عناصر المقال
كيف اقوي يقيني باستجابة الدعاء، الدعاء هو السلاح الذي وهبه الله لعباده المؤمنين يسألونه به من الخير ويستعيذون به من الشر ويسألونه رفع البلاء ودفع البلاء والنجاة من الأعداء ويتضرعون إليه في كلّ امرٍ صغيرٍ أو كبير، وفي ذلك تواضعٌ لله تعالى وانكسارٌ أمامه، ونعلم أن من شروط استجابة الدعاء أن يكون الداعي متيقناً بالله تعالى ومتيقناً بالإجابة فكيف يمكن للمؤمن أن يقويّ يقينه باستجابة الدعاء؟ هذا ما سنعرفه من خلال مقالنا الذي سنقدمه لكم بعنوان كيف اقوي يقيني باستجابة الدعاء.
كيف اقوي يقيني باستجابة الدعاء
إنّ أوّل ما نستشهد به في فقرتنا هذه هو قول ربّنا سبحانه وتعالى: “وإذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”[1] فالله سبحانه وتعالى قريبٌ سميعٌ مجيب، ولكي يستجيب الله تعالى الدعاء فهناك آدابٌ وشروط ومن آداب الدعاء والتضرع إلى الله هو عدم التعجل بالإجابة وعدم الاشتراط عليه بالإجابة فالله تعالى أعلم بما يفعل وكل شيءٍ عنده لحكمة قال تعالى: “لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ”،[2] ودعاء العبد هو بحدّ ذاته توفيقٌ من الله تعالى لما للدعاء من فضلٍ عظيم وأجرٍ كبيرٍ في كسب الحسنات وإنقاص السيئات، وليس من الأدب أن يفقد العبد يقينه باستجابة الدعاء فهو ليس صفقة بيعٍ وشراء وإنما هو تواضعٌ لله واستسلامٌ لأمره وتوكّلٌ عليه ورضاً بقضائه، فقد قال تعالى في سورة الحج: “وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ “.[3]
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:” لا يَزَالُ يُسْتَجَابُ للعبدِ ما لم يَدْعُ بإثمٍ أو قَطِيعةِ رَحِمٍ، ما لم يَسْتَعْجِلْ، يقولُ: قد دَعَوْتُ وقد دَعَوْتُ فلم يُسْتَجَبْ لي، فيَسْتَحْسِرُ عند ذلك، ويَدَعُ الدعاءَ”،[4] ثمّ إذا فقد المؤمن يقينه باستجابة الدعاء فبمن يبقى لديه يقين؟ وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ” ادْعُوا اللهَ وأنتمْ مُوقِنُونَ بالإجابةِ ، واعلمُوا أنَّ اللهَ لا يَستجيبُ دُعاءً من قلْبٍ غافِلٍ لَاهٍ”،[5] وفي هذا الحديث دليلٌ قويٌّ على أنّ اليقين بالله هو من أسباب استجابة الدعاء، وأنّ الدعاء هو من أحب الاعمال إلى الله وهو من أكثر الأعمال التي تقرّب العبد إلى ربّه، قال تعالى: ” قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ۖ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا”[6]، وهذه كانت بعض الأسباب التي تقوي اليقين باستجابة الدعاء والله أعلم.[7]
شاهد أيضًا: دعاء للمريض يوم الجمعة
آيات تقويّ اليقين باستجابة الدعاء
عندما يكون العبد مؤمناً فإنّه يكون لديه اليقين التام بأن الله هو وليّ التدبير وهو القاهر القادر الذي يقول للشيء كن فيكون، والذي لا يعجزه شيءٌ في السماوات ولا في الأرض، وإنما يكون تأخير استجابة الدعاء لحكمةٍ لا يعلمها إلّا هو، ومن يقرأ كتاب الله سبحانه وتعالى ويتدبر آياته يدرك كل تلك المعاني، وفيما يأتي ندرج لكم آيات تقويّ اليقين باستجابة الدعاء:
-
“قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ”.[8]
-
“هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ ۙ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۗ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُم ۖ مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ”. [9]
-
“وإذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”.[1]
موانع استجابة الدعاء
الدعاء عبادة عظيمة تقرب العبد من ربه وترفع درجته وتحط عنه سيئاته وذنوبه وهي من أسباب دفع المكروه وحصول المطلوب، ولكن لماذا لا يجاب كل الدعاء؟ إنّ للدعاء آداباً وشروطاً وضوابط يجب أن يتبعها الداعي عندما يقف بين يدي ربه ويسأله، فالله عزّ وجلّ لا يجيب دعوةً فيها شرٌّ أو ضرٌّ كما أنه سبحانه يحب من عبده أن يكون مخلصاً له بالدعاء متيقناً منه بالإجابة، وكذلك فإنّ من أشد موانع استجابة الدعاء هو أكل المال الحرام والظلم وكثرة الذنوب والخطايا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: “يا أيُّها النَّاسُ إنَّ اللَّهَ طيِّبٌ لا يقبلُ إلَّا طيِّبًا ، وإنَّ اللَّهَ أمرَ المؤمنينَ بما أمرَ بِه المرسلينَ فقالَ يَا أيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وقالَ يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ قالَ وذَكرَ الرَّجلَ يُطيلُ السَّفرَ أشعثَ أغبرَ يمدُّ يدَه إلى السَّماءِ يا ربِّ يا ربِّ ومطعمُه حرامٌ ومشربُه حرامٌ وملبسُه حرامٌ وغذِّيَ بالحرامِ فأنَّى يستجابُ لذلِك”.[10]
وأيضاً من موانع استجابة الدعاء هو اشتراط الداعي على الله سبحانه وتعالى بالإجابة واختباره في إجابة الدعاء وظنّه أن الدعاء صفقةٌ يعقدها مع الله عز وجل، فلا ينبغي للعبد أن يعجل بالدعاء أو بانتظار الإجابة بل إنما يدعو ويتيقن بأنّ الله سبحانه هو القادر، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنه قال: “لا يَزَالُ يُسْتَجَابُ للعبدِ ما لم يَدْعُ بإثمٍ أو قَطِيعةِ رَحِمٍ ، ما لم يَسْتَعْجِلْ ، يقولُ : قد دَعَوْتُ وقد دَعَوْتُ فلم يُسْتَجَبْ لي ، فيَسْتَحْسِرُ عند ذلك، ويَدَعُ الدعاءَ”،[4] والله أعلم.[11]
شاهد أيضًا: دعاء يوم الجمعة المستجاب للرزق
آداب الدعاء
الدعاء هو سلاح المؤمن الذي يستخدمه وقت الرخاء ليدفع به الشدة وقت البلاء، والدعاء هو مناجاةٌ لله سبحانه وتعالى؛ لذلك يجب على العبد عند الدعاء لله الالتزام والتقيد بآداب مناجاة الله سبحانه وتعالى ومن هذه الآداب ما يأتي:[12]
- الإخلاص لله تعالى في الدعاء
- أن يستفتح الداعي بحمد الله وشكره والثناء عليه ثمّ الصلاة والسلام على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
- إظهار الضعف والانكسار أمام الله تعالى والافتقار إليه.
- الإلحاح في الدعاء والتضرع إلى الله تعالى.
- اليقين التام بالإجابة وبقدرة الله عزّ وجل.
- عدم الاستعجال بالإجابة.
- حضور القلب والعقل والقنوت أثناء الدعاء.
- عدم الدعاء بالسوء أو الضر على النفس أو على الآخرين.
- الإكثار من ذكر أسماء الله الحسنى في الدعاء ومناجاته بها.
شاهد أيضاً: أدعية مستجابة في آخر ساعة من يوم الجمعة
فضائل الدعاء
الدعاء من أفضل العبادات وأحبها إلى الله وله فوائد عظيمة نذكر لكم منها ما يأتي:[12]
- وعد الله سبحانه وتعالى عباده المضطرين الذين يلجؤون إليه ويدعونه بأن يفرِّجَ عنهم ويجيب دعاءهم، قال تعالى: ” أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ” [13]
- الدعاء من أعمال الأنبياء عليهم السلام الذين هم أحبّ خلق الله إليه والذين كانوا يتقربون ويتضرعون إلى الله بدعائهم، قال تعالى: ” فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ” [14]
- الدعاء يكشف البلاء ويزيل الغمّ ويدفع النقم، فقد أنقذ الله نبيه يونس عليه السلام من بطن الحوت بدعوةٍ صادقة، قال تعالى: “وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ”.[15]
- الدعاء قرب من الله وطلب لرضاه، قال تعالى: ” قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ۖ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا”.[6]
أفضل أوقات استجابة الدعاء
لقد حدد لنا الإسلام أوقاتاً يكون فيها الدعاء أرجى وأقرب للإجابة من غيرها من الأوقات، ومن الأوقات التي يستجاب فيها الدعاءما يأتي:[12]
- الدعاء في شهر رمضان.
- الدعاء في الثلث الآخر من الليل.
- الدعاء في الوقت بين الأذان وإقامة الصلاة.
- الدعاء يوم الجمعة في الوقت ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة.
- الدعاء في آخر ساعة من يوم الجمعة بعد العصر.
- الدعاء في يوم عرفة.
- الدعاء وقت السجود.
شاهد أيضًا: دعاء بداية السعي بين الصفا والمروة
أدعية لزيادة يقين القلب بالله
جميع الأدعية الصادقة النابعة من القلب هي من الأدعية التي تقرب العبد من ربّه وتزيد يقينه بقدرة الله واستجابة الدعاء، بل إنّ جميع الأعمال الصالحة هي من أسباب القرب من الله واليقين به، وكثرة الذنوب من أسباب البعد عن الله وضعف اليقين والإيمان، وفي السطور الآتية ندرج لكم أدعية ندعو بها ربنا ونتضرع إليه متيقنين بقدرته وأنّه لا يخيّب من يدعوه:
- اللهم ارزقنا حبّك وحب من يحبّك وحبّ عملٍ صالحٍ يقربنا إلى حبّك، وارزقنا حبّ نبيك المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، اللهم املأ قلوبنا بالإيمان وصدورنا باليقين واجعلنا من عبادك الراضين المرضيين الذين تحبهم ويحبونك.
- اللهم أرنا الحق حقّاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك وبفضلك عمن سواك، ردنا إليك ردّاً جميلاً، ردنا إلى قرآنك رداً جميلاً، ردنا إلى سنّة نبيك ردّاً جميلاً.
- اللهم اجعلنا ممن دعاك فأجبته وسألك فأعطيته واستعاذك فأعذته واستنصرك فنصرته واستغاثك فأغثته واستطعمك فأطعمته واستسقاك فسقيته، واستهداك فهديته، واستغفرك فغفرت له.
- اللهم خذ بنواصينا إليك ودلنا بك عليك ولا تجعل حوائجنا إلا إليك، اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وصحبة الصالحين وإن أردت بعبادك فتنةً فخذنا إليك غير مفتونين.
إلى هنا أعزّائنا زوار موقع تصفّح، نصل وإياكم إلى ختام مقالنا كيف أقوّي يقيني باستجابة الدعاء، فقد تعرّفنا في هذا المقال على الأسباب التي تؤدي إلى زيادة اليقين باستجابة الدعاء والأسباب التي تمنع استجابة الدعاء كما تعرّفنا على بعض آداب الدعاء وآيات تقويّ اليقين باستجابة الدعاء من القرآن الكريم.
المراجع
- ^ سورة البقرة ، الآية 186
- ^ سورة الأنبياء ، الآية 23
- ^ سورة الحج، الآية 11
- ^ صحيح الجامع، أبو هريرة، الألباني، 7705، صحيح
- ^ صحيح الجامع، أبو هريرة، الألباني، 245، حسن
- ^ سورة الفرقان ، الآية 77
- ^ ar.islamway.net، ككيف نحقق الرجاء واليقين رابط المادة: http://iswy.co/e29vqv، 18/06/2022
- ^ سورة الأنعام ، الآية 63-64
- ^ سورة يونس ، الآية 22-23
- ^ صحيح الترمذي، أبو هريرة، الألباني،2989، حسن
- ^ ar.islamway.net، لماذا لا يستجيب الله الدعاء؟ رابط المادة: http://iswy.co/e26uhm، 18/06/2022
- ^ alukah.net، آداب وأوقات الدعاء، 18/06/2022
- ^ سورة النمل ، الآية 62
- ^ سورة الأنبياء ، الآية 90
- ^ سورة الأنبياء ، الآية 87 - 88
التعليقات