شرح قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر وتحليلها

شرح قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر وتحليلها
شرح قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر

شرح قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر وتحليلها، فالخنساء هي من أشهر نساء العرب في عصر الجاهلية وعصر الإسلام، واشتهرت بمواقفها العظيمة وقصائدها الشعرية وخاصة في الرثاء، فقد فقدت أخوها صخر وهو من أقرب الناس إلى قلبها، فرثته في قصيدة جميلة ومعبرة مليئة بالمشاعر، وتتدارسها الأجيال جيل بعد حيل إلى يومنا هذا، وفي مقالنا الآتي سنتعرف سويًا على قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر وعلى شرح وتحليل أبياتها وبيان الفكرة العامة منها.

من هي الخنساء ولماذا اشتهرت بهذا الاسم

الخنساء هي تُماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد، الرياحية السُّلَمية، من بني سُليم، من قيس عيلان، من مضر، وقد عرفت الخنساء بهذا الاسم لأنها كانت تمتلك أنف مميز حيث أن أنفها كان قصير الحجم ومرتفع من الأمام بعض الشيء لتشبه أنف الظباء، وتعد الخنساء من أشهر شاعرات العرب، وأشعرهن على الإطلاق من أهل نجد، عاشت الخنساء أكثر عمرها في العصر الجاهلي، وقد أدركت مجيء الإسلام واتبعته، وفدت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع قومها بني سليم، فكان رسول الله يستنشدها ويعجبه شعرها، فكانت تنشد وهو يقول: هيه يا خنساء!، أكثر شعرها وأجوده هو رثاؤها لأخويها (معاوية وصخر) وكانا قد قتلا في زمن الجاهلية، وكانت الخنساء هي البنت الوحيدة لأبويها وكان لها أربعة من الإخوة وقد كانت تكن لهم كل الحب والفخر، لها (ديوان شعر – ط) فيه ما بقي محفوظاً من شعرها، أنجبت الخنساء أربعة من الأولاد شاركوا في معركة القادسية سنة 16 هجرية، فجعلت تحرضهم على الثبات حتى قتلوا جميعاً واشتشهدوا، فقالت: الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم.[1]

أبيات من قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر

قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر هي من القصائد الحزينة، والشعر العمدي، وكتبت على وزن البحر البسيط وقافية الراء (ر)، وعدد أبيات هذه القصيدة هو ستة وثلاثون 36 بيت، وفميا يأتي نعرض بعضاً من أبيات قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر:[2]

قَذىً بِعَينِكِ أَم بِالعَينِ عُوّارُ ::: أَم ذَرَفَت إِذ خَلَت مِن أَهلِها الدارُ

كَأَنَّ عَيني لِذِكراهُ إِذا خَطَرَت ::: فَيضٌ يَسيلُ عَلى الخَدَّينِ مِدرارُ

تَبكي لِصَخرٍ هِيَ العَبرى وَقَد وَلَهَت ::: وَدونَهُ مِن جَديدِ التُربِ أَستارُ

تَبكي خُناسٌ فَما تَنفَكُّ ما عَمَرَت ::: لَها عَلَيهِ رَنينٌ وَهيَ مِفتارُ

تَبكي خُناسٌ عَلى صَخرٍ وَحُقَّ لَها ::: إِذ رابَها الدَهرُ إِنَّ الدَهرَ ضَرّارُ

لا بُدَّ مِن ميتَةٍ في صَرفِها عِبَرٌ ::: وَالدَهرُ في صَرفِهِ حَولٌ وَأَطوارُ

وَإِنَّ صَخراً لَوالِينا وَسَيِّدُنا :::  وَإِنَّ صَخراً إِذا نَشتو لَنَحّارُ

وَإِنَّ صَخراً لَمِقدامٌ إِذا رَكِبوا :::  وَإِنَّ صَخراً إِذا جاعوا لَعَقّارُ

وَإِنَّ صَخراً لَتَأتَمَّ الهُداةُ بِهِ ::: كَأَنَّهُ عَلَمٌ في رَأسِهِ نارُ

شرح قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر

 فيما يأتي سنعرض شرح لبعض الأبيات من قصيدة الخنساء في رثاء أخيها وهي كالآتي:

  • قذى بعينكِ أمْ بالعينِ عـوَّارُ …. أمْ ذرَّفتْ إذْ خلتْ منْ أهلهَا الدَّارُ

في هذا البيت لشدة ما ذرفت الخنساء من دموع أصبحت تخاطب عينيها فتسألها هل هذا البكاء بفعل إصابتها بالعوار أو بالقذى، ودخول الغبار والأتربة فيها، أم أنّهما احمرّتا بسبب البكاء على أخيها صخر الذي ترك الديار خاليةً من بعده.

  • كأنَّ عيني لذكـراهُ إذَا خطرتْ …. فيضٌ يسـيلُ علَى الخدَّينِ مدرارُ

تقول الخنساء أن الدموع تنهال وتذرف بشدة من عينيها بمجرد أن تسمع ذكرى أخيها صخر، حيث تسيل الدموع وكأنها فيض يسيل على خديها من كثرة حزنها على وفاته.

  • تبكي لصخرٍ هي العبرَى وَقدْ ولهتْ …. وَدونـهُ منْ جديدِ التُّربِ أستارُ

تبكي عيون الخنساء ولا تجف دموعها أبدًا بعد فراق أخيها صخر، فقد أصابها الجزع بسبب موته الذي تعده مصيبة وخسارة كبيرة لها، بعد أن أصبح ما يفصلها عن رؤيته الصفيح والتراب.

  • تبكي خناسٌ فما تنـفكُّ مَا عمرتْ …. لَها عليهِ رنـينٌ وَهيَ مفتـارُ

تحكي الخنساء على حالها فتقول أنه ستظل تبكي على فراق أخيها صخر حتى تموت من شدة بكاءها، وقد أصبح لبكائها عليه صوت مرتفع مسموع للجميع، وعلى الرغم من ذلك فهي ترى نفسها مقصرة في حق أخيها وأن ما تذرفه من دموع لا يكفي حتى تفي أخيها صخر حقه من الحزن والأسى لفقده.

  • تبكي خناسٌ علَى صـخرٍ وحقَّ لهَا …. إذْ رابـهَا الدَّهـرُ إنَّ الدَّهـرَ ضـرَّارُ

كما تصف الخنساء حالها في البكاء وأنه من حقها البكاء على أخيها صخر، فالدهر لم يترك مكروه إلا وقد أصابها به فالدهر دائمًا ما يجلب المصائب والأذى ولا يوجد منه مفر ولا يمكن أن يؤتمن ولا أمان من غدره.

  • وَما عجولٌ علَى بوٍ تطـيـفُ بـهِ …. لهَا حنـيـنانِ إعلانٌ وَإسرارُ

تقارن الخنساء حالها بحال الناقة التي مات ابنها ووضعوا جلده بالقرب منها حتى تراه أمه فتحنو عليه، ويكون لها حنينان إحدهما في العلن ومسموع والآخر في الخفاء غير مسموع لا يعلمه أحد سواها، فكيف للناقة أن تحزن على ولدها وهي ليس لها أن تحزن على فراق أخيها فلن تكون الناقة أشد حزنًا وأسى لفراق ابنها من حزن وأسى الخنساء لفراق أخيها صخر.

  • يوماً بأوجدَ منّي يـومَ فارقني …. صخـرٌ وَللـدَّهرِ إحلاءٌ وَإمرارُ

في هذه الأبيات تواسي الخنساء نفسها وتبرر أن ما آلت إليه حالها من حزن وعلو صوتها في البكاء على فراق أخيها صخر لا يمكن التحكم به أو التوقف عنه، وتتحدث عن الدهر وكيف أنه يجعل حياتنا ما بين حزن وفرح، وبين مأسي وسعادة، فيوم يكون حزن وأسى ويوم يكون فرح وسرور.

  • وإنَّ صخراً لواليـنَا وَسيّـدنَا …. وإنَّ صخراً إذَا نـشتُـو لنحَّـارُ

تمدح الخنساء أخيها صخر وتقول أنه كان سيد قومه، وكان سيداً كريماً يجود بما يملكه على من يسأله، ولا يبخل على قومه بما لديه، كما أنه كان يقف بجوار قومه في الشدائد والمصائب ويساعدهم، وفي أيام الجفاف والفقر يذبح وينحر ليؤمن لهم الطعام.

  • وإنَّ صخراً لـمقدامٌ إذَا ركبـوا …. وإنَّ صـخراً إذَا جاعُـوا لعقّارُ

وتستاكمل الخنساء مديحها لأخيها صخراً في أوقات الحرب فتقول أنه كان رجلاً مقداماً شجاعاً، يقود الجيوش ويكون في مقدمة الصفوف في الحرب للدفاع عن قبيلته وقومه، وتصف كرمه بأنه كان أوقات الجوع والجدب والعوز من أكرم القوم فقد كان يجود بما لديه من بهائم ويعقرها، ويعطيها للسائلين فقد كان لا يمنع شيء عمن يسأله المساعدة.

  • جلـدٌ جميـلُ المحـيَّا كاملٌ ورعٌ …. وَللحروبِ غـداةََ الـرَّوعِ مسعـارُ

تستكمل الخنساء مدح صخر فتصف وَرَعَه وصبره وكم أنه كان جميل الشكل والطلعة ذلك بالإضافة إلى أنه كان شجاعاً لا يهاب شيئاً يشعل نار الحرب في أيام الهلع ولا يخاف.

تحليل قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر

فيما يأتي نعرض أهم النقاط التي يمكن استنتاجها وتحليلها من قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر:

  • استهلت الخنساء قصيدتها بسؤال بلاغي وجهته لعينيها وهي تعلم أنها لن تحصل على إجابة لسؤالها ولكنه سؤال للتعبير عن الحزن.
  • استخدمت الخنساء لفظ (ذرَّفت) وهو صيغة المبالغة من الفعل ذرف لتدل على كثرة دموعها بسبب حزنها على فقدان أخيها صخر.
  • وصفت الخنساء حالة الحزن التي أصابتها من خلال أسلوب طرح الأسئلة، فلم تقم بوصف حالتها وحزنها على صخر باستخدام الجمل الخبرية ولكنها استخدمت الجمل الاستفهامية حيث كانت تتساءل ما السبب وراء بكائها الشديد لمجرد سماع اسم أخيها صخر.
  • استخدمت الخنساء الأسلوب البلاغي في الإخبار عن حزنها وألمها، وذلك للدلالة على عظم الحزن الذي بداخلها على أخيها صخر، وكيف أن فراقه كان مصيبة وفاجعة وخسارة كبيرة لها.
  • استخدمت الخنساء في القصيدة أسلوب التجريد فقد كانت تخاطب نفسها وكأنها شخص آخر يسمع ما تقول ويشعر بها.
  • وكما استخدمت الخنساء أيضاً أسلوب التصريع في البيت الأول وهو اتفاق قافية الشطر الأول والشطر الثاني.

الفكرة العامة لقصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر

احتوت قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر على العديد من النقاط التي تحدد وبشكل أساسي الفكرة العامة التي تدور حولها القصيدة، وهي كالآتي:

  • الفكرة الأساسية للقصيدة هو رثاء الخنساء لأخيها صخر.
  • عبرت الخنساء في هذه القصيدة عن حزنها الشديد، ودموعها التي تذرف دون توقف لمجرد ذكر أخيها صخر أمامها.
  • وضحت الخنساء من خلال هذه الأبيات أن حزنها على أخيها صخر مستمر لن ينتهي ابداً، والدهر ليس كفيلاً بأن ينسيها إياه.
  • دوام تذكر الخنساء لأخيها عند شروق الشمس وعند غروبها وعند رؤية النساء الباكيات حتى ساعه موتها.
  • ذكرت الخنساء مشاركة النساء لها في حزنها على فقد أخيها صخر.
  • تضمنت القصيدة ذكر الخنساء للصفات الحميدة التي كان أخوها صخر يحملها، فقد كان شجاع في المعارك، يكرم الضيف، يجبر الخائف، يرد حق المظلوم، يطعم الجائع.
  • كما وصفت الخنساء شكل أخيها صخر الذي كان يتمتع بجمال الهيئة والمنظر.

مقالات قد تهمك

من هو الشاعر ابن خويلد بن سعود الصليمي الهذلي.. قصة قصيدة من 700 سنة
شعر جاهلي عن الشتاء ، شعر عن الشتاء والحنين
منو افضل شاعر عربي في التاريخ ومنو أفضل الشعراء في كل عصر

وبهذه المعلومات نكون قد بينا شرح قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر وتحليلها، وتعرفنا على من هي الخنساء ولماذا اشتهرت بهذا الاسم؟، بالإضافة إلى عرض بعض الأبيات من قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر، وكما تطرق المقال إلى تقديم تحليل وافي لأبيات هذه القصيدة، وذكر الفكرة العامة لقصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر.

المراجع

  1. ^ aldiwan.net، الخنساء، 23/08/2023
  2. ^ aldiwan.net، قذى بعينك أم بالعين عوار، 23/08/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *