عناصر المقال
قصص الصحابة عن حسن الخلق جميلة ومميزة للصغار، فالصحابة رضوان الله تعالى عليهم هم قدوة المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم رأس أهل الإيمان وهم النجوم الذين أخبر عليه الصلاة والسلام أن بأيهم اقتديتم اهتديتم وهم الشعاع الذي تتمسك به مة محمد بعد القرآن الكريم وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما ياتي كلام عن أخلاق الصحابة عليهم رضوان الله تعالى في مواقف عملية.
قصص الصحابة عن حسن الخلق
إنّ الصحابة رضي الله عنهم هم منارة الأجيال التي جعلها الناس حتى لا يضلوا في الطريق بعد كلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام، ولعل اكثر ما تميز به الصحابة رضي الله عنهم هو حسن الحلق مع بعضهم البعض وحتى مع اعدائهم الذين يقاتلونهم، وما ياتي سيُساق مجموعة من القصص الجميلة عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
قصة أبي بكر وماله
أبو بكر الصديق رضي الله عنه الرجل الذي استطاع أن يكون بقلبه مع الإسلام وبلسانه وبكل ما وهبه الله من القوة، أبو بكر الصديق الذي صاهر النبي صلى الله عليه وسلم فلمّا سئل عليه الصلاة والسلام مَن احب الناس إليك قال عائشة فقيل من الرجال قال أبوهان أبو بكر الصديق الذي آمن بربه بكليته فاتكل عليه كما يتكل الإنسان على ما يراه بل ربما كان يقينه بالله ما يفوق ذلك.
لقد بذل أبو بكر الصديق رضي الله عنه ماله في سبيل الله، لقد بذل نفسه وروحه وكل شيء يملكه فها هو رضي الله عنه فشهد فيه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في حديث مروي أنه قال: “أمَرَنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يومًا أنْ نَتصدَّقَ، فوافَقَ ذلك مالًا عندي، فقلتُ: اليومَ أسْبِقُ أبا بَكرٍ إنْ سَبَقتُهُ يومًا، قال: فجِئتُ بنِصفِ مالي، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ما أبقَيتَ لأهلِكَ؟ قلْتُ: مِثلَهُ، قال: وأتى أبو بَكرٍ بكُلِّ ما عنده، فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما أبقَيْتَ لأهلِكَ؟ فقال: أبقَيتُ لهمُ اللهَ ورسولَهُ، قلتُ: لا أُسابِقُك إلى شَيءٍ أبدًا”.[1]
وهذا إن دل فإنما يدل على عظم بذله رضي الله عنه وقد روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال فيه: “ما لِأَحدٍ عندَنَا يَدٌ إلَّا وقَدْ كافأناهُ ، ما خلَا أبا بكرٍ ، فإِنَّ لَهُ عِندنَا يَدًا يُكافِئُهُ اللهُ بِها يَومَ القيامَةِ ، ومَا نفَعَنِي مَالُ أحَدٍ قَطُّ مَا نَفَعِني مالُ أبي بِكْرٍ ، ولَوْ كنتُ متخِذًا خَلِيلًا ، لاتخذْتُ أبا بكرٍ خلِيلًا ، أَلَا وَإِنَّ صاحبَكُمْ خليلُ اللهِ”، ذلك هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه في بذله لماله في سبيل الله.
قصة عثمان وعام الرمادة
عثمان بن عفان الصحابي الجليل المعروف منذ القدم ببذله للمال وسخائه وقدرته على التغلب على نفسه الأمارة بالسوء وهو صاحب الكلمة الطيبة والحنان والرحمة ذي الورين الذي تزوج من ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم أم كلثوم ورقية رضي الله عنهما، والمعروف بماله وعطائه رضي الله عنه الذي كانت تستحيي منه الملائكة.
وفي واحد من الأعوام التي شاع فيها القحط والجفاف وشاع فيها الفقر حتى عض الناس على النواجذ من كثرة المصاب وإذا بالأرض تهتز من تحتهم فعلموا أنّ هناك قافلة آتية تححل فيها شيئًا كثيرًا من البضائع فتوقفوا من أجل شرائها وإذا بها قافلة الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه، فلما توقفت قالوا له نعطيك فيها درهمًا فقال لهم أن هناك من دفع أكثر من ذاك فقالوا نعطيك درهمين فقالوا هناك من دفع اكثر فقالوا نعطيك ثلاثة فقال هناك أكثر فقالوا ومَن رآك قبلنا يا عثمان ولا يوجد تجار غيرنا فقال إنّ الله أعطاين بكل درهم عشرة من الدراهم وأنا أهبها خالصة لفقراء أهل المدينة خالصة لهم.
لقد كان هذا الموقف موقفًا عظيمًا يُؤرخ لذلك الصحابي الجليل الذي علم أنّ التجارة مع الله تبارك وتعالى لا تضاهيها تجارة ولا يمكن لأي مال في هذه الأرض أن يعوض تلك التجارة العظيمة الحسنة التي يهب الله فيها للإنسان الفردوس الأعلى، ذلك المكان الخالد الذي يخلد الإنسان فيه بعيدًا عن تلك الدنيا الفانية.
قصة تواضع عمر بن الخطاب
عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي عرفه الصحابة رضي الله عنهم واهل الأرض كلهم بتواضعه فلم يلبس البهرج من الثياب ولم يظهر نفسه بعد الإسلام على أنّ له سلطة أو امر أو نهي إلا في أمر الله تبارك وتعالى، وقد ظهر تواضع الصحابي الجليل رضي الله عنه في عام الرمادة لما اشتد البلاء كثيرًا على المسلمين وصار لا يوجد مال ولا حيلة فكانت تلك القصة العظيمة وهي:
“كان عمر يصوم فإذا جاء وقت الإفطار أكل عمر -رضي الله عنه- الخبز والزيت، حتَّى جاء يوم من الأيام ذبح المسلمون ذبائح كثيرة فجاؤوا لعمر بأطيب ما فيها، فقال لهم: “بخ بخ، بئسَ الوالي أنا إنْ أكلتُ أطيبَها وأطعمتُ النَّاس كراديسها، ارفعْ هذه الجفنة هات لنا غير هذا الطعام”، فجاؤوا له بخبز وزيت فأكل قليلًا ثمَّ تذكر أحد فقراء المسلمين وطلب أن يُؤخذ هذا الخبز والزيت إليهم، حيث قال: “ارفع هذه الجفنة حتى تأتي بها أهل بيت بثمغ فإني لم آتهم منذ ثلاثة أيام وأحسبهم مقفرين فضعها بين أيديهم”.
لقد رفض الصحابي الجليل أن يأكل من الطعام البذخ ورفض أن يأكل حتى الخبز والزيت دون ان يتذكر حال الفقراء من الناس الذين لا يجدون ذلك الطعامن ترى اي من الناس يقدر اليوم على تذكر الآخرين بالطريقة التي تذكرها الصحابي الجليل عمر، أي من الناس قادر على التفكر بالآخرين وكأنهم أهل بيته وحاشيته من الناس، لقد كان عمر بن الخطاب رجل لا يشق له غبار من ناحية البذل والعطاء والتقديم والخشية من الله تبارك وتعالى.
قصة أبي بكر ومسطح بن أثاثة
لقد كثرت الأحاديث وكثر الكلام عن ابي بكر الصديق رضي الله عنه الصحابي الجليل الذي تُترخ مواقفة الإسلامية العظيمة، وواحد من تلك المواقف لما تكلم بعض من الناس عن ابنته وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء حتى آلمه ذلك ألمًا شديدًا وصار الناس يتكلمون في عرضه وأصيبت ابنته بالحمى حتى اشتد عليها ذلك.
ولكن الله الخبير العليم لا يترك العبد الصالح في محنة إلا برأه الله من فوق سبع سماوات حتى قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ * لَّوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَٰئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ}.[2]
وكان من المسيئين إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه واحد يُقال له مسطح بن أثاثة وقد كان ابو بكر الصديق يبر عليه بالمال ويعطيه ولكن بعد أن اساء له واساء لابنته رفض أن يعطيه من المال شيئًا فنزل قول الله تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}،[3] لقد كان ذلك القول من الله تعالى كفيل بأن يعيد أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى إحسانه الأول وأن يحسن لمن يسيء إليه وأن يقدم الخير مرة أخرى لا يريد من الآخرين جزاء ولا شكورًا.
قصة حسن أخلاق الصحابة في حفر الخندق
لما بدأ الله تبارك وتعالى بالرسالة الإسلامية وبعث بها للناس كان البدء في نشرها من خلال تعاون الناس بين بعضهم البعض على كتم الرسالة والعمل بها، وكانوا يتساعون بين بعضهم البعض من أجل ذلك وكان ذلك في حال السلم وأمّا في حالة الحرب فقد وقف الصحابة مع بعضهم البعض مثل البنيان المرصوص الذي يشد بعضه بعضًا واستطاعوا أن يحققوا نصرًا مؤزرًا في حادثة حفر الخندق تلك الحادثة العظيمة.
حتى إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شارك في حفر الخندق ولم يترك الصحابة لوحدهم في ذلك المأزق وهذا يعلم الناس شيئًا عظيمًا أنّ القائد الحقيقي ينزل إلى ميدان القتال وساحة الحرب ويكون هو أول مَن يبدأ الأمر لا يختبئ هناك في الحجرات الضيقة ويبعث بغيره إلى الموت، لقد كانت معاول الصجابة رضوان الله تعالى عنهم هي خير معاول يُمكن أن يبدأ بها الإسلام فجره فتعاونوا كلهم في سبيل ذلك النصر العظيم المؤزر.
وقد روى الصحابي الجليل البراء بن عازب -رضي الله عنه- مشهد حفر الخندق في كلامٍ عميق عظيم قال فيه: “لَمَّا كانَ يَوْمُ الأحْزَابِ، وخَنْدَقَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، رَأَيْتُهُ يَنْقُلُ مِن تُرَابِ الخَنْدَقِ، حتَّى وارَى عَنِّي الغُبَارُ جِلْدَةَ بَطْنِهِ، وكانَ كَثِيرَ الشَّعَرِ، فَسَمِعْتُهُ يَرْتَجِزُ بكَلِمَاتِ ابْنِ رَوَاحَةَ وهو يَنْقُلُ مِنَ التُّرَابِ يقولُ: اللَّهُمَّ لَوْلَا أنْتَ ما اهْتَدَيْنَا … ولَا تَصَدَّقْنَا ولَا صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا … وثَبِّتِ الأقْدَامَ إنْ لَاقَيْنَا إنَّ الأُلَى قدْ بَغَوْا عَلَيْنَا … وإنْ أرَادُوا فِتْنَةً أبيْنَا قَالَ: ثُمَّ يَمُدُّ صَوْتَهُ بآخِرِهَا”.
لقد استطاعوا أن يتعاونوا بين بعضهم البعض ليكونوا معًا مثل البنين المرصوص الذي يشد بعضه بعضًا، ليكونوا إخوة متحابين قادرين على التعامل مع كافة المغيرات التي تحيط بهم، ليكونوا أصحاب موقف تطير له الأرواح والقلوب والنفوس، صحابة رسول الله رضي الله عنهم وأرضاهم.
مقالات قد تهمك
من أروع المقالات القصصية التي يجب على الإنسان الطواف حولها ومعرفتها ما يلي:
إلى هنا يكون قد انتهى مقال قصص الصحابة عن حسن الخلق جميلة ومميزة للصغار ونكون قد ذكرنا فيه باقة مميزة من القصص عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وكيف تمثل الخلق الحسن لهم وما أثر ذلك في قلوبهم ونفوسهم ونحو ذلك من المعلومات الأخرى.
التعليقات