الفرق بين التعزير والقصاص في المفهوم والحكم الشرعي

الفرق بين التعزير والقصاص والفرق بينها وبين الحدود في الشريعة الإسلامية، فالأمن والاستقرار مطلب إنساني هام لا يقل عن حاجيات المعيشة التي يحتاجها الإنسان في حياته كالمأكل والمشرب والكساء والغذاء ونحو ذلك، ولأجل هذا فإن الإسلام اهتم بتشريع العقوبات الرادعة حتى يتم ضبط الأمن والأمان وتنظيمه، وعبر هذا المقال سيتم تسليط الضوء على أنواع العقوبات في الشريعة الإسلامية وإجراء مقارنة بين عقوبات التعزير والحدود والقصاص.

الفرق بين التعزير والقصاص

لقد كانت الغاية الأخيرة والمطلقة من الشريعة الإسلامية هي تحقيق مصالح العباد في الدنيا والآخرة، ويتم ذلك بأن يقوم المجتمع الإسلامي الصالح الذي يعبد الله ويقوم بإعمار الأرض، وبالتالي جاء نظام العقوبات في الإسلام الذي يهدف إلى حفظ النفس وحفظ الدين وحفظ العقل وحفظ النسل، وحفظ المال، فشرّع القصاص لحفظ النفس وشرع حد الردة لحفظ الدين وشرّع حد الخمر لحفظ العقل وحد الزنا لحفظ النسل، وحد السرقة لحفظ المال، وشرّع القصاص للعدالة وشرّع التعزير لاستكمال كلّ ذلك مما لم يشرع فيه أي عقوبات وهو من الجرائم، والفروقات بين التعزير والقصاص تتمثل بما يأتي:^[1]

• إن كل جريمة تم تقرير العقوبة لها هي حدود أو قصاص فهي عقوبات مقدرة ومعينة، لا يمكن تبديلها بغيرها، بعكس التعزير الذي يعد عقوبة غير مقدرة، يقدرها القاضي بحسب الضرورة والمعطيات.
• إن العقوبات في الحدود والقصاص لا تقبل العفو ولا الإسقاط من ولي الأمر، أما التعزير فيقبل العفو من ولي الأمر مهما كانت الجريمة.
• في جرائم الحدود والقصاص ينظر الجرائم أما في التعزير فينظر إلى الجاني والجريمة وتختلف عقوبة التعزير باختلاف الفاعل.
• عقوبات الحدود والقصاص ثابتة لا تتغير ولا تختلف مهما اختلف العصر والزمان أما التعازير فتختلف باختلاف العصر والمكان.

شاهد أيضًا: تجربتي مع صلاة التسابيح وفوائد هذه الصلاة في الدنيا والآخرة

مفهوم التعزير

التعزير عقوبة من العقوبات المشروعة في الإسلام، لكنها من العقوبات الغير محددة، حيث إن الشخص الذي يرتكب جرمًا لم يتم تحديد عقوبته في الشريعة الإسلامية، فإن القاضي يدرس هذا الجرم فلو رأى أنه خطير وأنه يستحق التعزير فإنه يقدر عقوبةً تقديرًا بحسب حجم الجرم ونوعه، ولذلك فإن عقوبة التعزير تكون تقديرية، ويكون المقصد منها التأديب، ولا ينبغي للتعزير أن يصل إلى القتل بأي حالٍ من الأحوال، إلا في بعض الاستثناءات القليلة والخاصة التي يمكن أن يصل فيها عقاب التعزير إلى القتل، والتي يكون فيها تهديدًا لمصلحة الأمة أو الدولة أو المجتمع الإسلامي كقتل الجاسوس المسلم إن تجسس على المسلمين لصالح غيرهم، وقتل الداعين للبدع المخالفين للكتاب والسنة، ومن تكررت منه الجرائم كاللواط وغيره، والمفسد في الأرض الذي لا ينقطع شره إلا بقتله.^[2]

مفهوم القصاص

يعرف القصاص أنه معاقبة للجاني بمثل جنايته، ويطلق على القصاص القود لأنّ المُقتص منه يقاد في الغالب بالشيء يُربط به إلى القتل، كما أنه يسمى جناية لأنّه يكون من اعتداء على نفس أو مال، وقد قال تعالى في محكم تنزيله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.^[3] وقد شُرع القصاص وهو قتل القاتل لحكمة عظيمة، وهي بقاء الأرواح وصونها، فكم من قاتلٍ أراد أن يقتل لكنه امتنع خوفًا من أن يُقتل.^[4]

شاهد أيضًا: هل يغلق باب التوبة عند ظهور الدجال وحديث ظهور الدجال كامل

الفرق بين القصاص والحدود

تكون حدود الله على ثلاثة أنواع، وهي كل ما أذن الله تعالى بفعله على سبيل الوجوب أو الندب أو الإباحة، والاعتداء بها يكون بتجاوزها ومخالفتها، والثاني المحارم التي نهى الله عنها وهي المحرمات كالزنا، ويمكن تحديد الفروقات بين الحدود والقصاص بما يأتي:

• إن جرائم القصاص يكون الحق فيها لأوليا المعتدى عليه وهو القتيل، أما الحدود فإن أمرها إلى الحاكم ولا يجوز أن تسقط إلا بعد أن تصل إليه.
• كل جريمة قصاص يمكن أن يعفى عنها أو يؤخذ بدل عنها وهي الدية أو حتى بدون مقابل، لأنها حق من حقوق البشر.
• جرائم الحدود لا يجوز لأحد أن يعفو عنها ولا يشفع فيها أبدًا مطلقًا ولو بعوض أو بدون عوض.

الفرق بين الحدود والتعازير

إن الله سبحانه وتعالى قد شرّع العقوبات لزجر الناس عن الوقوع في الجريمة، وأمر بتطبيق الحدود الشرعية التي فيها صلاح العباد والبلاد، ومن أنواع العقوبات المشروعة التي شرعها الله لعباده المسلمين، الحدود والتعازير، والتي يمكن بيان الفروقات بينها بما يأتي:

• إن عقوبات جرائم القصاص والحدود تم تقديرها شرعًا ولا يجوز تغييرها.
• عقوبات جرائم التعزير يقدرها القاضي بما يقتضي مع المصلحة العامة وبحسب الجريمة ونوعها.
• عقوبات الحدود والقصاص على الإمام أو القاضي أن يقوم بتنفيذها ولا يجوز أن يلغيها.
• عقوبات التعزير إن كانت في حق من حقوق الله وجبت إقامته، ولو كان في غير ذلك يجوز فيه الشفاعة.
• عقوبة الحد والقصاص عقوبة معينة، أما عقوبات التعزير فتختلف اجتهادًا من القاضي، وبحسب الجريمة والجاني والمجني عليه.

شاهد أيضًا: هل الاستغفار يمحو كبائر الذنوب ، ما هو التسبيح الذي يغفر الذنوب

أنواع العقوبات التعزيرية

إن التعزير يكون على كل معصية لا حد فيها ولا قصاص ولا كفارة، فلقد شرّع الله العقوبات المقدرة التي لا زيادة فيها ولا نقصان، وشرع عقوباتٍ زاجرة، ولهذه الحدود ضوابط وشروط لا يثبت بعضها فتتحول من عقوبة محددة إلى عقوبة غير محددة يراها الإمام، وقد قسّم أهل العلم التعزير إلى تعزير تأديب وتربية، وتعزير على المعاصي، أما أنواع العقوبات التعزيرية فقد جاءت كما يأتي:^[5]

• العقوبات التي تتعلق بالجاه كالتوبيخ والتشهير والعزل عن المناصب.
• العقوبات التي تتعلق بالإرادة كالحبس والنفي.
• العقوبات التي تتعلق بالأموال كالغرامة ومنع التصرف.
• العقوبات التي تتعلق بالأبدان كالقيد والجلد والقتل.
• العقوبات التي تتعلق بالمال والبدن معًا.

شاهد أيضًا: اهم المعلومات حول كفارة القتل الخطأ في حوادث السيارات

أهداف العقوبة في الإسلام

شُرّعت العقوبة في الشريعة الإسلامية لحكمةٍ بالغة من الله سبحانه وتعالى، وذلك لتحقيق العديد من الأمور، والتي منها ما يأتي:

• لتكون العقوبات زاجرة للناس عن اقتراف أي جريمة موجبة لأي عقوبة.
• ولتكون العقوبات صيانة للمجتمعات من الفساد ولمنع وقوع الجرائم وتكرارها مرات أخرى.
• زجرًا للمتهمين عن ارتكاب أي تعديات ثانية.
• إصلاحًا للجناة وتهذيبهم قبل تعذيبهم.
• قطع الجرائم في المجتمع وكبح الفاحشة والزنا والقتل والاعتداء.
• قطع عادات الأخذ بالثأر التي تفتح أبوابًا واسعة من الجرائم.
• وإطفاءً لنار الحقد والغيظ التي تشتعل عند أولياء المعتدى عليه.
• وحصولًا للأمن والأمان ونشرًا للعدل والطمأنينة في مجتمعات المسلمين.

في ختام مقال الفرق بين التعزير والقصاص، تمّ إيجاد الفروقات بين عقوبات التعزير والقصاص وحتى الحدود، وبيان مفاهيم كل عقوبة على حدة وبيان العديد من المعلومات الشرعية حول كل عقوبة وقانون العقوبات في الشريعة الإسلامية.