عناصر المقال
حكم تحريك السبابة في التشهد وهو ما سيدور الحديث حوله في هذا المقال، حيث إنه من الأحكام الدينية التي يجب ألا تغيب عن أي مسلم، لأنَّها ضرورية من أجل صحة الصلاة وقبولها، وقد يؤدي الجهل بها إلى عدم أداء الصلاة المفروضة بالشكل الصحيح، وسوف نقدم للزوار الكرام معلومات عن التشهد وأنواعه وصيغته، ونتعرف على حكم تحريك السبابة في التشهد، وحكم رفع السبابة في التشهد وغير ذلك.
التشهد
يعتبر التّشهد من فرائض الصّلاة المهمّة الّتي أمر بها الله -تبارك وتعالى- لتكون من أفعال الصّلاة المكتوبة أو المسنونة، والتّشهّد هو أقوالٌ يرّددها المسلم في صلاته وله موضعه الخاص فيها، ويجدر بالذّكر أنّ للتشهد موقعين في الصلاة وهما، التشهد الأول هو الدعاء الذي يتوسط الصلاة، وهو واجبٌ حسبما نُقل عن أهل العلم، والتشهد الأخير الذي يعد من أركان الصلاة عند أغلب المذاهب، أي تبطل الصلاة عند تركه أو إضافته عمدًا أو سهوًا أو خطأً، وهو الدعاء الذي يقرأ في آخر ركعة من الصلاة[1]، ولقد ورد في السّنّة النّبويّة المباركة العديد من الصّيغ الصّحيحة للتشهد الأول والثاني، وقد نُقلت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وسنعرض الصّيغة الصّحيحة فيما يأتي:[2]
- التشهد الأول: “التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي، ورحمة الله وبركاته، السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله”.
- التشهد الثاني: يقرأ ما قرأ في التشهد الأول ثم يقول “اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد”.
حكم تحريك السبابة في التشهد
لا يُشرع تحريك السَّبَّابة في التشهُّد، وهو قول كل من الشافعيَّة والحنابلة [3]، وقد بيّن أهل العلم أنّ تحريك السبابة في التشهد يكون عند الدُّعاء فقط واستدلوا بما جاء عن وائل بن حجر-رضي الله عنه- قال: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي فنظرت إليه فقام فكبر ورفع يديه حتى حاذتا بأذنيه ثم وضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد فلما أراد أن يركع رفع يديه مثلها قال ووضع يديه على ركبتيه ثم لما رفع رأسه رفع يديه مثلها ثم سجد فجعل كفيه بحذاء أذنيه ثم قعد وافترش رجله اليسرى ووضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى ثم قبض اثنتين من أصابعه وحلق حلقة ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها”[4]، وبناء على ذلك فإن تحريك السبابة في التشهد يكون عند كل جملة دعائية، فقد قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في الشرح الممتع :”دلت السنة على أنه يشير بها عند الدعاء لأن لفظ الحديث ( يحركها يدعو بها ) ، فكلّما دعوت حرِّكْ إشارةً إلى علو المدعو سبحانه وتعالى ..”.[5]
شاهد أيضًا: التشهد في صلاة العصر حكمه وصيغته وفضله
تحريك السبابة في التشهد ابن عثيمين
أوضح الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- أنّ تحريك السبابة في التشهد يكون عند الدعاء فقط وليس في جميع التشهد، بحيث يرفع المصلي السبابة عند كل جملة دعائية، وقد بيّن مواضع الدعاء في التشهد وهي: “في السلام عليك أيها النبي، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، اللهم صلى على محمد، اللهم بارك على محمد، أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال”، فهذه ثمانية مواضع للدعاء، وأما ما عدا هذه الجمل الدعائية فإنه لا ينبغي تحريك السبابة بل يبقيها لا مضمومة إلى راحته ولا مرفوعة إلى فوق، وقد جاء في تفصيل الفتوى ما يأتي:[6]
“وقال النبي عليه الصلاة والسلام: ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء. فالله تعالى في السماء، أي في العلو فوق كل شيء؛ فإذا دعوت الله فإنك تشير إلى العلو؛ ولهذا ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه خطب الناس في حجة الوداع وقال: ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم. فرفع أصبعه إلى السماء، وجعل ينكتها إلى الناس، يقول: اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد. ثلاثة، وهذا يدل على أن الله تعالى فوق كل شيء، وهو أمر واضح بالفطرة والعقل والسمع والإجماع، وعلى هذا فكلما دعوت الله عز وجل فإنك تحرك السبابة تشير بها إلى السماء”
تحريك السبابة في التشهد ابن باز
ذكر الشيخ ابن باز -رحمه الله- أنّ تحريك السبابة في التشهد يكون عند الدعاء، استلالًا بحديث وائل بن حُجر رضى الله عنه، أنه وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر وضع اليدين في التشهد []فقال: ” ثُمَّ قَبَضَ اثْنَتَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ، وَحَلَّقَ حَلْقَةً، ثُمَّ رَفَعَ إِصْبَعَهُ، فَرَأَيْتُهُ يُحَرِّكُهَا يَدْعُو بِهَا”[4]، حيثُ إنّ المراد بهذه الحركة الإشارة التوحيد، وأن الله -سبحانه وتعالى- هو الواحد في ذاته وفي أسمائه وصفاته، وهو وحده من يستحق العبادة جل وعلا، فقد قال -رحمه الله- في تعقيبه على تلك المسألة: “أما التحريك فالأفضل أن يحركها عند الدعاء عند قوله: اللهم صل على محمد، وعند قوله: أعوذ بالله من عذاب جهنم، وعند قوله: اللهم اغفر لي، أو اللهم آتنا في الدنيا حسنة، أو اللهم أعني على ذكرك، يحرك عند الدعاء تحريكًا خفيفًا، هذا هو الأفضل، وأما كون الإصبع قائمة فهي قائمة من أول التشهد إلى آخره إشارة للتوحيد”.[7]
شاهد أيضًا: التشهد في صلاة الفجر .. كيفية صلاة الفجر بالخطوات
رفع السبابة في التشهد عند الأئمة الأربعة
يسن رفع بالسبابة في التشهد وذلك باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة، فعن وائل بن حجر الحضرمي -رضي الله عنه- قال: “رأيتُ النَّبيَّ –صلَّى اللَّهُ علَيهِ وعلَى آلِه وسلَّمَ- قد حلَّقَ الإبهامَ والوُسطَى، ورفَع الَّتي تليهِما، يَدعو بِها في التَّشهُّدِ”[8]، وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: “أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا جَلَسَ في الصَّلَاةِ وضَعَ يَدَيْهِ علَى رُكْبَتَيْهِ، ورَفَعَ إصْبَعَهُ اليُمْنَى الَّتي تَلِي الإبْهَامَ، فَدَعَا بهَا ويَدَهُ اليُسْرَى علَى رُكْبَتِهِ بَاسِطَهَا عَلَيْهَا”[9]، ويجدر بالذِّكر أنه لا يُشرع تحريك السبابة في التشهد وذلك لضعف الحديث الوارد فيه، ويسن للمصلي أن ينظر حال تشهده إلى سبابته[3]، فعن عبد الله بن الزبير قال: “كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم إذا جلس في التشهدِ وضع يدَهُ اليمنَى على فخِذهِ اليمنَى ويدَهُ اليسرَى على فخِذهِ اليسرَى وأشار بالسبَّابةِ ولم يجاوِزْ بصرُه إشارتَهُ”[10].
شاهد أيضًا: التشهد في صلاة الوتر
متى ترفع السبابة في التشهد إسلام ويب
ذكر موقع إسلام ويب للفتاوى الشرعية أنّ السبابة ترفع في جميع التشهد، أما تحريك السبابة وردت روايات عدة تثبت تحريكها وأخرى تنفيها، لذا فالأفضل التحريك تارة وتركه تارة، موافقة لما ثبت عن فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد ورد في حديث وائل بن حجر -رضي الله عنه- قال: ” …ثم قبض ثِنتينِ من أصابعِه وحلَّق حلقةً ثم رفع إصبعَه فرأيتُه يحرِّكُها يدعو بها”[4]، ولكن اختلف الفقهاء في ابتداء رفع السبابة وانتهائه في التشهد، وجاء تفصيله على النحو الآتي:[11]
- الشافعية: يرفعها عند قوله: “إلا الله” إلى القيام من التشهد الأول أو السلام بعد التشهد الثاني.
- الحنابلة: يرفعها عند ذكر الله -تعالى- لقول ابن مفلح في الفروع: “ويشير بالسبابة في تشهده مراراً لتكرار التوحيد عند ذكر الله”.
- المالكية: يرفعها مع تحريكها من ابتداء التشهد إلى آخره، أي من أوله وهو: التحيات لله، لآخره وهو: عبده ورسوله، كما ورد أنه لا يحرك السبابة بعد التشهد في حال الدعاء والصّلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
- الحنفية: يرفعها عند “لا إله إلا الله”، بحيث يكون الرفع للنفي والوضع للإثبات، فقد قال الإمام فخر الدين الزيلعي -رحمه الله- في تبيين الحقائق: “وقال في الفتاوى : لا إشارة في الصلاة إلا عند الشهادة في التشهد، وهو حسن”.
وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال حكم تحريك السبابة في التشهد، والذي سلّط الضّوء على مفهوم التشهد وحكمه، وبيّنا الإجابة الصحيحة حول السؤال المطروح، كما تمّ بيان بعض من الأحكام الشرعية ذات العلاقة بموضوع تحريك السبابة في التشهد، تحريك السبابة في التشهد ابن عثيمين، رفع السبابة في التشهد عند الأئمة الأربعة، وأيضًا ذكرنا وتحريك السبابة في التشهد ابن باز، ونختم المقال ببيان متى ترفع السبابة في التشهد إسلام ويب.
أسئلة شائعة
المراجع
- ^ shamela.ws، كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري، 11/03/2023
- ^ binbaz.org.sa، صيغة التشهد في الصلاة، 11/03/2023
- ^ dorar.net، الإشارةُ بالسَّبَّابةِ وتحريكها، 11/03/2023
- ^ إرواء الغليل ، وائل بن حجر ، الألباني، 2/68 ، إسناده صحيح على شرط مسلم.
- ^ islamqa.info، تحريك الأصبع في التشهد، 11/03/2023
- ^ binothaimeen.net، حكم تحريك السبابة من أول التشهد ؟، 11/03/2023
- ^ binbaz.org.sa، حكم تحريك السبابة في التشهد، 11/03/2023
- ^ الصحيح المسند ، وائل بن حجر، الوادعي، 1208، صحيح.
- ^ صحيح مسلم ، عبد الله بن عمر، مسلم، 580، صحيح.
- ^ أصل صفة الصلاة، الزبير بن العوام، الألباني، 3/840، إسناده حسن.
- ^ islamweb.net، رفع السبابة في جميع التشهد هو الظاهر، 11/03/2023
التعليقات