حكم تاخير اخراج الزكاة عن وقت وجوبها لغير عذر

حكم تاخير اخراج الزكاة عن وقت وجوبها لغير عذر
حكم تاخير اخراج الزكاة عن وقت وجوبها لغير عذر

حكم تاخير اخراج الزكاة عن وقت وجوبها لغير عذر، إن الزكاة ركن من أركان الإسلام الخمسة التي لا يستقيم إسلام العبد إلا بتنفيذه فهو الركن الثالث بعد الصلاة والشهادتين، وقد أوجب الله عز و جل الزكاة على كل مسلم لتطهير نفسه من الخطايا وتزكيتها من دناءة الشح و التقصير بحق غيره من فقراء المسلمين، ولا بد أن من يؤدي زكاة ماله قد برأ نفسه من كل ما يحط منها وتعلم كيف يحب الغير ويؤثرهم ويعطيهم مما عنده في سبيل رضى خالقه تبارك وتعالى، وسيقدم لكم موقع تصفح تفصيلًا لهذا في السطور التالية فكونوا بالقرب.

وقت إخراج زكاة المال

إن وجود المال سبب لوجوب إخراج زكاة المال ما إن بلغ النصاب، بحيث يجب إخراج زكاة المال بعد مرور عام هجري كامل من بلوغ النصاب ومقدارها ربعُ العشر أي 2.5% وذلك لما رواه ابن عمر -رضي الله عنه- عن النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- قال: “من استفاد مالًا فلا زكاةَ عليه حتَّى يَحولَ عليه الحولُ عند ربِّهِ” [1] ، فإن أحب صاحب المال إخراج زكاة ماله قبل إتمام الحول فلا ضير في تعجيله إخراجه ما لم يشق عليه ذلك وإن كان هناك حاجة ملحة قد اقتضت التعجيل، ولا حرج في إخراج زكاة المال في أي شهر شئت رمضان أو غيره إن كان هذا الشهر يكتمل به الحول أو قبل اكتماله بأن تبادر مسرعًا في إخراج زكاة مالك لأجل الفقراء والمساكين ولا يجوز إن كان هذا الشهر بعد اكتمال الحول، فإن وجبت عليك الزكاة في شهر رجب من كل سنة بعد أن بلغت أموالك النصاب ورغبت في إخراج زكاتك في رمضان قبل اكتمال الحول فلا ضير في تعجيلها لقضاء حوائج المحتاجين أما تأخيرها إلى رمضان بعد إتمامك للحول في شهر رجب فلا يجوز، لوجوب إخراجها على الفور، وإن ما تتوقع استفادته من مال في شهر معين خلال السنة فإن زكاتك لهذا المال تجب في العام القادم بعد مرور حول كامل من دخوله في ملكك إن كان نصابًا، أو يكمل مع مال آخر نصابًا، ويمكنك كسابقه إخراجه قبل إتمام الحول ولا يجوز تأخيره لبعده لأن تقديم الشيء على سببه ملغى وأما تقديمه على شرطه جائز، والأفضل المبادرة في تعجيلها بعد بلوغ النصاب فلا يدري أحدنا ما تطري له الايام فقد يموت ولا يقوم الورثة بإخراجها عنه، وقد يتبدد المال فالتعجيل أضمن. والله ورسوله أعلم.[]

شاهد أيضًا: الاصناف التي تجب فيها الزكاة ، شروط استحقاق الزكاة

حكم تاخير اخراج الزكاة عن وقت وجوبها لغير عذر

أجمع الفقهاء على عدم جواز تأخير إخراج زكاة المال عن وقت وجوبها وهو إتمام حول كامل فلا يجوز إخراجها بعده إلا لعذر، فإن انتفى العذر فذلك يجعله يحمل إثمًا عظيم لأنه خالف أمر الله تعالى في كتابه العظيم وترك ركنًا هامًّأ من أركان الإسلام وهو إيتاء الزكاة، قال الله تعالى في كتابه العظيم: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [] ، ومن أتى بمثل ذلك فعليه التوبة والإنابة والعزم على عدم العودة لمثل ذلك والمبادرة بإخراجها ولا ينتظر بها حولًا قادمًا ليخرجهما معًا، فإن كان عليه قضاء دينه للناس فالله أولى أن يقضى دينه معه ولا يدري متى توافيه المنية لذلك عليه الإسراع بالتوبة وإخراج ما فرط به من زكاة ماله في سالف سنواته، فالزكاة كالوديعة لا يجوز تأخيرها إن طالب بها صاحبها، ومن الأعذار التي يجوز بسببها تأخير الزكاة لوقت وجيز غياب المال، أو انتظار إعطائها لصالح أو جار، والله ورسوله أعلم. []

هل يجوز إخراج الزكاة على دفعات

إن إخراج زكاة المال على دفعات قد يكون بعد الوجوب أي بعد إتمام الحول وهذا لا يجوز لأن فيه تقصير بحق الفقير فمن الواجب أداه حقه كافيًا وافيًا وبتقسيطه إلى دفعات فيه مماطلة وتأخير وبخس لحق الفقير، وأمّا إن كان إخراج زكاة المال على دفعات قبل الوجوب أي قبل إتمام الحول فقول الجمهور عدا مالك بالجواز وهو الصواب فلا مانع من ذلك ويدعم هذا القول ما حصل في زمن النبي عليه الصلاة والسلام حينما استلف النبي – صلى الله عليه وسلم- من العباس صدقة عامين قبل حلولهما، وإن التعجيل يصب في مصلحة الفقير والتأخير ليس إلا رفقًا بالمزكِّي، فإن حصل التعجيل برضاه ومن طيب نفسه فلا مانع من ذلك [5] ، وقد يتم إخراج الزكاة بدفعات عن طريق مساعدة الفقراء طوال السنة وقد يزيد في نهايتها عن زكاة السنة فيُجعل من زكاة العام التالي ولا ضير في ذلك كما أسلفنا، لما ورد في الحديث الصحيح عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: “أنَّ العباسَ بنَ عبدِ المطلبِ سألَ النَّبيَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في تعجيلِ صدقتِه قبلَ أنْ تَحلَّ فرخصَ لهُ في ذلكَ” [6] ، ولا بد من معرفة حقيقة عظيمة وهي أن الزكاة تطهرك من الخطايا وتزكيك من الأدران وسببًا لرحمات الله ومحبة الفقراء والمساكين وهي سبيل لإطفاء غضب الرب تبارك وتعالى والتفريط فيها إنما يحرم المقصر خيرًا عظيمًا فإنما إحسان المرء إنما يحسنه لنفسه وإن أساء فلها أيضًا ولا ينفع الإنسان إلا عمله، والله أعلم. [7]

شاهد أيضًا: مقدار ما يُعطى المساكين من الزكاة

حكم تأخير الزكاة لعدم وجود سيولة

لا شك أن الأصل هو وجوب تأدية الزكاة في وقتها أي عند إتمام الحول أو المبادرة إلى تأديتها قبل تمامه، وهذا قول الجمهور عدا الحنفية فلا يجوز تأخيرها عن الحول وفي هذا إثم كبير وتفريط في حق الفقراء الذي جعله الله لزامًا من مال الاغنياء، ولكن استثنى العلماء بعد الحالات التي يجوز فيها تأخير الزكاة وأولها غياب المال أو إن خاف على نفسه الضرر وغير ذلك من الأمور التي يجوز معها التأخير فالله عز وجل لا يرضى لعباده الضرر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : “لا ضَرَرَ ، وَلا ضِرارَ ، مَن ضَارَّ ضَارَّهُ اللَّهُ ، ومَن شَاقَّ شَاقَّهُ اللَّهُ ” [8] ،  ولأنه إذا جاز تأخير دين الآدمي لذلك فتأخير الزكاة أولى ، وبهذه الحالات القليلة فقط يرفع عنه الإثم ولا حرج عليه في التأخير إلى أن يتيسر له إخراج زكاة ماله من غير تفريط منه أو تساهل، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها ولقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [9] ، فإن كان الرجل لا يوجد معه سيولة ولكن ماله في تجارة فبإمكانه أن يخرج  زكاة ماله في عروض التجارة وذلك إن كان وقت الزكاة مناسبًا لوقت العروض أو أن يتعجل زكاته في العروض إن كان يعلم يقينًا أن لا سيولة بين يديه في أيامه القادمة، فإن أغلب العلماء يجوّز إخراج الزكاة في عروض التجارة من العروض نفسها، فإن لم يتمكن من هذا فإن توفرت السيولة الكافية لإخراج الزكاة كلها أو بعضها فيجب المسارعة إلى تأديتها لأنها واجبة على الفور، ولا يجوز تأخيرها إن كنت قادرًا على إخراجها لكي تخرجها على أقساط، وإنما يجوز التقسيط قبل بلوغ الحول وتحقق وجوبها، وإن كان التأخير لسبب خارج عن إرادتك بغياب السيولة وانقطاع الأسباب التي ذكرناها جميعًا فعليك أن تحاول إخراجها على دفعات ما استطعت فإن بقي شيء مما يجب عليك إخراجه من الحول إلى الحول الذي يليه مضطرًا ومن غير تفريط منك فلا ضير في ذلك. [10]

شاهد أيضًا: حكم إخراج الزكاة إذا دخل وقت وجوبها

حكم تعجيل الزكاة لأكثر من حول

إن تعجيل إخراج الزكاة بشكل عام محل خلاف بين العلماء فمنهم من يرى بجواز ذلك إن كان في العام نفسه وهذا الأرجح وهو قول الجمهور مستندين بذلك للحادثة التي وقعت في زمن النبي عليه الصلاة والسلام حيث استأذن العباس رضي الله عنه سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم في تعجيل نفقته فأذن له، فمتى وجد اكتمال النصاب جاز له المبادرة في تأدية الزكاة، وأما إن كان التعجيل لأكثر من حول ففيه روايتان عند الحنابلة، الأولى: أنه لا يجوز ذلك لعدم ورود عن صريح في السنة النبوية بتعجيلها لأكثر من حول، وأما الثانية: فهي بالجواز لتعجيلها لأكثر من حول استنادًا لما روي عن الحسن رضي الله عنه سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يرى بأسًا في تعجيل الرجل لإخراج زكاته قبل ثلاث سنوات لأنه عجلها بعد وجود النصاب ولا فرق في تعجيلها لعام أو أكثر، ولكن رجّح بعض العلماء جواز التأخير لحولين وذلك لما ورد في السنة النبوية المطهرة حينما استلف النبي صلى الله عليه وسلم من عمّه العباس -رضي الله عنه-  صدقة عامين قبل حلولهما، إن الخير ينبغي أن يبادر به فإن الآفات تعرض، والموانع تمنع، والموت لا يؤمن، والتسويف غير محمود، ومع هذا فالأفضل عدم تعجيل الزكاة إلا لسبب طارئ كمجاعة أو جهاد أو فقر متقع أو غير ذلك من الحاجات المُلِحَّة، وذلك للخروج من هذا الخلاف. [11]

