شرح قصيدة أضحى التنائي للشاعر ابن زيدون

شرح قصيدة أضحى التنائي للشاعر ابن زيدون
شرح قصيدة أضحى التنائي

شرح قصيدة أضحى التنائي للشاعر ابن زيدون الشاعر الأندلسي المشهور والذي يُعدّ أشهر شعراء العصر الأندلسي على الإطلاق منذ الفتح في زمن الدولة الأموية إلى الخروج بعد ثمانية قرون، وهذه القصيدة من أشهر القصائد الأندلسية وأجملها؛ لذلك سوف نقوم بتخصيص هذا المقال من أجل الحديث عن كاتب قصيدة أضحى التنائي وشرح هذه القصيدة والصور الفنية الواردة فيها كما سوف نمر على شرح المفردات في هذه القصيدة وسوف نلقي الضوء على رابط تحميل ملف بي دي إف يتضمن شرح هذه القصيدة كاملة.

كاتب قصيدة أضحى التنائي

إنّ كاتب قصيدة أضحى التنائي بديلًا من تدانينا هو أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن زيدون المخزومي القرشي، الذي عُرف في الأندلس بابن زيدون، ولد ابن زيدون في قرطبة في سنة 394 هجرية الموافقة لعام 1003 ميلادية، وكان وزيرًا وكاتبًا وشاعرًا أندلسيًا وعاشقًا من العشاق الذين سجلهم العرب في تاريخ الأدب العربي بشكل عام، وقد عاش ابن زيدون في صغره في كنف أسرة من فقهاء قرطبة من بين مخزوم القرشيين، وكان وزيرًا عند أبي الوليد بن جهور صاحب قرطبة في زمن ملوك الطوائف في الأندلس، ولكنّ الوليد اتهم ابن زيدون بالميل إلى المعتضد بن عباد صاحب إشبيلية فقام بحبسه، وبعد أيام طوال في السجن حاول فيها ابن زيدون استعطاف ابن جهور، تمكن من الهرب ولحق ببلاط المعتضد بن عباد فصار وزيرًا له وأقام في إشبيلية حتّى وفاته في عهد المعتمد بن عباد، وقد عُرف ابن زيدون بحبه لولادة بنت المستكفي التي كتب فيها الكثير من القصائد الشعرية الخالدة، وقد توفي في سنة 1071 ميلادية. [1]

شرح قصيدة أضحى التنائي

تُعدّ قصيدة أضحى التنائي من بين أجمل القصائد الأندلسية التي كتبها أحد أشهر وأعظم شعراء الأندلس الشاعر والوزير والسياسي ابن زيدون، وهي قصيدة نونية كتبها الشاعر على البحر البسيط، قال فيها:

  • أَضحى التَنائي بَديلاً مِن تَدانينا / / / وَنابَ عَن طيبِ لُقيانا تَجافينا
    أَلا وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ صَبَّحَنا / / / حَينٌ فَقامَ بِنا لِلحَينِ ناعينا

كتب الشاعر ابن زيدون هذه القصيدة بعد الفراق الذي حصل بينه وبين محبوبته ولادة بنت المستكفي، فيقول: صار التنائي بديلًا عن التداني والقرب الذي كان بيننا، وحل بدل طيب اللقاء التجافي والفراق والنزاع، ثم يقول: ها قد حال موعد صباح الفراق الذي تصبحنا به، والآن سوف ينعانا ناعي البين والفراق بعد أيام الوصل والقرب.

  • إنَّ الزَمانَ الَّذي ما زالَ يُضحِكُنا / / / أُنساً بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا
    غيظَ العِدا مِن تَساقينا الهَوى فَدَعَوا / / / بِأَن نَغَصَّ فَقالَ الدَهرُ آمينا
    فَاِنحَلَّ ما كانَ مَعقوداً بِأَنفُسِنا / / / وَاِنبَتَّ ما كانَ مَوصولاً بِأَيدينا
    وَقَد نَكونُ وَما يُخشى تَفَرُّقُنا / / / فَاليَومَ نَحنُ وَما يُرجى تَلاقينا

يقول الشاعر: إنّ الزمان الذي كان يضحكنا ويفرحنا بالأنس والقرب واللقيا والعناق هو ذاته الزمان الذي عاد يبيكينا بالفراق والبعد والبين، ثم يقول: إنّ الأعداء والذين لا يريدون لهذا الحب أن يكتمل شعروا بالغيظ من الهوى والحب الذي كان بيننا، فدعوا علينا بالغصة والفراق: فقال الدهر آمين مؤمِّنًا على دعائهم.

