عناصر المقال
شرح قصيدة جميل بثينة عذاب الحب والصور الفنية فيها كثيرون من القراء يبحثون عنها خصوصًا من عشاق الشعر العربي القديم، إذ تختلف أذواق الناس في هذا الشأن، ويبقى للشعر الجاهلي المكانة الأعظم على مر العصور، وسوف نقدم للزوار الكرام في هذا المقال معلومات عن الشاعر أبي ليلى المهلهل، وسوف نتعرف على شَرح قصيدته الشهيرة فِي رثَاء أخيهِ، كما سوف نتعرف على معاني المفردات الصعبة والصور الفنية والبلاغية التي تضمَّنتها القصِيدَة وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل الأخرى.
من هو كاتب قصيدة جميل بثينة عذاب الحب
يعدُ الشاعر الشهير باسم جميل بثينة واحدًا من أشهر شعراء الغزل في الإسلام، وهو جميل بن بن عبد الله بن معمر العذري القضاعي، كان يكنَّى باسم أبي عمرو، ولد جميل بثينة في عام 659م تقريبًا، أحد العشاق والشعراء العرب المشهورين، جمع بين الشعر والرواية فكان فصيحًا مقدمًا، وكان أول صباه راوية لشعر هدبة بن خشرم، وكان كثير عزة راوية له بعد ذلك، وقد أطلق عليه لقب جميل بثينة بسبب حبه الشديد لبثينة بنت حيان بن ثعلبة العذري، ينتسب إلى قبيلة عذرة وهي إحدى قبائل قضاعة، عاش في العصر الأموي، وقد كان كريم النفس وجميل الوجه جوادًا وشاعرًا مطبوعًا، ويوصف بأنه رقيق المشاعر ومرهف الحس، وقد وقع في حب بثينة وبقي يقول فيها الأشعار حتى وفاته، وهي أيضًا من قبيلة عذرة وكانت تكنى باسم أم عبد الملك، وقيل أنَّه أحبها من صغره، وخطبها من والدها ولكنه رفض أن يزوجها إليه وزوجها من رجل آخر، فازداد حبًّا لها، وصار يزورها في وادي القرى سرًّا حتى شاعت أخبارهما، وبعد وفاته حزنت عليه بثينة كثيرًا وقالت فيه: “وإن ســلوي عــن جـميل لسـاعة مـن الدهـر مـا حانت ولا حان حينها سـواء علينـا يـا جـميل بـن معمر إذا مــت بأســاء الحيــاة ولينهـا”، فقد توفي في عام 701م وعمره 42 عامًا فقط.[1]
شرح قصيدة جميل بثينة عذاب الحب
تعدُّ هذه القَصيدَة من أشهر قصائد الشاعر جَميل بُثينة على الإطلاق، فقد كتب الشاعر كثير من القصائد في محبوبته بُثينة، ويقول في مطلع هذه القصيدة: أَلا لَيتَ رَيعانَ الشَبابِ جَديدُ وَدَهراً تَوَلّى يا بُثَينَ يَعودُ، وهي قصيدة متوسطة الطول كتبها الشاعر على البحر الطويل وقافية الدال المضمومة، ويبلغ عدد أبيات القصيدة كاملة 42 بيتًا، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شَرح القََصيدة:
- أَلا لَيتَ رَيعانَ الشَبابِ جَديدُ
وَدَهراً تَوَلّى يا بُثَينَ يَعودُ
فَنَبقى كَما كُنّا نَكونُ وَأَنتُمُ
قَريبٌ وَإِذ ما تَبذُلينَ زَهيدُ
يبدأ الشاعر قصيدته بمطلع شهير قديمًا وهو قول: ألا ليت، وذلك من باب التمني والترجي فيقول: يا ليت أي كنت أتمنى يا بثينة أن أيام الشباب ونقاوة ونضارة الشباب ترجع إلينا من جديد، وأن تلك الأيام التي مضت أيضًا تعود إلينا لنعيشها مرة أخرى، حتى نبقى كما كنا على حالنا في ذلك الزمان حتى لو كان ما تمنحيني إياه قليل جدًّا.
- خَليلَيَّ ما أَلقى مِنَ الوَجدِ باطِنٌ
وَدَمعي بِما أُخفي الغَداةَ شَهيدُ
إِذا قُلتُ ما بي يا بُثَينَةُ قاتِلي
مِنَ الحُبِّ قالَت ثابِتٌ وَيَزيدُ
في هذا البيت يوجه الشاعر خطابه لصاحبيه وهو أيضًا مما درج عليه الشعراء قديمًا، فيقول: يا صاحبي إنني ألاقي من الحب والهوى وشدة الشوق والهيام الكثير ولكن كله في الحشا داخلي، ولكن دموعي تفضح كل ما أخفيه وهي شهيدة على ذلك، وإذا قلت لبثية إن ما بي من الحب يقتلني، فتقول لي وما عندي لكَ ثابت ويزيد أكثر.
- وَإِن قُلتُ رُدّي بَعضَ عَقلي أَعِش بِهِ
تَوَلَّت وَقالَت ذاكَ مِنكَ بَعيدُ
فَلا أَنا مَردودٌ بِما جِئتُ طالِباً
وَلا حُبُّها فيما يَبيدُ يَبيدُ
وإذا ما طلبت منها أن تعيد لي عقلي حتى أعيش بها إنسانًا طبيعيًا أعرضت عن ذلك ورفضت وقالت لي إن ما تطلبه مني مستحيل، فلا أنا أحظى بما أريده منها، ولا حبها عندي يزول أبد الدهر.
- وَأَفنَيتُ عُمري بِاِنتِظارِيَ وَعدَها
وَأَبلَيتُ فيها الدَهرَ وَهوَ جَديدُ
عَلِقتُ الهَوى مِنها وَليداً فَلَم يَزَل
إِلى اليَومِ يَنمي حُبُّها وَيَزيدُ
وقد قضيت كل أيام عمري وأنا أنتظر مواعيدها التي بخلت بها ولم تمنحني شيئًا منها، وقد اهترأت أيام عمري وظهرت عليها صفات الهرم رغم أنني ما أزال شابًا، وقد كنت قد تعلقت بهواها من صغري، ولكنه ما يزال إلى اليوم ينمو ويكبر معي ويزيد يومًا بعد يوم.
- أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً
بِوادي القُرى إِنّي إِذَن لَسَعيدُ
وَهَل أَلقَيَن سُعدى مِنَ الدَهرِ مَرَّةً
وَما رَثَّ مِن حَبلِ الصَفاءِ جَديدُ
وهل سأحظى بيوم من الأيام بليلة واحدة أبيتها في وادي القرى في المكان الذي تسكنه بثينة، إنني إن حظيت بذلك فأنا إذن سعيد جدًّا، وهل يمكن في يوم من الأيام أن أنال حظي من السعادة والفرح في هذه الدينا لو مرة واحدة، وأن تعود أيامنا الجميلة من الصفاء والهناء وكل ما بليَ وصار قديمًا منها يعود جديدًا.
- وَقَد تَلتَقي الأَشتاتُ بَعدَ تَفَرُّقٍ
وَقَد تُدرَكُ الحاجاتُ وَهيَ بَعيدُ
سَبَتني بِعَينَي جُؤذُرٍ وَسطَ رَبرَبٍ
وَصَدرٌ كَفاثورِ اللُجَينِ وَجيدُ
وليس صعبًا أن يلتقي الأحباب الذين فرقتهم الدنيا بعد طول الفراق، وقد يحصل الإنسان على مراده وحاجته رغم بعدها عنه، وقد كانت بثينة قد سلبت عقلي وأوقعتني بحبها بنظرات من عينيها التي تشبه عيني الظبي الصغير من بين قطيع من الظباء، وكان لها صدر يشبه وعاء الفضة وجيد غاية في الجمال.
- وَمَن يُعطَ في الدُنيا قَريناً كَمِثلِها
فَذَلِكَ في عَيشِ الحَياةِ رَشيدُ
يَموتُ الهَوى مِنّي إِذا ما لَقيتُها
وَيَحيا إِذا فارَقتُها فَيَعودُ
وإنني موقنٌ أنَّه من ينال من الدنيا حبيبةً مثل بثينة سوف يكون في هذه الحياة أسعد الناس وأوفرهم حظًا، حيث أنَّ الهوى والشوق الذي في داخلي كلما التقيت بها خفَّت ناره، ولكنني كلما عدتُ وفارقتها من جديد اشتعلت نيران الهوى والشوق والوجد في صدري.
- فَهَل أَلقَيَن فَرداً بُثَينَةَ لَيلَةً
تَجودُ لَنا مِن وُدِّها وَنَجودُ
وَمَن كانَ في حُبّي بُثَينَةَ يَمتَري
فَبَرقاءُ ذي ضالٍ عَلَيَّ شَهيدُ
وهل يمكن في يوم من الأيام أن ألتقي ببثينة وحيدين نعيش في ليلة غامرة، نتبادل فيها الأحاديث وتبذل من حبها لي وأبذل لها من حبي، وإنَّ شكَّ أحد الأشخاص في حبي لبثينة مرة واحدة فإنَّ هذه الأرض التي أمشي عليها والتي أقطعها من أجل لقائها شاهدة على حبي ذاك ما حييت.
الصور الفنية في قصيدة جميل بثينة عذاب الحب
تضمُّ قصيدة ألا ليتَ ريعان الشباب يعود سابقة الذكر العديد من الصور الفنية والبلاغية والتي عادةً ما يعتمد عليها الشعراء في كتابة قصائدهم، حيث تعمل تلك الصور على إضفاء نوع من الموسيقى اللغوية في القصيدة إضافة إلى ألوان بلاغية لتزييِن الأبيات الشعرية، كما تساهم في تمرير المعاني إلى الناس بطرق فنية مختلفة غير مباشرة، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الصور الفنية في القصيدَة:
- أسلوب الكناية: ورد أسلوب الكناية أكثر من مرة في القصيدة في قول الشاعر: وَما رَثَّ مِن حَبلِ الصَفاءِ جَديدُ، كنَى الشاعر بهذه الجملة على عودة الحب والعلاقة بينه وبين محبوبته إلى سالف عهدها.
- استعارة مكنية: وردت في قوله: أَلا لَيتَ رَيعانَ الشَبابِ جَديدُ وَدَهراً تَوَلّى يا بُثَينَ يَعودُ، فقد شبَّه الدهر بالإنسان الذي يتولى ويذهب، فذكر الدهر وهو المشبه، وحذف الإنسان وهو المشبه به وأبقى على إحدى صفاته وهي ظاهرة في كلمة تولى.
- تشبيه مجمل: ورد في قوله: صَدرٌ كَفاثورِ اللُجَينِ، فقد شبه الصدر بفاثور اللجين، فالصدر هو المشبه، وفاثور اللجين هو المشبه به، والكاف أداة الشبه ولكنه حذف وجه الشبه من هذا الأسلوب.
- أسلوب الطباق: ورد أسلوب الطباق في القصيدة في قول الشاعر: وَأَبلَيتُ فيها الدَهرَ وَهوَ جَديدُ، حيث أنَّ كلمة أبليت عكس كلمة جديد في المعنى.
معاني المفردات الصعبة في قصيدة جميل بثينة عذاب الحب
توجد العديد من الكلمات التي قد تكون صعبة الفهم بالنسبة للعديد من القراء في الشعر وبشكل خاص في الشعر الجاهلي وشعر العصور الإسلامية اللاحقة، إذ أنَّ بعضها لم تعُد مستخدمة حاليًا نتيجة تطور اللغة والتغيرات التي طرأت عليها، ويجب أن يجري البحث عن تلك الكلمات في معاجم اللغة العربية، كما أنَّ اختلاف اللهجات العامية عن اللغة العربية الفصحى يزيد من صعوبة فهم مثل تلك الكلمات المعجمية، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شرح المفردات الصعبة في القصيدة:
المفردة | شرح المفردة |
ريعان | نضارة الشباب وأوجه ورونقه |
زهيد | قليل |
يبيد | ينتهي ويفنى |
أبليت | أتلفت وأنهيت |
سعدي | فرحتي وسعادتي |
رثَّ | تهرأ وظهرت عليه علامات التلف |
الأشتات | المتفرقون |
جؤذر | ابن الظبي الصغير عندما يقوى على المشي |
ربرب | قطيع من الغزلان أو البقر الوحشية |
لجين | الفضة |
فاثور | وعاء من الذهب أو الرخام |
يمتري | يشكُّ |
شرح قصيدة جميل بثينة عذاب الحب pdf
يرغب البعض بالحصول على ملف شرح القصِيدة السابقة بصيغة pdf، وذلك من أجل استخدامه في أغراض مختلفة، إذ يفضل البعض الاحتفاظ بالشرح على الهاتف المحمول أو على أي جهاز آخر لاستخدامه لاحقًا والاستفادة منه، كما يرغب بعض الأشخاص بالحصول على الشَرح من أجل طباعة الملف واستخدامه ورقيًا في أمور عديدة، ويمكن للزوار أن يحصلوا على شرحِ أبيات القَصيدة على شكل ملف pdf من خلال الضغط على الرابط “من هنا“.
مقالات قد تهمك
وإلى هنا نكون أعزائي قد وصلنا إلى نهاية مقال شرح قصيدة جميل بثينة عذاب الحب والصور الفنية فيها وقد تعرفنا على بعض المعلومات عن الشاعر العاشق جميل بثينة، كما تعرفنا على شَرح أبيات قصيدته في الحبِّ، وتمَّ إدراج الصور البلاغية إضافة إلى أهم معاني الكلمات والمفردات الصعبة فيها وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل المتعلقة.
المراجع
- ^ wikiwand.com، جميل بن معمر، 03/09/2023
التعليقات