لماذا سميت سورة الدخان بهذا الاسم

لماذا سميت سورة الدخان بهذا الاسم هو ما سوف يتحدث عنه هذا المقال، وذلك لأنه من الواجب على كل مسلم أن يتفقه ويتعلم في الدين وأن يكون على علم بكلّ ما يتعلق بأسباب نزول الآيات والسور القرآنية وأسباب تسميتها، وهذا ما يُعرف بعلوم القرآن الكريم، وهو من أعظم علوم الشريعة الإسلامية، وسوف نقوم من خلال هذا المقال بتعريف سورة الدخان، ثمّ سوف نتحدّث بالتفصيل عن سبب تسمية سورة الدخان بهذا الاسم وعن مقاصد سورة الدخان.

سورة الدخان

تُعرّف سورة الدخان بأنّها سورة من السور المكية التي نزل بها جبريل -عليه الصلاة والسلام- على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قبل الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة، وهي من السور المثاني، يبلغ عدد آيات هذه السورة 59 آية، وهي السورة الرابعة والأربعون من سور القرآن الكريم، حيث توجد في الجزء الخامس والعشرين، وهي من السور التي تبدأ بالحروف المقطعة، قال تعالى في مطلع هذه السورة المباركة: {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ} ^[1]وجدير بالقول إنّ سورة الدخان نزلت على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعد سورة الزخرف، والله تعالى أعلم. ^[2]

شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الفيل بهذا الاسم

لماذا سميت سورة الدخان بهذا الاسم

لقد سمّيت سورة الدخان بهذا الاسم لورود لفظة الدخان في آياتها، حيث قال تعالى في سورة الدخان: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} ^[3]وذكر الدخان في الآيات السابقة تخويف من الله رب العالمين للمشركين والكافرين، وجدير بالقول إنّ الدخان في القرآن الكريم ورد في هذه السورة وورد أيضًا في سورة فصلت، في قول الله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} ^[4]والله تعالى أعلم. ^[5]

شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الفيل بهذا الاسم

سبب نزول سورة الدخان

وردت في سبب نزول سورة الدخان أقوال كثيرة، سوف نقوم من خلال النقاط الآتية بالمرور على هذه الأقوال كاملة:

سبب نزول آية فارتقب يوم تأتي السماء بدخان

ذكر أهل العلم أنّ سبب نزول هذه الآية هو أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- دعا على أهل قريش بالقحط والجفاف، فابتلاهم الله تعالى بسنين قاسية عصف بهم فيها الجوع والعطش، فكان إذا نظر أحدهم إلى السماء رأى بينه وبينها دخانًا كبيرًا، وقد وردت هذه القصة في قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “جَاءَ إلى عبدِ اللهِ رَجُلٌ فَقالَ: تَرَكْتُ في المَسْجِدِ رَجُلًا يُفَسِّرُ القُرْآنَ برَأْيِهِ يُفَسِّرُ هذِه الآيَةَ: {يَومَ تَأْتي السَّمَاءُ بدُخَانٍ مُبِينٍ} قالَ: يَأْتي النَّاسَ يَومَ القِيَامَةِ دُخَانٌ، فَيَأْخُذُ بأَنْفَاسِهِمْ حتَّى يَأْخُذَهُمْ منه كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ، فَقالَ عبدُ اللهِ: مَن عَلِمَ عِلْمًا فَلْيَقُلْ به، وَمَن لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلْ: اللَّهُ أَعْلَمُ، فإنَّ مِن فِقْهِ الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ لِما لا عِلْمَ له بهِ: اللَّهُ أَعْلَمُ.

إنَّما كانَ هذا، أنَّ قُرَيْشًا لَمَّا اسْتَعْصَتْ علَى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، دَعَا عليهم بسِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ، فأصَابَهُمْ قَحْطٌ وَجَهْدٌ، حتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إلى السَّمَاءِ فَيَرَى بيْنَهُ وبيْنَهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الجَهْدِ، وَحتَّى أَكَلُوا العِظَامَ، فأتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ، اسْتَغْفِرِ اللَّهَ لِمُضَرَ، فإنَّهُمْ قدْ هَلَكُوا، فَقالَ: لِمُضَرَ إنَّكَ لَجَرِيءٌ قالَ: فَدَعَا اللَّهَ لهمْ، فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إنَّا كَاشِفُو العَذَابِ قَلِيلًا إنَّكُمْ عَائِدُونَ} قالَ: فَمُطِرُوا، فَلَمَّا أَصَابَتْهُمُ الرَّفَاهيةُ، قالَ: عَادُوا إلى ما كَانُوا عليه، قالَ: فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَارْتَقِبْ يَومَ تَأْتي السَّمَاءُ بدُخَانٍ مُبِينٍ، يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذَابٌ أَلِيمٌ} {يَومَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى إنَّا مُنْتَقِمُونَ} قالَ: يَعْنِي يَومَ بَدْرٍ.” ^[6]والله أعلم. ^[2]

سبب نزول آية إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون

بعد أن دعا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على قريش بالقحط وعصف بهم القحط والجفاف بأمر الله رب العالمين، ذهب بعض أهل قريش إلى النبي محمد وطلبوا منه أن يطلب السقاية من رب العالمين، فدعا رسول الله رب العالمين بالمطر فنزل عليهم بإذن الله تعالى، فأنزل الله تعالى قوله: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا ۚ إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} ^[7]والله تعالى أعلم. ^[2]

شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الجن بهذا الاسم

أين نزلت سورة الدخان

أجمع علماء المسلمين على أنّ سورة الدخان نزلت على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قبل الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، فهي سورة من السور المكية، وهنا تجب الإشارة إلى أنّ الكشاف رأى أنّ السورة كلها مكية باستثناء الآية 15 فهي مدنية، ومثله قال القرطبي، والآية 15 في هذه السورة هي قول الله تعالى: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا ۚ إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} ^[7]وجدير بالقول إنّ هذه السورة هي السورة الثالثة والستون من حيث ترتيب نزولها بين سور القرآن، وكان نزولها بعد سورة الزخرف وقبل سورة الجاثية، والله أعلم. ^[8]

فضل سورة الدخان

لقد وردت في سورة الدخان وفضل سورة الدخان العديد من الأحاديث النبوية، ولكنها أحاديث ضعيفة نذكر منها للاستئناس حديثًا قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “من قرأَ سورةَ الدخان في ليلةِ الجُمعة؛ غُفِر لهُ” ^[9]ونذكر أيضًا حديثًا آخر قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في رواية أبي هريرة رضي الله عنه: “مَن قرأ (حم الدُّخَانَ) في ليلةٍ، أَصْبَحَ يَسْتَغْفِرُ له سبعونَ أَلْفَ مَلَكٍ” ^[10]وهي أحاديث ضعيفة ذكرناها فيما سبق للاستئناس بها، ولأنّها لا تخالف في مضمونها أي حديث من الأحاديث الصحيحة.

وجدير بالقول إنّ فضل سورة الدخان يتجلى في أنّ في قراءتها الثواب والأجر الكبير من الله رب العالمين، فهي سورة من سور كتاب الله، ومن قرأ حرفًا من كتاب الله له أجر عظيم يتجلى في الحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- أنّه قال: “من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ “ألم” حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ” ^[11]والله تعالى أعلم وأحكم. ^[12]

شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الجاثية بهذا الاسم

مقاصد سورة الدخان

لقد تناولت سورة الدخان في آياتها العديد من المواضيع والقضايا، نذكر أهمها في النقاط الآتية: ^[13]

• تحدثت سورة الدخان عن نزول القرآن الكريم على قلب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ليلة القدر المباركة، وهذا ما يتجلى في قول الله تعالى في مطلع هذه السورة: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}. ^[14]
• تحدثت سورة الدخان عن توحيد الله رب العالمين وعن عظمة الخالق جل في علاه وعن الإيمان به وبوحدانيته، وتحدثت عن فرعون وبني إسرائيل، قال تعالى في هذه السورة المباركة: {وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ}. ^[15]
• تحدثت سورة الدخان عن الأشخاص الذين ينكرون قصة البعث والحساب، حيث توعدهم الله تعالى في هذه السورة بالعذاب الأليم والعقوبة الشديدة والعذاب الأليم، قال تعالى: {إنَّ شَجرَتَ الزقُّومِ * طعامُ الأثِيمِ * كالمُهْلِ يغْلِي في البطُونِ * كغلْيِ الحمِيمِ * خذوهُ فَاعتِلوهُ إلَى سَواءِ الجحِيمِ * ثمَّ صبُّوا فَوقَ رَأسهِ منْ عَذابِ الحمِيمِ * ذقْ إنَّكَ أنْتَ العزِيزُ الكرِيمُ * إنَّ هَذا ما كُنتمْ بهِ تَمترُونَ}. ^[16]
• تحدثت سورة الدخان عن أحوال المؤمنين المتقين يوم القيامة، قال تعالى في هذه السورة: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ}. ^[17]

إلى هنا نصل إلى نهاية وختام هذا المقال الذي مررنا فيه بالتفصيل على تعريف سورة الدخان ثمّ تحدثنا فيه عن لماذا سميت سورة الدخان بهذا الاسم ومررنا فيه على سبب نزول سورة الدخان وتحدثنا عن أين نزلت سورة الدخان وفضل هذه السورة ومقاصدها.