شرح قصيدة صنت نفسي عما يدنس نفسي للبحتري والمفردات الصعبة فيها

شرح  قصيدة صنت نفسي عما يدنس نفسي للبحتري والمفردات الصعبة فيها يبحث عنها كثيرون من الأشخاص وخصوصًا من عشاق الشعر العربي القديم، حيث يحتفظ الشعر القديم بمكانة مهمة رغم مرور مئات السنوات عليه، وسوف نقدم للزوار الكرام في هذا المقال معلومات عن الشاعر البحتري، وسوف نتعرف أيضًا على شَرح قصيدة وصف إيوان كسرى الشهيرة، وسوف نتعرف على معاني الكلمات والمفردات الصعبة وعلى الصور الفنية والبلاغية فيها وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل الأخرى المتعلقة.

من هو كاتب قصيدة صنت نفسي عما يدنس نفسي

إنَّ صاحب هذه القصيدة هو الشاعر العباسي الشهير البحتري، وهو الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي التنوخي والذي يشتهر بلقب البحتري ومعناه قصير القامة، ويكنى باسم أبي عبادة، ولد البحتري في عام 821م في منبج إحدى قرى مدينة حلب في شمال سوريا، ويعدٌّ أحد أشهر شعراء العصر العباسي، وهو واحد من أشهر ثلاثة في عصرهم إلى جانب المتنبي وأبي تمام، وقد سئلَ المعري مرة عن أشعر هؤلاء الثلاثة فقال: “المتنبي وأبو تمام حكيمان وإنما الشاعر البحتري”، ظهرت عبقريته الشعرية وهو ما يزال صغيرًا، انتقل من حلب إلى حمص ليعرض أشعاره على أبي تمام والذي أرشده ووجهه إلى ما يجب أن يتبعه في الشعر ويقال أنه أخذ عنه طريقته في المدح، وبعد أن سمع شعره قال له أبو تمام: أنت أمير الشعر بعدي، وقد كان شاعرًا في بلاط العديد من الخلفاء وهم: المتوكل والمنتصر والمستعين بالله والمعتز بن المتوكل، وقد كانت له صلة وثيقة مع الوزراء والولاة وقادة الجيوش في الدولة العباسية، أكثر شعره في المديح والقليل منه في الهجاء والرثاء بالإضافة إلى العتاب والفخر والحكمة والغزل والوصف، ويعدُّ أروع الشعراء في الوصف، توفي في عام 897م عن عمر يناهز 77 عامًا، ترك ديوان شعر ضخم كان قد طبع كثيرًا في القسطنطينية ودمشق ومصر وبيروت، وكان قد شرحه المعري وأسماه عبث الوليد.^[1]

شرح قصيدة صنت نفسي عما يدنس نفسي

تعدُّ هذه القَصيدَة من أشهر قصائد الشاعر العباسي الشهير البحتري، وهي قصيدة طويلة بدأ فيها الشاعر في الفخر بنفسه وذكر الخصال الحميدة التي يتصف بها ووصف بها إيوان كسرى وصفًا بديعًا، وقد ورد في مطلع القصيدة: صُنْتُ نَفسي عَمَّا يُدَنِسُ نَفْسي وتَرَفَّعْتُ عن جَدا كل جِبْسِ، وقد نظمها الشاعر على البحر الخفيف وقافية السين المكسورة، وبلغ عدد أبيات القصيدة كاملة 56 بيتًا، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شَرح القََصيدة:

• صُنتُ نَفسي عَمّا يُدَنِّسُ نَفسي
  وَتَرَفَّعتُ عَن جَدا كُلِّ جِبسِ
  وَتَماسَكتُ حينَ زَعزَعَني الدَه
  رُ إِلتِماساً مِنهُ لِتَعسي وَنَكسي

يبدأ الشاعر البحتري قصيدته بالفخر بنفسه وبصفاته وأخلاقه الرفيعة وترفعه عن الرذائل فيقول: لقد حفظت نفسي من الوقوع في الآثام والنقائص، ولم أرتكب من هذه الأفعال التي توسخ النفس أي شيء، كما أنني لم أقبل العطايا والمنح والهبات من الجبناء واللئام، فأنا إنسان كريم وأتمسك بمكارم الأخلاق ولا أقبل العطاء إلا من الكرام، وحين حلت عليَّ البلايا والنكبات التي تحملها الأيام لم أسقط ولم أهتزّ لها، بل كنت جبلًا متماسكًا قويًا ذا عزم لا يلين لا يزعزع تماسكي وصبري وجلدي أي شيء، حتى لا تقتلني التعاسة والذل والمهانة بين الناس.

• حَضَرَت رَحلِيَ الهُمومُ فَوَجَّه
  تُ إِلى أَبيَضَ المَدائِنِ عَنسي
  أَتَسَلّى عَنِ الحُظوظِ وَآسى
  لِمَحَلٍّ مِن آلِ ساسانَ دَرسِ

وعندما اشتدت عليَّ الهموم بمقتل الخليفة المتوكل ومقتل وزيره، ضاقت بي الأرض وشعرت بحزن شديد وألم كبير لفقدهما، ولذلك قررت السفر لأروح عن نفسي وأخفف من مصابي، فوجهت ناقتي إلى المدينة البيضاء وهي مدائن كسرى في بلاد فارس، حيث يمكن أن أواسي نفسي هناك بمشاهدة ملك فارس البائد، بعد أن أصبحت قصورهم أثرًا بعد عين وزال ملك عظيم لآل ساسان ملوك الفرس.

• أَذكَرتِنيهُمُ الخُطوبُ التَوالي
  وَلَقَد تُذكِرُ الخُطوبُ وَتُنسي
  وَهُمُ خافِضونَ في ظِلِّ عالٍ
  مُشرِفٍ يَحسِرُ العُيونَ وَيُخسي

إنَ المصائب التي وقعت عليَّ بمقتل الخليفة المتوكل ذكرتني بمصير كسرى وملكه العظيم الزائل، فالمصائب قد تعمل أحيانًا على نبش الذكريات وإحياء القديم منها، وأحيانًا تنسي الإنسان ما يعيشه من أحداث، وقد كان أهل تلك المدائن الذين تذكرتهم يعيشون في رفاهية مطلقة ورغد عيش لا نظير له في قصور شاهقة وعالية جدًا، تضعف العيون عند محاولة النظر إليها لارتفاعها الشديد وتؤذيهما وتؤلمهما.

• فَكَأَنَّ الجِرمازَ مِن عَدَمِ الأُن
  سِ وَإِخلالِهِ بَنِيَّةُ رَمسِ
  لَو تَراهُ عَلِمتَ أَنَّ اللَيالي
  جَعَلَت فيهِ مَأتَماً بَعدَ عُرسِ

وقد أصبح قصر الجرماز الشهير وهو أحد القصور في مدائن كسرى وكأنه لخلوه من الناس وعدم وجود حياة فيه مثل قبر كبير، والشخص كان يعرف هذا القصر وما كان يحصل فيه سابقًا من أفراح واحتفالات كبيرة عندما كان فيه كسرى وحاشيته فيه، سوف يعرف أنَّ الزمان قد حول ما كان يجري فيه من عرس كبير إلى مأتم كبير بموت كل من فيه.

• وَإِذا مارَأَيتَ صورَةَ أَنطا
  كِيَّةَ إِرتَعتَ بَينَ رومٍ وَفُرسِ
  وَالمَنايا مَواثِلٌ وَأَنوشَر
  وانَ يُزجى الصُفوفَ تَحتَ الدِرَفسِ

صورة إنطاكية هي صورة منقوشة في إيوان كسرى وتصور معركة كبيرة كانت قد وقعت بين الروم والفرس، وإنطاكية هي إحدى مدن تركيا، فإذا ما رأى الإنسان هذه الصورة فإنَ الفزع يدخل إلى قلبه، حيث تظهر واضحة للإنسان صورة الموت وهو حاضر بقوة بين الجيوش المتقاتلة في الصورة، كما أنَّ كسرى أنوشروان واقف يرتب ويدفع صفوف الفرس تحت رايته العالية الضخمة.

• في اِخضِرارٍ مِنَ اللِباسِ عَلى أَص
  فَرَ يَختالُ في صَبيغَةِ وَرسِ
  وَعِراكُ الرِجالِ بَينَ يَدَيهِ
  في خُفوتٍ مِنهُم وَإِغماضِ جَرسِ

وقد كان أنوشروان يرتدي ثيابًا ملونة بلون أخضر ولكنه مائل للأصفر جميل جدًا، وكأنها مصبوغة بلون الورس، ويمشي مشية فيها خيلاء وكبر وهو منتصر في هذه المعركة على أعدائه التاريخيين الروم، وقد ظهر أيضًا صراع الجنود أمامه، صراعًا عنيفًا ولكن من دون صوت، حيث بدت الصورة وكأنها معركة حية صامتة وأكاد أن أسمع أصواتًا خفية هامسة منها بسبب دقتها وإجادة رسمها.

• تَصِفُ العَينُ أَنَّهُم جِدُّ أَحيا
  ءٍ لَهُم بَينَهُم إِشارَةُ خُرسِ
  يَغتَلي فيهِم إِرتِيابي حَتّى
  تَتَقَرّاهُمُ يَدايَ بِلَمسِ

ومن شدة إتقان هذه الصورة وصنعها فقد أصبحت أتوهم أن من فيها أحياء حقيقة، ولكنهم يتبادلون الحديث فيما بينهم بإشارات وهم خرس لا ينطقون، فما كان ينقص هذه الصورة حتى تكون حقيقية إلا الأصوات التي تزيدها حيوية وواقعية، وقد راودتني شكوك كثيرة ودخل الارتياب إلى عقلي  من أنَّ ما أراه حقيقيًا أو رسمًا ونقشًا، وصرت ألمس اللوحة بيدي لأتأكد من أنها مجرد لوحة وحتى أتأكد من أنَّ هذه الأجساد ليست حقيقية أو واقعية.

الصور الفنية في قصيدة صنت نفسي عما يدنس نفسي

تعدُّ قصيدة الشاعر البحتري وصف إيوان كسرى من القصائد التي تضمُّ عددًا كبيرًا من الصور الفنية والتي يعتمد عليها الشعراء في كتابة الشعر عادةً ومن أجل إيصال المعنى إلى جمهور الشعر في العالم العربي بطرق غير مباشرة وأكثر جمالية، وتضفي تلك الصور الفنية والبلاغية على القصائد صبغة متميزة إضافة إلى أساليب لغوية عديدة لتزييِن وزخرفة الأبيات الشعرية، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الصور الفنية والبلاغية في القصيدَة:

• أسلوب الكناية: ورد أسلوب الكناية في القصيدة أكثر من مرة كما في قول الشاعر: يَغتَلي فيهِم إِرتِيابي حَتّى تَتَقَرّاهُمُ يَدايَ بِلَمسِ، كناية عن جمال النقوش ودقتها وكأنها حقيقية.
• أسلوب الطباق: ورد أسلوب الطباق أكثر من مرة في القصيدة كما في قول الشاعر: وَتَماسَكتُ حينَ زَعزَعَني الدَهرُ إِلتِماساً مِنهُ لِتَعسي وَنَكسي، فقد وردت كلمة تماسكت وهي عكس كلمة زعزعني في المعنى.
• استعارة مكنية: وردت الاستعارة المكنية في قوله الشاعر: حَضَرَت رَحلِيَ الهُمومُ فَوَجَّهتُ إِلى أَبيَضَ المَدائِنِ عَنسي، شبه الشاعر الهموم بشخص يحضر ويأتي، ولكنه حذف المشبه به وهو الشخص وأدرج إحدى صفاته وهي الحضور.

معاني المفردات الصعبة في قصيدة صنت نفسي عما يدنس نفسي

توجد كثير من الكلمات والألفاظ التي قد تكون غير واضحة المعاني وصعبة الفهم بالنسبة لبعض الناس، لأنَّ اللغة العربية الفصحى هي اللغة المستخدمة في كتابة الشعر والأدب، وكثير من الكلمات الفصيحة غير مستخدمة في اللهجات العامية في الدول العربية، ولذلك هنالك كثير من الكلمات التي يصعب فهمها من دون اللجوء إلى معاجم وكتب تفسرها وتوضح معانيها الصحيحة خصوصًا في القصائد القديمة، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شرح المفردات الصعبة في القصيدة:

شرح قصيدة صنت نفسي عما يدنس نفسي pdf

كثير من الأشخاص يرغبون بالحصول على شرح قَصيدة وصف إيوان كسرى للبحتري على شكل ملف بصيغة pdf، حتى تتم الاستفادة منه في أمور شتى، فقد يرغب البعض بالاحتفاظ بالملف على الموبايل أو على أي جهاز آخر من أجل استخدامه عند الحاجة في أوقات لاحقة، كما يرغب البعض بالحصول على ملف شَرح القصيدةِ لطباعته واستخدامه بشكل ورقي في أغراض عديدة، ويمكن أن يتم الحصول على شرحِ أبيات قَصيدة وصف إيوان كسرى على شكل ملف بصيغة pdf من خلال الضغط على الرابط “من هنا“.

مقالات قد تهمك

وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال شرح قصيدة صنت نفسي عما يدنس نفسي للبحتري والمفردات الصعبة فيها وقد تعرفنا على بعض المعلومات عن الشاعر البحتري، كما تعرفنا على شَرح أبيات قصيدة وصف إيوان كسرى، وتمَّ إدراج الصور الفنية والبلاغية فيها وتعرفنا على أهم معاني المفردات والكلمات الصعبة فيها وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل الأخرى المتعلقة.