نص قصيدة حافظ إبراهيم في اللغة العربية وشرحها

نص قصيدة حافظ إبراهيم في اللغة العربية وشرحها
قصيدة حافظ إبراهيم في اللغة العربية

نص قصيدة حافظ إبراهيم في اللغة العربية وشرحها هي مسألة مهمة بالنسبة لجميع عشاق اللغة العربية الذين يرغبون بالحصول على إحدى أجمل القصائد الشعرية التي تحدثت عن اللغة العربية في تاريخ الشعر العربي، وهي قصيدة الشاعر حافظ إبراهيم التي تُعد من أشهر ما قيل عن اللغة العربية، ولذلك سوف نقوم بتخصيص هذا المقال للحديث عن الشاعر حافظ إبراهيم وقصيدته عن اللغة العربية وسوف نمر على شرح هذه القصيدة وبيان معانيها.

من هو الشاعر حافظ إبراهيم

هو الشاعر محمد حافظ إبراهيم، وهو شاعر مصري من مواليد محافظة أسيوط في يوم الرابع والعشرين من شهر فبراير شباط من عام 1872 ميلادية، وهو أحد شعراء اللغة العربية ذائعي الصيت في أواخر القرن التاسع عشر والعقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين، وهو الذي حمل لقب شاعر النيل، حيث لقبه به صديقه أمير الشعراء أحمد شوقي، وحمل لقب شاعر الشعب أيضًا، وجدير بالقول إنّ حافظ إبراهيم ولد على متن سفينة كانت ترسو على نهر النيل أمام ديروط مركز محافظة أسيوط، أبوه مصري وأمه تركية الأصل، وقد توفي والده وهو في سن صغيرة، فجاءت به أمه قبل وفاتها إلى العاصمة القاهرة، وهناك نشأ يتيمًا في بيت خاله الذي كان يعيش حياة قاسية بسبب الفقر، وانتقل حافظ إبراهيم مع خاله إلى طنطا وهناك درس في الكتاب.

ولمّا أحس حافظ إبراهيم بثقله على خاله، قرر الرحيل من عهدة خاله، فغادر في يوم من الأيام وترك له رسالة كتب له فيها: “ثقلت عليك مؤونتي . . . إني أراها واهية // فافرح فإني ذاهب . . . متوجه في داهية، وبعدها كبر شوقي وسافر إلى سوريا وصار عضوا في مجمع اللغة العربية في دمشق، وعاش حياته يكتب الشعر حتى صار أحد أفضل شعراء عصره، وقد توفي في تمام الساعة الخامسة من صباح يوم الخميس الموافق ليوم الحادي والعشرين من شهر يونيو حزيران من عام 1932 ميلادية، ودفن في مقابر السيدة نفيسة، ولمّا مات حافظ إبراهيم تأثر بوفاته صديقه أحمد شوقي، فكتب له قصيدة عظيمة، كان مطلعها: [1]

قد كنت أوثر أن تقول رثائي . . . يا منصف الموتى من الأحياء

قصيدة حافظ إبراهيم في اللغة العربية

تُعدّ قصيدة الشاعر حافظ إبراهيم عن اللغة العربية من أشهر القصائد التي كُتبت في هذا الموضوع، فهي من الروائع التي اشتهرت كاملة واشتهرت مجزأة، وهي قصيدة تائيّة كتبها الشاعر على البحر الطويل، قال فيها:

رَجَـعْـتُ لِـنَـفْـسِـي فَـاتَّـهَـمْـتُ حَصَاتِي . . . وَنَـادَيْـتُ قَـوْمِـي فَـاحْـتَـسَبْتُ حَيَاتِي
رَمَـوْنِـي بِـعُـقْـمٍ فِـي الـشَّـبَابِ وَلَيْتَنِي . . . عَــقِــمْـتُ فَـلَـمْ أَجْـزَعْ لِـقَـوْلِ عُـدَاتِـي
وَلَــدْتُ وَلَــمَّــا لَــمْ أَجِــدْ لِــعَــرَائِـسِـي . . . رِجَــــالًا وَأَكْــــفَـــاءً وَأَدْتُ بَـــنَـــاتِـــي
وَسِــعْــتُ كِــتَـابَ اللـهِ لَـفْـظًـا وَغَـايَـةً . . . وَمَــا ضِــقْــتُ عَــنْ آيٍ بِــهِ وَعِــظَــاتِ
فَـكَـيْـفَ أَضِـيـقُ الْـيَوْمَ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ . . . وَتَــنْــسِــيــقِ أَسْــمَــاءٍ لِــمُـخْـتَـرَعَـاتِ
أَنَـا الْـبَـحْـرُ فِـي أَحْـشَـائِـهِ الـدُّرُّ كَـامِنٌ . . . فَـهَـلْ سَـاءَلُـوا الْـغَـوَّاصَ عَنْ صَدَفَاتِي
فَـيَـا وَيْـحَـكُـمْ أَبْـلَـى وَتَـبْلَى مَحَاسِنِي . . . وَمِــنْــكُــمْ وَإِنْ عَــزَّ الــدَّوَاءُ أَسَــاتِــي
فَــلَا تَــكِــلُــونِــي لِلــزَّمَــانِ فَــإِنَّــنِــي . . . أَخَــافُ عَــلَــيْـكُـمْ أَنْ تَـحِـيـنَ وَفَـاتِـي
أَرَى لِــرِجَــالِ الْــغَــرْبِ عِــزًّا وَمَــنْـعَـةً . . . وَكَــــمْ عَـــزَّ أَقْـــوَامٌ بِـــعِـــزِّ لُـــغَـــاتِ
أَتَــوْا أَهْــلَــهُــمْ بِـالْـمُـعْـجِـزَاتِ تَـفَـنُّـنًـا . . . فَــيَــا لَــيْــتَــكُــمْ تَـأْتُـونَ بِـالْـكَـلِـمَـاتِ
أَيُـطْـرِبُـكُـمْ مِـنْ جَـانِـبِ الْـغَـرْبِ نَاعِبٌ . . . يُــنَــادِي بِــوَأْدِي فِــي رَبِـيـعِ حَـيَـاتِـي
وَلَـوْ تَـزْجُـرُونَ الـطَّـيْـرَ يَـوْمًـا عَـلِـمْـتُمُ . . . بِــمَــا تَــحْــتَــهُ مِــنْ عَــثْـرَةٍ وَشَـتَـاتِ
سَـقَـى اللـهُ فِـي بَـطْنِ الْجَزِيرَةِ أَعْظُمًا . . . يَــعِــزُّ عَــلَــيْــهَــا أَنْ تَــلِــيــنَ قَـنَـاتِـي
حَـفِـظْـنَ وِدَادِي فِـي الْـبِـلَـى وَحَفِظْتُهُ . . . لَـــهُـــنَّ بِــقَــلْــبٍ دَائِــمِ الْــحَــسَــرَاتِ
وَفَـاخَـرْتُ أَهْلَ الْغَرْبِ وَالشَّرْقُ مُطْرِقٌ . . . حَــيَــاءً بِــتِــلْــكَ الْأَعْـظُـمِ الـنَّـخِـرَاتِ
أَرَى كُــلَّ يَــوْمٍ بِــالْــجَــرَائِــدِ مَــزْلَــقًـا . . . مِــنَ الْــقَــبْــرِ يُــدْنِــيـنِـي بِـغَـيْـرِ أَنَـاةِ
وَأَسْــمَـعُ لِلْـكُـتَّـابِ فِـي مِـصْـرَ ضَـجَّـةً . . . فَــأَعْــلَــمُ أَنَّ الــصَّــائِــحِــيـنَ نُـعَـاتِـي
أَيَـهْـجُـرُنِـي قَـوْمِـي عَـفَـا اللـهُ عَـنْـهُـمُ . . . إِلَـــى لُـــغَـــةٍ لَـــمْ تَـــتَّـــصِـــلْ بِــرُوَاةِ
سَـرَتْ لَـوْثَـةُ الْإِفْـرِنْـجِ فِـيهَا كَمَا سَرَى . . . لُــعَــابُ الْأَفَـاعِـي فِـي مَـسِـيـلِ فُـرَاتِ
فَـجَـاءَتْ كَـثَـوْبٍ ضَـمَّ سَـبْـعِـينَ رُقْعَةً . . . مُـــشَــكَّــلَــةَ الْأَلْــوَانِ مُــخْــتَــلِــفَــاتِ
إِلَـى مَـعْـشَـرِ الْـكُـتَّـابِ وَالْـجَـمْعُ حَافِلٌ . . . بَـسَـطْـتُ رَجَـائِـي بَـعْـدَ بَـسْطِ شَكَاتِي
فَـإِمَّـا حَـيَـاةٌ تَـبْـعَـثُ الْـمَيْتَ فِي الْبِلَى . . . وَتُــنْـبِـتُ فِـي تِـلْـكَ الـرُّمُـوسِ رُفَـاتِـي
وَإِمَّـــا مَـــمَـــاتٌ لَا قِـــيَــامَــةَ بَــعْــدَهُ . . . مَــمَــاتٌ لَــعَـمْـرِي لَـمْ يُـقَـسْ بِـمَـمَـاتِ

شرح قصيدة حافظ إبراهيم في اللغة العربية

هناك الكثير من الأشخاص الذين يهتمون بالحصول على شرح قصيدة الشاعر المصري حافظ إبراهيم عن اللغة العربية، وذلك من أجل فهم مُراد الشاعر من هذه القصيدة والمعاني الجميلة التي وضعها فيها، وفيما يأتي سوف نقوم بتسليط الضوء على شرحها كاملًا:

  • رَجَعتُ لِنَفسي فَاِتَّهَمتُ حَصاتي . . . وَنادَيتُ قَومي فَاِحتَسَبتُ حَياتي
    رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني . . . عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عُداتي
    وَلَدتُ وَلَمّا لَم أَجِد لِعَرائِسي . . . رِجالاً وَأَكفاءً وَأَدتُ بَناتي
    وَسِعتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً . . . وَما ضِقتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ

في هذه الأبيات الأربعة الأولى يبدأ الشاعر حافظ إبراهيم حديثه على لسان اللغة العربية، فيبدأ على لسانها بلوم نفسه، وكأن اللغة العربية إنسان يلوم ويفكر ويتكلم ويشعر، فيقول: عدت إلى قرارة نفسي فبدأت ألومها وناديت أهلي وأصدقائي وأحبابي واحتسب الأجر عند الله رب العالمين، ثم صار يقول إنّ الناس قد رموني بالعقم وبدؤوا يتخلون عني ويريدون أن أندثر وأنتهي.

ثم في البيت الثالث يتابع الحديث على لسان اللغة العربية فيقول: لقد أتيت إلى هذه الحياة ولمّا عجزت عن العثور عن رجال أكفاء، رجال بمعنى الكلمة لبناتي قتلت نفسي وقتلت بناتي، ويقصد هنا الأشخاص القادرين على حماية اللغة العربية، إذا انقرضوا من هذه الحياة، فسلام على اللغة العربية كلها إلى الأبد، ثم يقول على لسان اللغة أيضًا: إنني اللغة التي أنزل الله تعالى بها كتابه الحكيم، وأنا اللغة التي وسعته كاملًا، ولم أضق عن أيّة آية فيه ولا آيّة موعظة، بل استطعت أن أوصلها كلها بمعناها العظيم.

  • أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ . . . فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي
    فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني . . . وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ أَساتي
    فَلا تَكِلوني لِلزَمانِ فَإِنَّني . . . أَخافُ عَلَيكُم أَن تَحينَ وَفاتي

في هذه الأبيات يبدأ الشاعر بتشبيه اللغة العربية بالبحر المليء بالدرر الكامنة في قاعه، ثم يطرح سؤالًا للناس الذين يحاربون اللغة العربية ويستبدلونها باللغات الأخرى: هل سألتم الغواص عن الصدفات واللآلئ التي وجدها حين غاص في أعماق اللغة العربية، ثم يتابع الحديث على لسان اللغة العربية وهي تخاطب من يحاربونها؛ فيقول: ويحكم تبلى محاسني وأنت دوائي حين لا أجد دوائي لمرضي، فلا تتركوني للزمان وحيدة، فإني إذا ذهبت سوف تذهبون معي لا محالة ولا شكّ في هذا الأمر.

  • أَيُطرِبُكُم مِن جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ . . . يُنادي بِوَأدي في رَبيعِ حَياتي
    أَرى كُلَّ يَومٍ بِالجَرائِدِ مَزلَقاً . . . مِنَ القَبرِ يُدنيني بِغَيرِ أَناةِ
    وَأَسمَعُ لِلكُتّابِ في مِصرَ ضَجَّةً . . . فَأَعلَمُ أَنَّ الصائِحينَ نُعاتي

يتساءل الشاعر في هذه الأبيات على لسان اللغة العربية: هل تطربون للأصوات الغربية التي تطالب بفنائي وموتي في عز حياتي وفي ربيع عمري الذي أعيشه وتعيشونه معي، هل تريدون فنائي وأنا ما زلت قادرة على العطاء والإبداع، هل تريدون فنائي وأنا اللغة الخضراء كالحديقة الغناء، ثم يقول: ما لي أرى في كل يوم في جرائدكم أخطاء لغوية ما أنزل الله تعالى بها من سلطان، هذه الأخطاء تدنيني من قبري بدون أي توانٍ، وما لي أسمع للكتاب في مصر ضجة وصخبًا وهم بعيدون كل البعد عن أساسيات اللغة العربية والقواعد الأصلية التي بُنيت عليها هذه اللغة.

  • أَيَهجُرُني قَومي عَفا اللَهُ عَنهُمُ . . . إِلى لُغَةٍ لَم تَتَّصِلِ بِرُواةِ
    سَرَت لوثَةُ الإِفرِنجِ فيها كَما سَرى . . . لُعابُ الأَفاعي في مَسيلِ فُراتِ

في هذين البيتين يتحدث الشاعر على لسان اللغة العربية فيقول: هل يهجرني أقوام ويتركونني وأنا اللغة الأصيلة السامية التي تتصل في نسبها وأصلها برواة حقيقيين حفظوني كابرًا عن كابر، وينتقلون إلى لغة لا أصل لها ولا تاريخ، وها أنا اليوم أرى كيف دخلت اللغات الأجنبية علي كأنها سم الأفاعي في المياه العذبة.

  • إِلى مَعشَرِ الكُتّابِ وَالجَمعُ حافِلٌ . . . بَسَطتُ رَجائي بَعدَ بَسطِ شَكاتي
    فَإِمّا حَياةٌ تَبعَثُ المَيتَ في البِلى . . . وَتُنبِتُ في تِلكَ الرُموسِ رُفاتي
    وَإِمّا مَماتٌ لا قِيامَةَ بَعدَهُ . . . مَماتٌ لَعَمري لَم يُقَس بِمَماتِ

في هذه الأبيات يوجه الشاعر على لسان اللغة العربية رسالة واضحة، فيقول: إلى جميع الكتاب في هذا الزمن وما أكثرهم، بسطت لكم رجائي بعد أن بسطت لكم شكواي، فأرجو أن تفهموا المقصد والمعنى، وأنتم اليوم أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما، إما الحياة التي تبعث الميت من قبره ورفاته وإما الممات الذي لا حياة بعده أبدًا، الممات الذي لا يشبه أي ممات في التاريخ كله.

مقالات قد تهمك

إلى هنا نختم هذا المقال الذي مررنا فيه بالتفصيل على الشاعر حافظ إبراهيم ثم مررنا على نص قصيدة حافظ إبراهيم في اللغة العربية وشرحها حيث قمنا بشرح أبيات هذه القصيدة بشكل واضح يبين المعنى المقصود من هذه القصيدة.

المراجع

  1. ^ wikiwand.com، حافظ إبراهيم، 14/12/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *