كيفية التخلص من الجنابة

كيفية التخلص من الجنابة
كيفية التخلص من الجنابة

كيفية التخلص من الجنابة، يسعى كل مسلم طالب لرضى المولى عز وجل إلى تنفيذ أوامره والتفقه في دينه حتى يأتي بأموره الحياتية والتعبدية بالشكل الصحيح الذي يرضاه الله تبارك وتعالى له، وإن الجنابة هي من الأمور الحساسة التي ينبغي التعرف على كيفية التخلص منها لما يلزم بعدها من غسل حتى يعود المسلم طاهرًا قادرًا على تأدية صلاته التي شرطها الأساسي الطهور وكذلك الطواف وغير ذلك من العبادات الأساسية التي لا تصح إلا بالطهارة، وينبغي ألا يكون الحياء مانعًا عن التفقه بالدين فحينما يمنع الحياء عن الحق يكون حياء مذمومًا، ولهذا في موقع تصفح سنتناول لكم هذا الموضوع الغاية في الأهمية.

معنى الجنابة

تعرف الجنابة لغةً: بأنها البُعد، أما اصطلاحًا: فهي خروج المني على وجه الشهوة إن حصل جماع أم لم يحصل، أو التقاء الختانين أنزل أم لم ينزل، وسميت به لكونها سببًا لتجنب الصلاة شرعًا، وهي وصف للرجل والمرأة إذا حصل منهما جماع أو مداعبة تسببت بنزول المني بشهوة حتى إن لم يحصل بينهما جماع وعندها يجب عليهما الغسل، قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا” [1]، فإن كان المسلم على جنابة فعليه أن يبتعد عن الأمور التي يلزمها طهارة حتى يغتسل، ومن الأمور التي يلزم الابتعاد عنها إن كان المسلم جنبًا الصلاة و مس للمصحف و تلاوته تلاوة تعبدية و الطواف حول الكعبة والمكوث في المسجد حتى يغتسل. [2]

شاهد أيضًا: هل الاستحمام يغني عن الوضوء

كيفية التخلص من الجنابة

لم يترك الإسلام لنا شيئًا من أمر ديننا ونيانا إلا وفسره وفصله وإن ما ذكره القرآن ولم يفصله فصلته السنة النبوية المطهرة وعلمنا إياه النبي الأمين عليه الصلاة والسلام، وفي كيفية التخلص من الجنابة:

  • الغسل الواجب الذي إن أتى به المسلم أجزأه ورفع عن نفسه الجنابة، ويتم ذلك بأمرين اثنين: النية بأن يكون الاغتسال بنية رفع الحدث أي بنية رفع الجنابة ، والأمر الآخر تعميم الجسد بالماء.
  • الغسل الكامل وهو الذي يجمع بين الواجب والمستحب، وفي تبيين ذلك ما روي عن عائشة رضي الله عنها في كيفية غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة قولها: “كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ. ثُمَّ يُفْرِغُ بيَمِينِهِ علَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ. ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ. ثُمَّ يَأْخُذُ المَاءَ فيُدْخِلُ أصَابِعَهُ في أُصُولِ الشَّعْرِ، حتَّى إذَا رَأَى أنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ. ثُمَّ أفَاضَ علَى سَائِرِ جَسَدِهِ. ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ. وفي رواية: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، فَبَدَأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَديثِ أبِي مُعَاوِيَةَ ولَمْ يَذْكُرْ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ”[3]

كيفيّة الاغتسال من الجنابة

ويمكن تفصيل كيفيّة الغُسُل من الجنابة الكامل بعشرة أشياء:[4]

  • النية فهي أساس أي عبادة وإنما الأعمال بالنيات فعلى المسلم أن ينوي رفع الجنابة متلفظًا بذلك أو مجرد عزمه على الغسل فذلك يعني نية مضمرة في قلبه.
  • التّسمية: أن يسم الله عز وجل بأن يقول بسم الله الرحمن الرحيم، فعن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم أنه قال: “كلُّ أمرٍ ذي بالٍ لا يُبدأُ فيه ببسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ ، وبالحمدُ للهِ ، أو بحمدِ اللهِ أو بذِكرِ اللهِ ، فهو أجذَمُ أو أقطَعُ أو أبتَرُ”. [5]
  • غسل اليدين ثلاث مرات.
  • غسل موضع الجنابة والمكان الذي أصابه نجاسة ويُقصد به الفَرج تحديداً، وأي مكان قد وصل إليه شيئًا من الأذى.
  • أن يتوضأ المسلم الجنب وضوءه للصلاة بالكيفية ذاتها مع أفضلية ترك غسل القدمين لآخر الغسل حتى ينتهي من تطهير كامل جسده وللاطمئنان أنهما لن يصلهما أي أذى بتطهيره.
  • أن يسكب على رأسه ثلاث مرات بحيث يروي بها شعره ومع أهمية تخليل الشعر ودلك فروة الرأس بأطراف الأصابع.
  • أن يفيض ويعمم الماء على سائر جسده وهذا أهم نقطة من نقاط الطهارة من الجنابة ففيه وحده يجزئ غسله ويطهر كما أسلفنا ولكن الأفضل الإتيان بالغسل كاملًا كما ورد عن النبي الكريم.
  • أن يفيض الماء على شقه الأيمن بداية ثم يدلك به جسده بيده، ثم ينتقل إلى شقه الأيسر فيفيض عليه الماء ويدلكه بيده أيضًا.
  • أن يغسل قدميه في نهاية الغسل حتى يكون الماء طاهرًا لم تصبه نجاسة.
  • ومن الأمور المهمة أيضًا أن يخلل المسلم الجنب شعر رأسه ولحيته وأن يحاول إيصال الماء إلى كل مكان في جسده قدر المستطاع ودلكها.

شاهد أيضًا: هل يجوز الصيام بدون طهارة من الدورة الشهرية

مُوجبات الغُسل

هناك أمور يُحدثها الإنسان أو تحدث له توجب عليه الغسل وتجعله غير قادر على القيام ببعض العبادات الأساسية المفروضة وخاصة الصلاة التي فرضت علينا في اليوم خمس مرات، وإن هذه الأمور التي توجب الغسل كما ذكرها الفقهاء تندرج في ستة نقاط كما سيأتي: []

  • خروج المني بشهوة سواء حصل جماع أو لمجرد التفكر والتخيل.
  • الاحتلام مع وجود بلل، والاحتلام هو خروج المني أثناء النوم حتى وإن لم يشعر النائم به، فمن استيقظ ووجد منيًّا في ثوبه وجب عليه الغسل أذكر احتلامًا أم لم يذكر.
  • التقاء الختانين: أي الجماع سواء أنزل أم لم ينزل وجب عليهما الغسل معًا وذلك لقول النبي عليه الصّلاة والسّلام : “إذا جلس بين شُعَبِها الأربع، ثمّ جَهَدَها فقد وَجَبَ الغُسل وإن لم يُنزِل”. []
  • إسلام الكافر: وهذا ما رأيناه في السيرة النبوية المعطرة حيث أمر النبي عليه الصلاة والسلام قتادة الرهاوي وواثلة بن الأسقع بالاغتسال عندما أسلموا.
  • انقطاع دم الحيض والنّفاس.
  • الموت حيث أن الغسل للميت واجب باتفاق الجمهور إلا الشهيد فلا يغسل ولا يكفن ويدفن بثيابه التي استشهد بها.

حكم ترك الاغتسال من الجنابة

فقد أوجب الله تعالى في كتابه الاغتسال من الجنابة، فقال سبحانه: “وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ” [8]، وقد ورد الوعيد الشديد في حق من لا يتطهر من الجنابة، ففي معجم الطبراني الأوسط عن أنس مرفوعا في الحديث القدسي: “ثلاث من حفظهن فهو ولي حقاً، ومن ضيعهن فهو عدو حقاً: الصلاة والصيام والجنابة.”[9] وهذا يعني أن من يضيعها فإن الله يهينه ويذله وينزل عليه العقاب ما لم يتب عن ذلك، وقد ورد في الحديث الشريف وعيدًا لمن يتوانى عن تعميم شعره وبشرته بالماء في غسل الجنابة والأولى أن يكون هذا الوعيد فيمن يتركها أكبر وأشد، وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “مَن تَرك موضعَ شَعرةٍ من جسدِه من جنابةٍ لم يُصبْها الماءُ فُعلَ به كذا وكذا من النَّارِ قال عليٌّ رَضي اللهُ عنهُ : فمِن ثَمَّ عادَيتُ رأسي” []

ومن لا يتطهر من الجنابة إما أن يكون منكرًا لوجوب الطهارة منها أو أنه تركها مع علمه بوجوبها وعدم إنكاره لذلك وفي كلا الحالين ذنب عظيم، فمن كان منكرًا لوجوب الطهارة من الجنابة فهو كافر بإجماع الفقهاء فهي فرض يقوم عليها فروض أخرى كالصلاة والطواف وغيرها وتكون بذلك صلاته باطلة، وأما من تركها عالمًا بوجوبها وغير منكر لها فإن عليه إثم عظيم وذنب كبير وقد اختُلف في كفره وذلك لتركه فرضًا من الفروض الواجبة حتى يكون طاهرًا وقادرًا على تأدية الصلاة التي يلزم لها الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر وكذلك يلزم لها الوضوء فمن لم يتطهر من الحدث الأكبر فكيف له أن يصح وضوءه وما يبنى عليه من صلاة، فمن يصلي بغير طهارة شرعية وقد أحل ذلك فهو كافر وغن لم يحلل ذلك فهو آثم يستحق العقوبة. [11]

هل يمكن رفع الجنابة بدون غسل

نعم بالتيمم ولكن لا يصح له التيمم بدلًا من الغسل إلا بشروط معينة وهذه الشروط هي كالتالي: أولًا: إذا لم يجد الماء، ثانيًا: إذا كان استخدامه للماء يترتب عليه ضرر بسبب مرضه، فإن كان قادرًا على تسخينه حال البرد فلا يجوز له التيمم، ثالثًا: وإذا كان الماء الذي عنده يحتاجه للشرب ويخشى من العطش فإنه لا يغتسل به، وإنما يتيمم عن كل الصلوات ويبقي الماء للحاجة، وذلك عملًا بقول الله تعالى: “ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة” [12] فيكون تيممه بدلًا من الغسل والوضوء معًا، وإن للتيمم من الجنابة أو المحيض أو الحدث الأصغر الطريقة ذاتها كما وضحها لنا النبي عليه الصلاة والسلام، وهي الضرب التراب بيديه مرة واحدة فيمسح بها وجهه كاملًا وكفّيه ظاهراً وباطناً إلى الكوعين أي الرسغين، ففي السنة قول الرسول عليه الصلاة والسلام لعمار بن ياسر رضي الله عنه (…إنَّما كانَ يَكْفِيكَ أنْ تَضْرِبَ بيَدَيْكَ الأرْضَ، ثُمَّ تَنْفُخَ، ثُمَّ تَمْسَحَ بهِما وجْهَكَ، وكَفَّيْكَ…) []

كما يجوز له أن يضرب التراب بيديه ضربتين ضربة للوجه وضربة أخرى لكفيه، ولكن الأَولى الإتيان بسنة النبي عليه الصلاة والسلام، تكون صلاة المسلم صحيحة في حالة التيمم ولا تحتاج إعادة بوجود الماء، يجب على المسلم الذي تيمم من جنابته أن يقوم بالاغتسال فور وجود الماء وذلك عن جنابته السابقة، ويمكن التيمم بالتراب أو بالغبار الموجود على الملابس أو الفرش أو الإسفنج أو الحائط، وبالرخام أو الحجارة التي لا تراب عليها ولكن بشرط أن يكون المُتَيَمَّم به من جنس الأرض أو أجزائها المتولدة عنها قال النبي عليه الصلاة والسلام: “فُضِّلْتُ بأرْبَعٍ: جُعِلْتُ أنا وأمَّتِي في الصلاةِ كما تَصُفُّ الملائكةُ ، وجُعِلَ الصعيدُ لِي وَضوءًا ، و جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مسجِدًا وطَهورًا ، وأُحِلَّتْ لِيَ الغنائِمُ” [14]، كما أجمع العلماء على جواز التيمم بكل تراب طاهر له غبار. [15]

ما الحكمة من وجوب الاغتسال من الجنابة

لم يظهر الشرع الحكمة من وجوب الغسل من الجنابة ولكن أظهرت البحوث العلمية الحكمة من ذلك بعد مئات السنين الآثار السلبية للجنابة على الجسم وما تخلفه خلفها من سموم تضر بالإنسان وتراكمها يسبب العديد من المشاكل الصحية، ولا ننسى قول ابن القيم رحمه الله: “الاغتسال من خروج المني من أنفع الأشياء للبدن والقلب والروح بل جميع الأرواح القائمة بالبدن فأنها تقوى بالاغتسال، والغسل يخلف عليه ما تحلل منه بخروج المني، وهذا أمرٌ يعرف بالحس”[16] وإن الاغتسال من الجنابة هو أمر تعبدي بالدرجة الأولى وإن خفيت الحكمة ولكن الله لا يوجب علينا أمرًا إلا اشتمل على رحمة وحكمة ومنفعة لنا فالمني يتأثر بخروجه سائر البدن ويورث الكسل وثقل في الجسم وعند التحلل منه بالغسل يفعم نشاطًا وخفة، وقد قال سيدنا أبو ذر عند غسله من الجنابة: كأنما ألقيت عني حملًا، والله تعالى أعلم.[17]

وإلى هنا نكون قد وصلنا معكم زوارنا الكرام إلى نهاية مقال كيفية التخلص من الجنابة، تناولنا فيه كيفية الغسل من الجنابة ووما الأمور التي توجب الغسل وهل بالامكان التحلل من الجنابة من غير غسل وما الشروط لذلك والحكمة من فرض الغسل على الجنب، وكل هذا وأكثر في مقالنا هذا، نسأل الله لكم المنفعة ومحبة الله عز وجل فإنه سبحانه يحب التوابين ويحب المتطهرين.

المراجع

  1. ^ سورة النساء، الآية: 43
  2. ^ islamweb.net، معنى الجنابة، وحالات خروج المني، 31/12/2022
  3. ^ صحيح مسلم، عائشة أم المؤمنين،مسلم،316،صحيح
  4. ^ islamweb.net، كيفية الغسل من الجنابة، 31/12/2022
  5. ^ شرح الأربعين لابن دقيق، أبو هريرة،ابن دقيق العيد،14،صحيح
  6. ^ shamela.ws، كتاب الدرر البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية،صديق حسن خان،ص183، 31/12/2022
  7. ^ صحيح ابن حبان، أبو هريرة،ابن حبان،1178،أخرجه في صحيحه
  8. ^ المائدة، الآية: 6
  9. ^ معجم الطبراني الأوسط، أنس،الطبراني،مرفوع
  10. ^ تخريج المسند لشاكر، لي بن أبي طالب،أحمد شاكر،2/129،إسناده صحيح
  11. ^ islamweb.net، حكم من لا يتطهر من الجنابة، 31/12/2022
  12. ^ سورة البقرة، الآية: 195
  13. ^ صحيح مسلم، عبدالرحمن بن أبزى،مسلم،368،صحيح
  14. ^ صحيح الجامع، أبو الدرداء،الألباني،4219،صحيح
  15. ^ dorar.net، التيمُّم عن الحدَث الأكبر-الموسوعة الفقهية، 31/12/2022
  16. ^ إعلام الموقعين، ابن القيم،ص2/77-78
  17. ^ islamqa.info، غسل الجنابة غسل تعبدي في المقام الأول، 31/12/2022

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *