كفارة يمين الطلاق بالتلاته ، متى يقع يمين الطلاق

كفارة يمين الطلاق بالتلاته ، متى يقع يمين الطلاق من المعلومات التي يجب على المسلمين الإحاطة بها والاطلاع على مختلف تفاصيلها لأنَّ كثير من الناس تحدث معه مثل هذه المواقف، ويحلف على زوجته بالطلاق بالثلاثة، ويجب أن يطلع على مختلف أقوال العلماء في ذلك حتى لا يقع فيما لا يرضي الله تعالى، وسوف نقدم في هذا المقال معلومات عن الطلاق في الإسلام، ونتعرف على حكم رمي يمين الطلاق ثلاث مرات وكفارة يمين الطلاق بالثلاثة وغيرها من الأحكام المتعلقة بالطلاق.

الطلاق في الإسلام

يشير مصطلح الطلاق في الإسلام إلى انفصال الزوجين عن بعضهما، وقد أشار الفقهاء من أهل العلم في الإسلام إلى أنَّ الطلاق في الشرع حلُّ عقد النكاح سواء كان ذلك بلفظ صريح أو من خلال الكناية مع وجود النية على ذلك، ومن ألفاظ الطلاق الصريحة التي أشار إليها الفقهاء: طلاق وفراق وسراح، ومن ألفاظ الكناية التي أشاروا إليها أيضًا مثل: لا شأن لي بك، اذهبي إلى بيت أهلك وما شابهها من كلمات، فإذا كان الشخص ينوي مع تلك العبارات الطلاق، فإنَّ الطلاق يقع، وقد شرع الله تعالى الطلاق كوسيلة أخيرة لعلاج المشاكل التي تقع بين الزوجين، وذلك عندما لا تعود تنفع معها الحلول الأخرى، وقد وردت أحكام كثيرة للطلاق في الإسلام، حيث يسمح بالطلاق ثلاث مرات أو ثلاث طلقات متفرقة، وتوجد لكل طلقة منها عدة وأحكام مخصصة، وقد وردت مشروعية الطلاق في القرآن الكريم، فقد قال تعالى في كتابه العزيز: “الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”،^[1] وفي الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما أَحَلَّ اللهُ شيئًا أَبغضَ إليه مِن الطَّلاقِ”،^[2] كما أجمع الفقهاء على مشروعية الطلاق وإباحته بشكل عام.^[3]

شاهد أيضًا: هل يقع الطلاق البدعي في المحاكم السعودية

كفارة يمين الطلاق بالتلاته

اختلف الفقهاء من أهل العلم في الإسلام في حكم يمين الطلاق بالثلاثة، فقد انتشر بين الناس في السنوات الأخيرة يمين الطلاق بالثلاثة كثيرًا، ويقصد به حمل المرأة على فعل أمر معين أو منعها من عمل معين، وقد حمل بعض الفقهاء هذا الطلاق محمل اليمين والحلف وليس على محمل الطلاق، وفيما يأتي سيتم إدراج محتلف الأقوال في كفارة يمين الطلاق بالثلاثة عند الغضب أو بغير أوقات الغضب:^[4]

القول الأول

ذهب بعض الفقهاء إلى أنَّ هذا الطلاق يقع إذا حلف الرجل على زوجته طلاقًا بالثلاثة سواء أراد به صاحبه الطلاق أو التهديد أو الحث على أمر معين أو التأكيد عليه أو غير ذلك، وقد ورد عن الإمام الرحيباني الحنبلي: “وَيَقَعُ الطَّلَاقُ مِمَّنْ غَضِبَ وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فِي حَالِ غَضَبِهِ”، وبالتالي فإنَّه من يحلف هكذا يمين ويحنث فيه فإنَّ زوجته تطلق منه، وتبين منه بينونة كبرى، والبينونة الكبرى هي الحالة التي تطلق فيها المرأة من زوجها ولا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره، فإذا تطلقت من الزوج الثاني يمكن للزوج الأول أن يتزوجها مرة أخرى، ولكن لا تحل له دون ذلك.

القول الثاني

ذهب بعض الفقهاء في الإسلام إلى أنَّ يمين الطلاق بالثلاثة مثل أيَّ يمين ولا يعامل معاملة الطلاق، لأنَّ صاحبه يقصد به الحلف ولا يقصد به فراق زوجته، ولكن يقصد به الشخص حمل الزوجة على فعل أمر معين أو حملها على ترك أمر معين، ولذلك فإذا حنث الزوج بهذا اليمين عند ذلك تجب عليه كفارة اليمين فقط، والله تعالى يقول في كتابه العزيز: “لا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”،^[5] ولذلك فإنَّ كفارة يمين الطلاق بالثلاثة إذا حنث به الرجل إطعام عشرة مساكين بمقدار ما يطعم أهل بيته أو إكساؤهم، وإذا كان فقيرًا ولا يستطيع إطعامهم يصوم ثلاثة أيام فقط.

شاهد أيضًا: الطلاق في المنام بشارة خير

متى يقع يمين الطلاق

إنَّ يمين الطلاق عادةً هو عبارة عن يمين يقصد به الزوج منع زوجته من عمل فعل معين أو الحث على القيام بفعل معين، ولذلك فهو لا يقصد الطلاق، وإلى هذا القول ذهب معظم الفقهاء من أهل العلم إلى أنَّ يمين الطلاق يقع إذا أراد به الشخص الطلاق وقصد به الطلاق ولم يقصد المنع أصلًا، فإذا قال الرجل لزوجته مثلًا: عليَّ الطلاق بالتلاتة إذا خرجت من البيت فأنت طالق، أو أنت طالق بالتلاتة إذا خرجت من البيت، فإذا كان يقصد الطلاق وليس المنع فقط فإنَّ الطلاق يقع، وهذا ما أكده الإمام ابن باز رحمه الله تعالى.^[6]

حكم رمي يمين الطلاق ثلاث مرات

ذهب الفقهاء من أهل العلم مذاهب شتى في حكم رمي يمين الطلاق ثلاث مرات في وقت واحد على الزوجة، فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنَّ طلاق الغضبان يقع بشكل عام، وهذا عند جمهور أهل العلم، إلا أنَّ لا يقع عندما يفقد الغضبان وعيه ولا يعود يسيطر على نفسه، عند ذلك لا يقع الطلاق لأنه لا يعرف ما يتلفظ به من كلمات، وإذا لم يكن الغضب بتلك الصورة الجنونية فإنَّ الطلاق يقع، وإذا كرر الزوج الطلاق ثلاث مرات في نفس الجلسة، فإنَّ هذا فيه خلاف أيضًا بين الفقهاء، وفيما يأتي تفصيل ذلك:^[7]

• القول الأول: فقد ذهب جمهور الفقهاء وأئمة المذاهب الأربعة إلى أنَّ الرجل إذا طلق زوجته ثلاث مرات في نفس الجلسة، مثل أن يقول لها: أنت طالق طالق طالق، أو أنت مطلقة أنت مطلقة  أنت مطلقة، فإنَّ الطلاق يقع إذا أراد بكل لفظ طلاق جديد وليس تأكيدًا للطلاق الأول، وتبين منه زوجته في هذه الحالة بينونة كبرى ولا يجوز له إرجاعها إلا إذا تزوجت رجلًا آخر ثمَّ تطلقت منه.
• القول الثاني: ينص هذا القول على أنَّ الشخص إذا أراد التأكيد فقط على الكلمة الأولى فإنَّ الطلاق يقع طلقة واحدة فقط، وتكون الثانية والثالثة مجرد توكيد فقط، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء بمن فيهم أصحاب المذاهب الأربعة، وقد ورد عن الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى قوله: “فإن قال: أنت طالق طالق طالق وقال: أردت التوكيد قُبِلَ منه، لأن الكلام يكرر للتوكيد، كقوله عليه الصلاة والسلام: فنكاحها باطل باطل باطل، وإن قصد الإيقاع وكرر الطلقات طلقت ثلاثًا”، وقد رأى شيخ الإسلام ابن تيمية أنَّ الطلاق في الجلسة الواحدة يعدُّ طلقة واحدة في جميع الأحوال، سواء قصد فيه الشخص التأكيد أو التأسيس على أنَّ كل طلقة طلاق مستقل، ورأى ابن تيمية أنَّ من قال لزوجته: أنت طالق طالق طالق، فقد طلقها طلقة واحدة، ويبقى له طلقتان إذا لم يكن قد طلقها من قبل، وله أن يرجعها ما دامت في عدتها.

شاهد أيضًا: هل يجوز الطلاق في الحيض

حالات الطلاق في الإسلام

يأخذ الطلاق في الإسلام حالات عديدة، إذ يكون محرمًا في بعض الأحيان ويكون واجبًا في بعض الأحيان، أو مندوبًا أو مكروهًا، كما يكون في كثير من الأحيان مباحًا، وقد استدلَّ الفقهاء من أهل العلم على هذه الحالات من أحكام الطلاق التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيما يأتي سوف يتم توضيح حالات الطلاق في الإسلام بشكل مفصل:^[10]

• الطلاق المحرَّم: يكون الطلاق محرمًا إذا طلَّق الرجل زوجته وهي حائض أو نفساء، أو إذا كانت الزوجة في طهر وقد جامعها زوجها، في هذه الحالة يكون الطلاق محرمًا، وفي الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: “طَلَّقتُ امرأتي وهي حائِضٌ، فذكَرَ ذلك عُمَرُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فتغَيَّظَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ قال: مُرْه فلْيُراجِعْها حتى تحيضَ حَيضةً أُخرى مُستَقبَلةً سِوى حَيضتِها التي طَلَّقَها فيها، فإنْ بدا له أن يُطَلِّقَها فلْيُطَلِّقْها طاهِرًا مِن حَيضتِها قبل أن يَمَسَّها، فذلك الطَّلاقُ للعِدَّةِ كما أمَرَ اللهُ. وكان عبدُ اللهِ طَلَّقها تطليقةً واحِدةً، فحُسِبَت مِن طلاقِها، وراجَعَها عبدُ اللهِ كما أمَرَه رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم”.^[11]
• الطلاق المكروه: يكون الطلاق مكروهًا إذا كان لغير سبب مقنع، أي لم يكن هناك داعٍ من أجل الطلاق ولم يكن بالزوجة سوء، لما فيه من إلحاق الضرر بالزوجة وأهلها، ولأنَّ في ذلك ضياع للأولاد.
• الطلاق المباح: يكون الطلاق مباحًا عندما يحتاج إليه الزوج بسبب سوء أخلاق الزوجة وسوء عشرتها، وإذا كان الزوج يتضرر منها دون أن يستطيع الحصول على المقاصد المرجوة من النكاح.
• الطلاق المستحب: يكون الطلاق مستحبًا في بعض الحالات كأن تكون الزوجة مفرطة في طاعة الله تعالى ولا تؤدي العبادات على أكمل وجه، وإذا لم ينفع معها النصح والوعظ، وفي حالة حدوث مشاكل بين الرجل وزوجته وأصبح بقاؤهما معًا شبه مستحيل، أو إذا طلبت الزوجة المخالعة وأصرت عليها بعد تعذر العشرة بينها وبين زوجها أيضًا.
• الطلاق الواجب: يكون الطلاق واجبًا إذا حلف الرجل على الامتناع عن مجامعة زوجته، ولم يرجع إليها على مدار 4 أشهر، عند ذلك يجب عليها الطلاق، وإذا رأى الحكمان والأهل الذي يحكمون بين الزوجين ضرورة الطلاق يجب الطلاق عند ذلك، وإذا لم يلتزم الزوجان بهذا يفرق الحاكم بينهما ويوقع الطلاق.