فما حل بنا إلّا أنّ جاء الفراق وانقطع الوصول الذي كنا نكتبه بأيدينا، وذهبت تلك الأيام التي كُنا نكون فيها معًا ولا نخشى من تفرقنا، وجاءت هذه الأيام التي صرنا فيها نرجو التلاقي بعد الفراق والبين.

  • يا لَيتَ شِعري وَلَم نُعتِب أَعادِيَكُم / / / هَل نالَ حَظّاً مِنَ العُتبى أَعادينا
    بِنتُم وَبِنّا فَما اِبتَلَّت جَوانِحُنا / / / شَوقاً إِلَيكُم وَلا جَفَّت مَآقينا
    نَكادُ حينَ تُناجيكُم ضَمائِرُنا / / / يَقضي عَلَينا الأَسى لَولا تَأَسّينا

يقول الشاعر ويتساءل: هل كسب الذين سعوا إلى إفساد الود بيني وبين ولادة شيئًا، ما الأمر الذين جناه المفسدون والواشون، ثم يقول: ابتعدت ولادة وابتعدت عنها ومنذ وقت الفراق لم تجف المآقي من الدمع والبكاء، ثم يقول: إنّ الأسى يكاد أن يقضي عليه لولا أنّ التأسي والتصبر يواسيه في هذه المحنة التي يعيشها وبعد هذا الفراق الذي يعاني منه.

  • حالَت لِفَقدِكُمُ أَيّامُنا فَغَدَت / / / سوداً وَكانَت بِكُم بيضاً لَيالينا
    إِذ جانِبُ العَيشِ طَلقٌ مِن تَأَلُّفِنا / / / وَمَربَعُ اللَهوِ صافٍ مِن تَصافينا
    لِيُسقَ عَهدُكُمُ عَهدُ السُرورِ فَما / / / كُنتُم لِأَرواحِنا إِلّا رَياحينا

يقول ابن زيدون: تغيرت أيامنا بعد فقدكم فصارت سودًا بعد أن كانت الليالي بوصلكم بيضاء ناصعة، فالعيش معكم كان طلقًا رائعًا هانئًا، واللهو كان صافيًا نعيش فيه أجمل اللحظات والدقائق، ثم يدعو الشاعر بعد ذلك بالسقيا لذلك العهد الرائع والذي كنتم فيه لأرواحنا كالرياحين.

  • لا تَحسَبوا نَأيَكُم عَنّا يُغَيِّرُنا / / / فطالَما غَيَّرَ النَأيُ المُحِبّينا
    وَاللَهِ ما طَلَبَت أَهواؤُنا بَدَلاً / / / مِنكُم وَلا اِنصَرَفَت عَنكُم أَمانينا
    دومي عَلى العَهدِ ما دُمنا مُحافِظَةً / / / فَالحُرُّ مَن دانَ إِنصافاً كَما دينا

يخاطب الشاعر ابن زيدون في هذه الأبيات محبوبته ولادة بنت المستكفي، فيقول لها: لا تحسبي أنّ الفراق الذي حصل بيننا سوف يغيرنا حتّى لو غير الفراق المحبين من قبل، ولكن هواي سوف يبقى أنت، فلم تتغير أهوائي عنك ولم تنصرف أمانيّ عنك، فأنت غاية المنى والفوز بك غاية الفوز، فابقي على العهد ما دمت عليه، فمن طبع الحر الكريم أن ينصف ويُعامِل بما يُعامَلُ.

  • فَما اِستَعَضنا خَليلاً مِنكِ يَحبِسُنا / / / وَلا اِستَفَدنا حَبيباً عَنكِ يَثنينا
    وَلَو صَبا نَحوَنا مِن عُلوِ مَطلَعِهِ / / / بَدرُ الدُجى لَم يَكُن حاشاكِ يُصبينا
    عَلَيكِ مِنّا سَلامُ اللَهِ ما بَقِيَت / / / صَبابَةٌ بِكِ نُخفيها فَتَخفينا

يتابع الشاعر حديثه وخطابه لولادة بنت المستكفي؛ فيقول: ما استعضت عنك بحبيب ولا خليل، ولو حاول بدر الدجى أن يغير حبي لك ويحجبه عنك فلن يستطيع؛ فلو حاول البدر أن يصبيني لن أصبو، ثم يرسل إلى ولادة سلامًا عظيمًا، يقول: عليك السلام ما بقيت بيننا صبابة أخفيها وتخفيها أنت عن أعين الوشاة والحاسدين.

الصور الفنية في قصيدة أضحى التنائي

تتضمن النقاط الآتية مجموعة من الصور الفنية الواردة في قصيدة ابن خلدون أضحى التنائي بديلًا من تدانينا:

  • في قول الشاعر: (وَنابَ عَن طيبِ لُقيانا تَجافينا) شبه الشاعر التجافي بالإنسان الذي ينوب، فحذف المشبه به وهو الإنسان وكنّى عنه بشيء من صفاته على سبيل الاستعارة المكنية.
  • في قول الشاعر: (إنَّ الزَمانَ الَّذي ما زالَ يُضحِكُنا / / / أُنساً بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا) طباق؛ حيث ذكر الشاعر الأمر وضده، حين ذكر البكاء والضحك.
  • في قول الشاعر: (فَاِنحَلَّ ما كانَ مَعقوداً بِأَنفُسِنا / / / وَاِنبَتَّ ما كانَ مَوصولاً بِأَيدينا) حسن تقسيم في البيت، وساعد الشاعر في هذا كتابة النص على البحر البسيط وهو من البحور الصافية في الشعر العربي.
  • في قول الشاعر: (حالَت لِفَقدِكُمُ أَيّامُنا فَغَدَت / / / سوداً وَكانَت بِكُم بيضاً لَيالينا) طباق آخر بين كلمة سود وبيض، وكثرة الطباق في النص من المحسنات البديعة الرائعة التي تزيده جمالًا وبهاءً.

معاني المفردات في قصيدة أضحى التنائي

نعرض فيما يأتي مجموعة من المفردات الصعبة الواردة في قصيدة أضحى التنائي للشاعر ابن زيدون مع ذكر معاني هذه المفردات:

  • التَنائي: أي الفراق والبين.
  • ناعينا: والناعي هو الشخص الذي يقرأ النعوة أو يخبر بموت إنسان ما.
  • تأسينا: أي تصبرنا.
  • مآقينا: أي عيوننا.
  • نأيكم: أي بعدكم.

شرح قصيدة أضحى التنائي pdf

يهتم الكثيرون بالحصول على ملف بي دي إف يتضمن شرح قصيدة أضحى التنائي للشاعر الأندلسي أبي الوليد ابن زيدون وذلك من أجل سهولة الاطلاع على هذه القصيدة وشرحها في أي وقت أو من أجل القيام بطبع هذا الشرح على ورق، فإلى كل من يريد الحصول على هذا الملف يمكن القيام بتحميله بشكل مباشر “من هنا“.

مقالات قد تهمك

شرح قصيدة ياجميله للشاعر السعودي سعد بن جدلان
شرح قصيدة يا من هواه أعزه وأذلني وأهم الصور الفنية فيها شرح قصيدة أنا وليلى لحسن المرواني وأهم الصور الفنية فيها
شرح قصيدة فداء لمثواك للشاعر محمد مهدي الجواهري شرح قصيدة أعطني الناي وغني لجبران خليل جبران
شرح قصيدة غذوتك مولودا وعلتك يافعا للشاعر أمية بن أبي الصلت وأهم الصور الفنية فيها شرح قصيدة دريد بن الصمة يرثي أخاه عبد الله ومعاني المفردات الصعبة فيها

إلى هنا نصل إلى ختام هذا المقال الذي مررنا فيه بالتفصيل على الشاعر الأندلسي أبي الوليد ابن زيدون كاتب قصيدة أضحى التنائي، ثم مررنا على شرح قصيدة أضحى التنائي للشاعر ابن زيدون وقدمنا بعض الصور الفنية الواردة في هذه القصيدة بالإضافة إلى معاني المفردات في قصيدة أضحى التنائي كما عرضنا رابط تحميل ملف بي دي إف يتضمن هذه القصيدة وشرحها.

المراجع

  1. ^ wikiwand.com، ابن زيدون، 04/09/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *