شرح قصيدة المهلهل في رثاء أخيه والمفردات الصعبة فيها

شرح قصيدة المهلهل في رثاء أخيه والمفردات الصعبة فيها كثيرون من القراء يبحثون عنها خصوصًا من عشاق الشعر العربي القديم، إذ تختلف أذواق الناس في هذا الشأن، ويبقى للشعر الجاهلي المكانة الأعظم على مر العصور، وسوف نقدم للزوار الكرام في هذا المقال معلومات عن الشاعر أبي ليلى المهلهل، وسوف نتعرف على شَرح قصيدته الشهيرة فِي رثَاء أخيهِ، كما سوف نتعرف على معاني المفردات الصعبة والصور الفنية والبلاغية التي تضمَّنتها القصِيدَة وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل الأخرى.

من هو كاتب قصيدة المهلهل في رثاء أخيه

يعدُّ أبو ليلى المهلهل واحدًا من أشهر الشعراء والفرسان في الجاهلية قبل الإسلام، وهو عدي بن ربيعة بن الحارث بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، يعدُّ أحد الأبطال والفرسان الشجعان في الجاهلية، ولد حسب أرجح الأقوال في عام 443م، وهو من أهل نجد وخال الشاعر امرئ القيس، أطلق عليه لقب المهلهل لأنه أول من هلهل نسيج الشعر أي أول من رققه، وقيل لأنه كان يرتدي ثيابًا مهلهلهة، كان جميل المحيا من أصبح الرجال وجهًا، وكان في صباه قد عكف على المجون واللهو والتغزل بالنساء حتى سمَّاه أخوه كليبًا الزير أو زير النساء أي زائرهنَّ وجليسهنَّ، ولكن بعد مقتل أخيه كليب على يد ابن عمه جساس بن مرة، تبدلت أحوال المهلهل وانقطع عن اللهو والشرب والنساء.

وأقسم أن يثأر لكليب، ودارت حرب البسوس بين بكر وتغلب والتي استمرت سنوات طويلة، وكان للمهلهل فيها بطولات وعجائب وأخبار كثيرة، ويقال أنَّه في آخر موقعة لتغلب في يوم قضة استطاع الحارث بن عباد أن يأسر المهلهل في المعركة وهو لم يستطع التعرف عليه بسبب ضعف بصره، فقال له دلني على عدي بن ربيعة وأنت آمن، فقال له المهلهل: إن دللتكَ على عدي فأنا آمن ولي دمي، قال الحارث: نعم، فقال له أنا المهلهل، فجزَّ ناصيته وتركه،  توفي عام 531م.^[1]

شرح قصيدة المهلهل في رثاء أخيه

تعدُّ قَصيدَة أبي ليلى المهلهل التي رثى فيها أخاه كليبًا من أشهر قصائده على الإطلاق، فقد كان لموت كليب أثرًا كبيرًا قلب حياة المهلهل رأسًا على عقب، وقد قال في مطلع القصيدة: أَهاجَ قَذاءَ عَينِي الإِذِّكارُ هُدُوّاً فَالدُموعُ لَها اِنحِدارُ، وهي قصيدة متوسطة الطول نظمَها الشاعر على البحر الوافر وقافية الراء المضمومة، ويبلغ عدد أبيات القصيدة كاملة 32 بيتًا فقط، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شَرح القََصيدة:

• أَهاجَ قَذاءَ عَينِيَ الإِذِّكارُ
  هُدُوّاً فَالدُموعُ لَها اِنحِدارُ
  وَصارَ اللَيلُ مُشتَمِلاً عَلَينا
  كَأَنَّ اللَيلَ لَيسَ لَهُ نَهارُ

لقد هيجَّت وأثارَت الألم والوجع في عيني الذكرياتُ التي صرت أتذكرها على أخي في أول الليل عندما يسود الهدوء على الكون، وفي ذلك الوقت تنهمر الدموع وكأنها أنهارًا تسيل على الخدين، وصار الليل وكأنه يحتوينا ويعشش في نفوسنا من شدة الحزن، حتى ظننا أنَّ هذا الليل لم يعد له نهار بعد اليوم.

• وَبِتُّ أُراقِبُ الجَوزاءَ حَتّى
  تَقارَبَ مِن أَوائِلِها اِنحِدارُ
  أُصَرِّفُ مُقلَتَيَّ في إِثرِ قَومٍ
  تَبايَنَتِ البِلادُ بِهِم فَغاروا

ومن شدة الحزن والألم والتوجع ليلًا لم أكن أستطيع أن أفعل شيئًا إلا مراقبة نجم الجوازء في السماء، حتى كاد أن يقطع دورته كاملة، والمعروف أن دورته طويلة جدًّا وهذا دلالة على طول الليل الذي كان يشعر به الشاعر، وكنت أنقل عيني بين النجوم والكواكب علي ألمح أحبابي الذين لم يعد لهم آثر، ولكن هيهات فقد اختفوا وأصبحوا تحت التراب ولا يمكن الوصول إليهم.

• وَأَبكي وَالنُجومُ مُطَلِّعاتٌ
  كَأَن لَم تَحوِها عَنّي البِحارُ
  عَلى مَن لَو نُعيتُ وَكانَ حَيّاً
  لَقادَ الخَيلَ يَحجُبُها الغُبارُ

وقد كنت أبكي من شدة الحزن طوال الليل، والليل يطول بي والنجوم في السماء مطلعة عليَّ تؤكد أنَّه لا نهار سيطلع قريبًا، وكأنها لن تغيب وتسقط في البحار كما تفعل كل ليلة مفسحة المجال للشمس بالخروج، وكل هذا البكاء على أخي الذي لو متُّ قبله وجاءه خبر وفاتي وهو على قيد الحياة لقاد الجيوش الجرارة التي لا ترى من الجلجلة التي تحدثها والغبار الذي تثيره.

• دَعَوتُكَ يا كُلَيبُ فَلَم تُجِبني
  وَكَيفَ يُجيبُني البَلَدُ القِفارُ
  أَجِبني يا كُلَيبُ خَلاكَ ذَمُّ
  ضَنيناتُ النُفوسِ لَها مَزارُ

وها أنا أدعوك يا أخي، ولكنك للأسف لا تستجيب لي، وحقًّا كيف سوف تجيبني وأنت قد دفنتَ تحت التراب لا حركة ولا كلام، لكنني أرجوك مرارًا وتكرارًا أن ترد علي يا من سلمتً من العيوب والمذمة، ويا من جئتَ بمكارم جعلتك مبرءًا من الذم، فإنَّ النفوس العظيمة التي يُبخَل بالتفريط بها مثلك، تستحق الزيارة وهي الأحق بأن تقصد.

• أَجِبني يا كُلَيبُ خَلاكَ ذَمُّ
  لَقَد فُجِعَت بِفارِسِها نِزارُ
  سَقاكَ الغَيثُ إِنَّكَ كُنتَ غَيثاً
  وَيُسراً حينَ يُلتَمَسُ اليَسارُ

أرجوك أن تجبني وتردَّ عليَّ يا أخي، أيها المبرأ من العيوب والنقائص، لقد نزلت الفواجع والمصائب والنوازل على قبائل العرب كلها بفقدك، وأسال الله أن يسقيك الغيث والمطر رحمة وأنت قد كنت غيثًا وخيرًا لنا جميعًا، وكنت غنىً وسندًا لنا، وكنت حين يقصدك أحد تلبي فورًا دون تردد.

• سَأَلتُ الحَيَّ أَينَ دَفَنتُموهُ
  فَقالوا لي بِسَفحِ الحَيِّ دارُ
  فَسِرتُ إِلَيهِ مِن بَلَدي حَثيثاً
  وَطارَ النَومُ وَاِمتَنَعَ القَرارُ

لقد سألت أبناء القبيلة هنا أين دفن كليب، فقالوا لي لقد دفنوه في سفح جبل قريب من الحي،  فخرجت من مكان إقامتي متوجهًا إلى ذلك المكان بأقصى سرعة وأنا أحثُّ وأسرع الخطى، ومن وقتها لم أعد أستطيع النوم أو أن أرتاح وأنا نائم، ولم أستطع أن أستقرَّ في مكان ما بسبب الألم والقلق الذي أعاني منه لأخذ الثأر.

• خُذِ العَهدَ الأَكيدَ عَلَيَّ عُمري
  بِتَركي كُلَّ ما حَوَتِ الدِيارُ
  وَهَجري الغانِياتِ وَشُربَ كَأسٍ
  وَلُبسي جُبَّةً لا تُستَعارُ

هنا يأخذ المهلهل عهدًا على نفسه حيث يقول: لقد قطعت عهدًا على نفسي يا أخي في هذا اليوم وإلى آخر أيام حياتي، بأنني سوف أهجر الديار وكل ما فيها، وسوف أهجر النساء والغواني ولن أقرب شرب الخمر بعد اليوم، وسوف أرتدي لباس الحرب الخاص بي والذي لا يمكن إعارته.

• وَلَستُ بِخالِعٍ دِرعي وَسَيفي
  إِلى أَن يَخلَعَ اللَيلَ النَهارُ
  وَإِلّا أَن تَبيدَ سَراةُ بَكرٍ
  فَلا يَبقى لَها أَبَداً أَثارُ

وعهدًا عليَ أيضًا أنَّني لن أخلع درعي ولن أنزل سيفي من يدي بعد اليوم ما دام النهار يأتي وراء الليل والليل يأتي وراء النهار، حتى أقتلَ جميع فرسان بني بكر وأهلكهم جميعًا، ولا يبقى لهم أثر في جزيرة العرب.

الصور الفنية في قصيدة المهلهل في رثاء أخيه

تضمُّ قصيدة المهلهل سابقة الذكر العديد من الصور الفنية والتي عادةً ما يستخدمها الشعراء في قصائدهم، وتعمل تلك الصور على إضفاء موسيقى لغوية متميزة في القصيدة إضافة إلى ألوان جميلة لتزييِن العبارات الشعرية، وتساهم في إيصال المعاني إلى الناس بطرق فنية مختلفة غير مباشرة، وهذا أكثر ما يميز الشعر عن بقية أنواع الكلام العادي المبَاشر، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الصور الفنية في القصيدَة:

• أسلوب الكناية: ورد أسلوب الكناية أكثر من مرة في القصيدة في قول الشاعر: وَبِتُّ أُراقِبُ الجَوزاءَ حَتّى تَقارَبَ مِن أَوائِلِها اِنحِدارُ، فقد كنَّى بمراقبة الجوزاء عن شعوره بطول الليل الحزين الذي يقضيه.
• تشبيه بليغ: ورد في قوله: سَقاكَ الغَيثُ إِنَّكَ كُنتَ غَيثاً وَيُسراً حينَ يُلتَمَسُ اليَسارُ، فقد شبه أخاه بالغيث، حيث جاءت كلمة أنت المشبه، وكلمة غيث المشبه به، ولكنه حذف أداة التشبيه ووجه الشبه.
• أسلوب الطباق: ورد أسلوب الطباق في القصيدة في قول الشاعر: وَصارَ اللَيلُ مُشتَمِلاً عَلَينا كَأَنَّ اللَيلَ لَيسَ لَهُ نَهارُ، ذكر الشاعر الليل والنهار وهما كلمتان متعاكستان في المعنى.

معاني المفردات الصعبة في قصيدة المهلهل في رثاء أخيه

توجد كثير من الكلمات التي يمكن أن تكون صعبة الفهم بالنسبة لبعض القراء في الشعر وبشكل خاص في الشعر الجاهلي وشعر العصور الإسلامية اللاحقة، حيث أنَّ بعض الكلمات لم تعُد مستخدمة في الوقت الحالي نتيجة تطور اللغة وتغيراتها، ويجب أن يجري البحث عنها في معاجم اللغة العربية، وتختلف اللهجات العامية عن اللغة العربية الفصحى اختلافًا كبيرًا وهذا يزيد من صعوبة فهم مثل هذه الكلمات، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شرح المفردات الصعبة في القصيدة:

شرح قصيدة المهلهل في رثاء أخيه pdf

كثير من الناس يميلون إلى الاحتفاظ بملف فيه شَرح قصِيدة الزير أبي ليلى المهلهل السابقة في الهاتف المحمول  أو في أي جهاز آخر من الأجهزة الإلكترونية من أجل استعماله لاحقًا عند الحاجة إليه، ويمكن تحقيق ذلك الأمر من خلال الحصول على الملف بصيغة pdf، كما يمكن استخدام الملف في العديد من الأمور، كما يرغب بعض الأشخاص بالحصول على الشَرح من أجل طباعة الملف واستخدامه ورقيًا في أمور شتى، ويمكن للزوار أن يحصلوا على شرحِ أبيات القَصيدة على شكل ملف pdf من خلال الضغط على الرابط “من هنا“.

مقالات قد تهمك

وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال شرح قصيدة المهلهل في رثاء أخيه والمفردات الصعبة فيها وقد تعرفنا على أهم المعلومات عن الشاعر أبي ليلى المهلهل، كما تعرفنا على شَرح أبيات قصيدته الشهيرة في الرَّثاء، وتمَّ إدراج الصور الفنية والبلاغية إضافة إلى معاني الكلمات والمفردات الصعبة فيها وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل الأخرى.