عناصر المقال
ما هو حكم الصيام بعد النصف من شعبان هذا الحكم الشرعي الذي يُعدُّ من الأحكام الشرعية المهمة بالنسبة للكثير من المسلمين، حيث وردت العديد من الأقوال التي ترى أنّه لا يجوز للمسلمين الصيام بعد النصف من شعبان استنادًا على أحاديث اختلف العلماء في صحّتها، وفي هذا المقال سوف نقوم بالمرور على هل يجوز الصيام بعد النصف من شهر شعبان ثم سوف نمر على أقوال العلماء في الصيام في شهر شعبان بشكل عام وعلى بعض المواضيع التي لها علاقة مباشرة بهذه المسألة الفقهية المهمة.
حكم الصيام بعد النصف من شعبان
ذكر أهل العلم أنّه لا يجوز للمسلم أن يصوم النصف الثاني من شهر شعبان للنهي الواضح في حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- والذي جاء فيه: “إذا انتصف شعبان فلا تصوموا” [1]وهو حديث صححه العديد من علماء الحديث، ويرى أهل العلم أنّه إذا لم يصم المسلم أول شهر شعبان فليس له أن يصوم بعد نصف شعبان، فالأولى أن يصوم المسلمون في أول شهر شعبان، والدليل على أنّ الصيام في النصف الثاني من شعبان غير جائز في الشرع الإسلامي هو الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: “لا تَقَدَّمُوا رَمَضانَ بصَوْمِ يَومٍ ولا يَومَيْنِ إلَّا رَجُلٌ كانَ يَصُومُ صَوْمًا، فَلْيَصُمْهُ” [2]والله تعالى أعلم. [3]
أحاديث عن الصيام بعد النصف من شعبان
وردت الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة عن الصيام بعد النصف من شهر شعبان، ومن هذه الأحاديث ما سيأتي:
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: “لا تَقَدَّمُوا رَمَضانَ بصَوْمِ يَومٍ ولا يَومَيْنِ إلَّا رَجُلٌ كانَ يَصُومُ صَوْمًا، فَلْيَصُمْهُ”. [2]
- وفي رواية السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، جاء ما سيأتي: “سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عن صِيَامِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: كانَ يَصُومُ حتَّى نَقُولَ: قدْ صَامَ وَيُفْطِرُ حتَّى نَقُولَ: قدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِن شَهْرٍ قَطُّ، أَكْثَرَ مِن صِيَامِهِ مِن شَعْبَانَ كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إلَّا قَلِيلًا”. [4]
أقوال الفقهاء في الصيام بعد النصف من شعبان
اختلف علماء المسلمين في مسألة صيام النصف الثاني من شهر شعبان على عدة أقوال، وهذا الخلاف جاء في الأصل بسبب الخلاف القائم على صحة حديث: “إذا انتصف شعبان فلا تصوموا”، فهو حديث صححه عدد من علماء الحديث وضعفه آخرون، وفيما يأتي سوف نمر على أقوال أهل الفقه في مسألة الصيام في شعبان: []
- قال الحافظ بن حجر: “قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: يَجُوزُ الصَّوْمُ تَطَوُّعًا بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَضَعَّفُوا الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِيهِ, وَقَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ إِنَّهُ مُنْكَرٌ”.
- قال ابن قدامة في كتابه المغني أنّ الإمام أحمد بن حنبل قال عن حديث إذا انتصف شعبان فلا تصوموا: “لَيْسَ هُوَ بِمَحْفُوظٍ. وَسَأَلْنَا عَنْهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ , فَلَمْ يُصَحِّحْهُ , وَلَمْ يُحَدِّثْنِي بِهِ , وَكَانَ يَتَوَقَّاهُ. قَالَ أَحْمَدُ: وَالْعَلاءُ ثِقَةٌ لا يُنْكَرُ مِنْ حَدِيثِهِ إلا هَذَا”.
- قال ابن القيم في كتابه تهذيب السنن: “إن هذا الحديث صحيح على شرط مسلم، وإنَّ تفرد العلاء بهذا الحديث لا يُعَدُّ قادحاً في الحديث لأن العلاء ثقة، وقد أخرج له مسلم في صحيحه عدة أحاديث عن أبيه عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وكثير من السنن تفرد بها ثقاتٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقبلتها الأمة وعملت بها، وَأَمَّا ظَنُّ مُعَارَضَته بِالأَحَادِيثِ الدَّالَّة عَلَى صِيَام شَعْبَان، فَلا مُعَارَضَة بَيْنهمَا، وَإِنَّ تِلْكَ الأَحَادِيث تَدُلّ عَلَى صَوْم نِصْفه مَعَ مَا قَبْله، وَعَلَى الصَّوْم الْمُعْتَاد فِي النِّصْف الثَّانِي، وَحَدِيث الْعَلاء يَدُلّ عَلَى الْمَنْع مِنْ تَعَمُّد الصَّوْم بَعْد النِّصْف، لا لِعَادَةٍ، وَلا مُضَافًا إِلَى مَا قَبْله”.
- قال ابن باز رحمه الله: “هو حديث صحيح كما قال الأخ العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني، والمراد به النهي عن ابتداء الصوم بعد النصف، أما من صام أكثر الشهر أو الشهر كله فقد أصاب السنة”.
- قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “وحتى لو صح الحديث فالنهي فيه ليس للتحريم وإنما هو للكراهة فقط، كما أخذ بذلك بعض أهل العلم رحمهم الله، إلا من له عادة بصوم، فإنه يصوم ولو بعد نصف شعبان”.
الحكمة من النهي عن الصيام بعد النصف من شعبان
ذكر علماء المسلمين أنّ النهي عن الصيام بعد النصف من شعبان فيه حكمة كبيرة، تتلخص هذه الحكمة في أنّ النهي جاء لكي لا يحصل تتابع للصيام قد يؤدي إلى ضعف البدن عن صيام شهر رمضان المبارك الذي يأتي بعد شهر شعبان مباشرة، وفي هذا قال القاري: “وَالنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ، رَحْمَةً عَلَى الأُمَّةِ أَنْ يَضْعُفُوا عَنْ حَقِّ الْقِيَامِ بِصِيَامِ رَمَضَانَ عَلَى وَجْهِ النَّشَاطِ، وَأَمَّا مَنْ صَامَ شَعْبَانَ كُلَّهُ فَيَتَعَوَّدُ بِالصَّوْمِ وَيَزُولُ عَنْهُ الْكُلْفَةُ”، والله تعالى أعلم. [5]
مقالات قد تهمك
بهذه الأحكام الشرعية المهمة نصل إلى نهاية وختام هذا المقال الذي ألقينا فيه الضوء على ما هو حكم الصيام بعد النصف من شعبان وتحدثنا عن أقوال أهل العلم في مسألة الصيام في شهر شعبان بشكل عام، ثم مررنا على الحكمة من النهي عن الصيام في النصف الثاني من شهر شعبان.
المراجع
- ^ السنن الكبرى للبيهقي، أبو هريرة، الإمام أحمد، 4/209، منكر.
- ^ صحيح مسلم، أبو هريرة، مسلم، 1082، صحيح.
- ^ binbaz.org.sa، حكم الصيام بعد منتصف شعبان، 27/02/2024
- ^ صحيح مسلم، عائشة أم المؤمنين، مسلم، 1156، صحيح.
- ^ islamqa.info، النهي عن الصيام في النصف الثاني من شعبان، 27/02/2024
التعليقات