شاهد أيضًا: من شروط وجوب الزكاة في عروض التجارة

حكم الزكاة لمن عليه دين

إن كان عليه دين ولم يبلغ النصاب ففي ذلك قولان، أحدهما فهو أن شرط الزكاة بلوغ النصاب وإن لم يبلغ النصاب فلا زكاة عليه وهذا قول الجمهور، ودليل الجمهور قول النبي صلى الله عليه وسلم: “خَيْرُ الصَّدَقَةِ ما كانَ عن ظَهْرِ غِنًى، وابْدَأْ بمَن تَعُولُ.” [12] فالمدين ليس غنيًّا، أما القول الثاني أن الزكاة ركن من أركان الإسلام وحينما أرسل النبي عماله لجمع الزكاة من المسلمين لم يسألواهم إن كان عليهم دين أم لا واستدلوا على ذلك بأن الزكاة تجبُ في عين المال وقد قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [13] ، وأول من يجب عليك تأدية الزكاة لهم أولى القربى من الفقراء والمساكين الذين لا تجب عليك نفقتهم [14]، وأما إن كان قد بلغ النصاب وعليه دين ففي ذلك قولان أيضًا، أحدهما أن يسد الرجل دينه ثم إن كان ما تبقى من ماله بلغ النصاب فهذا يعني أن عليه أن يؤدي زكاة ماله، وأما إن لم يبلغ النصاب فلا زكاة عليه، وأما القول الآخر فإن عليه تأدية الزكاة إن بلغ ماله النصاب وإن لم يبلغ وعليه ديون لأنه واجب، والله ورسوله أعلم. [15]

وإلى هنا نكون قد وصلنا معكم إلى ختام مقالنا حكم تاخير اخراج الزكاة عن وقت وجوبها لغير عذر أيها الأحبة رواد موقع تصفح الكرام، تناولنا فيه تعريفًا بالوقت الذي يلزم فيه إخراج زكاة المال، و حكم تأخير الزكاة بغير عذر ، وحكم إخراج الزكاة على دفعات أو تأخير إخراجها إن لم تتوفر سيولة و على النقيض من ذلك ما حكم تعجيل إخراجها لأكثر من حول وما الحكم الشرعي في زكاة من عليه ديون، ونسأل الله العلي العظيم أن يتقبل منا و منكم صالح الأعمال.

أسئلة شائعة

أسئلة شائعة
ما شروط المال الذي تجب فيه الزكاة؟
أن يكون المال ملكًا ملكية تامة للمزكي فلا تجوز الزكاة للعبد المملوك ولكنها واجبة على كل حر، أن يكون المال فائضًا عن الحاجة الأصلية للمزكي من مأكل ومشرب ومركب، وألا يكون على المزكي دَين إن أداه نقص النصاب أو استهلكه كاملًا، أن يبلغ المال النصاب ويحول عليه الحول وهو مدة سنة هجرية كاملة.

المراجع

  1. ^ صحيح الترمذي، عبدالله بن عمر،الألباني،631،صحيح
  2. ^ islamweb.net، متى يجب إخراج الزكاة من الشهر أفي أوله أم وسطه أم آخره؟، 10/03/2023
  3. ^ سورة البقرة، الآية: 110
  4. ^ islamweb.net، لا يجوز تأخير الزكاة عن وقتها إلا من عذر، 10/03/2023
  5. ^ islamweb.net، قول الفقهاء في إخراج الزكاة على دفعات، 10/03/2023
  6. ^ تخريج المسند لشاكر، علي بن أبي طالب،أحمد شاكر،2/141،صحيح
  7. ^ islamweb.net، مساعدة المحتاجين طول السنة وما زاد في نهايتها يُجعَل من زكاة العام الذي بعده، 10/03/2023
  8. ^ أحكام الجنائز، أبو سعيد الخدري،الألباني،16،حسن لطرقه وشواهده الكثيرة
  9. ^ سورة التغابن، الآية: 16 
  10. ^ islamweb.net، حكم تأخير الزكاة لعدم وجود سيولة مالية، 10/03/2023
  11. ^ islamweb.net، حكم تعجيل الزكاة لأكثر من حول، 10/03/2023
  12. ^ صحيح البخاري، أبو هريرة،البخاري،5356،صحيح
  13. ^ سورة التوبة، الآية: 103
  14. ^ islamweb.net، أقوال العلماء في الزكاة على من عليه دين، 10/03/2023
  15. ^ islamweb.net، كيف يزكي من لديه مال وعليه ديون ؟، 10/03/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *