حكم التبرك بالاولياء والصالحين

حكم التبرك بالاولياء والصالحين
حكم التبرك بالاولياء والصالحين

حكم التبرك بالاولياء والصالحين وهو ما سيتم بيانه في سطور وفقرات هذا المقال، حيثُ يعدّ من أهم الأحكام التي ينبغي على كل مسلم ومسلمة معرفتها للتفقه بها والابتعاد عن الشرك بالله، ومخالفة شرع الله عزّ وجل، حيثُ إنّ التبرك نوع من أنواع العبادة، ومنه ما هو مشروع، ومنه ما هو ممنوع، لذا ومن خلال هذا المقال سيتم بيان مفهوم التبرك، إضافة لبيان حكم التبرك بالأولياء والصالحين، والعديد من المسائل المتعلقة بهذا الموضوع من حيث الحكم الشرعيّ له.

مفهوم التبرك

يقصد بالتبرك طلب الحصول على الخير والبركة عن طريق الشيء المُتَبّرَّك به، كملابسته أو اعتقاده، أو أفعاله، والتبرُّك هو أن يقوم العبد بطلب البركة بواسطة شيءٍ يعتقد فيه البركة والخير والنماء، ويجدر بالذّكر إلى أنّ البركة يجب أن تُطلَب من الله عزّ وجل فقط، لأنَّ الله -تعالى- هو من يضع البركة في الأشياء[1]، ومن الأدلة على مشروعية الدعاء قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}[2]، لذا ينبغي على العبد التماس الدليل والالتزام بما جاء به، والتبرك نوعان وهما، تبرك مشروع، وتبرك ممنوعًا، وفيما يأتي سيتم بيان الفرق بينهما على النحو الآتي:[3]

أوجه المقارنة التبرّك المشروع التبرّك الممنوع
المفهوم وهو التبرك بما ورد به الشرع؛ لأن التبرك أمر توقيفي. وهو ما لم يرد الشرع بجواز التبرك به.
التبرُّك بالذوات النبي -صلى الله عليه وسلم- وزمزم والحجر الأسود. العلماء والأولياء الصالحون.
التبرُّك بالزمان رمضان وليلة القدر وعشر ذي الحجة ليلة الأسراء وليلة المولد النبوي
التبرُّك بالأماكن مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وبيت المقدس. القبور ونحوها.
التبرُّك بالأعمال الصلاة والصيام والزكاة. البدع والمحدثات

حكم التبرك بالاولياء والصالحين

لا يجوز التبرّك بالأولياء والصالحين، حيثُ إنّ التبرك خاص بالنبي دون غيره[4]، ولهذا لم يرد التبّرك بغير النبي عن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا في حياته ولا بعد وفاته، وما يدل على جواز التبرك بآثار النبي -صلى الله عليه وسلم- ما ورد عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- قالت: “هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ، فَلَمَّا قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا، فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا”[5]، فقد جعل الله في آثاره -صلى الله عليه وسلم- كثوبه وطعامه وشرابه وشعر وماء وضوئه الشفاء والبركة، فقد ثبت عن أم عطية -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطى إزاره للنساء اللاتي غسلن ابنته وقال لهن: “أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ”، فقد قال النووي: “الحكمة في إشعارها به تبريكها”[6].

حكم التبرك بالصالحين سؤال وجواب

ذكر موقع إسلام سؤال وجواب الخاصّ بالفتاوى الشرعيّة أنه لا يجوز التبرك بأحد غير النبي -صلى الله عليه وسلم- لا بوضوئه ولا بشعره ولا بعرقه ولا بشيء من جسده، بل كل هذا من الأمور الخاصة برسول الأمة محمد صلى الله عليه وسلم، فقد جعل الله -سبحانه وتعالى- في جسده وكل ما مسّه الخير والبركة، فلم يرد في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو حتى بعد وفاته بالتبرك بالصحابة أو الخلفاء الراشدين من بعده، وذلك لأنّهم عرفوا أنّ التبرك خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام- دون غيره، ومن الجدير بالذّكر أنه لا يجوز التوسل إلى الله -سبحانه وتعالى- بجاه النبي -صلى الله عليه وسلم- أو ذاته أو صفاته، فكل ذلك وسيلة إلى الشرك وعبادة غير الله سبحانه، فقد قال عز وجل: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}[7]، حيثُ إنّ الله -عزّ وجل- لم يأمر عباده بدعائه بجاه أحد أو حق أحد أو بركة أحد.[8]

شاهد أيضًا: حكم دعاء غير الله تعالى من الأولياء والصالحين

أدلة جواز التبرك بالصالحين

هناك بعض من أهل العلم أجازوا التبرك بالأنبياء وآثار الصالحين، فهم يقيسوا آثار الصالحين على الأنبياء، بحيث لا يتم التبرك بالأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- إلا لصلاحهم وتقواهم وقربهم من الله عزّ وجل، وقد أعلن ذلك كل من النووي في شرح صحيح مسلم، ثم تعبه الحافظ ابن حجر في الفتح، ثم الإمام الشوكاني، وفيما يأتي سيتم بيان أدلة جواز التبرك بهما، وهي كالآتي:[9]

  • قوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ}[10]،  فقد استدلوا بأنّ يأخذوا آثار الأنبياء ويتبركوا بها من هذه الآية، ولذلك قال النووي -رحمه الله- في ذلك “أنّ هذه الآية فيها دلالة واضحة على جواز التبرك بآثار الصالحين، فإذا أخذت عمامة شيخك أو عصاه أو قميصه لتتبرك بها، جاز لك ذلك”.
  • حديث محمود بن الربيع الأنصاري -رضي الله عنه- قال:أنَّ عِتْبَانَ بنَ مَالِكٍ، كانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ وهو أعْمَى، وأنَّهُ قَالَ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّهَا تَكُونُ الظُّلْمَةُ والسَّيْلُ، وأَنَا رَجُلٌ ضَرِيرُ البَصَرِ، فَصَلِّ يا رَسولَ اللَّهِ في بَيْتي مَكَانًا أتَّخِذُهُ مُصَلَّى، فَجَاءَهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَ: أيْنَ تُحِبُّ أنْ أُصَلِّيَ؟ فأشَارَ إلى مَكَانٍ مِنَ البَيْتِ، فَصَلَّى فيه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ”[11]، فقد عقب الحافظ على هذا الحديث فقال: “هذا فيه دلالة على جواز التبرك بآثار الصالحين”.
  • حديث عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: “كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُؤتَى بالصبيانِ فيدْعو لهم ويحنكهُم ، وفي روايةٍ : فيدعُو لهم بالبركةِ”[12]، فقد قالوا بأنّ هذا الحديث دلالة على أن المولود لا بد لمن يحنكه أن يكون صالحاً، وحتى ينزل في بطن المولود أو الطفل ريق الصالح.

شاهد أيضًا: حكم الاستغاثة بالحي الحاضر القادر

حكم التبرك بقبور الصالحين

إنّ التبرك بقبور الصالحين حرام شرعًا، حيثُ إنّ الاستعانة بقبور الأولياء بقصد طلب الحصول على البركة منهم، يعتبر شركًا أكبر؛ فهو يخرج العبد من الملة الإسلامية، ويعود السبب في ذلك لأن هذه الأمور إنما تطلب من الله -سبحانه وتعالى- وحده، كما لا يجوز للمسلم أن يقصد قبور الأنبياء والصالحين للقيام بعبادة الله -تعالى- ظنّاً منه لزيادة البركة في هذا الموضع[13]، فلو كان ذلك جائزاً لكان الأولى في ذلك الرسول الكريم، فقد حذّر -صلى الله عليه وسلم- من ذلك؛ فقال: {لا تَجعَلوا بُيوتَكم قُبورًا، ولا تَجعَلوا قَبْري عيدًا، وصلُّوا علَيَّ؛ فإنَّ صلاتَكم تبلُغُني حيثُ كنتم}[14]، كما قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في تعقيبه على تلك المسألة، ما يأتي:

” التبرك بها – يعني القبور – : إن كان يعتقد أنها تنفع من دون الله عز وجل فهذا شرك في الربوبية مخرج عن الملة ، وإن كان يعتقد أنها سبب وليست تنفع من دون الله : فهو ضال غير مصيب ، وما اعتقده فإنه من الشرك الأصغر ” .

بهذا نصل إلى ختام مقالنا حكم التبرك بالاولياء والصالحين، والذي تعرفنا من خلاله على مفهوم التبرك وأنواعه، كما ذكرنا لكم فيه الإجابة الصحيحة على ذلك السؤال حكم التبرك بالأولياء والصالحين، وأيضًا تطرقنا إلى بيان حكم التبرك بالصالحين عند المذاهب الأربعة، كما تم بيان حكم التبرك بقبور الصالحين، ونختم بتوضيح بعض من الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبويَّة تبين جواز التبرك بالصالحين.

أسئلة شائعة

أسئلة شائعة
من اسباب عدم جواز التبرك بالصالحين؟
لأنّ التبرك خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام- دون غيره، فقد جعل الله -عزّ وجل- في جسده وما مسه من الخير والبركة، بالإضافة إلى أنّ الصحابة -رضوان الله عليهم- لم يفعلوا ذلك بعد وفاة رسول الله، فلو كان خيراً لقاموا به.
هل يجوز التبرك في قبر الرسول؟
لا يجوز، بل هو بدعة ومن وسائل الشرك بالله تعالى، والواجب ترك ذلك، فقد شرع الله -سبحانه وتعالى- التبرك برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حياته، بالإضافة إلى مشروعية التبرك بماء زمزم.
هل البركة من الله فقط؟
نعم، حيث إنّ الله -عز وجل- هو مصدر البركة، ولهذا كان كتابه مباركًا، ورسوله مباركًا، وبيته مباركًا، والأزمنة والأمكنة التي شرفها واختصها عن غيرها مباركة، لذا من يطلب البركة من غير الله تعالى يكون أشرك بالله تعالى.
ماذا قال النبي عن البركة؟
عن جابر بن عبد الله قال: قَدْ رَأَيْتُنِي مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقدْ حَضَرَتِ العَصْرُ، وليسَ معنَا مَاءٌ غيرَ فَضْلَةٍ، فَجُعِلَ في إنَاءٍ فَأُتِيَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ به، فأدْخَلَ يَدَهُ فيه وفَرَّجَ أصَابِعَهُ، ثُمَّ قَالَ:" حَيَّ علَى أهْلِ الوُضُوءِ، البَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ فَلقَدْ رَأَيْتُ المَاءَ يَتَفَجَّرُ مِن بَيْنِ أصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ النَّاسُ وشَرِبُوا، فَجَعَلْتُ لا آلُو ما جَعَلْتُ في بَطْنِي منه، فَعَلِمْتُ أنَّه بَرَكَةٌ".
كيف كان الصحابة يتبركون بالنبي؟
ثبت عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أن الصحابة كانوا يتبركون بماء وضوئه، وبشعره، وببصاقه، ونخامته، فقد ثبت في حديث أبي جحيفة في حجة الوداع: "أنه لما خرج بلال بوضوئه صلى الله عليه وسلم كان الصحابة يتناولون منه ما تيسر -هذا يأخذ قليلًا، وهذا يأخذ كثيرًا- من وضوئه -عليه الصلاة والسلام-".

المراجع

  1. ^ islamic-content.com، التَّبَرُّك، 03/03/2023
  2. ^ سورة البقرة، الآية 186
  3. ^ islamweb.net، التبرك المشروع والتبرك الممنوع، 03/03/2023
  4. ^ binbaz.org.sa، حكم التبرك بالعلماء والصالحين وآثارهم، 03/03/2023
  5. ^ صحيح مسلم، أسماء بنت أبي بكر، مسلم، 2069، صحيح.
  6. ^ صحيح البخاري، أم عطية نسيبة بنت كعب ، البخاري، 1254، صحيح.
  7. ^ سورة الأعراف، الآية 180
  8. ^ islamqa.info، التبرك بالعلماء والصالحين وآثارهم، 03/03/2023
  9. ^ islamweb.net، القائلون بجواز التبرك بآثار الصالحين وأدلتهم الأثرية والنظرية، 03/03/2023
  10. ^ سورة البقرة، الآية 248
  11. ^ صحيح البخاري، محمود بن الربيع الأنصاري، البخاري ، 667، صحيح.
  12. ^ المجموع للنووي، عائشة أم المؤمنين، النووي، 8/443 ، صحيح.
  13. ^ islamqa.info، تعظيم القبور والتبرك بها والمكث عندها محرم ، وقد يصل إلى الشرك الأكبر .، 03/03/2023
  14. ^ سنن أبي داود، أبي هريرة، أبو داود، 2042، صحيح.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *