام قضاء أيام شهر رمضان مع الكراهة.
- الحنفية: ذهب فقهاء المذهب الحنفي إلى أنَّه يجوز صيام الست من شوال قبل صيام قضاء ما فات من شهر رمضان ولا حرج على المسلم في ذلك.
شاهد أيضًا: هل يجوز صيام القضاء قبل رمضان بيوم او يومين
فضل صيام الست من شوال
إنَّ صيام الست من شوال في الإسلام له فضائل عظيمة، ولذلك حثَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين على صيامها ورغَّبهم في ذلك، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم فضائل صيام الست من شوال:[9]
- إنَّ صيام الست من شوال سنة مستحبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتباع المسلم لسنة رسول الله فيه أجر كبير وفضل عظيم، والله تعالى يقول في كتابه العزيز: “قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”.[10]
- إنَّ صيام الست من شوال يحسَب للمسلم مع صيام شهر رمضان المبارك صيام السنة كاملة حسب ما ورد في الحديث السابق الذي رواه أبو أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه.
- أيضًا صيام ستة أيام من شوال مع صيام شهر رمضان يعدُّ صيام الدهر كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- إنَّ صيام الست من شوال يعدل صيام سنة فرضًا حسب ما ذهب إليه بعض فقهاء الشافعية والحنابلة، لأنَّ مضاعفة الأجر ثابتة في صيام النافلة والحسنة بعشرة أمثالها كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا.
- صيام هذه الأيام يعدُّ تعويضًا للنقص الحاصل في صيام شهر رمضان، فإذا ما وقع المسلم خلال رمضان في تقصير أو ارتكب ذنبًا أو وقع منه لغو وما إلى هنالك، فإنَّ صيام ستة أيام من شهر شوال يجبر ذلك النقص.
- إنَّ صيام النوافل لها أجر كبير عند الله تعالى، فقد ورد في الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا”.[11]
- ويعد صيام هذه الأيام شكر لله تعالى من قبَل المسلم على توفيق الله تعالى له في شهر رمضان، وهو دليل أيضًا على حب الطاعات والعبادات ومواصلة طريق العبادة والصلاح الذي أراده الله تعالى للمسلم في شهر رمضان المبارك.
وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال هل يجوز صيام الست من شوال متفرقة ومتى يبدأ صيامها، وقد تعرفنا على حكم صيام الست من شوال وعلى أقوال الفقهاء في صيام الست من شوال، كما عرفنا حكم صيام الست من شوال متفرقة، وعلى حكم صيام الست من شوال قبل صيام قضاء ما فات من شهر رمضان، وعرفنا فضل صيام الست من شوال وغير ذلك من المعلومات والأحكام المتعلقة.
المراجع
- ^ صحيح الترغيب، ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الألباني، 1007، صحيح
- ^ صحيح مسلم، أبو أيوب الأنصاري، مسلم، 1164، صحيح
- ^ saaid.org، صيام ست من شوال، 23/04/2023
- ^ سورة آل عمران، الآية 133
- ^ islamqa.info، هل يشترط التتابع في صيام الست من شوال، 23/04/2023
- ^ islamqa.info، متى يبدأ المسلم بصيام ستة أيام من شوال، 23/04/2023
- ^ islamweb.net، لا حرج في صيام التطوع لمن عليه قضاء من رمضان، 23/04/2023
- ^ السلسلة الضعيفة، أبو هريرة، الألباني، 838، ضعيف
- ^ islamqa.info، فضل صيام الست من شوال، 23/04/2023
- ^ سورة آل عمران، الآية 31
- ^ صحيح البخاري، أبو سعيد الخدري، البخاري، 2840، صحيح
التعليقات