لماذا سميت حجة الوداع بهذا الاسم

لماذا سميت حجة الوداع بهذا الاسم
لماذا سميت حجة الوداع بهذا الاسم

لماذا سميت حجة الوداع بهذا الاسم من الأسئلة التي يتساءل عنها العديد من المسلمين، وعلى المسلم أن يتثقف في أمور دينه عن طريق قراءة السنة المطهرة والسيرة النبوية، والحج من الفروض الهامة التي أثبتها الدين الإسلامي، وهي أحد الأركان الخمسة التي هي أساس الدين وعاموده، والحج  يكفر الذنوب كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن من حج ولم يفسق أو يرفث يعود كما ولده أمه خالياً من الذنوب والخطايا، والآثام، وفي هذا المقال سوف نتحدث عن بعض المعلومات التي تتعلق بحجة الوداع.

الحج

يعرف الحج في الاصطلاح الشرعيّ، بأنه: قَصْد بيت الله الحرام؛ لأداء مناسك مخصوصةٍ، في زمنٍ مُخصوص، بنيّة أداء مناسك الحجّ بعد الإحرام لها، والمراد بالزمان المخصوص أشهر الحجّ، وهي: شوّال، وذو القعدة، وذو الحِجّة، والحج فريضةٌ من فرائض الإسلام فرضت على المسلمين في العام التاسع من الهجرة، والحج أحد الأركان التي يقوم عليها هذا الدين الحنيف، وقد ثبتت مشروعيّته في القرآن، والسنّة، والإجماع؛ فمِن النصوص الدالّة على وجوب الحجّ من كتاب الله: قَوْله -تعالى-: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}،[1] ومن السنّة النبويّة: قَوْله -عليه الصلاة والسلام-: “بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ”،[2] والحج  يجب مرّةً واحدةً في العُمر.[3]

شاهد أيضاً: دعاء دخول الحرم ورؤية الكعبة

لماذا سميت حجة الوداع بهذا الاسم

وقد سميت حجة الوداع بهذا الاسم؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يَحج بعدها، فكأنه ودَّع الصحابة بخطبة حجة الوداع، حيث لم يَمكث -صلَّى الله عليه وسلَّم- بعدها سوى ثلاثة أشهر في أشهر الأقوال حتى توفَّاه الله، فعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رجلاً من اليهود قال له: “يا أمير المؤمنين، آيةٌ في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشرَ اليهود نزلتْ، لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا، قال: أيُّ آية؟ قال: “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا “[4]، قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وهو قائم بعرفة يوم جمعة”؛ وكانت هذه الحجة الوحيدة لرسول الله عليه الصلاة والسّلام، كما أنها قد سميت أيضًا بحجة البلاغ، لأنّ النبي عليه السلام بلّغ الناس فيها شرع الله تعالى، وحملّهم أمانة تبليغ رسالة هذا الدين العظيم.[5]

متى كانت حجة الوداع

كانت حجة الوداع في السنة العاشرة من الهجرة، وكانت قريشاً قد منعت الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- من العمرة والحج قبل ذلك، وفي هذه الحجة ألقى النبي – عليه الصلاة والسلام – بين يدي الصحابة الكرام يومَ عرفة، حجة الوداع، واجتمع في خطبة الوداع ما يقارب مائة وأربعين ألفًا، وقال النبي -عليه السلام- لجرير: استنصِتِ الناسَ، ومن كرامات هذا اليوم العظيم، أن هذا العدد الكبير من الصحابة الكرام كان يَسمع صوت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- دون الحاجة إلى مُكبِّرات صوت، إلا ما كان من ربيعة بن أمية بن خلف، الذي كان يُعيد أقوال النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ليسمع الناس، فقد قال عبدالرحمن بن مُعاذ التيمي -رضي الله عنه-: “خطبَنا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ونحن بمنًى، فَفُتِّحَتْ أسماعُنا، حتى كنا نسمع ما يقول ونحن في منازلنا، فطفق يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار”.[5]

شاهد أيضًا: دعاء السعي بين الصفا والمروة بالاشواط

خطبة حجة الوداع

كان الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- يَستغلُّ فرصَ تَجمُّع المسلمين؛ ليفقِّههم في دينهم، ويوصيهم بما ينفعهم في الدنيا والآخرة؛ ومجالسه -صلَّى الله عليه وسلَّم- كلها ترغيب وترهيب وتذكير بالله، وفيما يلي خطبته -عليه السلام-، في حجة الوداع فقد قال:

“أيها الناس، اسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا؛ أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، وكحرمة شهركم هذا، وإنكم ستلقون ربكم، فيسألكم عن أعمالكم، وقد بلغت، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، وإن كل ربا موضوع، ولكن لكم رؤوس أموالكم، لا تظلمون ولا تظلمون.

قضى الله أنه لا ربا، وأن ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله، وأن كل دم كان في الجاهلية موضوع، وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وكان مسترضعا في بني ليث، فقتلته هذيل فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية.

أما بعد أيها الناس، فإن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبدا، ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك فقد رضي به مما تحقرون من أعمالكم، فاحذروه على دينكم، أيها الناس: إن النسيء زيادة في الكفر، يضل به الذين كفروا، يحلونه عاما ويحرمونه عاما ، ليواطئوا عدة ما حرم الله، فيحلوا ما حرم الله، ويحرموا ما أحل الله، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاثة متوالية، ورجب مضر، الذي بين جمادى وشعبان.

أما بعد أيها الناس، فإن لكم على نسائكم حقا، ولهن عليكم حقا، لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهون، وعليهن أن لا يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح، فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف واستوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمات الله، فاعقلوا أيها الناس قولي، فإني قد بلغت، وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا، أمرا بينا، كتاب الله وسنة نبيه.

أيها الناس، اسمعوا قولي واعقلوه، تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم، وأن المسلمين إخوة، فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه، فلا تظلمن أنفسكم؛ اللهم هل بلغت؟ فذكر لي أن الناس قالوا: اللهم نعم؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اشهد”.[5]

صفة حجة الوداع

أحرم النبي -عليه الصلاة والسلام- من ميقات ذو الحليفة في السنة العاشرة للهجرة بعد أن اغتسل -صلوات الله وسلامه عليه-، ثم صلى  في المسجد، وركب القصواء، وأهل بالتوحيد: “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك”، حتى وصل البيت الحرام، وفيما يلي صفة حجة الوداع للرسول بالتفصيل:[6]

شاهد أيضًا: لماذا سميت ليلة البراءة بهذا الاسم

طواف الرسول بحجة الوداع وسعيه

عندما وصل الرسول -صلى الله عليه وسلم- مكة المكرمة طاف، ورمل في الثلاث أشواط الأولى، ثم قدم مقام إبراهيم عليه السلام، فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}،[7] وصلى ركعتين، وقرأ الإخلاص والكافرون، ثم رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ }،[8] وبدأ بالصفا، وقال -عليه السلام-: “أبدا بما بدأ الله به”، فرقي على الصفا حتى رأى البيت فاستقبل القبلة، فوحَّد الله وكبَّره، وقال: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده؛ أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده”، ثم دعا بين ذلك، ثم نزل إلى المروة، وعندما وصل إلى بطن الوادي سعى،  وفي الصعود مشى، وأتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا، وكان آخر طوافه على المروة، ثم خرج إلى منى.

وقوف الرسول بعرفة ومنى ومزدلفة بحجة الوداع

خرج الرسول -عليه السلام- إلى منى في اليوم الثامن يوم التروية فصلى بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر وبات بمنى، ثم خرج -عليه الصلاة والسلام- إلى عرفات من طريق ضب وهو الطريق الذي بأسفل جمرة العقبة وخرج بعد صلاة للفجر بمنىٍ، فلما أتى-عليه الصلاة والسلام- إلى عرفات نزل بنمرة، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء، فرحلت له، فأتى بطن الوادي، فخطب الناس خطبة الوداع ثم أذَّن،  وصلى الظهر، والعصر، ولم يصل بينهما شيئًا، ثم رفع يديه وما زال يتضرع ويدعو حتى غابت عليه الشمس -صلوات الله وسلامه عليه-، ثم خرج -عليه الصلاة والسلام- إلى مزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئًا، ثم اضطجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى طلع الفجر، ثم صلى الفجر، وخرج إلى المشعر الحرام.[6]

شاهد أيضًا: لماذا سميت التمائم بهذا الاسم

تحلل الرسول بحجة الوداع

عندما وصل الرسول -عليه السلام- المشعر الحرام، استقبل القبلة، فدعا وكبر وهلل ووحد، وقبل أن تطلع الشمس، خرج  إلى  الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف، ثم انصرف إلى المنحر، ونحر ثلاثًا وستين بيده، وأعطى عليًّا فنحر ما بقي، ثم حلق شعره -عليه السلام-، ومضى إلى البيت وطاف طواف الإفاضة، ثم شرب ماء زمزم وانطلق إلى منىٍ وصلى بها الظهر والعصر وبات بها ليلة الحادي عشر، ثم  انتظر حتى زالت الشمس وبدأ بالجمرة الصغرى فرماها بسبع حصيرات، ثم رفع كفيه ودعا، ثم انطلق فرمى الجمرة الوسطى بسبع حصيات ثم أسهل ودعا، ثم رمى جمرة العقبة فأتم الرمي للثلاث الجمرات، ثم طاف طواف الوداع ثم مضى إلى المدينة عليه الصلاة والسلام.[6]

أسماء حجّة الوداع

وردت عدة أسماء لحجة الوداع ، وهي:[5]

  • حجّة الإسلام: لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحج غيرها بعد هجرته للمدينة المنورة بعد أن فرض الله الحج.
  • حجّة البلاغ والتمام: وذلك لأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أتمّ الرسالة، وأدّى الأمانة، قال -تعالى-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.[4]بعد ثلاثة أشهر من حجة الوداع توفي النبي صلى الله عليه وسلم.

أهم وصايا رسول الله في حجة الوداع

تضمنت هذه الخطبة العظيمة العديد من المواعظ والحكم، ومن أهم وصايا رسول الله في حجة الوداع:[5]

  • تحريم  الدماء، والأموال.
  • وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- للمسلمين على حملّهم أمانة تبليغ رسالة هذا الدين العظيم.
  • التشديد على أهمية توصيل الأمانة.
  • توصية النبي -صلى الله عليه وسلم- على حقوق النساء، ووجوب رعايتهم.
  • التأكيد على أهمية قضايا التوحيد، فقد شغلت هذه القضية نحوَ الثُّلث من الخطبة.

كم حجة حجها الرسول صلى الله عليه وسلم

حج النبي -صلى الله عليه وسلم- العديد من المرات، وينقسم حج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى حج:[5]

  • قبل الهجرة: فكانت العرب قبل الإسلام تقدس الحج وتحرص عليه، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم – يشاركهم هذا الأمر، وقد حج النبي حجتين قبل الهجرة، فعن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-، قال: “أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حجَّ ثلاثَ حِججٍ حجَّتينِ قبلَ أن يُهاجرَ وحجَّةً بعدَ ما هاجرَ ومعَها عمرةٌ”.[9]
  • بعد الهجرة: حج النبي -عليه السلام- بعد الهجرة حجة الوداع وهي الحجة الوحيدة للرسول -عليه السلام- بعد الهجرة وكانت في السنة العاشرة، وقد ورد الإجماع عن ابن القيِّم أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لم يحجّ بعد الهجرة إلّا مرّة واحدة، فعن قتادة أنه سأل أنس بن مالك -رضي الله عنهما- عن ذلك، فقال: “كَم حَجَّ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ؟ قالَ : حَجَّةً واحدةً”.[10]

أجبنا في هذا المقال عن سؤال لماذا سميت حجة الوداع بهذا الاسم ، فقد سميت حجة الوداع بهذا الاسم؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يَحج بعدها، فكأنه ودَّعهم بخطبة حجة الوداع، حيث لم يَمكث -صلَّى الله عليه وسلَّم- بعدها سوى ثلاثة أشهر، كما بينا متى كانت حجة الوداع، وذكرنا نص خطبة حجة الوداع، وبينا أهم وصايا رسول الله في حجة الوداع وأسماء حجة الوداع وصفتها.

المراجع

  1. ^ سورة آل عمران، آية: 97.
  2. ^ صحيح البخاري، رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
  3. ^ dorar.net، الفصلُ الأوَّل: تعريفُ الحجِّ والعُمْرَة وفَضْلُهما، 16/12/2022
  4. ^ سورة المائدة، آية: 3.
  5. ^ alukah.net، خطبة حجة الوداع، 16/12/2022
  6. ^ alukah.net، حديث جابر في صفة حجة النبي، 16/12/2022
  7. ^ سورة البقرة، آية: 125.
  8. ^ سورة البقرة، آية: 158
  9. ^ صحيح الترمذي، رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 815، صحيح.
  10. ^ صحيح الترمذي، رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 815، صحيح.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *