عناصر المقال
فضل صلاة الفجر في جماعة هو ما سيتناوله موضوع هذا المقال، حيث يحرص الكثير من المسلمين على أداء صلاة الفجر في وقتها وفي جماعة سواء في البيت مع آل بيته، أو في المسجد مع عموم المسلمين وقد أوضحت شريعة الدين الإسلاميّ أنّ المحافظة على هذه الصلاة مع الجمـاعة لها فضل كبير في الدنيا والآخرة، ومن خلال هذا المقال سيتم ذكر ما ورد في فضائل المواظبة على صلاة الفجـر في جمـاعة في المسجد والبيت.
فضل صلاة الفجر في جماعة
إنّ صلاة الجماعة من الواجبات على الرجل المسلم القادر والمستطيع ممن سمع النداء في كل الفروض، ولعلّ صلاة الفجر من أولى الصلوات للحفاظ عليها في الجماعة لما فيها من الفضائل العظيمة، منها:[1]
- صلاة الفجر في جماعة تعدل قيام الليل كله: فقد ورد في صحيح مسلم عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال: “دَخَلَ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ المَسْجِدَ بَعْدَ صَلَاةِ المَغْرِبِ، فَقَعَدَ وَحْدَهُ، فَقَعَدْتُ إلَيْهِ فَقالَ: يا ابْنَ أَخِي، سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَن صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ”.[2]
- لمقيميها النور التام يوم القيامة: عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “بَشِّرِ المَشَّائِين في الظُّلَمِ إلى المَساجِدِ بالنُّورِ التَّامِّ يَومَ القِيامةِ”.[3]
- مخالفة المنافقين: ممن تثقل عليهم صلاة الفجـر، فقد ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- قال: “ليسَ صَلَاةٌ أثْقَلَ علَى المُنَافِقِينَ مِنَ الفَجْرِ والعِشَاءِ، ولو يَعْلَمُونَ ما فِيهِما لَأَتَوْهُما ولو حَبْوًا، لقَدْ هَمَمْتُ أنْ آمُرَ المُؤَذِّنَ، فيُقِيمَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يَؤُمُّ النَّاسَ، ثُمَّ آخُذَ شُعَلًا مِن نَارٍ، فَأُحَرِّقَ علَى مَن لا يَخْرُجُ إلى الصَّلَاةِ بَعْدُ”.[4]
- مضاعفة الأجر 25 مرة: فقد ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “صَلَاةُ الرَّجُلِ في الجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ علَى صَلَاتِهِ في بَيْتِهِ، وفي سُوقِهِ، خَمْسًا وعِشْرِينَ ضِعْفًا، وذلكَ أنَّهُ: إذَا تَوَضَّأَ، فأحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إلى المَسْجِدِ، لا يُخْرِجُهُ إلَّا الصَّلَاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً، إلَّا رُفِعَتْ له بهَا دَرَجَةٌ، وحُطَّ عنْه بهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى، لَمْ تَزَلِ المَلَائِكَةُ تُصَلِّي عليه، ما دَامَ في مُصَلَّاهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عليه، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، ولَا يَزَالُ أحَدُكُمْ في صَلَاةٍ ما انْتَظَرَ الصَّلَاةَ”.[5]
شاهد أيضًا: ما هو حكم تأخير صلاة الفجر عن وقتها
فضل صلاة الفجر في جماعة ابن باز
لم يرد في موسوعة ابن باز أي فتوى تتعلق بفضل صلاة الفجر بشكل عام، ولكن ما ورد هو وقفة مع حديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الذي قال فيه: “مَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَن صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ”.[2]وقد جاء في فتواه وإجاباته حول هذا الحديث:[6]
كذلك لا بأس به، صحيح، وهو في ذمَّة الله، يجب الحذر من ظلم المسلم.
س: ما معنى الحديث؟
ج: التَّحذير من ترك الصلاة، ويُؤيد القول بأنَّ تركها كافر؛ لأنه إذا لم يصلِّ فليس في ذمَّة الله – نسأل الله العافية.
س: هل يُقال: أنَّ مَن صلَّى الصُّبحَ فهو في ذمَّة الله: أنَّها تحفظه من السّحر والعين؟
ج: ما هو بلازمٍ، المقصود أنَّه في أمان الله يعني: احذروا ظلمَه، احذروا العدوانَ عليه – نسأل الله العافية – والأدواء الأخرى لها أسباب أخرى: التَّعوذ بكلمات الله التامَّات من شرِّ ما خلق، وسؤال الله العافية جلَّ وعلا، وتعاطي الأذكار الشرعية والأوراد الشرعية، كلها من أسباب السلامة.
س: مَن لم يُصلِّ الصبحَ في غير جماعةٍ فهو مطالبٌ بالذمة؟
ج: لا، قيَّده بجماعةٍ، هذا فيه الحثّ على صلاة الجماعة، والمحافظة عليها.
س: مناسبة ذكر هذا الحديث في باب التَّحذير من إيذاء المُسلمين؟
ج: لأنَّه إذا تعدَّى عليه فقد أتى منكرًا عظيمًا، وهو مؤمنٌ قد يُصلي في جماعةٍ، يعني: يكون ظلمه أشدَّ – نسأل الله العافية
شاهد أيضًا: هل يجوز صلاة الوتر بعد اذان الفجر
فضل صلاة الفجر في الدنيا والآخرة
إنّ لصلاة الفجر الفضل العظيم في الدنيا والآخرة، ومن هذه الفضائل:[7]
- الحفظ من الله عز وجل لمقيمها: فقد ورد في صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “مَن صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ فَهو في ذِمَّةِ اللهِ، فلا يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِن ذِمَّتِهِ بشيءٍ، فإنَّه مَن يَطْلُبْهُ مِن ذِمَّتِهِ بشيءٍ يُدْرِكْهُ، ثُمَّ يَكُبَّهُ علَى وَجْهِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ”.[8]
- شهادة الملائكة لمصليها عند المولى سبحانه: روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ باللَّيْلِ ومَلَائِكَةٌ بالنَّهَارِ، ويَجْتَمِعُونَ في صَلَاةِ الفَجْرِ وصَلَاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وهو أعْلَمُ بهِمْ: كيفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فيَقولونَ: تَرَكْنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ، وأَتَيْنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ”.[9]
- صلاة الفجر سبيل لدخول الجنة: فعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: “نَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: مَن صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ”،[10] والبردين هما صلاة العصر وصلاة الفجر.
- صلاة الفجر سبب لرؤية وجه الله الكريم: فقد روى جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: “كُنَّا عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَنَظَرَ إلى القَمَرِ لَيْلَةً – يَعْنِي البَدْرَ – فَقَالَ: إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كما تَرَوْنَ هذا القَمَرَ، لا تُضَامُّونَ في رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا علَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا ثُمَّ قَرَأَ: {وَسَبِّحْ بحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ الغُرُوبِ} [ق: 39]، قَالَ إسْمَاعِيلُ: افْعَلُوا لا تَفُوتَنَّكُمْ”.[11]
- ركعتي الفجر خير من الدنيا وما فيها: وذلك ما أخبر به النبي -صلّى الله عليه وسلّم- حينما قال: “رَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَما فِيهَا”.[12]
شاهد أيضًا: هل يجوز صلاة ركعتين بعد الفجر
فضل صلاة الفجر 40 يوم
ورد في الأثر بعض الأحاديث النبوية الشريفة التي أشارت إلى أنّ صلاة الفجر في أربعين يوم متتالي مع الجماعة لها أجر خاص بها، فقد روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “من صلَّى للهِ أربعينَ يومًا في جماعةٍ يدرِك التَّكبيرةَ الأولى كُتبت لَه براءتانِ براءةٌ منَ النَّارِ وبراءةٌ منَ النِّفاقِ”،[13] فإنّ إتمام صلاتها مع الجماعة لأربعين يومًا سببٌ من أسباب البراءة من نار جهنم يوم القيامة والله ورسوله أعلم.[14]
فوائد صلاة الفجر للرزق
وردت بعض الآثار التي لا صحة لها أنّ الأرزاق توزع بعد صلاة الفجر، وهذا غير صحيح فالرزاق هو الله عز وجل يرزق عباده في الليل وفي النهار، في أولهما وآخرهما وأوسطهما وفي كلّ وقتٍ وحين، ولكنّ ما ورد في فوائد صلاة الفجر أن تزيد البركة لمن صلاها في جماعة، فقد ورد في بعض الأحاديث النبوية الشريفة الضعيفة أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- قد دعا للأمة بالبركة في البكور، قائلًا: “اللَّهمَّ بارِكْ لأُمَّتي في بُكُورِها”.[15]
شاهد أيضًا: هل الحلم بعد صلاة الفجر يتحقق
فضل صلاة الفجر في وقتها
إنّ صلاة الفجر في وقتها تطرح البركة وتجلب الأرزاق وتطيب النفوس وتصفيها، كما أنّ الله عز وجل جعل لمقيم الصلاة مع الجماعة الأجر العظيم في الدنيا والثواب الكبير في الآخرة، وحفظه في يومه فكان في ضمان المولى -سبحانه وتعالى- وأمانه وعهده.
بهذا نصل لختام المقال فضل صلاة الفجر في جماعة والذي قدّم مجموعة من فضل وفوائد صلاة الفجر للرجال والنساء في البيوت والمساجد في وقتها، كما بيّن المقال الفضل الدنيوي وفضلها في الآخرة.
المراجع
- ^ islamweb.net، فضل صلاة الفجر في جماعة.، 21/12/2022
- ^ صحيح مسلم، عثمان بن عفان، مسلم، 656، صحيح
- ^ المستدرك على الصحيحين، سهل بن سعد الساعدي، الحاكم، 863، صحيح على شرط الشيخين
- ^ صحيح البخاري، أبو هريرة، البخاري، 657، صحيح
- ^ صحيح البخاري، أبو هريرة، البخاري، 647، صحيح
- ^ binbaz.org.sa، معنى حديث "من صلى الفجر في جماعة"، 21/12/2022
- ^ islamweb.net، صلاة الفجر فضائل ومنافع، 21/12/2022
- ^ صحيح مسلم، جندب بن عبد الله، مسلم، 657، صحيح
- ^ صحيح البخاري، أبو هريرة، البخاري، 555، صحيح
- ^ صحيح البخاري، أبو موسى الأشعري، البخاري، 574، صحيح
- ^ صحيح البخاري، جرير بن عبد الله، البخاري، 554، صحيح
- ^ صحيح مسلم، عائشة أم المؤمنين، مسلم، 725، صحيح
- ^ هداية الرواة، أنس بن مالك، ابن حجر العسقلاني، 2/15، [حسن كما قال في المقدمة]
- ^ islamweb.net، فضل صلاة أربعين يوما في جماعه وشرط تحققه، 21/12/2022
- ^ الضعفاء الكبير، عبد الله بن عباس، العقيلي، 3/193، ثابت من غير هذا الوجه
التعليقات