ما هي كفارة شرب الخمر وحكم التعامل مع شاربه

ما هي كفارة شرب الخمر وحكم التعامل مع شاربه
كفارة شرب الخمر

ما هي كفارة شرب الخمر وحكم التعامل مع شاربه، حيث إنّ شرب الخمر من الأمور التي تكلم عنها الشرع الحكيم وكان الفصل فيها بكلام الله سبحانه وتعالى، والمُسلم هو الذي يبحث دائمًا عن أوامر الله فيقتدي بها ويبتعد عن منهيات الله سبحانه وتعالى، وسيكون هذا المقال عبارة عن الحكم الشرعي للتعامل مع شارب الخمر في الإسلام وغيرها من الأحكام الأخرى.

ما حكم شرب الخمر

إنّ حكم شرب الخمر أمرٌ غير جائز في الشريعة الإسلامية وذلك لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}،[1] وقد روي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مَن شربَ الخمرَ فسَكِرَ ، لم تُقبَلْ صلاتُهُ أربعينَ ليلةً ، فإن شربَها فسَكِرَ ، لم تقبل صلاتُهُ أربعينَ ليلةً فإن شربَها لم تقبل صلاتُهُ أربعينَ ليلةً ، والثَّالثةَ والرَّابعةَ ، فإن شربَها لم تقبل صلاتُهُ أربعينَ ليلةً ، فإن تابَ لم يَتُبِ اللَّهُ عليهِ ، وَكانَ حقًّا على اللَّهِ أن يُسْقيَهُ مِن عَينِ خبالٍ ؟ قيلَ : وما عينُ خبالٍ ؟ قالَ صَديدُ أَهْلِ النَّارِ”.[2]

شاهد أيضًا: هل يجوز ذبح الاضحية في الليل ، أفضل وقت لذبح الأضحية

كفارة شرب الخمر

إنّ كفارة شرب الخمر هي التوبة النصوح لله تبارك وتعالى بحيث يعزم المسلم عزمًا حقيقيًا على عدم العودة لمثل ذلك الفعل أبدًا وأن يتقرب إلى الله بمختلف أنواع الطاعات، وعليه أن يُقلع عن الذنب أي لا يعود إليه أبدًا لأنّ لأصل أن يلتزم المسلم بأمر الله تبارك وتعالى فسمعنا وأطعنا، لأنّ شارب الخمر لا تُقبل منه الصلاة أربعين يومًا، وقد ورد عن القاري في المرقاة أنّه قال: “قال الأشرف: إنما خص الصلاة بالذكر، لأنها أفضل عبادات البدن، فإذا لم يقبل منها فلأن لا يقبل منها عبادة أصلا كان أولى”.[3]

حكم التعامل مع شارب الخمر

إنّ حكم التعامل مع شارب الخمر جائز في الشريعة الإسلامية ولا يُسب بسبب ذلك ولا يُلعن ولا يُعان شيطانه عليه وإنما يُدعى له ويُدعى للابتعاد عن ذلك بالقول الحسن والفعل الطّيب ويُدعى له بالتوبة ويُحاولون مساعدته حقيقة على فعل ذلك، فالأصل أنّ الإنسان المسلم يدعو لأخيه بالخير ولم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه سبّ عاصيًا أو لعنه، وإنمّا سب رسول الله صلى الله عليه وسلم أناسًا كانوا خطرًا على الإسلام وأساؤوا إليه من أمثال أبي جهل وغيره.[4]

شاهد أيضًا: هل يجوز الاحتفال بالهالوين في الشريعة الإسلامية

هل يجب الاغتسال بعد شرب الخمر

لم يذكر العلماء حكم الاغتسال بعد شرب الخمر أي لم يقولوا بالوجوب أو بالعدم، ولكن بالنسبة لنجاسة الخمر فقد ذهب جمهور علماء أهل السنة والجماعة إلى أنّ الخمر تكون نجاسته نجاسة عينية لذلك من الواجب على المُسلم أن يقوم بغسل ما يُصيبه الخمر سواء كان البدن أو الثياب لأنّ نجاسة الخمر مثل أي شيء نجس آخر كالبول ونحوه، وبع العلماء ذهبوا إلى أنّ الخمر نجاسته معنوية وليست مادية وعلى ذلك فتصحّ صلاة مَن أصاب الخمر شيئًا من بدنه وثوبه والرأي عند العلماء أنّ الخمر نجسة ولو أصابت البدن فإنّها لا تُنقض الوضوء وإن كان يجب التطهر منها.[5]

حكم شرب الخمر بين الزوجين

إنّ حكم شرب الخمر حرام في أي حال من الأحوال هو أمر غير جائز في الشريعة الإسلامية، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَن كانَ يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يَقعُدَنَّ على مائِدةٍ يُدارُ عليها الخَمرُ، ومَن كانَ يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يَدخُلِ الحَمَّامَ إلَّا بإزارٍ، ومَن كانت تُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فلا تَدخُلِ الحَمَّامَ”.[6]

ولوكان الرجل أو المرأة شاربًا للخمر فلا يصح للآخر أن يُمكنه من نفسه إلى أن يغسل فمه حتى لا يختلط لعاب الخمر بلعاب الشخص الآخر وهذا غير جائز في الإسلام، ولكن على الشريك أن ينصح الآخر بضرورة التوبة والابتعاد عن مثل ذلك وإلا فللمرأة أن تطلب الطلاق أو للرجل أن يفارق امرأته.[7]

شاهد أيضًا: هل يجوز قراءة القران من الجوال بدون وضوء

حكم من شرب الخمر ولم يسكر

إنّ حكم شرب الخمر غير جائز في الإسلام حتى ولو لم يسكر الشارب وحتى ولو شرب ولم يسكر حيث قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}،[1] والأصل أن يلتزم المُسلم بأمر الله تبارك وتعالى فلا يُناقش فيه ولا يُجادل، وقد ذكر علماء أهل السنة والجماعة أنّ ما أسكره قليله فكثيره حرام، والله أعلم.[8]

هل تقبل صلاة شارب الخمر إذا تاب

لقد ورد في الحديث النبوي الشريف أنّ شارب الخمر أربعين يومًا لا تُقبل صلاته ونصّ الحديث فيما روي عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَن شَرِبَ الخمرَ وسَكِرَ لم تُقْبَلْ له صلاةٌ أَرْبَعِينَ صباحًا ، فإن مات دخل النارَ ، فإن تاب ، تاب اللهُ عليه ، وإن عاد فشَرِبَ فسَكِرَ ، لم تُقْبَلْ له صلاةٌ أَرْبَعِينَ صباحًا ، فإن مات دخل النارَ وإن تاب تاب اللهُ عليه ، وإن عاد فشَرِبَ فسَكِرَ لم تُقْبَلْ له صلاةٌ أَرْبَعِينَ صباحًا ، فإن مات دخل النارَ ، وإن تاب تاب اللهُ عليه ، فإن عاد كان حَقًّا على اللهِ أن يَسْقِيَه من رَدْغَةِ الخَبالِ يومَ القيامةِ قالوا يارسول الله وما رَدْغَةُ الخبالِ ؟: عُصَارةُ أهلِ النارِ”.[9]

وليس معنى هذا الحديث أنّه يجب أن يوقف الصلاة أو لا يؤديها أو إنّها سقطت عنه، على العكس ولكن المذكور أنّه محروم من ثوابها أربعين يومًا، وهذا كله في حال لم يتب الشخص، أمّا لو تاب فإنّ الله تعالى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن الكثير.[10]

عقوبة شارب الخمر يوم القيامة

إنّ شرب الخمر ظلمٌ عظيم بحق النفس، والمؤمن الحقّ يترفع عن مثل تلك الأمور فالله لا يرضى لعباده أن يكونوا بتلك الحالة من الذلة لمّا يغيب العقل ويكون كالأبل المجنون، ودائمًا ما تكون الأحكام الشرعية ما بين الرغبة والرهبة والعقاب والثواب، وعقاب شارب الخمر يوم القيامة كما ذُكر في الحديث النبوي الشريف أنّه يشرب عصارة أهل النار أو يشرب عرق أهل النار.[10]

شاهد أيضًا: هل يجوز الجمع والقصر في السفر لمدة أسبوعين

متى يجوز شرب الخمر

يجوز شرب الخمر في حالة واحدةٍ أقرها الشرع الحكيم وهي لدفع الغصة في حلق الإنسان شريطة ألا يجد سوى الخمر ويغلب على الظنّ أنه هالك منها لا محالة، وقد اتفق أصحاب المذاهب الأربعة على جواز ذلك فيشرب بالقدر الذي يزيل الغصة عنه فقط، قال تعالى في سورة الأنعام: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ}،[11] وهذا يدل على أنّ الحفاظ على الحياة في الإسلام هو أعظم من رعاية المحرمات، والله أعلم.[12]

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال ما هي كفارة شرب الخمر وحكم التعامل مع شاربه وذكرنا فيه معلومات هامة حول شرب الخمر في الإسلام وما هي عقوبة فاعل ذلك الأمر، وما الأحاديث النبوية الشريفة التي تدل على ذلك ونحوه من الأمور الأخرى.

المراجع

  1. ^ سورة المائدة، 90
  2. ^ تخريج المسند لشاكر، أحمد شاكر، عبد الله بن عمر، 11/44، صحيح
  3. ^ islamweb.net، تجب التوبة من شرب الخمر حتى تقبل الأعمال، 29/03/2023
  4. ^ binbaz.org.sa، كيف يكون التعامل مع شارب الخمر؟، 29/03/2023
  5. ^ islamqa.info، يعمل في مكان يبيع الخمر ، وتصيب بدنه وملابسه ؟، 29/03/2023
  6. ^ مسند الفاروق، ابن كثير، عمر بن الخطاب، 1/411، صحيح
  7. ^ islamweb.net، حكم شرب الخمر والاستمتاع بالزوجة بعده، 29/03/2023
  8. ^ islamweb.net، الخمر حرام ولو لم يسكر شاربها، 29/03/2023
  9. ^ صحيح الجامع، الألباني، عبد الله بن عمرو، 6313، صحيح
  10. ^ islamqa.info، هل شارب الخمر لا تُقبل له صلاة أربعين يوماً ؟، 29/03/2023
  11. ^ الأنعام، 119
  12. ^ dorar.net، المطلب الثَّاني: شُربُ الخَمرِ لِغُصَّةٍ، 29/03/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *