لماذا سميت سورة سبأ بهذا الاسم

لماذا سميت سورة سبأ بهذا الاسم من الأسئلة الهامة التي يبحث عن إجابتها العديد من المسلمين، وسورة سبأ من السور التي تحدثت عن كمال قدرة الله -تعالى- في الخلق وذكرت الأدلة الدالة على ذلك، كما أثبتت وحدانيته سبحانه، وبينت السورة أن الدين الإسلامي أنزل للناس كافة، وفي هذا المقال سنعرض نبذة تعريفية عن سورة سبأ، كما سنوضح سبب تسمية هذه السورة المباركة بهذا الاسم.

التعريف بسورة سبأ

سورة سبأ أحد السور المكية التي نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة أو نزلت قبل هجرته إلى المدينة المنورة سواء في مكة أو المدينة، ويبلغ عدد آياتها أربع وخمسون آية، وعدد كلمات سورة سبأ ثمانمئة وثلاث وثلاثون كلمة، وعدد حروف آياتها ألف وخمسمئة واثنا عشر حرفاً، وتقع سورة سبأ بين سورة الأحزاب وسورة فاطر، وتضمنت سورة سبأ المكية محور ما تدور عليه بقية السور المكية في إثبات العقيدة من توحيد الله، وإثبات النبوة، وإثبات البعث.^[1]

لماذا سميت سورة سبأ بهذا الاسم

سميت سورة سبأ بهذا الاسم؛ لورود قصة سبأ فيها، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ* فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا ۖ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ}^[2]، وسبأ مدينةٌ من مُدن اليمن القديمة أنعم الله عليهم بالحدائق الغناء والأراضي الخصبة، فلما كفروا النعمة، أبادهم بسيل العرم.^[1]

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة الرعد بهذا الاسم

سبب نزول سورة سبأ

وردت العديد من السور التي لم يبين أهل العلم فيها سبباً خاصاً لنزولها، وسورة سبأ أحد هذه السورة فلم يوضح علماء التفسير سبباً لنزولها كاملةً، ولكن بينوا سبب نزول بعض آياتها، كسبب نزول آية لقد كان لسبإ في مسكنهم، وسبب نزول آية وما أرسلنا في قرية، وفيما يأتي هذه الأسباب التي وردت في كتب أهل التفسير:^[3]

سبب نزول آية لقد كان لسبإ في مسكنهم

أن أحد الصحابة -رضي الله عنه- سأل النبي أن يقاتل سبأ خوفاً من أن يرتدوا بسبب عزهم، فأنزل الله -تعالى- هذه الآية، “فقد أخرج ابن أبي حاتم أن فروة بن مسيك الغطفاني رضي الله عنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله، إن سبأ قوم كان لهم في الجاهلية عز، وإني أخشى أن يرتدوا عن الإسلام، أفأقاتلهم؟ فقال: ما أمرت فيهم بشيء بعد، فأنزلت هذه الآية: {لقد كان لسبإ في مسكنهم}^[2] الآيات”.^[3]

سبب نزول وما أرسلنا في قرية

إن سبب نزول هذه الآية الكريمة أن رجلان كانا شريكان، خرج أحدهما إلى الشام، وبقي الآخر في مكة المكرمة، فلما بُعث النبي -صلى الله عليه وسلم- كتب الذي في الشام إلى صاحبه يسأله عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه أنه لم يتبعه أحد من قريش إلا رذالة الناس ومساكينهم، فترك تجارته في الشام وعاد إلى مكة، ثم أتى صاحبه، فقال: دلني عليه، وكان لديه علم من قراءته للكتب، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إلام تدعو؟ فأخبره النبي -عليه السلام- عن الاسلام، فقال: أشهد أنك رسول الله، فقال: وما علمك بذلك؟ قال: إنه لم يبعث نبي إلا اتبعه رذالة الناس ومساكينهم، فنزلت هذه الآية: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ}^[4]، فأرسل  النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى هذا الرجل أن الله قد أنزل تصديق ما قلت.^[5]

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة الروم بهذا الاسم

مناسبة سورة سبأ لما قبلها

تظهر صلة هذه السورة بما قبلها من وجوه ثلاثة:^[1]

• أولاً: أن سورة الأحزاب ختمت بتعذيب الله للكافرين، وتوبته على المؤمنين، قال تعالى: {لِّيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}^[6]، فناسب افتتاح سورة سبأ بقدرة الله -تعالى- وعلمه.
• ثانياً: أن سورة الأحزاب ختمت بقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}^[6]، ومطلع سبأ في فاصلة الآية الثانية: {وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ}^[].
• ثالثاً: في سورة الأحزاب سأل الكافرين عن الساعة استهزاءً منهم، وفي سورة سبأ ورد من الكافرين إنكار الساعة صراحةً.

قصة سبأ التي وردت في سورة سبأ

ورد في سورة سبأ قصة لقوم كانوا يسكنون مدينة في اليمن يطلق عليها “سبأ”، أنعم الله عليهم بالحدائق الغناء والأراضي الخصبة، وكانت لهم جنتان عن اليمين وعن الشمال؛ بسبب خصوبة هذه الأراضي، وكان لديهم سد مأرب يحبس الماء، ومع أن الله أنعم عليهم بكل هذه النعم، إلا أنهم أنكروها وجحدوها، فعاقبهم الله -تعالى- بالسيلِ الذي حطّم سدّهم، وبعد أن تحطم السد جفت الأراضي، وأصبحت صحراء قاحلة، قال تعالى: {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ* ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ}^[2]، والله أعلم.^[3]

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة الإسراء بهذا الاسم

موضوعات سورة سبأ

وردت العديد من الموضوعات الهامة في سور سبأ، وفيما يأتي أبرز هذه الموضوعات: ^[1]

• بدأت السورة بحمد الله -تعالى- والثناء عليه؛ لأنه -سبحانه- خلق السموات والأرض، وأرسل الملائكة بمهام عديدة إلى الناس.
• بيان تكذيب المشركين بالقيامة والبعث، وحكاية جانب من أقوالهم الباطلة للنبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه مفتر أو مجنون، والرد عليهم، وبينت السورة قدرة الله تعالى على خسف الأرض وإسقاط‍ السماء.
• ذكرت قصة داود وسليمان، وأهل سبأ وتلاها تعداد النعم التي أنعم الله بها عليهم.
• إثبات أدلة وجود الله ووحدانيته، والرد على مزاعم المشركين في عبادة الأوثان.
• بينت السورة أن الدين الإسلام لكافة الناس، وحذرت من العذاب الأليم في الآخرة، كما ذكرت الحوار الذي يدور بين التابعين والمتبوعين في يوم القيامة.
• الرد على المفترين المكذبين بأن مالهم سينفعهم من عذاب الله يوم القيامة.
• دعوة الكافرين إلى التأمل والتفكر في أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- ليس بمفتر ولا مجنون، وإنما هو نذير.
• تهديد الكافرين بسوء العاقبة إذا ما استمروا على ما هم عليه من كفر وجحود بالله واليوم الآخر والبعث.

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة الرحمن بعروس القرآن

مقاصد سورة سبأ

من أهم مقاصد سورة سبأ ما يأتي:^[1]

• بيان أن الرسالة المحمدية للناس كافة، وليست خاصة بالعرب.
• الرد على شبه المشركين المكذبين بالله وبالرسول -عليه السلام- وإبطال القواعد الشركية.
• بيان أدلة وحدانية الله تعالى، وصدق نبوة الرسول صلى الله علي وسلم.
• بيان سوء عاقبة الكافرين بنعم الله -تعالى- كما حدث مع قوم سبأ.

أجبنا في هذا المقال عن سؤال لماذا سميت سورة سبأ بهذا الاسم فقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم؛ لورود قصة سبأ فيها وقد بينا تفاصيل هذه القصة، وبينا وجه التناسب بين سورة سبأ وسورة الأحزاب، وذكرنا أهم الموضوعات التي اشتملت عليها السورة من بيان عظمة وقدرة الله سبحانه، ووضحنا أسباب نزول بعض الآيات في سورة سبأ.